الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَصَامَ بَعْضٌ وَأَفْطَرَ بَعْضٌ، فَتَحَزَّمَ الْمُفْطِرُونَ وَعَمِلُوا، وَضَعُفَ الصُّوَّامُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ قَالَ: فَقَالَ: فِي ذَلِكَ ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ» .
(1120)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَزَعَةُ قَالَ: «أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه وَهُوَ مَكْثُورٌ عَلَيْهِ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ، قُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْأَلُكَ عَمَّا يَسْأَلُكَ هَؤُلَاءِ عَنْهُ، سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ؟ فَقَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَكَّةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ، قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ، فَكَانَتْ رُخْصَةً، فَمِنَّا مَنْ صَامَ، وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلًا آخَرَ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ، فَأَفْطِرُوا، وَكَانَتْ عَزْمَةً، فَأَفْطَرْنَا، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَصُومُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ» .
بَابُ التَّخْيِيرِ فِي الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ
= جمع صائم، أي عجزوا عن العمل، وضعفوا عن مباشرة الحوائج، فلم يستطيعوا القيام بها، فكأنهم وقعوا ساقطين على الأرض (فضربوا الأبنية) جمع بناء والمراد به هنا الخيمة، أي نصبوا الخيام، وأقاموها على الأرض (وسقوا الركاب) بكسر الراء، وهي الإبل التي يسار عليها، والواحدة راحلة، ولا واحد لها من لفظها (ذهب المفطرون اليوم بالأجر) الوافر لأنهم قاموا بعملهم وعمل الصوام فحصلوا على أجر الفريقين، أما الصوام فلم يحصل لهم من هذا الأجر شيء، وإنما حصل لهم أجر صومهم فقط، وهو عمل مقصور عليهم لم يتعد نفعه إلى الآخرين، وفيه تفضيل الإفطار على الصوم في السفر إذا حصلت المشقة والسقوط عن العمل.
101 -
قوله: (فتحزم المفطرون) أي شدوا أوساطهم، وإنما يشد الوسط عند القيام بالعمل والاجتهاد فيه، يعني استعد المفطرون وقاموا بالعمل مع القوة والاهتمام، سواء كانوا شدوا أوساطهم حقيقة، أو قيل ذلك على سبيل الكناية.
102 -
قوله: (وهو مكثور عليه) أي عنده كثيرون من الناس (مصبحو عدوكم) أي ملاقوه صباحًا (وكانت عزمة) أي كان الأمر بالإفطار في المرة الثانية على سبيل الإيجاب، والحديث صريح في أن الأمر بالإفطار في طريق مكة وقع مرتين، وإذا جمعنا هذا الحديث مع ما تقدم من الأحاديث يحصل لنا أنه أمر بالإفطار في المرة الأولى بالكديد، وكان على سبيل الرخصة، فأفطر بعضهم وصام بعضهم، فلما وصل إلى حدود كراع الغميم، وأخبر بأن الصوم قد شق على الناس، شرب الماء على مشهد من الناس، وأمرهم بالإفطار، وكان على سبيل الإيجاب، ولذلك قال فيمن بقي صائمًا بعده "أولئك العصاة" ويفيد الحديث أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صاموا في السفر بعد هذه القصة، فالأمر بالإفطار على سبيل الوجوب كان لظروف خاصة، ولم يكن لنسخ جواز الصوم في السفر.
(1121)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:«سَأَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ؟ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ» .
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ سَأَلَ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ، أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: صُمْ إِنْ شِئْتَ، وَأَفْطِرْ إِنْ شِئْتَ.»
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ «إِنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ»
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ - كِلَاهُمَا - عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ حَمْزَةَ قَالَ: «إِنِّي رَجُلٌ أَصُومُ، أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ» ؟ .
(000)
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، - قَالَ هَارُونُ حَدَّثَنَا وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ - أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه «أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ» قَالَ هَارُونُ: فِي حَدِيثِهِ هِيَ رُخْصَةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِنَ اللهِ.
103 - قوله: (حمزة بن عمرو الأسلمي) أبو محمد المدني، صحابي جليل، استنارت أصابعه في ليلة ظلماء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات سنة إحدى وستين، وله إحدى وسبعون سنة (إن شئت فصم وإن شئت فأفطر) قال الخطابي: هذا نص في إثبات الخيار للمسافر في الصوم والإفطار، وفيه بيان جواز صوم الفرض للمسافر إذا صامه، وهو قول عامة أهل العلم
…
إلخ. اهـ.
104 -
قوله: (أسرد الصوم) أي أكثر الصوم بحيث أصوم عدة أيام متتابعًا، ويؤيد هذا المعنى أنه جاء في صحيح البخاري بلفظ "وكان كثير الصيام" فلا دلالة فيه على عدم كراهية صيام الدهر.
106 -
قوله: (إني رجل أصوم) أي كثيرًا في الحضر. واستدل القائلون بعدم صحة صوم رمضان في السفر بهذا اللفظ وباللفظ الذي مضى في الحديث السابق أن السائل إنما سأل عن جواز صوم التطوع في السفر. قال ابن حزم في المحلى (6/ 253) حديث حمزة بيان جلي في أنه إنما سأله عليه السلام عن التطوع، لقوله في الخبر:"إني امرؤٌ أسرد الصوم" انتهى. قلت: الجواب عن هذا الاستدلال في الحديث التالي.
107 -
قوله: (هي رخصة من الله) هذا يشعر بأنه سأل عن صيام الفريضة، وذلك لأن الرخصة إنما تطلق في مقابلة ما هو واجب. وأما قوله:"إني أسرد الصوم" فلبيان أنه متعود على كثرة الصوم، فلا يشق عليه إذا صام في السفر، فهو لبيان سبب عدم المشقة، لا لبيان نوعية الصوم، ومما يدل على ذلك صريحًا ما رواه أبو داود والحاكم من طريق محمد بن حمزة بن عمرو عن أبيه أنه قال: يا رسول الله! إني صاحب ظهور، أعالجه، أسافر عليه وأكريه، وأنَّه ربَّما صادفني هذا الشهر، يعني رمضان، وأنا أجد القوة، وأجدني أن أصوم أهون علي من أن أؤخره فيكون دينًا علي؟ فقال: أي ذلك شئت يا حمزة. انتهى.