الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(000)
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، «أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَاتِ مِنْ هَنَاتِكَ، أَلَمْ يَكُنِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَاحِدَةً؟ فَقَالَ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ تَتَايَعَ النَّاسُ فِي الطَّلَاقِ، فَأَجَازَهُ عَلَيْهِمْ».
بَابُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ حَرَّمَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ
(1473)
وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَامٍ - يَعْنِي: الدَّسْتُوَائِيَّ - قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ يُحَدِّثُ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«فِي الْحَرَامِ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}» .
(000)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْحَرِيرِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ - يَعْنِي: ابْنَ سَلَّامٍ -، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ:«إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا. وَقَالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}» .
(1474)
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، يُخْبِرُ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تُخْبِرُ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ
= عباس وجواب ابن عباس له، فالذي قاله ابن عباس تلقاه طاوس من غير واسطة، فرواه أحيانًا على إطلاقه كما في الحديث السابق، وبين أحيانًا أنه قال ذلك في جواب أبي الصهباء، فليس أبو الصهباء راويًا لهذا الحديث وإنما هو صاحب قصة السؤال، وليس بين الحديثين أي اختلاف، بل بين في هذا الحديث من سؤال أبي الصهباء ما كان مسكوتًا عنه في الحديث السابق. وإنما أوضحت هذا - مع أنه واضح - لأن بعض من لا خبرة له بعلم الحديث تصدى لإسقاط الحديثين بدعوى أن بين الحديثين اضطرابًا، لأن الأول رواه طاوس عن ابن عباس بغير واسطة، وهذا الحديث رواه بواسطة أبي الصهباء، وقد عرفت أن أبا الصهباء ليس بواسطة، بل هو صاحب قصة السؤال، ولو كان واسطة لم يضر الحديث، ولم يكن مضطربًا، بل لكان من قبيل المزيد في متصل الأسانيد. قوله:(وثلاثًا من إمارة عمر) وفي الحديث السابق "سنتين" والجمع بينهما أنه كان كذلك إلى سنتين وأشهر من خلافته، فربما ألغى الكسر فقال:"سنتين" وربما جبره فقال: "ثلاثًا".
17 -
قوله: (من هناتك) أي من نوادرك التي ترويها (تتايع الناس) بالياء المثناة أو بالباء الموحدة قبل العين. أي أكثروا وأسرعوا، والتتايع بالمثناة يستعمل في الشر، وبالموحدة يستعمل في الشر والخير.
18 -
قوله: (كان يقول في الحرام: يمين يكفرها) يعني لو حرم رجل امرأته على نفسه، فإنه يمين يكفرها ما يكفر اليمين، وهو ما جاء في قوله تعالى:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَو كِسْوَتُهُمْ أَو تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89](لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وتلك الأسوة في هذه المسألة هي أنه حرم على نفسه العسل فأمره الله بكفارة اليمين، فعلم أن تحريم ما ليس بحرام يمين يكفر عنه ما يكفر اليمين.
20 -
قولها: (كان يمكث عند زينب بنت جحش) أي أكثر مما كان يمكث عند بقية الأزواج، وذلك لاشتغاله بشرب العسل (فتواطيت) أصله تواطأت، أي اتفقت وتآمرت (مغافير) جمع مغفور، وهو صمغ حلو، له رائحة كريهة، ينضحه شجر يقال له العرفط، يكون بالحجاز، له ورقة عريضة، وشوكة حجناء، وثمرة بيضاء، وإنما اتفقتا على ذلك=
زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا، قَالَتْ: فَتَوَاطَأْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا مَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ، فَنَزَلَ:{لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ} ، إِلَى قَوْلِهِ:{إِنْ تَتُوبَا}
- لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ - {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} - لِقَوْلِهِ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا». .
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ، فَسَقَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ شَرْبَةً. فَقُلْتُ: أَمَا وَاللهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَوْدَةَ، وَقُلْتُ: إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ سَيَدْنُو
= لأن العسل قد يكون من جرس مغافير، فيوجد فيه شيء من رائحته الكريهة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن توجد منه رائحة كريهة فيترك شرب العسل {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] وهو العسل، سمي امتناعه عن شربه بالتحريم، لاْن أعمال الأنبياء شرع، وهم قدوة وأسوة {إِنْ تَتُوبَا} [التحريم: 4] أي إلى الله فقد صغت قلوبكما، لأن الذي فعلتاه مهما كان صغيرًا فإنه يخالف تقوى الله والتأدب مع نبيه (لعائشة وحفصة) أي إن الخطاب لهما (لقوله: بل شربت عسلًا) يريد أن هذا هو السر الذي أراده الله في قوله {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ} [التحريم: 3]. فقد قال لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك سرًّا، وقال:"ولن أعود له، وقد حلفت" ثم أكد هذا السر بقوله: "لا تخبري بذلك أحدًا" ولكنها أخبرت بذلك صاحبتها. فأخبر الله نبيه بذلك، وأنزل العتاب، فعاتبه على تحريم ما لم يحرم، وهو العسل، وعاتبهما على ما فعلتاه من التواطؤ وإفشاء السر، وأوعدهما أشد الوعيد على إعادة مثل هذا التواطؤ والتظاهر. وهذا يدل على ما كانت عليه الأزواج من الطهارة والنقاء، إذ لم يعاتبهن الله مرة أخرى، ولا على شيء أشد من هذا، ومعناه أنهن لم يصدر منهن ما يوجب العتاب إلا هذا القدر القليل، وهذه المرة الواحدة.
21 -
قولها: (فدخل على حفصة فاحتبس عندها
…
إلخ) تقدم في الحديث السابق أن التي احتبس عندها النبي صلى الله عليه وسلم لشرب العسل هي زينب، وأن المتواطئتين عائشة وحفصة، وفي هذا الحديث أن التي شرب عندها العسل حفصة، وأن اللواتي تظاهرن عليه عائشة وسودة وصفية، وحيث إن القصة واحدة فلابد من الترجيح، والراجح الحديث الأول، لأنه يطابق قوله تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} وقوله: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} لأنه يفيد أن المتظاهرتين ثنتان لا ثلاث. ولأنه يطابق حديث عمر أنهما عائشة وحفصة، قال النسائي: حديث حجاج - وهو الحديث السابق - صحيح جيد غاية، وقال الأصيلي حديث حجاج أصح. اهـ أما هذا الحديث فقد انقلبت فيه الأسماء على الراوي (عكة من عسل) بضم العين وتشديد الكاف: إناء من الجلد مثل القربة الصغيرة يوضع فيه السمن والشحم وأمثالهما. (لنحتالن له) أي لنأخذن بحيلة لمنعه عن شرب العسل، والحيلة: الحذق في تدبير الأمور، وقلما يخلو عن شيء من المكر والخداع (جرست نحله العرفط) بالجيم والراء والسين المهملة، أي أكلت وامتصت، والعرفط بضم فسكون فضم، تقدم أنه شجر صمغه يسمى بمغافير، أي إن هذا العسل جاء من هذه الشجرة فانتقلت إليه رائحتها الكريهة (أباديه) وفي نسخة:(أبادئه) أي أبدأه بذلك القول وهو على الباب، ولما يدخل البيت (فرقا منك) أي خوفًا منك كيلا تلوميني وتؤنبيني. ومعنى "كدت أبادئه" أنها قربت من ذلك ولكنها لم تفعله، بل تكلمت بعد دخوله صلى الله عليه وسلم وقربه منها (لقد حرمناه) بتخفيف الراء، أي منعناه من العسل وجعلناه محرومًا.
(
…
) قوله: (قال أبو إسحق إبراهيم) هو تلميذ الإمام مسلم. وقد أدخل هذا الإسناد هنا لبيان أنه ساوى الإمام مسلم في هذا الإسناد، لأن الإمام مسلم يرويه عن أبي أسامة بواسطة واحدة، وتلميذه أبو إسحق إبراهيم أيضًا يرويه عن أبي أسامة بواسطة واحدة.