الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَحْرِيمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ
(1193)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ، «أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَلَمَّا أَنْ رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا فِي وَجْهِي، قَالَ: إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» .
(000)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، وَقُتَيْبَةُ جَمِيعًا، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. (ح) وَحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ كُلُّهُمْ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: أَهْدَيْتُ لَهُ حِمَارَ وَحْشٍ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ. وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَصَالِحٍ، أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ أَخْبَرَهُ.
(000)
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ: أَهْدَيْتُ لَهُ مِنْ لَحْمِ حِمَارِ وَحْشٍ.
(1194)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:«أَهْدَى الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَارَ وَحْشٍ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّا مُحْرِمُونَ لَقَبِلْنَاهُ مِنْكَ» .
50 - قوله: (حمارًا وحشيًّا) كذا رواه مالك عن الزهري، واتفق الرواة عن مالك على نقل هذا اللفظ، وتابع مالكًا تسعة من حفاظ أصحاب الزهري على رواية هذا اللفظ، وهم معمر وابن جريج وعبد الرحمن بن الحارث وصالح بن كيسان والليث وابن أبي ذئب وشعيب بن أبي حمزة ويونس ومحمد بن عمرو بن علقمة. فكلهم قالوا: حمارًا وحشيًّا، كما قال مالك. وسيأتي من رواية سفيان بن عيينة عن الزهري ومن رواية آخرين أنه أهدى له لحم أو رجل أو عجز أو شق أو عضو حمار وحش، واختلف المحققون في الجمع بين هذه الروايات، فمنهم من سلك مسلك الترجيح، فرجح رواية مالك وموافقيه، لأنهم أجل وأقوى وأثبت. وقال: إنه أهدى حمارًا وحشيًّا كاملًا، بلى قال بعضهم: إنه كان حيًّا، وعكس هذا بعض آخرون، فذهبوا إلى ترجيح رواية اللحم والعضو، لأن راويها أكثر ضبطًا للواقعة حتى ضبط أنه كان يقطر دمًا، ولأنه لا ينافي رواية مالك، فقد يطلق اسم الحيوان على جزء منه، ولأن سائر الروايات متفقة على أن الهدية كانت بعضًا من أبعاض الحمار. وذهبت طائفة ثالثة إلى الجمع بين الروايتين بحمل رواية "أهدى حمارًا" على التجوز من إطلاق اسم الكل على البعض. وقد تقدم في القول السابق. واختار آخرون صورًا بعيدة للجمع لا تطابق طبائع الإنسان فلا حاجة إلى ذكرها (بالأبواء) بفتح فسكون ومد، موضع في طريق مكة إلى المدينة، على بعد ثلاثة وعشرين ميلًا من الجحفة إلى جهة المدينة، وبه توفيت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه قبرها (أو بودان) بفتح الواو وتشديد الدال، موضع على بعد ثمانية أميال من الجحفة إلى المدينة (فلما أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي) من التغير والتشوش والكراهة والإشفاق (إلا أنا حرم) بضم الحاء والراء جمع حرام، وهو من أحرم بنسك، أي محرمون. والحديث بظاهره يفيد أنه إنما رد هدية الصيد لكونه محرمًا لا لأمر آخر، ولذلك استدل به من حرَّم أكل لحم الصيد على المحرم مطلقًا، لكن يعارضه ما سيجيء من أخذه صلى الله عليه وسلم من صيد أبي قتادة وأكله منه مع كونه صلى الله عليه وسلم محرمًا. ولذلك زاد المحققون علة أخرى في رد الهدية، وهي أن الصعب بن جثامة كان قد صاد الحمار لأجل النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا صيد الحيوان للمحرم فلا يجوز له الأكل منه. نص عليه في حديث جابر: صيد البر لكم حلال، وأنتم حرم، ما لم تصيدوه أو يصد لكم. رواه أبو داود والترمذي والنسائي مرفوعًا.
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ مَنْصُورًا يُحَدِّثُ عَنِ الْحَكَمِ. (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ. (ح) وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ جَمِيعًا، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ:«أَهْدَى الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رِجْلَ حِمَارِ وَحْشٍ، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ: عَجُزَ حِمَارِ وَحْشٍ يَقْطُرُ دَمًا، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شِقُّ حِمَارِ وَحْشٍ فَرَدَّهُ» .
(1195)
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:«قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَذْكِرُهُ: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ لَحْمِ صَيْدٍ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَرَامٌ؟ قَالَ: قَالَ: أُهْدِيَ لَهُ عُضْوٌ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ، فَرَدَّهُ، فَقَالَ: إِنَّا لَا نَأْكُلُهُ إِنَّا حُرُمٌ» .
(1196)
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ. (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ، فَمِنَّا
54 - قوله: (عجز حمار وحش) عجز بفتح العين وضم الجيم، مؤخر الشيء، وهو الورك (شق) بكسر الشين: النصف والجانب. أما اختلاف الرواة في العضو الذي أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رجله أو عجزه أو شقه فلا تناقض بينها، إذ يمكن أن يكون الشق الذي فيه العجز، وفيه الرجل، فصح التعبير عنه بهذا وهذا.
56 -
قوله: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي من المدينة قاصدين مكة لعمرة الحديبية، فلما بلغوا الروحاء، وهي الرحلة الثانية، على بعد ثلاثة وسبعين كيلومترًا من المدينة أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن عدوًّا من المشركين بوادي غيقة - بفتح فسكون: ماء لبني غفار، أو قليب لبني ثعلبة في جهة البحر الأحمر، يصب فيه ماه رضوى، ويصب هو في البحر - يخشى منهم أن يقصدوا غرته، فجهز طائفة من أصحابه، فيهم أبو قتادة، إلى جهتهم، ليأمن شرهم، فلما أمنوا ذلك لحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بالسقيا، وهي قرية جامعة قريبة من البحر، تعرف الآن بأم البرك، تقع في وادي القاحة على بعد اثنين وسبعين كيلومترًا شمال شرقي مستورة، يقال إن السقيا على ثلاث مراحل من المدينة، والصحيح أنها على أربع مراحل (حتى إذا كنا بالقاحة) بالقاف والحاء المخففة، واد كبير من أودية الحجاز يبلغ طوله قرابة تسعين كيلومترًا يجتمع مع الفرع، وما يقال من أنه القاحة على نحو ميل من السقيا فغير صحيح، بل السقيا تقع في القاحة، نعم يمكن أن يكون في هذا الوادي موضع خاص معروف بالقاحة، لكن بعده من السقيا لم يكن بنحو ميل، بل أكثر منه بكثير، يدل على ذلك ما جاء من التفصيل في الحديث الآتي برقم (59) والمعنى أنهم حينما كانوا راجعين من جهة البحر من غيقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا قد وصلوا إليه، بل لم يزالوا في الطريق، قبله صلى الله عليه وسلم بنحو ليل (فمنا المحرم ومنا غير المحرم) الفاء ليست للترتيب بل هي لتفصيل القصة، وغير المحرم منهم هو أبو قتادة وحده، واستشكل مجاوزة أبي قتادة الميقات بغير إحرام، إذ خرج من المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم آمنًا، ولم يعرف أمر العدو في جهة البحر بغيقة إلا بعد مجاوزة الميقات والبلوغ إلى الروحاء، وقد أجيب بأجوبة شتى أحسنها أنه إما لم يكن قصد النسك، أو أن المواقيت لم تكن وقتت إذ ذاك. وسيأتي في الحديث برقم (60) ما يدل على أن أصحاب أبي قتادة كلهم كانوا قد جاوزوا الميقات بغير إحرام، فالأحسن أن يقال: إن المواقيت لم تكن وقتت إذ ذاك، ويشهد لهذا أن ابن عباس فيمن روى =
الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ، إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ، فَأَسْرَجْتُ فَرَسِي، وَأَخَذْتُ رُمْحِي، ثُمَّ رَكِبْتُ، فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ، فَقَالُوا: وَاللهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَنَزَلْتُ فَتَنَاوَلْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ، فَأَدْرَكْتُ الْحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي،
فَعَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَأْكُلُوهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَامَنَا، فَحَرَّكْتُ فَرَسِي، فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: هُوَ حَلَالٌ، فَكُلُوهُ».
(000)
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه، «أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ، فَقَتَلَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَى بَعْضُهُمْ، فَأَدْرَكُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللهُ» .
(000)
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه، فِي حِمَارِ الْوَحْشِ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ؟
(000)
وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: «انْطَلَقَ أَبِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ، وَلَمْ يُحْرِمْ، وَحُدِّثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَدُوًّا بِغَيْقَةَ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، إِذْ نَظَرْتُ، فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَطَعَنْتُهُ،
= حديث توقيت المواقيت، وظاهر حديثه الاتصال وعدم الإرسال، وهو لم يحضر النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد فتح مكة، فالتوقيت كان بعد الفتح على الأقل، وقصة أبي قتادة كانت في سفر الحديبية، وهي قبل الفتح بنحو سنتين (إذ بصرت
…
إلخ) ظرف متعلق بقوله: "حتى إذا كنا بالقاحة"(يتراءون شيئًا) أي يتكلفون ويطلبون رؤيته، ويريه بعضهم بعضًا (فأسرجت فرسي) أي شددت عليه سرجه (لا نعينك بشيء) لأن الصيد أو الإعانة عليه حرام على المحرم (أكمة) أي تل، وهو ما ارتفع من الأرض (فعقرته) أي قتلته، أو جرحته ثم مات، وأصل العقر الجرح. والحديث دليل على جواز أكل المحرم للصيد إذا لم يكن قد صيد لأجله.
57 -
قوله: (حتى إذا كان ببعض طريق مكة) وهو الروحاء (تخلف مع أصحاب له) لأنهم أرسلوا إلى جهة البحر بغيقة لمعرفة أحوال عدو بلغ عنه بعض الأخبار (ثم شد على الحمار) أي حمل عليه (طعمة) أي طعام أو رزق.
59 -
قوله: (بغيقة) بفتح فسكون، تقدم أنه موضع في بني غفار أو ماء لبني ثعلبة (فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني في طريقه إلى مكة، وأرسل جمعًا من أصحابه إلى العدو، فيهم أبو قتادة (فأثبته) يعني أثخنته بالجرح حتى بقي ثابتًا في مكانه، ولم يستطع أن يفر منه (فاستعنتهم) ليحملوه من ذلك المكان إلى رحالهم (فأكلنا من لحمه) يعني فحملته أنا وحدي، وقطعته وطبخته، فأكلنا يعني معظمنا منه (أن نقتطع) بالبناء للمفعول، أي يقطعنا عدو عن النبي صلى الله عليه وسلم إن طال البعد بيننا وبينه (أرفع فرسي شأوا) أي أسوقه للسير السريع طلقًا، أو أمَدًا وغايةً (وأسير شأوا) أي أسوقه بسهولة لأمد آخر (تركته بتعهن) بكسر التاء ويروى بفتحها وضمها، والعين ساكنة والهاء مكسورة، موضع على ثلاثة أميال من=
فَأَثْبَتُّهُ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ، وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أُرَفِّعُ فَرَسِي شَأْوًا، وَأَسِيرُ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ، وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا، فَلَحِقْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَصْحَابَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلَامَ
وَرَحْمَةَ اللهِ، وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ، انْتَظِرْهُمْ، فَانْتَظَرَهُمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْقَوْمِ: كُلُوا. وَهُمْ مُحْرِمُونَ».
(000)
حَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:«خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاجًّا، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، قَالَ: فَصَرَفَ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ: أَبُو قَتَادَةَ، فَقَالَ: خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى تَلْقَوْنِي، قَالَ: فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قِبَلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلَّا أَبَا قَتَادَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ، إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلُوا، فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا، قَالَ: فَقَالُوا: أَكَلْنَا لَحْمًا، وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ! قَالَ: فَحَمَلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ الْأَتَانِ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا، وَكَانَ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا، فَقُلْنَا: نَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا، فَقَالَ: هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: قَالُوا: لَا. قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا» .
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. (ح) وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ شَيْبَانَ جَمِيعًا، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، فِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا؟ وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ: قَالَ: أَشَرْتُمْ، أَوْ أَعَنْتُمْ، أَوْ أَصَدْتُمْ؟ قَالَ شُعْبَةُ: لَا أَدْرِي قَالَ: أَعَنْتُمْ أَوْ أَصَدْتُمْ» .
= السقيا إلى جهة الشمال (وهو قائل السقيا) يعني تركته يمر بتعهن، وقد عزم أن يقيل أي يستريح في نصف النهار بالسقيا (اصطدت) وفي نسخة: أصدت بفتح الهمزة وتخفيف الصاد، ويجوز أن يكون بهمزة الوصل مع تشديد الصاد، على أن يكون أصله اصطدت.
60 -
قوله: (حاجا) هذا وهم من أبي عوانة، فقد أخرج البيهقي هذه الرواية عن طريق أبي بكر المقدمي عن أبي عوانة بلفظ "خرج حاجًّا أو معتمرًا" ويتبين بهذا أن أبا عوانة لم يضبط موقع القصة، وكان شاكًا فيه. وقد جزم يحيى بن أبي كثير بأن ذلك كان في عمرة الحديبية، فهو المعتمد (فلما انصرفوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرموا
…
إلخ) هذا صريح في أنهم أحرموا بعد الفراغ من أمر العدو، والانصراف عنه، ولازم ذلك أنهم كلهم جاوزوا الميقات بغير إحرام، فالذي يترجح في ذلك أن المواقيت لم يكن وقتت في ذلك الوقت، إلا أن يحمل هذا على الوهم. ولكن لا دليل على التوهيم.
61 -
قوله: (أو أصدتم) بتخفيف الصاد وتشديدها، أي هل نفرتم الصيد وأثرتموه من موضعه؟