الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(000)
وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ جَابِرٌ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ» .
بَابُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ، ثُمَّ نُسِخَ، ثُمَّ أُبِيحَ، ثُمَّ نُسِخَ، وَاسْتَقَرَّ تَحْرِيمُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
(1404)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَوَكِيعٌ، وَابْنُ بِشْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلَا نَسْتَخْصِي، فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}» .
(000)
وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَقَالَ: ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا هَذِهِ الْآيَةَ، وَلَمْ يَقُلْ: قَرَأَ عَبْدُ اللهِ.
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: كُنَّا وَنَحْنُ شَبَابٌ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَسْتَخْصِي، وَلَمْ يَقُلْ: نَغْزُو.
(1405)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَا:«خَرَجَ عَلَيْنَا مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا» يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ.
= في صورة شيطان) أي إنها بوجودها تستهوي الرجال وتلفت نظرهم وتصير سببًا لفتنتهم وتشوشهم، وإن لَمْ تقصد شيئًا من ذلك، وذلك لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء، والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن، فهي في ذلك مثل الشيطان يزين الشر، ويدعو له الناس، روى الترمذي عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان. ومعنى أستشرفها لفت نظر الرجال إليها وزينها في أعينهم (فإن ذلك يرد ما في نفسه) أي ما نشأ في قلبه من الشهوة والتحرك إلى تلك المرأة التي رآها.
10 -
قوله: (فليواقعها) أي فليجامعها، وهذا الحديث يبين معنى الحديث السابق، وهو أنه يستحب لمن رأى امرأة فتحركما شهوته أن يأتي امرأته فيجامعها، ليدفع شهوته، وتسكن نفسه، ويجمع قلبه على ما هو بصدده.
(نكاح المتعة) هي أن يتفق الرجل مع المرأة على التمتع بها إلى أجل معلوم بعوض معلوم، أما إباحتها وتحريمها مرتين فهو الذي ذهب إليه عامة أهل العلم، قالوا: إنها كانت حلالًا قبل خيبر، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة، ثم حرمت تحريمًا مؤبدًا إلى يوم القيامة، وذهب ابن القيم إلى أنَّها لَمْ تحرم إلَّا مرّة واحدة يوم فتح مكة، وأنها لَمْ تحرم قبل ذلك، بل كانت على إباحتها التي كانت عليها في الجاهلية، وأن ما ورد من تحريمها يوم خيبر فهو وهم من بعض الرواة، وكان منشأ هذا الوهم أن الصحابي ذكر تحريم المتعة وتحريم الحمر الإنسية معًا، وقيد تحريم الأخير بيوم خيبر، فظن بعض الرواة أن يوم خيبر ظرف للتحريمين كليهما. وهذا الذي ذهب إليه ابن القيم قوي جدًّا من حيث النظر.
11 -
قوله: (ألا نستخصي) بمعنى ألا نختصي، أي ننزع خصيتينا حتى لا تبقى فينا الشهوة والميل إلى النساء، ومعنى قراءة الآية بعد ذكر الرخصة في النِّكَاح إلى أجل - وهو المتعة - أن المتعة من الأعمال الطيبة، رخص فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا تحرموها. ولكن هذا التوجيه ليس في محله، لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم حرمها أخيرًا يوم فتح مكة، فصارت =
(000)
وَحَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ - يَعْنِي: ابْنَ زُرَيْعٍ - حَدَّثَنَا رَوْحٌ - يَعْنِي: ابْنَ الْقَاسِمِ -، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صلى الله عليه وسلم أَتَانَا فَأَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ».
(000)
وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: «قَدِمَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مُعْتَمِرًا، فَجِئْنَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ عَنْ أَشْيَاءَ، ثُمَّ ذَكَرُوا الْمُتْعَةَ، فَقَالَ: نَعَمِ، اسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ» .
(000)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: «كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنَ التَّمْرِ وَالدَّقِيقِ الْأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، حَتَّى نَهَى عَنْهُ عُمَرُ فِي شَأْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ» .
(000)
حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ - يَعْنِي: ابْنَ زِيَادٍ -، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ:«كُنْتُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فَأَتَاهُ آتٍ، فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، اخْتَلَفَا فِي الْمُتْعَتَيْنِ، فَقَالَ جَابِرٌ: فَعَلْنَاهُمَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ نَهَانَا عَنْهُمَا عُمَرُ، فَلَمْ نَعُدْ لَهُمَا» .
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ أَوْطَاسٍ فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا» .
= من الأعمال الخبيثة، فلا تندرج تحت الآية. ومثاله الخمر كانت مباحة ثم حرمت، فلا يصح لأحد أن يقول: شربناها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تحرموها. ويقرأ قوله تعالى: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87].
15 -
قوله: (ثم ذكروا المتعة) أي متعة النساء، هل تجوز أو لا تجوز (استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر) أما استمتاعهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان استمرارًا لما كانوا عليه في الجاهلية، ثم حرم يوم فتح مكة تحريمًا مؤبدًا، لكنه خفي على بعض الصحابة، وأما في عهد أبي بكر وعمر فإنما فعله من فعله لأجل خفاء تحريمه، ثم نبه عليه عمر فرجعوا إلى تحريمه، وانعقد إجماع المسلمين عليه، ولم يشذ عنهم إلَّا الروافض.
16 -
قوله: (بالقبضة) بضم القاف وفتحها، والضم أفصح، وهي ما قبضت عليه من شيء، والقبضة من التمر والدقيق: الكف منهما (حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث) وقصة عمرو بن حريث أخرجها عبد الرزاق في مصنفه (7/ 500) عن جابر قال: "قدم عمرو بن حريث من الكوفة فاستمتع بمولاة، فأتى بها عمر، وهي حبلى، فسألها فقالت: استمتع بي عمرو بن حريث. فسأله، فأخبره بذلك أمرًا ظاهرًا، قال: فهلا غيرها؟ فذلك حين نهى عنها". ويبدو من سياق رواية جابر أنه كان يرى أن نهي عمر عن المتعة كان على سبيل الاجتهاد والاحتياط، ولكنه رأي غير صواب، والصحيح أن عمر إنما نهى عن المتعة مستندًا إلى نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرج ابن ماجة عن ابن عمر قال: لما ولي عمر خطب، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثًا، وأخرج ابن المنذر والبيهقي عنه قال: صعد عمر المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال رجال ينكحون هذه المتعة بعد نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها. وقد تبين بهذا أن عمر رضي الله عنه إنما كان مبينًا لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة ومنفذًا له. ولم يكن نهى عنها عن اجتهاده.
17 -
قوله: (البكراوي) منسوب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه (في المتعتين) أي في متعة النساء، وهو النِّكَاح إلى أجل، ومتعة الحجّ، وهو التحلل من العمرة ثم الإحرام بالحج.
18 -
قوله: (عام أوطاس) وهو الذي وقع فيه فتح مكة أولًا، ثم غزوة حنين وأوطاس ويطلق عليها جميعًا عام =
(1406)
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ سَبْرَةَ أَنَّهُ قَالَ:«أَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمُتْعَةِ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ إِلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ كَأَنَّهَا بَكْرَةٌ عَيْطَاءُ، فَعَرَضْنَا عَلَيْهَا أَنْفُسَنَا، فَقَالَتْ: مَا تُعْطِي، فَقُلْتُ: رِدَائِي، وَقَالَ صَاحِبِي: رِدَائِي، وَكَانَ رِدَاءُ صَاحِبِي أَجْوَدَ مِنْ رِدَائِي، وَكُنْتُ أَشَبَّ مِنْهُ، فَإِذَا نَظَرَتْ إِلَى رِدَاءِ صَاحِبِي أَعْجَبَهَا، وَإِذَا نَظَرَتْ إِلَيَّ أَعْجَبْتُهَا، ثُمَّ قَالَتْ: أَنْتَ وَرِدَاؤُكَ يَكْفِينِي، فَمَكَثْتُ مَعَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ الَّتِي يَتَمَتَّعُ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا» .
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ - يَعْنِي: ابْنَ مُفَضَّلٍ - حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ
سَبْرَةَ، «أَنَّ أَبَاهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتْحَ مَكَّةَ قَالَ: فَأَقَمْنَا بِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ - ثَلَاثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ -، فَأَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، وَلِي عَلَيْهِ فَضْلٌ فِي الْجَمَالِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الدَّمَامَةِ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدٌ، فَبُرْدِي خَلَقٌ، وَأَمَّا بُرْدُ ابْنِ عَمِّي فَبُرْدٌ جَدِيدٌ غَضٌّ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَسْفَلِ مَكَّةَ أَوْ بِأَعْلَاهَا، فَتَلَقَّتْنَا فَتَاةٌ مِثْلُ الْبَكْرَةِ الْعَنَطْنَطَةِ، فَقُلْنَا: هَلْ لَكِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْكِ أَحَدُنَا؟ قَالَتْ: وَمَاذَا تَبْذُلَانِ؟ فَنَشَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدَهُ، فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، وَيَرَاهَا صَاحِبِي تَنْظُرُ إِلَى عِطْفِهَا، فَقَالَ: إِنَّ بُرْدَ هَذَا خَلَقٌ، وَبُرْدِي جَدِيدٌ غَضٌّ، فَتَقُولُ: بُرْدُ هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، أَوْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَمْتَعْتُ مِنْهَا فَلَمْ أَخْرُجْ حَتَّى حَرَّمَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم».
(000)
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ بِشْرٍ، وَزَادَ: قَالَتْ: وَهَلْ يَصْلُحُ ذَاكَ، وَفِيهِ: قَالَ: إِنَّ بُرْدَ هَذَا خَلَقٌ مَحٌّ» .
= الفتح وعام أوطاس فلا ينافي هذا أن الرخصة في المتعة ثم التحريم المؤبد لها وقع في أيام فتح مكة قبل بداية غزوة أوطاس، لأنَّ عام الفتح هو عام أوطاس.
19 -
قوله: (كأنها بكرة عيطاء) البكرة: الفتية أي الشابة القوية من الإبل، والعيطاء: الطويلة العنق مع اعتدال وحسن قوام (أشب منه) أي أكثر وأقوى شبابًا منه (يتمتع) بها (فليخل سبيلها) أي وليفارقها.
20 -
قوله: (خمس عشرة) ليلة بأيامها، فإذا عند كلّ من اليوم والليلة مستقلا يصير المجموع ثلاثين (ولي عليه فضل في الجمال) أي كنت أجمل منه (من الدمامة) بفتح الدال، هي القبح في الصورة (فبردي خلق) أي ردائي قديم قريب من البالي (غض) أي طري طازج، يعني جيد حديث (العنطنطة) بفتحتين ثم سكون ثم فتحتان، هي بمعنى العيطاء، وهي الطويلة العنق في اعتدال وحسن قوام، وقيل: هي الطويلة فقط، والمشهور الأول (ينظر إلى عطفها) بكسر العين، أي جانبها، وقيل: من رأسها إلى وركها. والحديث دليل على أنَّ الإذن بالمتعة ثم تحريمها وقع في مكة أيام الفتح قبل الخروج إلى حنين وأوطاس، فإطلاق عام أوطاس عليه في الحديث الماضي على سبيل التوسع.
(
…
) قوله: (خلق مح) بفتح الميم وتشديد الحاء، ومعنى الكلمتين البالي، جمع بينهما لتأكيد البلي، ومنه مح الكتاب إذا بلي ودرس.
(000)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ «أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ، وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا».
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ» ، وَهُوَ يَقُولُ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ.
(000)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ
(000)
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي رَبِيعَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، «أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّمَتُّعِ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَ: فَخَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، حَتَّى وَجَدْنَا جَارِيَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ كَأَنَّهَا بَكْرَةٌ عَيْطَاءُ، فَخَطَبْنَاهَا إِلَى نَفْسِهَا، وَعَرَضْنَا عَلَيْهَا بُرْدَيْنَا، فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ، فَتَرَانِي أَجْمَلَ مِنْ صَاحِبِي، وَتَرَى بُرْدَ صَاحِبِي أَحْسَنَ مِنْ بُرْدِي، فَآمَرَتْ نَفْسَهَا سَاعَةً، ثُمَّ اخْتَارَتْنِي عَلَى صَاحِبِي فَكُنَّ مَعَنَا ثَلَاثًا، ثُمَّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِفِرَاقِهِنَّ» .
(000)
حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ» .
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى يَوْمَ الْفَتْحِ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ» .
(000)
وَحَدَّثَنِيهِ حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ زَمَانَ الْفَتْحِ، مُتْعَةِ النِّسَاءِ، وَأَنَّ أَبَاهُ كَانَ تَمَتَّعَ بِبُرْدَيْنِ أَحْمَرَيْنِ» .
(000)
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ «أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَامَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا أَعْمَى اللهُ قُلُوبَهُمْ
21 - (
…
) قوله: (بين الركن والباب) أي بين الركن الأسود وباب الكعبة.
23 -
قوله: (فامرت نفسها ساعة) أي شاورت نفسها، وفكرت في اختيار أحدنا.
27 -
قوله: (أعمى الله قلوبهم) فلا يميزون بين الشر والخير والحلال والحرام، و (يفتون بالمتعة) أي بحلها وجوازها (يعرض برجل) أي كان يعرض بذلك إلى ابن عباس ويثير إليه، وحيث إن ابن عباس كان قد عمي في ذلك الزمان، وذهب بصره فلذلك قال:"كما أعمى أبصارهم" وكان ابن عباس يسمع ما قاله ابن الزبير، فلذلك ناداه، =
كَمَا أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ يُفْتُونَ بِالْمُتْعَةِ، يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ، فَنَادَاهُ فَقَالَ: إِنَّكَ لَجِلْفٌ جَافٍ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَتِ الْمُتْعَةُ تُفْعَلُ عَلَى عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ يُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَجَرِّبْ بِنَفْسِكَ، فَوَاللهِ لَئِنْ فَعَلْتَهَا لَأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ
سَيْفِ اللهِ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَجُلٍ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَاسْتَفْتَاهُ فِي الْمُتْعَةِ، فَأَمَرَهُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ: مَهْلًا، قَالَ: مَا هِيَ؟ وَاللهِ لَقَدْ فُعِلَتْ فِي عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ. قَالَ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ: إِنَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَيْهَا كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، ثُمَّ أَحْكَمَ اللهُ الدِّينَ، وَنَهَى عَنْهَا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي رَبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: قَدْ كُنْتُ اسْتَمْتَعْتُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ بِبُرْدَيْنِ أَحْمَرَيْنِ، ثُمَّ نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُتْعَةِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَسَمِعْتُ رَبِيعَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَنَا جَالِسٌ.
(000)
وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، وَقَالَ: أَلَا إِنَّهَا حَرَامٌ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَانَ أَعْطَى شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ» .
(1407)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» .
= وقال: (إنك لجلف جاف) الجلف - بكسر الجيم - والجافي كلاهما بمعنى واحد، جمع بينهما للتأكيد، وهو الغليظ الطبع، القليل الفهم والعلم والأدب (لأرجمنك بأحجارك) أي بالأحجار الي تستحق أن ترجم بها، وهي أحجار رجم الزاني، وإنما توعده بذلك. لأنَّ هذا هو الذي يستحقه من فعل ذلك، وكان قد أبلغ ابن عباس بأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حرم المتعة أخيرًا (سيف الله) هو خالد بن الوليد المخزومي، سماه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مؤتة حين انكسرت في يده تسعة أسياف (بينا هو جال عند رجل) أي عند ابن عباس (لقد فعلت في عهد إمام المتقين) ولكن هذه ليست بحجة كافية، إذ قد نهى عنها صلى الله عليه وسلم أخيرًا.
29 -
قوله: (نهى عن متعة النساء يوم خيبر) أخذ جماعة من أهل العلم بظاهر ما جاء في هذا الحديث فقالوا: إن تحريم المتعة وإباحتها وقعا مرتين. فكانت مباحة قبل خيبر، ثم حرمت فيها، ثم أبيحت عام الفتح، وهو عام أوطاس، ثم حرمت تحريمًا مؤبدًا. قالوا: ولا مانع من تكرير الإباحة. وقد نقل عن الشافعي أن المتعة نسخت مرتين. وقالت طائفة أخرى من أهل العلم: إن لفظ "يوم خيبر" في هذا الحديث ليس في موضعه، بل وقع تقديم وتأخير في لفظ الزهري، والصحيح أن "يوم خيبر" ظرف للنهي عن أكل لحوم الحمر الإنسية، وأما المتعة فكان النهي عنها في غير يوم خيبر، وقد جنح هؤلاء إلى أن تحريم المتعة لَمْ يقع إلَّا مرّة واحدة، يوم فتح مكة. وأن الصحابة لَمْ يكونوا يستمتعون باليهوديات، وأن المتعة بخيبر شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر (وعن أكل لحوم الحمر الإنسية) الإنسية بكسر فسكون، وبفتحتين، هي الأهلية، والحكمة في جمع علي بين النهي عن الحمر والمتعة أن ابن عباس كان يرخص في الأمرين كليهما.