الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(000)
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، «أَنَّ ضُبَاعَةَ أَرَادَتِ الْحَجَّ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَشْتَرِطَ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» .
(000)
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو أَيُّوبَ الْغَيْلَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ - وَهُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو -، حَدَّثَنَا رَبَاحٌ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ -، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
لِضُبَاعَةَ رضي الله عنها: حُجِّي، وَاشْتَرِطِي: أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي». وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ: أَمَرَ ضُبَاعَةَ.
بَابُ إِحْرَامِ النُّفَسَاءِ، وَاسْتِحْبَابِ اغْتِسَالِهَا لِلْإِحْرَامِ، وَكَذَا الْحَائِضُ
(1209)
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ كُلُّهُمْ، عَنْ عَبْدَةَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ، وَتُهِلَّ» .
(1210)
حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما «فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ».
بَابُ بَيَانِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ إِفْرَادُ الْحَجِّ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَجَوَازِ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَمَتَى يَحِلُّ الْقَارِنُ مِنْ نُسُكِهِ
= فرغت منه.
109 -
قولها: (نفست) بفتح النون وضمها، بناء للفاعل أو المفعول، والفاء مكسورة في الحالين، أي ولدت وصارت نفساء، سمي بالنفاس لخروج النفس، وهو المولود، والدم أيضًا (أسماء بنت عميس) مصغرًا، الخثعمية، صحابية فاضلة أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث لأمها، كانت تحت جعفر بن أبي طالب، فقتل عنها في مؤتة، ثم تزوجها أبو بكر رضي الله عنه، فلما توفي تزوجها علي بن أبي طالب، وماتت بعده (بمحمد بن أبي بكر) الصديق، وهو من أصغر الصحابة وربيب علي، كانت له عبادة واجتهاد، كان في المشاغبة على عثمان رضي الله عنه، ولاه علي على مصر فقتلوه (بالشجرة) التي كانت بذي الحليفة، فالمراد بها أنها ولدته في رحلها بذي الحليفة (أن تغتسل وتهل) أي تحرم بالحج، ويه استحباب غسل النفساء للإحرام، وفي حكمها الحائض؛ وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بالغسل لإحرام الحج حينما حاضت، ومعلوم أن النفساء والحائض لا تطهران بالغسل، فهذا الغسل للنظافة، وليس للطهارة. وفائدة ذلك أن التيمم لا ينوبه، وأنهن إنما أمرن بالغسل لشمول المعنى الذي شرع الغسل لأجله، وهو التنظيف وقطع الرائحة الكريهة لدفع أذاها عن الناس عند اجتماعهم. قال الخطابي: وفي أمره صلى الله عليه وسلم الحائض والنفساء بالاغتسال دليل على أن الطاهر أولى بذلك. انتهى. ويؤيده ما رواه الترمذي والدارمي وغيرهما - على علة فيه - عن زيد بن ثابت أنه=
(1211)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ:«خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. قَالَتْ: فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: انْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَدَعِي الْعُمْرَةَ، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ، أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ: هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ، فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا» .
= رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل. وهو بمتابعاته وشواهده لا ينحط عن درجة الحسن.
111 -
قولها: (عام حجة الوداع) هو العام العاشر من الهجرة، والنبي صلى الله عليه وسلم يحج بعد الهجرة إلا هذه الحجة الواحدة، وإنما سميت بحجة الوداع لأن النبي صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها. وقال: لعَلِّي لا أحج بعد عامي هذا، كما قال: لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدًا (فأهللنا بعمرة) المراد أنها أهلت هي وصواحباتها بالعمرة، وليس المراد أن جميع القادمين أحرموا بالعمرة. ففي طريق آخر:"فمنا من أهل بالعمرة، ومنا من أهل بالحج"(من كان معه هدي) بفتح الهاء وإسكان الدال وتخفيف الياء ويجوز كسر الدال مع تشديد الياء، اسم لما يهدى إلى الحرم من الأنعام، ويذبح بمكة أو منى على سبيل التقرب إلى الله في مناسك الحج والعمرة (فليهل بالحج مع العمرة) التي أحرم بها، والمعنى أنه لا يحل من عمرته، بل يدخل الحج في العمرة ليكون قارنًا، ففيه جواز إدخال الحج على العمرة (ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا) قال المالكية والشافعية: إن سبب بقائه على إحرامه هو كونه أدخل الحج على العمرة، فلو لم يدخل الحج عليها جاز له أن يعتمر ويحل، ولو كان قد ساق الهدي. وقال أحمد وأبو حنيفة: إن السبب هو كونه ساق الهدي، فهو ملزم ببقائه على إحرامه حتى ينحر الهدي يوم النحر، وقولهما أقرب إلى سياق الأحاديث المروية في هذا الخصوص (ولا بين الصفا والمروة) أي لم أسع بينهما، وكثيرًا ما يعبر عن هذا السعي بالطواف، والطهارة وإن لم تكن شرطًا للسعي إلا أن السعي إنما يقع بعد الطواف بالبيت، ولا يجوز الطواف إلا لمن هو طاهر، فلذلك لم تتمكن عائشة من الطواف ولا من السعي، والمقصود أنها لم تعتمر مع أنها لم تكن أحرمت إلا بالعمرة (انقضي رأسك) أي حلي ضفر شعره (وامتشطي) أي اسرحي شعرك بالمشط أو بالأصابع (دعي العمرة) أي اتركيها، قيل: هو أمر بإلغائها وإبطالها والتحلل من إحرامها، وقيل: بل هو أمر بترك أعمال العمرة، وبإرداف الحج عليها، فتكون قارنة، وتكون أعمالها من الطواف والسعي وتقصير شعر الرأس عن الحج والعمرة كليهما جميعًا، وبه قال الجمهور (فلما قضينا الحج) أي أديناه وأتممناه (إلى التنعيم) مكان معروف بمكة على طريق المدينة، به مسجد معروف بمسجد عائشة، وهو أقرب مكان من الحل إلى الحرم (هذه مكان عمرتك) استدل به من قال: إنها كانت قد ألغت عمرتها الأولى. وأما الجمهور فقالوا: المراد أن هذه عمرة مستقلة مكان عمرتك المستقلة التي كنت تريدينها قبل الحج وتركت الإتيان بها لأجل الحيض (فطاف الذين أهلوا بالعمرة) وحدها (بالبيت وبالصفا والمروة) لعمرتهم (ثم حلوا) عن العمرة، ثم أحرموا للحج إحرامًا آخر، وخرجوا إلى منى ثم عرفات ثم المزدلفة، ثم جاءوا إلى منى في عاشر ذي الحجة، ورموا الجمرة الكبرى (ثم طافوا طوافًا آخر) بالبيت وبالصفا والمروة كليهما جميعًا (بعد أن رجعوا من منى لحجهم) منفردًا عن الطواف والسعي الذين جاءوا بهما لعمرتهم، لأنهم حلوا عن العمرة، فلم يكن ما فعلوه قبل الحلال يكفي عما بعد الحلال، لأن التحلل هو الحد الفاصل بين ما قبله وما بعده، (وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة) في إحرام واحد ابتداء أو إدخالا لأحدهما على الآخر، وصاروا قارنين (فإنما طافوا) بين الصفا والمروة (طوافًا واحدًا) فمن كان قد سعى بينهما مع طواف العمرة لم يمع بينهما مع طواف زيارة الحج، بل اكتفى بسعيه الأول، ومن لم يكن سعى بينهما مع طواف العمرة فقد سعى مع طواف الزيارة. وقيل: المراد أنهم طافوا =
(000)
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ
الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ يُهْدِ، فَلْيَحْلِلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَأَهْدَى، فَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ. قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَحِضْتُ، فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلَّا بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي، وَأَمْتَشِطَ، وَأُهِلَّ بِحَجٍّ، وَأَتْرُكَ الْعُمْرَةَ، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا قَضَيْتُ حَجَّتِي، بَعَثَ مَعِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِرَ مِنَ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي أَدْرَكَنِي الْحَجُّ، وَلَمْ أَحْلِلْ مِنْهَا».
(000)
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ أَكُنْ سُقْتُ الْهَدْيَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ عُمْرَتِهِ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا، قَالَتْ: فَحِضْتُ، فَلَمَّا دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ أَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِحَجَّتِي؟ قَالَ: انْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي، وَأَمْسِكِي عَنِ الْعُمْرَةِ، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ. قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَيْتُ حَجَّتِي أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْدَفَنِي، فَأَعْمَرَنِي مِنَ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي أَمْسَكْتُ عَنْهَا» .
(000)
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ،
= بالبيت وبين الصفا والمروة طوافًا واحدًا لحجهم وعمرتهم كليهما، وهو طواف الزيارة والطواف الذي كان قبله في بداية قدومهم فكان طواف القدوم فقط، ولم يكن طواف العمرة. والله أعلم.
112 -
قولها: (فمنا من أهل بعمرة) أي أحرم بها وحدها (ومنا من أهل بحج) أي مفرد أو مقرون بعمرة (من أحرم بعمرة ولم يهد) من الإهداء، أي وما جاء معه بالهدي (فليحلل) أي فليخرج من الإحرام بعد الطواف والسعي بحلق أو تقصير (ومن أهل بعمرة وأهدى) أي جاء معه بالهدي فليحرم للحج مع عمرته، فيدخل الحج في العمرة ويكون قارنًا (فلا يحل) لا من العمرة ولا من الحج (حتى ينحر هديه) في اليوم العاشر بعد رمي جمرة العقبة فيحل منهما جميعًا معًا (ومن أهل بحج) وأهدى (فليتم حجه) كما يتمه الذي كان أحرم بعمرة وأهدى، وإنما قيدنا قوله:"ومن أهل بحج" بقولنا: "وأهدى" مع أن ظاهره يقتضي أن يكون معناه "من أهل بحج مفرد" لأن من أحرم بالحج المفرد ولم يسق الهدي فقد أمر بفسخ الحج وجعله عمرة، روى ذلك أربعة عشر من الصحابة، فكان لابد من التأويل المذكور، وحمل الحديث على من ساق الهدي.
114 -
قوله: (من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل) فيكون قارنًا (ومن أراد أن يهل بحج) وحده (فليهل) فيكون مفردًا (ومن أراد أن يهل بعمرة) مفردة مستقلة (فليهل) فيكون متمتعًا، يتمتع بمحظورات الإحرام بعد الفراغ والتحلل من العمرة، ويستمر حلالًا حتى يحرم للحج يوم التروية، أي في اليوم الثامن من ذي الحجة حين يقصد منى (فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج) مفرد، وحده، بغير عمرة، لأنها تذكر بعد ذلك قسمًا آخر من الناس أحرموا بحج وعمرة، ثم الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان قارنًا قد أحرم بالحج والعمرة جميعًا، وهو يعارض هذا الحديث. وقالوا=
فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ، فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَلْيُهِلَّ. قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَأَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَجٍّ، وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ، وَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ».
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«خَرَجْنَا مُوَافِينَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ» ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدَةَ.
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ، مِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ،
= في الجمع بينهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في ابتداء أمره محرمًا بالحج فقط، ثم أدخل العمرة على الحج حين أمر الصحابة أن يفسخوا حجهم بالعمرة، ليكون في فعله صلى الله عليه وسلم مواساة وتأنيسًا لهم، وإنما لم يمكنه صلى الله عليه وسلم التحلل معهم بسبب الهدي، فاعتذر إليهم بذلك، وصار بذلك قارنًا في آخر أمره، بعدما كان مفردًا في أول أمره، وجنح آخرون إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنًا من ابتداء أمره - وللقارن أن يكتفي في تلبيته على الحج، أو على العمرة، أو يلبي بهما معًا، فكان النبي صلى الله عليه وسلم ربما اكتفى في تلبيته على الحج. وسمعته عائشة رضي الله عنها فروت أنه أهل بالحج بناء على ما سمعت.
115 -
قولها: (موافين لهلال ذي الحجة) أي مقاربين لزمان طلوعه ومشرفين عليه، وكان خروجهم يوم السبت لخمس بقين من ذي القعدة، أي في اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة، وطلع هلال ذي الحجة مساء يوم الأربعاء، التاسع والعشرين من ذي القعدة (من أراد منكم أن يهل بعمرة) مفردة وحدها (فليهل) وقوله:(لأهللت بعمرة) أي مفردة وحدها (فلما كانت ليلة الحصبة) أي ليلة النزول بالمحصب، وهو الأبطح، وكان النبي صلى الله عليه وسلم نزل به بعد النفر من منى في اليوم الثالث عشر، فكانت تلك الليلة هي ليلة ما بين الثالث عشر والرابع عشر (فأردفني) أي جعلني رديفة له، والرديف: الراكب خلف الراكب. (ولم يكن في ذلك هدي
…
إلخ) أي في ترك الحمرة الأولى والانتقال إلى الحج. وهذا مدرج من كلام هشام بن عروة، وليس من كلام عائشة رضي الله عنها كما صرح به بعد حديث.
116 -
قولها: (لا نرى إلا الحج) أي لا نعتقد إلا أنا نحج فقط، ولا نعتمر، لأنهم كان قد تقرر عندهم من زمن الجاهلية امتناع العمرة مع الحج، بل كانوا يرونها من أفجر الفجور، ولم يكن الإسلام قد جاء بشيء من التغيير في =
وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، فَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ»، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمَا. وَقَالَ فِيهِ: قَالَ عُرْوَةُ فِي ذَلِكَ: إِنَّهُ قَضَى اللهُ حَجَّهَا وَعُمْرَتَهَا. قَالَ هِشَامٌ: وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا صَدَقَةٌ.
(000)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَحَلَّ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ،
أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ».
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسَرِفَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: أَنَفِسْتِ؟ (يَعْنِي الْحَيْضَةَ قَالَتْ: ) قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلِي. قَالَتْ: وَضَحَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ» .
(000)
حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ أَبُو أَيُّوبَ الْغَيْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ، حَتَّى جِئْنَا
= ذلك حتى ذلك الوقت. وإنما دخلت العمرة في الحج بعدما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحليفة، وجاء به جبريل هناك ليلًا.
118 -
قولها: (فحل) أي صار حلالًا بعد الطواف والسعي، وخرج من إحرامه بالحلق أو التقصير.
119 -
قولها: (بسرف) بفتح السين وكسر الراء، موضع على تسعة أميال من مكة، وقد صار الآن جزءًا من مكة، به قبر أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها (أنفست) بهمزة الاستفهام، والنون مفتوحة، ويجوز ضمها، والفاء مكسورة، ومعناه: أحضت (فاقضي ما يقضي الحاج) أي افعلي ما يفعله الحاج من أعمال الحج سوى الطواف (حتى تغتسلي) بعد التطهر من الحيض (ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر) وفي الحديث التالي "أهدى" بدل "ضحى". ومن هنا اختلفوا أن البقر المذكور هل ذبح على سبيل الأضحية أو الهدي. وقد عقد الإمام البخاري على هذا الحديث "باب الأضحية للمسافر والنساء" و "باب من ذبح ضحية غيره" ومعناه أنه حمل الحديث على الإضحية، وذهب ابن القيم إلى أن الصواب رواية الهدي. قال رحمه الله ردًّا على من يرى التضحية مع الهدي على الحاج: والصحيح إن شاء الله أن هدي الحاج له بمنزلة الإضحية للمقيم، ولم ينقل أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه جمعوا بين الهدي والإضحية، بل كان هديهم هو أضاحيهم، فهو هدي بمنى وإضحية بغيرها، وأما قول عائشة: "ضحى عن نسائه بالبقر، فهو هدي أطلق عليه اسم الإضحية، وأنهن كن متمتعات وعليهن الهدي، فالبقر الذي نحره عنهن هو الهدي الذي يلزمهن. انتهى.
120 -
قولها: (لا نذكر إلا الحج) أي ما كان قصدنا الأصلي من هذا السفر إلا الحج إما مفردًا وإما مع القران أو التمتع (فطمثت) بصيغة المتكلم، بفتح الطاء وكسر الميم، أي حضت، يقال: حاضت المرأة وتحيضت وطمثت =
سَرِفَ، فَطَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ فَقُلْتُ: وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ خَرَجْتُ الْعَامَ. قَالَ: مَا لَكِ، لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي. قَالَتْ: فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: اجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، قَالَتْ: فَكَانَ الْهَدْيُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَذَوِي الْيَسَارَةِ، ثُمَّ أَهَلُّوا حِينَ رَاحُوا. قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ طَهُرْتُ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَفَضْتُ، قَالَتْ: فَأُتِينَا بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: أَهْدَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَرْجِعُ بِحَجَّةٍ، قَالَتْ: فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْدَفَنِي عَلَى جَمَلِهِ، قَالَتْ: فَإِنِّي لَأَذْكُرُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ أَنْعَسُ فَيُصِيبُ
وَجْهِي مُؤْخِرَةَ الرَّحْلِ حَتَّى جِئْنَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ جَزَاءً بِعُمْرَةِ النَّاسِ الَّتِي اعْتَمَرُوا».
(000)
وَحَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْغَيْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ الْمَاجِشُونِ، غَيْرَ أَنَّ حَمَّادًا لَيْسَ فِي حَدِيثِهِ، فَكَانَ الْهَدْيُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَذَوِي الْيَسَارَةِ، ثُمَّ أَهَلُّوا حِينَ رَاحُوا، وَلَا قَوْلُهَا: وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ أَنْعَسُ، فَيُصِيبُ وَجْهِي مُؤْخِرَةَ الرَّحْلِ.
(000)
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي خَالِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَفْرَدَ الْحَجَّ» .
(000)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُهِلِّينَ
= وعركت، كلها بمعنى واحد (اجعلوها عمرة) أي اجعلوا حجتكم التي نويتموها وأحرمتم لها عمرة، بأن تحلوا بالحلق أَو التقصير بعد الطواف والسعي (وذوي اليسارة) أي أصحاب السهولة والغنى (ثم أهلوا حين راحوا) أي الذين كانوا قد تحللوا بعمرة أحرموا بالحج حين أرادوا الذهاب إلى منى يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة (فلما كان يوم النحر) اليوم العاشر من ذي الحجة (ليلة الحصبة) تقدم أنها ليلة النزول بالمحصب بعد النفر في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة (أنعس) من النعاس، وهو الغفوة وأول النوم (مؤخرة الرحل) بضم فسكون فكسر أو فتح. ويجوز فتح الهمزة وتشديد الخاء مع فتحها وكسرها، ويجوز فتح الميم وسكون الواو - من غير همز - وكسر الخاء، وهو العود الذي يستند إليه راكب الرحل؛ والرحل ما يجعل على ظهر البعير من الهودج وأمثاله (جزاء بعمرة الناس) أي تقوم مقام عمرة الناس؛ وتكفيني عنها.
121 -
قولها: (لبينا بالحج) تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة من الصحابة، ولا تريد نفسها ولا جميع الصحابة.
122 -
قولها: (فقرد الحج) معناه أنه أحرم بالحج المفرد ابتداء، أَو أحرم بالقران ولكنها رضي الله عنها لم تعلم بذلك في الابتداء، وقيل: إنه أمر ناسًا من الصحابة بإفراد الحج فنسب إليه صلى الله عليه وسلم. ولكنه تأويل بعيد.
123 -
قولها: (وفي حرم الحج) بضم الحاء والراء، أي في حرماته من الإحرام والأماكن والأوقات =
بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَفِي حُرُمِ الْحَجِّ وَلَيَالِي الْحَجِّ، حَتَّى نَزَلْنَا بِسَرِفَ، فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْكُمْ هَدْيٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَا، فَمِنْهُمُ الْآخِذُ بِهَا وَالتَّارِكُ لَهَا مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَأَمَّا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَمَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ لَهُمْ قُوَّةٌ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ كَلَامَكَ مَعَ أَصْحَابِكَ، فَسَمِعْتُ بِالْعُمْرَةِ. قَالَ: وَمَا لَكِ؟ قُلْتُ: لَا أُصَلِّي. قَالَ: فَلَا يَضُرُّكِ، فَكُونِي فِي حَجِّكِ، فَعَسَى اللهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا، وَإِنَّمَا أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ. قَالَتْ: فَخَرَجْتُ فِي حَجَّتِي حَتَّى نَزَلْنَا مِنًى، فَتَطَهَّرْتُ، ثُمَّ طُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُحَصَّبَ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الْحَرَمِ
فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ لِتَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَإِنِّي أَنْتَظِرُكُمَا هَاهُنَا. قَالَتْ: فَخَرَجْنَا، فَأَهْلَلْتُ، ثُمَّ طُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَجِئْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقَالَ: هَلْ فَرَغْتِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَآذَنَ فِي أَصْحَابِهِ بِالرَّحِيلِ، فَخَرَجَ، فَمَرَّ بِالْبَيْتِ، فَطَافَ بِهِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ».
(000)
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«مِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا، وَمِنَّا مَنْ قَرَنَ، وَمِنَّا مَنْ تَمَتَّعَ» .
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: جَاءَتْ عَائِشَةُ حَاجَّةً.
(000)
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِي: ابْنَ بِلَالٍ -، عَنْ يَحْيَى - وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ -، عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ
= والحالات. وقيل: بفتح الراء، أي في ممنوعاته ومحرماته الشرعية (فمنهم الآخذ بها والتارك لها) ضمير المؤنث للعمرة، أي فمنهم من أخذ بالعمرة بأن فسخ إحرام الحج إلى إحرام العمرة، ومنهم من ترك العمرة فبقي على إحرام الحج (لهم قوة) مالية (فسمعت بالعمرة) قال النووي: كذا هو في النسخ "فسمعت بالعمرة" قال القاضي: كذا رواه جمهور رواة مسلم، ورواه بعضهم "فمنعت العمرة" وهو الصواب. انتهى. وعلى تقدير صحة قولها:"فسمعت بالعمرة" يكون معناه أني سمعت أمرك لهم بالعمرة فعرفت فضلها، ولا أستطيع المجاوزة عن السماع إلى العمل (لا أصلي) كناية معروفة بين النساء عن الحيض (يرزقكيها) بالياء بعد الكاف المكسورة، تولدت لأجل إشباع الكسرة (ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب) أي الأبطح حين نفر من منى، وهو موضع في أعلى مكة عند مقبرة المعلاة (من الحرم) أي من حدود مكة إلى الحل. وهو التنعيم (فآذن
…
بالرحيل) أي أعلن بالسفر وأعلم به (فمر بالبيت فطاف به) طواف الوداع.
124 -
قولها: (ومنا من قرن) بين الحج والعمرة بأن أحرم لهما معًا، أو أحرم لأحدهما ثم أدخل عليه الآخر (ومنا من تمتع) بأن أحرم للعمرة، ثم حل منها بالحلق أو التقصير بعد الطواف والسعي، ثم بقي حلالًا حتى أحرم للحج في اليوم الثامن يوم التروية.
(
…
) قوله: (جاءت عائشة حاجة) إن كان المراد مجيئها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الظاهر - فهذا باعتبار ما آل إليه أمرها، وإلا فإنها في بداية أمرها كانت قد أحرمت بالعمرة وحدها، كما تقدم في عدة أحاديث لها.
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ. قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: ذَبَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَزْوَاجِهِ». قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: أَتَتْكَ وَاللهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ.
(000)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
(000)
(ح) وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. (ح) وَعَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ وَاحِدٍ. قَالَ: انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ، فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي مِنْهُ، ثُمَّ الْقَيْنَا عِنْدَ كَذَا وَكَذَا (قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ: غَدًا) وَلَكِنَّهَا عَلَى
قَدْرِ نَصَبِكِ أَوْ (قَالَ: ) نَفَقَتِكِ».
(000)
وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، وَإِبْرَاهِيمَ، قَالَ: لَا أَعْرِفُ حَدِيثَ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ أَنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
(000)
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
126 - قولها: (يصدر الناس) أي يرجعون من مكة إلى بيوتهم (بنسكين) وهما العمرة والحج (وأصدر بنسك واحد) وهو الحج فقط، وهذا يقوي قول من قال: إن معنى تركها العمرة في الأحاديث السابقة أنها أبطلتها وتحللت من إحرامها، ثم أحرمت بالحج، وليس معنى الترك أنها أدخلت الحج على العمرة. والذين قالوا بهذا الأخير تأولوا - جمعا بين الأحاديث - بأن المراد أن الناس يرجعون بنسكين مستقلين، وأرجع أنا بنسك واحد في الظاهر (ثم القينا) أمر من اللقاء للمؤنث، ونا مفعوله، يعني ثم التقى بنا (ولكنها) أي العمرة، يعني أجرها (على قدر نصبك) أي جهدك وتعبك.
128 -
قولها: (تطوفنا بالبيت) المراد بضمير المتكلم صواحبها أو عامة الصحابة، أما أم المؤمنين نفسها فإنها لم تطف لأجل الحيض، (فلم أطف بالبيت) للعمرة في بداية الدخول في مكة (قالت صفية: ما أراني إلا حابستكم) أي مانعتكم من السفر، وذلك لأنها حاضت قبل أن تطوف طواف الوداع، فظنت أنها لابد لها من المكوث وانتظار الطهر حتى تطوف للوداع (عقرى حلقى) على وزن فعلى بالياء المقصورة التي تكون للتأنيث، ومعناها: عقرها الله وحلقها، يعني عقر الله جسدها، وحلق شعرها، أو أصابها بوجع في حلقها. وقيل: معناه: تعقر قومها وتحلقهم لشؤمها. وقيل: معناه: جعلها الله عاقرًا لا تلد، وحلقى مشؤمة على أهلها. هذه هي أصل معانيها، ثم اتسعت العرب فيها فصارت تطلقها ولا تريد حقيقة ما وضعت له، ونظيره: تربت يداك، وقاتله الله، وغير ذلك (أو ما كنت طفت يوم النحر) يعني طواف الإفاضة أو الزيارة الذي هو طواف الحج وركنه (لا بأس. انفري) أي لا حرج عليك في ترك طواف الوداع إذا كنت طفت طواف الزيارة، فاخرجي معنا من مكة إلى المدينة، وفيه دليل على أن طواف الوداع لا يجب على الحائض، ولا يلزمها الصبر إلى طهرها، لتأتي به، ولا دم عليها في تركه (وهو مصعد) أي ذاهب من=
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نُلَبِّي، لَا نَذْكُرُ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً» ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَنْصُورٍ.
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ جَمِيعًا، عَنْ غُنْدَرٍ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ
= أسفل الوادي إلى فوق (منهبطة) أي نازلة من فوق إلى تحت (متهبطة ومتهبط) بدل منهبطة ومهبط وبمعناهما.
129 -
قولها: (لا نذكر حجًّا ولا عمرة) أي خلال عامة تلبيتنا، وليس المعنى أنهم لم ينووا بشيء منهما من الابتداء، إذ هذا لا يتصور فيعن أحرم ولبى.
130 -
قولها: (لأربع مضين من ذي الحجة أو خمس) هذا شك من أحد الرواة، والصحيح الثابت بغير شك أنه صلى الله عليه وسلم قدم صبح رابعة من ذي الحجة، أي صبح يوم الأحد (أدخله الله النار) إنما قالت ذلك ظنا منها أن هذا الغضب لأمر ينافي الإيمان، وقد يكون غضبه صلى الله عليه وسلم كذلك. وقد يكون لأمر أخف منه، وكان غلبه صلى الله عليه وسلم هنا لأجل تردد الصحابة في قبول أمره (أمرت الناس بأمر) وهو فسخ إحرام الحج إلى العمرة، والتحلل منها بالحلق أو التقصير لمن ليس معه هدي، وكان ترددهم إما لأجل ما تقرر في نفوسهم من بقاء المحرم أيام الحج على إحرامه، وأن لا يصيب شيئًا يحرم على المحرم حتى يفرغ من الحج، أو لأنهم رأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالتحلل ولا يتحلل هو نفسه (قال الحكم: كأنهم يترددون. أحسب) يعني أن الحكم قال: "كأنهم يترددون" بدل قوله: "فإذا هم يترددون" ثم قال: أحسب، أي أظن أن شيخي علي بن الحسين روى هذا اللفظ هكذا (لو أني استقبلت) أي علمت في قبل الوقت وبداية الخروج (من أمري) من جواز فسخ إحرام الحج إلى العمرة، والتحلل منها لمن ليس له هدي. أو من تردد الناس في قبول ذلك (ما استدبرت) أي ما علمته فيما بعد، يعني بعد سوق الهدي وإحرام القران، أو بعد أمر الناس بالتحلل (ما سقت الهدي) لأن من ساق الهدي لا يحل حتى ينحر، ولا ينحر إلا يوم النحر، فلا يصح له فسخ الحج بعمرة، بخلاف من لم يسق الهدي، إذ يجوز له فسخ الحج (حتى أشتريه) بمكة أو في الطريق بعد الإحرام للعمرة، فلا يمنع من التحلل (ثم أحل كما حلوا) فتطيب نفوسهم، ولا يجدوا في أنفسهم أني أمرتهم بخلاف ما فعلته في نفسي، وحيث إنه صلى الله عليه وسلم =
مِنْ ذِي الْحِجَّةِ،
أَوْ خَمْسٍ، فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهُوَ غَضْبَانُ، فَقُلْتُ: مَنْ أَغْضَبَكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ؟ قَالَ: أَوَمَا شَعَرْتِ أَنِّي أَمَرْتُ النَّاسَ بِأَمْرٍ، فَإِذَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ (قَالَ الْحَكَمُ: كَأَنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ أَحْسِبُ) وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ مَعِي حَتَّى أَشْتَرِيَهُ، ثُمَّ أَحِلُّ كَمَا حَلُّوا».
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَرْبَعٍ، أَوْ خَمْسٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ» بِمِثْلِ حَدِيثِ غُنْدَرٍ، وَلَمْ يَذْكُرِ الشَّكَّ مِنَ الْحَكَمِ فِي قَوْلِهِ: يَتَرَدَّدُونَ.
(000)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، «أَنَّهَا أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ، فَقَدِمَتْ وَلَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى حَاضَتْ، فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا وَقَدْ أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّفْرِ: يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ فَأَبَتْ، فَبَعَثَ بِهَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ» .
(000)
وَحَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، «أَنَّهَا حَاضَتْ بِسَرِفَ، فَتَطَهَّرَتْ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يُجْزِئُ عَنْكِ طَوَافُكِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» .
(000)
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، حَدَّثَتْنَا صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرْجِعُ النَّاسُ بِأَجْرَيْنِ وَأَرْجِعُ بِأَجْرٍ، فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَنْطَلِقَ بِهَا إِلَى التَّنْعِيمِ. قَالَتْ: فَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ، قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أَرْفَعُ خِمَارِي أَحْسُرُهُ عَنْ عُنُقِي
= أبدى إرادته تطييبًا لنفوسهم فليس فيه دليل على أن التمتع أفضل من القران. بل الأفضلية فيما اختاره الله لرسوله، وهو القران.
132 -
قولها: (يوم النفر) يوم الخروج من منى والرجوع إلى الأوطان، وكان اليوم الثالث عشر من ذي الحجة (يسعك طوافك) أي يكفيك طوافك يوم النحر، وهو طواف الحج وسمى بطواف الإفاضة والزيارة، والركن (لحجك وعمرتك) يعني يكفيك هذا الطواف عن الحج وعن العمرة كليهما معًا، وهذا دليل على أن ما جاء من تركها العمرة فمعناها ترك أعمالها، لا ترك إحرامها والتحلل منها (فأبت) أي امتنعت عن الاكتفاء به، لأنه في صورته الظاهرة لم يكن إلا للحج فقط، وإنما دخلت العمرة قيه ضمنا لا استقلالًا.
134 -
قولها: (أرفع خماري) الخمار ثوب تغطي به المرأة رأسها، ورفعه إزالته عن مكانه، وفسرت ذلك بقولها:(أحسره عن عنقي) بكسر السين وضمها، أي أزيله عن عنقي وأكشفه (فيضرب رجلي بعلة الراحلة) الراحلة: البعير، والعلة: ما يتعلل به من السبب ونحوه، يعني كان عبد الرحمن يضرب رجلها، ويتعلل ذلك أي يبدي سبب ذلك بفعله كأنه لا يقصد ضرب رجلها وإنما يقصد ضرب الراحلة، وكان يفعل ذلك غيرة على عائشة حين كشفت الخمار عن عنقها، وقد فهمت عائشة ذلك، ولذلك قالت:(قلت له: وهل ترى من أحد؟ ) تعني نحن في خلاء، وليس هنا أحد أستتر منه، فلا بأس في كشف الخمار (بالحصبة) بفتح فسكون، أي بالمحصب، وهو الأبطح. وقولها هذا يعارض قولها:"فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مصعد من مكة، وأنا منهبطة عليها، أو أنا مصعدة، وهو منهبط منها"=
فَيَضْرِبُ رِجْلِي بِعِلَّةِ الرَّاحِلَةِ، قُلْتُ لَهُ: وَهَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْحَصْبَةِ».
(1212)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، أَخْبَرَهُ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ، فَيُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ» .
(1213)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ جَمِيعًا، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:«أَقْبَلْنَا مُهِلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، وَأَقْبَلَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها بِعُمْرَةٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسَرِفَ عَرَكَتْ، حَتَّى إِذَا قَدِمْنَا طُفْنَا بِالْكَعْبَةِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحِلَّ مِنَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، قَالَ: فَقُلْنَا: حِلُّ مَاذَا؟ قَالَ: الْحِلُّ كُلُّهُ، فَوَاقَعْنَا النِّسَاءَ، وَتَطَيَّبْنَا بِالطِّيبِ، وَلَبِسْنَا ثِيَابَنَا، وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلَّا أَرْبَعُ لَيَالٍ، ثُمَّ أَهْلَلْنَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَوَجَدَهَا تَبْكِي، فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: شَأْنِي أَنِّي قَدْ حِضْتُ، وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ وَلَمْ أَحْلِلْ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَالنَّاسُ يَذْهَبُونَ إِلَى الْحَجِّ الْآنَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاغْتَسِلِي، ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ، فَفَعَلَتْ وَوَقَفَتِ الْمَوَاقِفَ، حَتَّى إِذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْكَعْبَةِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ جَمِيعًا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى حَجَجْتُ، قَالَ: فَاذْهَبْ بِهَا يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ وَذَلِكَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ» .
= وهذا القول الثاني يختلف أيضًا عن قولها: "فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله، فقال: هل فرغت؟ فقلت: نعم. فأذن في أصحابه، فخرج فمر بالبيت وطاف" قال النووي: وجه الجمع بين هذه الروايات أنه صلى الله عليه وسلم بعث عائشة مع أخيها بعد نزوله المحصب، وواعدها أن تلحقه بعد اعتمارها، ثم خرج هو صلى الله عليه وسلم بعد ذهابها فقصد البيت ليطوف طواف الوداع، ثم رجع بعد فراغه من طواف الوداع، وكل هذا في الليل، وهي الليلة التي تلي أيام التشريق، فلقيها صلى الله عليه وسلم، وهو صادر بعد طواف الوداع، وهي داخلة بطواف عمرتها، ثم فرغت من عمرتها ولحقته صلى الله عليه وسلم. وهو بعد في منزله بالمحصب، وأما قولها: "فأذن في أصحابه، فخرج فمر بالبيت وطاف، فيتأول على أن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا، وأن طوافه صلى الله عليه وسلم كان بعد خروجها إلى العمرة وقبل رجوعها، وأنه فرغ قبل طوافها للعمرة.
136 -
قوله: (أقبلنا مهلين) أي محرمين (بحج مفرد) أي ليس معه عمرة، قال ذلك على حسب ما سبق إلى فهمه، وإلا فقد كان من الصحابة من أهل بعمرة، ومنهم من أهل بحج وعمرة، ومنهم من أهل بالحج، كما تقدم، أو أنه أراد بقوله:"أقبلنا" جماعة منهم لا كلهم، وقيل: هو محمول على ما كانوا عليه في بداية السفر، فلما أذن لهم بإدخال العمرة على الحج صاروا على ثلاثة أنواع (بسرف) ككتف، موضع على تسعة أميال من مكة، وقد تقدم (عركت) بفتح العين والراء من باب نصر، أي حاضت (حل ماذا؟ ) أي ماذا يحل لنا بهذا الحل (قال: الحل كله) يعني يحل لكم كل شيء كان قد حرم عليكم لأجل الإحرام، (ثم أهللنا) بالحج (يوم التروية) وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، وفيه استحباب تأخير إحرام الحج إلى اليوم الثامن من ذي الحجة لمن هو مقيم بمكة (وقد حل الناس) من العمرة (ولم أحلل) منها (ولم أطف بالبيت) للعمرة حتى أحل منها، وقد جاء وقت الخروج للحج (ووقفت المواقف) من عرفة والمزدلفة (أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت) للعمرة (حتى حججت) فلم تحصل لي عمرة مستقلة مثل ما =
(000)
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما يَقُولُ:«دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها وَهِيَ تَبْكِي» ، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ إِلَى آخِرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا قَبْلَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ.
(000)
وَحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ - يَعْنِي: ابْنَ هِشَامٍ - حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، «أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ»، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا سَهْلًا إِذَا هَوِيَتِ الشَّيْءَ تَابَعَهَا عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَهَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ مِنَ التَّنْعِيمِ. قَالَ مَطَرٌ: قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا حَجَّتْ صَنَعَتْ كَمَا صَنَعَتْ مَعَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(000)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه
(000)
(ح) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَاللَّفْظُ لَهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:«خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، مَعَنَا النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ. قَالَ: قُلْنَا: أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ: الْحِلُّ كُلُّهُ. قَالَ: فَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَمَسِسْنَا الطِّيبَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ، وَكَفَانَا الطَّوَافُ الْأَوَّلُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ» .
(1214)
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ:«أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَحْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى مِنًى، قَالَ: فَأَهْلَلْنَا مِنَ الْأَبْطَحِ» .
= حصلت للناس (ليلة الحصبة) أي ليلة النزول بالمحصب.
137 -
قوله: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا سهلًا) أي كريمًا لطيفًا لين الخلق (إذا هويت الشيء) أي أحبته ورغبت فيه، وليس فيه نقص من ناحية الخلق والدين (تابعها عليه) أي وافقها عليه وأجابها إليه، فلذلك أجاب لرغبتها في العمرة المستقلة ووافقها عليها، وإلا فإن عمرتها كانت قد تأدت ضمن حجها. كما تقدم.
138 -
قوله: (وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة) أي السعي، فلم يسعوا بينهما مع طواف الزيارة، والمراد بهم الذين كانوا لم يحلوا بعد العمرة، بل بقوا على إحرامهم لكونهم قارنين، ففي بيان جابر هذا شيء من الإبهام، لأن المذكورين - فيما فوق - هم الذين حلوا بعد العمرة، ولا يكفيهم السعي الأول، والمذكورون هنا الذين لم يحلوا بعد العمرة، ويكفيهم السعي الأول عن سعي الحج (بدنة) بفتحات، تطلق على البعير والبقرة، وغالب استعمالها في البعير، والمراد هنا البقرة والبعير كلتاهما، وفي الحديث إجزاء كل واحد منهما عن سبعة، قيل: مطلقا حتى ولو أراد بعضهم اللحم، وقيل: بشرط أن يكون كلهم متقربين.
139 -
قوله: (إذا توجهنا إلى منى) أي يوم التروية: اليوم الثامن من ذي الحجة (الأبطح) هو لغة كل مسيل فيه دقاق الحصى، وقيل: الرمل المنبسط على وجه الأرض. وقيل: أثر المسيل ضيقًا كان أو واسعًا، والمراد هنا أبطح =
(1215)
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه يَقُولُ: «لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا» . زَادَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ: طَوَافَهُ الْأَوَّلَ.
(1216)
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما فِي نَاسٍ مَعِي قَالَ: «أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ خَالِصًا وَحْدَهُ. قَالَ عَطَاءٌ:
قَالَ جَابِرٌ: فَقَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَأَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ. قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ: حِلُّوا وَأَصِيبُوا النِّسَاءَ. قَالَ عَطَاءٌ: وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ، فَقُلْنَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلَّا خَمْسٌ، أَمَرَنَا أَنْ نُفْضِيَ إِلَى نِسَائِنَا، فَنَأْتِيَ عَرَفَةَ تَقْطُرُ مَذَاكِيرُنَا الْمَنِيَّ. قَالَ: يَقُولُ جَابِرٌ بِيَدِهِ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قَوْلِهِ بِيَدِهِ يُحَرِّكُهَا، قَالَ: فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِينَا، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَتْقَاكُمْ لِلهِ، وَأَصْدَقُكُمْ، وَأَبَرُّكُمْ، وَلَوْلَا هَدْيِي لَحَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ، وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، فَحِلُّوا، فَحَلَلْنَا، وَسَمِعْنَا، وَأَطَعْنَا. قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: فَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ سِعَايَتِهِ، فَقَالَ: بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا. قَالَ: وَأَهْدَى لَهُ عَلِيٌّ هَدْيًا، فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَقَالَ: لِأَبَدٍ».
= مكة، وهو ما بين مقبرة المعلاة إلى منحنى المعابدة، وكان يسمى أيضًا بالمحصب، ويخيف بني كنانة. وهناك نزل النبي صلى الله عليه وسلم عند النفر من الحج.
140 -
قوله: (طوافه الأول) وهو حين قدموا مكة، وطافوا للعمرة، فاكتفوا به ولم يسعوا مع طواف الحج.
141 -
قوله: (أهللنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم "أصحاب" منصوب على الاختصاص، أو بتقدير أعني (بالحج خالصًا وحده) أي ليس معه عمرة، قال ذلك على حسب ما سبق إلى فهمه، أو أراد طائفة من أصحابه، ولم يرد جميع الصحابة (فأمرنا أن نحل) بكسر الحاء، أي نفسخ الحج إلى العمرة، ونتحلل بعد الاعتمار، وكان هذا الأمر للمفرد والقارن الذي لم يكن معه هدي (ولم يعزم عليهم) بفتح الياء وكسر الزاي، أي لم يوجب عليهم مجامعة النساء ووطيهن (أن نفضي إلى نسائنا) من الإفضاء، وهو كناية عن الجماع. قال تعالى:{وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 21](تقطر مذاكيرنا المني) مذاكير جمع ذكر على غير قياس، وهو كناية عن قرب العهد بالجماع، وكانوا ينزهون حجهم عن مثل هذا في الجاهلية، فكان قد تقرر في نفوسهم أنه يجب التنزه عنه، فلما أحل لهم الجماع تعجبوا، وأنكروا إنكارًا ما (يقول جابر بيده) أي يشير بها (كأني أنظر إلى قوله بيده) أي إشارته بها (يحركها) أي يده، وذلك لبيان كيفية التقطير، أو لتشبيه تحريك المذاكير بتحريك اليد (وأبركم) أي أكثركم برًّا وخيرًا (ولو استقبلت من أمري ما استدبرت) أي لو علمت في الابتداء ما علمته فيما بعد من شرعية العمرة مع الحج ثم التحلل منها لمن ليس معه هدي، ثم ترددكم في هذا الحل وتوقفكم عنه (لم أسق الهدي) ولحللت معكم، أراد به تطييب قلوبهم وتسكين نفوسهم في صورة المخالفة بفعله، وهم يحبون متابعته وكمال موافقته، ولما في نفوسهم من كراهية الاعتمار في أشهر الحج، ومقاربة النساء قرب عرفة (فقدم على من سعايته) بكسر السين، أي من عمله من القضاء وغيره في اليمن (قال: بم أهللت؟ قال: بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم) فيه صحة الإحرام معلقًا، وهو أن يحرم إحرامًا كإحرام فلان، فينعقد إحرامه ويصير محرمًا بما أحرم به فلان (فأهد) أي=