الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ.»
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي ذِكْرِ الصِّيَامِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
بَابُ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ إِتْبَاعًا لِرَمَضَانَ
(1164)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، - جَمِيعًا - عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الْخَزْرَجِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ.»
(000)
وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، - أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: بِمِثْلِهِ
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمِثْلِهِ
بَابُ فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَالْحَثِّ عَلَى طَلَبِهَا، وَبَيَانِ مَحَلِّهَا وَأَرْجَى أَوْقَاتِ طَلَبِهَا
(1165)
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ» .
204 - قوله: (ثم أتبعه) بهمزة قطع، أي صام عقب رمضان (ستًّا من شوال) متواليًا أو متفرقًا (كان كصيام الدهر) فسّرته رواية ابن خزيمة بلفظ: صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بشهرين، فذلك صيام السنة. وعند النسائي من حديث ثوبان: جعل الله الحسنة بعشر أمثالها، فشهر بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بعد الفطر تمام السنة. والحديث دليل بيِّن على استحباب صوم ستة أيام من شوال، لكن العجيب أن مالكًا وأبا حنيفة قالا بكراهته، إلا أن عامة مشائخ الحنفية لم يروا به بأسًا، فأحسنوا وأجادوا.
205 -
قوله: (أروا) بالبناء للمجهول من الإراءة، أي أراهم الله (ليلة القدر) بفتح القاف وإسكان الدال. قيل: سمي بذلك لعظم قدرها وشرفها، يعني أنها ذات قدر عظيم لنزول القرآن فيها، ووصْفِها بأنها خير من ألف شهر، ولنزول الملائكة والبركة والرحمة والمغفرة فيها، ولما يحصل لمحييها بالعبادة من القدر الجسيم. وقيل: القدر هنا بمعنى القدر بفتح الدال، الذي هو مؤاخى القضاء، سميت بذلك لما يكتب فيها الملائكة من الأقدار التي تكون في تلك السنة. قال تعالى {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] وتقدير الله تعالى سابق، فهي ليلة إظهار الله تعالى ذلك التقدير للملائكة، واختلف في تعيين ليلة القدر على أقوال كثيرة بلغها الحافظ في الفتح إلى أكثر من أربعين قولًا. وأكثرها متداخلة. أما المشهور منها فقيل: إنها ممكنة في جميع السنة، وقيل: إنها مختصة برمضان =
(000)
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ» .
(000)
وَحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:«رَأَى رَجُلٌ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرَى رُؤْيَاكُمْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَاطْلُبُوهَا فِي الْوِتْرِ مِنْهَا» .
(000)
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ أَبَاهُ رضي الله عنه قَالَ:«سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ إِنَّ نَاسًا مِنْكُمْ قَدْ أُرُوا أَنَّهَا فِي السَّبْعِ الْأُوَلِ، وَأُرِيَ نَاسٌ مِنْكُمْ أَنَّهَا فِي السَّبْعِ الْغَوَابِرِ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ» .
(000)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُقْبَةَ، - وَهُوَ ابْنُ حُرَيْثٍ - قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ - يَعْنِي: لَيْلَةَ الْقَدْرِ - فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ، أَوْ عَجَزَ، فَلَا يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي» .
= ممكنة في جميع لياليه، وقيل: إنها مختصة برمضان في ليلة معينة منه مبهمة. وقيل: إنها منحصرة في العشر الأخير من رمضان، واختلف القائلون به، فمنهم من قال: إنها في ليلة معينة منه. ومنهم من قال: إنها تنتقل في العشر الأواخر كلها. ثم اختلف أصحاب القول الأول في تعيينها، فذهب إلى تعيين كل ليلة منها فريق من العلماء. واختلف أهل القول الثاني القائلون بأنها تنقل في العشر الأواخر كلها أيضًا. فمنهم من قال: هي محتملة فيها على حد سواء. ومنهم من قال: بعض لياليه أرجى من بعض. فقيل: أرجاها ليلة إحدى وعشرين، وقيل: ثلاث وعشرين. وقيل: سبع وعشرين، وذهب جماعة من العلماء إلى أنها في أوتار العشر الأخير، وأنها تنتقل. وهذا القول هو أرجح الأقوال، وهو الذي يدل عليه مجموع الأحاديث الواردة فيها. والله تعالى أعلم. (في السبع الأواخر) من ليالي رمضان، وهي من الثالثة والعشرين إلى آخر الشهر. يعني قيل لهم في المنام: إنها في السبع الأواخر، أو أنهم رأوا ليلة القدر وعظمتها وأنوارها ونزول الملائكة فيها في السبع الأواخر. وكأنهم رأوها بعد الليلة الحادية والعشرين، فلم يكن أمامهم إلا السبع الأواخر، فلا يعارض هذا ما رواه البخاري عن عائشة مرفوعًا: تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان. لأن هذا القول يحمل على أنه صدر في عام آخر، غير العام الذي حصلت فيه الرؤيا، فالأصل في ليلة القدر هو وقوعها في ليلة مبهمة في وتر من ليالي العشر الأواخر مع دورانها وتنقلها من ليلة إلى أخرى، فهي تتقدم وتتأخر، فإذا ثبت بالرؤيا تأخرها عن البداية أمر بطلبها في السبع البواقي (قد تواطأت) بالهمزة، أي توافقت وزنا ومعنى (فمن كان متحريها) أي طالبها وقاصدها.
207 -
أمره صلى الله عليه وسلم بطلب ليلة القدر في العشر الأواخر بعد أن رآها الرجل أنها ليلة سبع وعشرين معناه أن هذا التعيين في الرؤيا لم يعتمد بكامله، وإنما اعتمد مع شيء من العموم، وهو أنها تقع في العشر الأواخر، لأن ليلة السابع والعشرين من ليالي العشر الأواخر. أو لأن ناسًا آخرين رأوها في ليال أخرى من العشر الأواخر، فلم تحصل الموافقة فيما بينهم إلا على كون ليلة القدر في العشر الأواخر، لا على تعيين ليلة خاصة منها، فأمر صلى الله عليه وسلم بطلبها في العشر الأواخر. يدل على ذلك خطابهم بصيغة الجمع، ونسبة الرؤيا إلى مجموع من المخاطبين. مع أن المذكور أولًا رؤية رجل واحد.
208 -
قوله: (في السبع الغوابر) أي البواقي، وهي الأواخر.
209 -
قوله: (فلا يغلبن على السبع البواقي) أي على إحياء هذه الليالي، وطلب ليلة القدر فيها.
(000)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ مُلْتَمِسَهَا فَلْيَلْتَمِسْهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ» .
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ جَبَلَةَ، وَمُحَارِبٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَحَيَّنُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ - أَوْ قَالَ: فِي التِّسْعِ الْأَوَاخِرِ» .
(1166)
حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ
وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ أَيْقَظَنِي بَعْضُ أَهْلِي، فَنُسِّيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ» وَقَالَ حَرْمَلَةُ: فَنَسِيتُهَا.
(1167)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ، - وَهُوَ ابْنُ مُضَرَ - عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاوِرُ فِي الْعَشْرِ الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، فَإِذَا كَانَ مِنْ حِينِ تَمْضِي عِشْرُونَ لَيْلَةً، وَيَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ يَرْجِعُ إِلَى مَسْكَنِهِ، وَرَجَعَ مَنْ كَانَ يُجَاوِرُ مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ فِي شَهْرٍ جَاوَرَ فِيهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا، فَخَطَبَ النَّاسَ فَأَمَرَهُمْ بِمَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذِهِ الْعَشْرَ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَبِتْ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، فَأُنْسِيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي كُلِّ وِتْرٍ، وَقَدْ
211 - قوله: (تحينوا ليلة القدر) أي اطلبوها حينها، وهو زمانها.
212 -
قوله: (فنسيتها) بالبناء للمفعول من باب التفعيل، والحكمة في إنسائها وإخفائها هي أن يجتهد العبد في التماسها وطلبها بإحياء تلك الليالي كلها، فيكتسب ثواب الاجتهاد، ولو عينت في ليلة بعينها لاقتصر الناس على العبادة فيها، وفاتت منهم العبادة في غيرها. وكأن هذا الذي أراد صلى الله عليه وسلم بقوله:"وعسى أن يكون خيرًا لكم" في حديث عبادة عند البخاري: قال - أي النبي صلى الله عليه وسلم: "خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت. وعسى أن يكون خيرًا لكم" الحديث. ومعنى تلاحى: تخاصم.
213 -
قوله: (يجاور) أي يعتكف في المسجد، وكان من جملة مقاصد الاعتكاف طلب ليلة القدر، وإحياء الليالي التي ترجى فيها (فإذا كان من حين يمضي عشرون ليلة) يعني فإذا كان الوقت الذي تمضي فيه عشرون ليلة (تلك الليلة التي كان يرجع فيها) ظرف لقوله:"أقام" أي إنه أقام في معتكفه الليلة الحادية والعشرين التي كان يرجع فيها (فليبت) من المبيت (في معتكفه) بفتح الكاف، أي في موضع اعتكافه (وقد رأيتني أسجد في ماء وطين) أي في صبيحة ليلة القدر، وجعل ذلك علامة يستدل بها عليها (فوكف المسجد) أي قطر ماء المطر من سقف المسجد (ووجهه مبتل) أي أصابه البلل. وكان في ذلك تصديق رؤياه صلى الله عليه وسلم، وهو دليل على أن ليلة القدر وقعت في ذلك العام ليلة إحدى وعشرين، وتمسك به من قال: إنها ليلة إحدى وعشرين بعينها، ولا دليل فيه، إذ أنها كانت كذلك في ذلك العام، وليس معناه أنها تقع كذلك طول الدهر، لأنها تنتقل من ليلة إلى أخرى في وتر من ليالي العشر الأواخر.
رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: مُطِرْنَا لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فِي مُصَلَّى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، وَقَدِ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَوَجْهُهُ مُبْتَلٌّ طِينًا وَمَاءً».
(000)
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، - يَعْنِي: الدَّرَاوَرْدِيَّ - عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاوِرُ فِي رَمَضَانَ الْعَشْرَ الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَقَالَ: وَجَبِينُهُ مُمْتَلِئًا طِينًا وَمَاءً» .
(000)
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ، قَالَ: فَأَخَذَ الْحَصِيرَ
بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ، فَدَنَوْا مِنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأُوَلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ، فَقِيلَ لِي: إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ، فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ، قَالَ: وَإِنِّي أُرْبِئْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ، وَإِنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي طِينٍ وَمَاءٍ، فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقَدْ قَامَ إِلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فَأَبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ، فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا الطِّينُ وَالْمَاءُ، وَإِذَا هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ».
(000)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: «تَذَاكَرْنَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَأَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه وَكَانَ لِي صَدِيقًا،
214 - قوله: (غير أنه قال: فليثبت في معتكفه) مكان قوله: "فليبت في معتكفه" كما هو في الحديث السابق (وجبينه ممتلئًا طينًا وماء) نصب ممتلئًا بفعل مقدر، أي "وكان جبينه ممتلئًا"، أو "وجبينه رأيته ممتلئًا" والجبين جانبًا الجبهة من جهة يمينها ويسارها، فإذا امتلأ الجبين بالماء والطين فامتلاء الجبهة أولى، لأنها الوسط وموضع السجود، ففيه دليل على صحة السجود على حائل إذا كان من غبار موضع السجود وترابه. وحمله الجمهور على الأثر الخفيف، ولكن يعكر عليه ما في هذا الطريق من قوله:"وجبينه ممتلىء طيبًا وماء" وفيه جواز السجود في الطين، واستحباب ترك الإسراع إلى إزالة ما يصيب جبهة المساجد من غبار الأرض. يقال: ولعلّه صلى الله عليه وسلم ترك مسح الجبهة عامدًا لتصدية رؤياه.
215 -
قوله: (اعتكف العشر الأول
…
ثم
…
العشر الأوسط)، إنما جيء بتذكير الأول والأوسط مع أن العشر للتأنيث، باعتبار إرادة الوقت والزمان، أو لأن لفظ العشر مذكر، وإن كان المعدود به مؤنثًا (في قبة تركية) أي قبة صغيرة من لبود. قاله النووي واللبود شعر أو صوف تداخل ولزق بعضه ببعض (على سدتها) في الفائق: السدة هي ظلة على باب أو ما أشبهها، لتقي الباب من المطر. وقيل: هي الباب نفسه. وقيل: هي الساحة (ثم أطلع رأسه) أي أخرجه من القبة (ألتمس هذه الليلة) أي ليلة القدر (وروثة أنفه) قال النووي: هي طرفه، ويقال لها أيضًا: أرنبة الأنف، كما جاء في الرواية الأخرى.
216 -
قوله: (إلى النخل) أي إلى بستان النخيل (وعليه خميصة) جمعها خمائص: كساء من صوف معلم =
فَقُلْتُ: أَلَا تَخْرُجُ بِنَا إِلَى النَّخْلِ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ، فَقُلْتُ: لَهُ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؟ فَقَالَ: نَعَمِ، اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَشْرَ الْوُسْطَى مِنْ رَمَضَانَ، فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ، فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَإِنِّي نُسِّيتُهَا - أَوْ أُنْسِيتُهَا - فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ كُلِّ وِتْرٍ، وَإِنِّي أُرِيتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيَرْجِعْ، قَالَ: فَرَجَعْنَا وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً قَالَ: وَجَاءَتْ سَحَابَةٌ، فَمُطِرْنَا حَتَّى سَالَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ قَالَ: حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ.»
(000)
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، - كِلَاهُمَا - عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ وَفِي حَدِيثِهِمَا «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ انْصَرَفَ، وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرُ الطِّينِ» .
(000)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَبْلَ أَنْ تُبَانَ لَهُ، فَلَمَّا انْقَضَيْنَ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَقُوِّضَ، ثُمَّ أُبِينَتْ لَهُ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَأَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَأُعِيدَ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهَا كَانَتْ أُبِينَتْ لِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَإِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِهَا، فَجَاءَ رَجُلَانِ يَحْتَقَّانِ مَعَهُمَا الشَّيْطَانُ، فَنُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ» ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّكُمْ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنَّا، قَالَ: أَجَلْ نَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْكُمْ، قَالَ: قُلْتُ: مَا التَّاسِعَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ قَالَ: إِذَا مَضَتْ وَاحِدَةٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ، وَهِيَ التَّاسِعَةُ فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا السَّابِعَةُ، فَإِذَا مَضَى خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا الْخَامِسَةُ
= يقال: ولا تسمى خميصة حتى تكون سوداء معلمة (قزعة) بفتحات، أي قطعة سحاب (وكان من جريد النخل) يعني لم يكن سقف المسجد محكم البناء بحيث يكنّ من المطر الكثير، ولذلك تقاطر الماء وسال في المسجد.
(
…
) قوله: (وأرنبته) هي طرف الأنف.
217 -
قوله: (قبل أن تبان له) أي قبل أن توضح وتكشف له تلك الليلة، مضارع للمؤنث، مبني للمفعول من الإبانة، يقال: أبان إبانة وبين وتبين واستبان، كلها بمعنى الوضوح والانكشاف، والاسم البيان، يستعمل المزيد لازمًا ومتعديًا، والمجرد لازمًا فقط (فلما انقضين) أي مضت وانتهت العشر الأواسط (أمر بالبناء) وهو ما كان ضرب له من القبة الصغيرة (فقوض) بقاف مضمومة وواو مكسورة مشددة، أي أزيل، يقال: قاض البناء وانقاض أي زال وانهدم، وقوضته أنا: هدمته وأزلته (ثم أبينت) بصيغة المؤنث بالبناء للمفعول من الإبانة، أي بينت له ليلة القدر (يحتقان) أي يختلفان في حق لهما، ويتخاصمان فيه (معهما الشيطان) وهذا دليل على أن كل الشياطين لا تصفد في رمضان، وإنما تصفد المردة منها (فالتي تليها: ثنتين وعشرين) بالنصب، بتقدير أعني (وهي التاسعة) هذا التفسير يخالف الحديث المرفوع من وجهين: الأول، أن علامة ليلة القدر - وهي سجوده صلى الله عليه وسلم في صبيحتها في الماء والطين =
وَقَالَ ابْنُ خَلَّادٍ: مَكَانَ يَحْتَقَّانِ يَخْتَصِمَانِ.
(1168)
وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، وَقَالَ ابْنُ خَشْرَمٍ: عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا وَأُرَانِي صُبْحَهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، قَالَ: فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْصَرَفَ، وَإِنَّ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ» . قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَقُولُ: ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ.
(1169)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَوَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: - قَالَ: ابْنُ نُمَيْرٍ - «الْتَمِسُوا - وَقَالَ: وَكِيعٌ - تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» .
(762)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، - كِلَاهُمَا - عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدَةَ، وَعَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ سَمِعَا زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ يَقُولُ:«سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه فَقُلْتُ: إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَقَالَ: رحمه الله أَرَادَ أَنْ لَا يَتَّكِلَ النَّاسُ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ وَأَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، ثُمَّ حَلَفَ لَا يَسْتَثْنِي أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ؟ قَالَ: بِالْعَلَامَةِ، أَوْ بِالْآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لَا شُعَاعَ لَهَا» .
= وجدت في صبيحة إحدى وعشرين. فهي التي تكون تاسعة، الثاني، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتماس ليلة القدر في وتر من ليالي العشر الأخير، والثانية والعشرون وكذا الرابعة والعشرون والسادسة والعشرون من الشفع وليست من الوتر. فلا يؤخذ بتفسير أبي سعيد هذا. والله أعلم.
218 -
قوله: (فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين) هذا يخالف ما تقدم في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه من أن المطر وقع في ليلة إحدى وعشرين، والظاهر من السياق أن القصة واحدة، ولا سبيل للجمع، فإما أن نقول بالترجيح، والراجح هو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، لكونه متفقًا عليه، أو نقول بتعدد القصة مع قرب سياقهما. وقد تمسك بحديث عبد الله بن أنيس من قال: إن ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين، والظاهر أن هذا كان لتلك السنة خاصة، فحمله عبد الله بن أنيس ومن وافقه من الصحابة والتابعين على العموم.
219 -
قوله: (في العشر الأواخر) وعند البخاري: في الوتر من العشر الأواخر، فكأن لفظة "في الوتر" سقطت عند مسلم من بعض الرواة، وفيه دليل على أن ليلة القدر منحصرة في رمضان، ثم العشر الأخير منه، ثم في أوتاره، لا في ليلة منه بعينها.
220 -
قوله: (من يقم الحول) أي من صلى قيام الليل جميع ليالي السنة (يصب ليلة القدر) أي يدركها، وذلك لأنها ليلة مبهمة تدور في تمام السنة، ولا تختص برمضان، وهذا هو قول ابن مسعود (أراد أن لا يتكل الناس) أي لا =