الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجِهَا».
(938)
وَحَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ
ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ، نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ».
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ. (ح)، وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَا:«عِنْدَ أَدْنَى طُهْرِهَا نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ وَأَظْفَارٍ» .
(000)
وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ:«كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا نَكْتَحِلُ، وَلَا نَتَطَيَّبُ، وَلَا نَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، وَقَدْ رُخِّصَ لِلْمَرْأَةِ فِي طُهْرِهَا إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ قُسْطٍ وَأَظْفَارٍ» .
كِتَابُ اللِّعَانِ
(1492)
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ «أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ يَا عَاصِمُ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ، فَتَقْتُلُونَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَسَلْ لِي عَنْ ذَلِكَ يَا
66 - قوله: (إلا ثوب عصب) بفتح العين وسكون الصاد، وهو بالإضافة، وثوب العصب هي برود اليمن يعصب غزلها، أي يربط، ثم يصبغ، ثم ينسج معصوبًا فيخرج موشى، لبقاء ما عصب منه أبيض لم ينصبغ، وإنما يعصب السدي دون اللحمة. وقيل: العصب هو المفتول من برود اليمن، دل الحديث على النهي عن جميع أنواع الثياب المصبوغة للزينة سوى العصب، واختلفوا فيما صبغ بسواد، فرخص فيه مالك والشافعي لكونه لا يتخذ للزينة، بل هو من لباس الحزن، ويؤخذ من مفهوم الحديث جواز ما ليس بمصبوغ، وهي الثياب البيض، ومنع بعض المالكية المرتفع منها الذي يتزين به، وكذلك الأسود إذا كان مما يتزين به. قال النووي: ورخص أصحابنا فيما لا يتزين به ولو كان مصبوغًا (نبذة من قسط أو أظفار) نبذة، بضم فسكون: القطعة والشيء اليسير، أما القسط - ويقال فيه كست - فهو والأظفار نوعان معروفان من البخور. وليسا من مقصود الطيب. رخص فيه للمغتسلة من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة، تتبع به أثر الدم، لا للتطيب. قاله النووي.
(
…
) قوله: (عند أدنى طهرها) أي عند أقرب طهرها، أو أقل طهرها، يعني عند أقرب وقت من الطهر يتصل بالحيض، وهو الوقت الذي تغتسل فيه المرأة بعد انتهاء الحيض. وقد سبق أن المراد أن تتبع به أثر دم الحيض بعد الغسل.
1 -
قوله: (إن عويمر العجلاني) هو عويمر بن الحارث بن زيد بن الجد بن عجلان، وعجلان من قضاعة، =
عَاصِمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ، وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ: يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ نَزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا. قَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا،
فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ.
= حالف بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس من الأنصار في الجاهلية، وسكن المدينة، فدخلوا في الأنصار (جاء إلى عاصم بن عدي) بن الجد بن عجلان، وهو ابن عم والد عويمر، وكان سيد بني عجلان (أيقتله فتقتلونه) قصاصًا. لأن حكم القصاص كان قد تقرر قبل ذلك في قوله تعالى:{النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45](أم كيف يفعل؟ ) فإنه لا صبر للزوج على مثل هذا (فكره رسول الله - صلي الله عليه وسلم - المسائل وعابها) لأنه لم يسأل عن حكم حادث سبق في علمه حدوثه، مع ما في مثل هذا السؤال من إشاعة فاحشة، وهتك ستر مسلم ومسلمة، والشناعة عليهما. وقد كانت المسائل فيما لم ينزل فيه حكم زمن نزول الوحي ممنوعة، لئلا ينزل الوحي بالتحريم أو التشديد، أما المسائل المحتاج إليها إذا وقعت فقد كان الواجب السؤال عنها لمعرفة حكمها (حتى كبر على عاصم) كبر بفتح الكاف وضم الباء، أي عظم وزنًا ومعنى. وقوله صلى الله عليه وسلم في جواب عويمر:(قد نزل فيك وفي صاحبتك) يدل على أن آية اللعان كانت قد نزلت بعد رجوع عاصم وقبل مجيء عويمر، ولكن سيأتي من حديث ابن عمر [رقم 4] أن عويمرًا حينما سأل "فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به" ويظهر من هذا أن في سياق هذا الحديث اختصارًا. وأنه لم يذكر امرأته إلا بعد أن انصرف ثم عاد، لكن سؤاله الأول في صورة فرض المسألة لم يكن عن فراغ، بل كان بعدما ظهرت له مخايل زناها، بل جاء في مرسل مقاتل بن حيان عند أبي حاتم: فقال الزوج لعاصم: يا ابن عم أقسم بالله لقد رأيت شريك بن سحماء على بطنها، وإنها لحبلى، وما قربتها منذ أربعة أشهر (فتلاعنا) في طريق ابن جريج [رقم 3]"في المسجد" وعند أحمد "بعد العصر" واستدل بذلك على أن اللعان يكون بحضرة الحكام وفي مجمع من الناس، وهو أحد أنواع التغليظ، ثانيها الزمان وثالثها المكان. أما صفة هذا اللعان فهي حسب ما جاء في سورة النور، يشهد الرجل أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين - أي في رمي المرأة بالزنا - والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم تشهد المرأة أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ثم يفرق بينهما، ولا يجتمعان أبدًا (فطلقها ثلاثًا) استدل به الشافعية على جواز الطلاق الثلاث مجموعة، كما استدلوا به هم والآخرون على وقوعها كلها، وكلا الاستدلالين في غير محلهما، لأنه إنما طلقها ثلاثًا لأجل أنه لم يكن يعلم أن اللعان يوجب فرقة الأبد، فأراد تحريمها بالطلاق، فصار الطلاق لغوًا، لأنه لم يقع في موضعه، أما إذا قلنا إن الفرقة تقع بمجرد اللعان فظاهر، وأما إذا قلنا إن الفرقة تقع بتفريق الحاكم فمعلوم أن هذا النكاح لم يبق سبيل إلى بقائه ودوامه، بل هو واجب الازالة على الفور، ومؤبد التحريم: فلا محل لإيقاع الطلاق، ومن الدليل على ذلك أن الرجل لو طلق بعد اللعان واحدة أو ثنتين فإنه لا يملك الرجعة، ولا تكون على المرأة العدة، ولا لها النفقة والسكنى بالاتفاق، ومعناه أنه ليس بطلاف حتى يترتب عليه ما يترتب على الطلاق. فدل ذلك على أن المرأة لم تبق محلًا للطلاق بعد اللعان إطلاقًا، وأن تطليقها مثل تطليق الأجنبية، وأما عدم غضبه صلى الله عليه وسلم على طلاقه هذا فلأجل أنه صدر عن غيرة، وهي مطلوبة في مثل هذا المقام. ولذلك اقتصر صلى الله عليه وسلم على مجرد إخباره بأن طلاقه هذا لغو، بقوله:"لا سبيل لك عليها" أي لا ملك لك عليها، =
(000)
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، «أَنَّ عُوَيْمِرًا الْأَنْصَارِيَّ مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَأَدْرَجَ فِي الْحَدِيثِ قَوْلَهُ: وَكَانَ فِرَاقُهُ إِيَّاهَا بَعْدُ سُنَّةً فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَزَادَ فِيهِ، قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ حَامِلًا، فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَى أُمِّهِ، ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَتَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللهُ لَهَا» .
(000)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَعَنِ السُّنَّةِ فِيهِمَا، عَنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ، «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا؟ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ، وَزَادَ فِيهِ: فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنَا شَاهِدٌ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ذَاكُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ» .
(1493)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي. (ح)، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبٍ: أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ، فَمَضَيْتُ إِلَى مَنْزِلِ ابْنِ عُمَرَ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ: اسْتَأْذِنْ لِي، قَالَ: إِنَّهُ قَائِلٌ، فَسَمِعَ صَوْتِي، قَالَ: ابْنُ جُبَيْرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: ادْخُلْ، فَوَاللهِ مَا جَاءَ بِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا حَاجَةٌ، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا هُوَ مُفْتَرِشٌ بَرْذَعَةً مُتَوَسِّدٌ وِسَادَةً حَشْوُهَا لِيفٌ. قُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُتَلَاعِنَانِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ نَعَمْ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ إِنْ
تَكَلَّمَ، تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَإِنْ سَكَتَ، سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، قَالَ: فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي سُورَةِ النُّورِ:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} ،
= فلا يقع طلاقك، بل يصير لغوًا (فكانت سنة المتلاعنين) زاد أبو داود عن القعنبي عن مالك "فكانت تلك" وهي إشارة إلى الفرقة.
2 -
قوله: (ما فرض الله لها) أي ما قرر الله للأم من الميراث من ولده.
3 -
قوله: (أخي بني ساعدة) أي من قبيلة بني ساعدة، وهي قبيلة معروفة من قبائل الأنصار.
4 -
قوله: (في إمرة مصعب) أي في عهد إمارته، وهو مصعب بن الزبير، كان أميرًا على العراق من قبل أخيه عبد الله بن الزبير (إنه قائل) اسم فاعل من القيلولة وهو النوم أو الاستراحة نصف النهار (برذعة) بفتح فسكون ففتحتين: الحلس الذي يلقى تحت الرحل على ظهر البعير (متوسد) أي واضع رأسه (وسادة) بالكسر هي المخدة التي يجعلها النائم تحت رأسه (ليف) شيء يكون عند أصل خوص النخل مثل الخطوط المتشابكة الغليظة. قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور: 6 - 9]، تمام الآية وهذه هي صورة اللعان (وأخبره أن عذاب الدنيا أهون) وهو حد القذف ثمانون جلدة إذا رماها الزوج ولم يستعد للعان (وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون) وهو الرجم إذا اعترفت بالزنا، أو لم =
فَتَلَاهُنَّ عَلَيْهِ، وَوَعَظَهُ، وَذَكَّرَهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، قَالَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا، وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، قَالَتْ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ، فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا».
(000)
وَحَدَّثَنِيهِ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: «سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ زَمَنَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَمْ أَدْرِ مَا أَقُولُ، فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ » ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ.
(000)
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ - وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى - قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَالِي؟ قَالَ: لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا، فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا» . قَالَ زُهَيْرٌ فِي رِوَايَتِهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(000)
وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «فَرَّقَ
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ، وَقَالَ: اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ.؟ »
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ اللِّعَانِ، فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفْظُ لِلْمِسْمَعِيِّ وَابْنِ الْمُثَنَّى - قَالُوا: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ - وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ - قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:«لَمْ يُفَرِّقِ الْمُصْعَبُ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، قَالَ سَعِيدٌ: فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: فَرَّقَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ» .
= تلاعن بعد لعان زوجها وشهادته (ثم ثنى بالمرأة) من التثنية، وهو جعل الشيء ثانيًا بعد الأول.
5 -
قوله: (لا سبيل لك عليها) أي لا يحل لك أن تكون معها، بل هي حرمت عليك للأبد، واستدل به من قال بوقوع الفرقة بنفس اللعان من غير احتياج إلى تفريق (قال: يا رسول الله! مالي؟ ) يريد المال الذي كان قد أعطاها في المهر.
6 -
قوله: (بين أخوى بني العجلان) أي بين فردين من بني العجلان، وهما عويمر العجلاني وزوجته. وقد ذكر ابن الكلبي أنها خولة بنت عاصم، وذكر ابن مردويه وابن أبي حاتم ما يفيد أنها بنت أخي عاصم، وقد تقدم نسب عاصم، وأنه من بني العجلان (فهل منكما تائب؟ ) وفي صحيح البخاري بعده "فأبيا".
(1494)
وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكٌ. (ح)، وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: حَدَّثَكَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ» ؟ قَالَ: نَعَمْ.
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. (ح)، وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«لَاعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَامْرَأَتِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.»
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى - وَهُوَ الْقَطَّانُ -، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
(1495)
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: «إِنَّا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، فَتَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ، وَاللهِ لَأَسْأَلَنَّ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَتَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ،
أَوْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ افْتَحْ، وَجَعَلَ يَدْعُو فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} هَذِهِ الْآيَاتُ. فَابْتُلِيَ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَجَاءَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَلَاعَنَا، فَشَهِدَ الرَّجُلُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ لَعَنَ الْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، فَذَهَبَتْ لِتَلْعَنَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَهْ، فَأَبَتْ، فَلَعَنَتْ، فَلَمَّا أَدْبَرَا قَالَ: لَعَلَّهَا أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا، فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا».
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. (ح)، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، جَمِيعًا عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
8 - قوله: (وألحق الولد بأمه) أي صيره لها وحدها، ونفاه عن الزوج، ومعناه أن مثل هذا الولد لا ينسب إلى زوج أمه، ولا يرث أحدهما الآخر، أما الأم فإنها ترثه وهو يرثها. وفي صحيح البخاري في تفسير سورة النور عن نافع "إن رجلًا رمى امرأته، وانتفى من ولدها، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم فتلاعنا". فوضح أن الانتفاء سبب الملاعنة وإلحاق الولد بالأم.
10 -
قوله: (فتكلم جلدتموه) حد القذف ثمانين جلدة، لكونه قد رمى المرأة بالزنا ولم يأت عليه بأربعة شهداء (اللهم! افتح) أي بين حكم هذا (فابتلي به ذلك الرجل) يظهر من النظر في الروايات أن الابتلاء كان قد وقع قبل السؤال، ولكنه ظهر بوضوح أكثر بعد السؤال (مه) أي اسكتي ولا تكلمي بكذب فيجب عليك غضب الله (تجيء به) أي بالولد الذي هو الآن حمل (أسود جعدًا) أي حسب وصف الرجل الذي رميت به. والجعد بالفتح فالسكون، هو أن يكون الرجل ملتوي الشعر.
(1496)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:«سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَأَنَا أُرَى أَنَّ عِنْدَهُ مِنْهُ عِلْمًا، فَقَالَ: إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، وَكَانَ أَخَا الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ لِأُمِّهِ، وَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ لَاعَنَ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ: فَلَاعَنَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا قَضِيءَ الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ قَالَ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّهَا جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ» .
(1497)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، وَعِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيَّانِ - وَاللَّفْظُ لِابْنِ رُمْحٍ - قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «ذُكِرَ التَّلَاعُنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا. فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلَّا لِقَوْلِي، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا، قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبِطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدْلًا، آدَمَ كَثِيرَ اللَّحْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ بَيِّنْ، فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا،
فَلَاعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، فَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ: أَهِيَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الْإِسْلَامِ السُّوءَ».
11 - قوله: (وكان أول رجل لاعن في الإسلام) يعارضه ما تقدم من أن عويمرًا العجلاني سأل رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بواسطة عاصم أولًا ثم سأل هو مباشرة أن لو وجد رجل مع امرأته رجلًا ماذا يفعل؟ ثم نزلت آيات اللعان فلاعن هو وزوجته، فإن هذا كالصريح في كونه أول من لاعن بعد نزول اللعان، وأن آية اللعان نزلت فيه. وجمعوا بينهما بأن عاصمًا سأل قبل النزول، ثم سأل عويمر، وقد ردهما رسول الله - صلي الله عليه وسلم -، ثم جاءه هلال بن أمية، فنزلت عند سؤاله، وعقب ذلك جاء عويمر مرة ثانية، التي قال فيها:"إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به" فوجد الآية قد نزلت في شأن هلال، فأعلمه صلى الله عليه وسلم بأنها نزلت فيه، لأنها نزلت في كل من وقع له ذلك. ولا تختص بهلال، وبذلك يكون هلال أول من لاعن في الإسلام، ويكون لعان عويمر متصلًا به (سبطًا) بفتح فكسر، أي مسترسل الشعر غير ملتويه (قضيء العينين) مهموز ممدود على وزن فعيل، ومعناه فاسدهما لصغر أو حمرة أو كثرة دمع وغير ذلك (أكحل) أي أكحل العينين (جعدًا) ملتوي الشعر (حمش الساقين) بفتح الحاء وسكون الميم أي دقيقهما.
12 -
قوله: (ذكر التلاعن) المراد ذكر حكم الرجل يرمي امرأته بالزنا، فعبر عنه بالتلاعن باعتبار ما آل إليه الأمر بعد نزول الآية (فقال عاصم
…
في ذلك قولًا) وهو ما تقدم في حديث سهل بن سعد أنه سأل عن الحكم الذي سأله عويمر أن يسأل عنه، يعني قوله:"أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله فتقتلونه؟ "(مصفرًا) وفي طريق ابن جريج من حديث سهل عند البخاري: أحمر، أي أبيض مائلًا إلى الصفرة والحمرة (قليل اللحم) أي نحيف الجسم (خدلا) بفتحتين مع تشديد اللام وبفتح فسكون: ممتلىء الساقين. ولا منافاة بينه وبين ما تقدم من كونه دقيق الساقين، فإن المراد به أن تكون الدقة فيما يلي الكعبين، ويكون الامتلاء فيما فوق (آدم) من الأدمة، وهو لون يقرب من السواد (كثير اللحم) أي في جميع جسده (فلاعن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بينهما) ليس معناه أنه لاعن بعد الولادة، بل هذه الفاء معقبة بقوله:"فذهب به إلى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فأخبره بالذي وجد عليه امرأته" أي "فلاعن
…
بينهما". والجملة التي بين=
(000)
وَحَدَّثَنِيهِ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ - يَعْنِي: ابْنَ بِلَالٍ -، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:«ذُكِرَ الْمُتَلَاعِنَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَزَادَ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: كَثِيرَ اللَّحْمِ، قَالَ: جَعْدًا قَطَطًا.»
(000)
وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو - قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ، «وَذُكِرَ الْمُتَلَاعِنَانِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ ابْنُ شَدَّادٍ: أَهُمَا اللَّذَانِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُهَا؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ». قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ.
(1498)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِي: الدَّرَاوَرْدِيَّ -، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا، قَالَ سَعْدٌ: بَلَى، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ» .
(000)
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أَأُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ» .
(000)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي
= هذين معترضة (فقال رجل لابن عباس) سيأتي أنه عبد الله بن شداد بن الهاد، وهو ابن خالة ابن عباس (كانت تظهر في الإسلام السوء) أي كانت تظهر من حركاتها وسكناتها ومن يأتيها ويغشاها أنها فاحشة، لكن لم يثبت عليها ذلك ببينة ولا اعتراف. والبينة في الزنا أربعة شهود عيان. وقد قرر الله الحد بعد الثبوت بالبينة أو الاعتراف، فلذلك لم ترجم تلك المرأة مع شيوع أمرها، وإعلانها عن الفاحشة.
(
…
) قوله: (جعدًا قططًا) تقدم معنى الجعد، وهو أن يكون ملتوي الشعر، وأما القطط - بفتحتين - فهو أن يكون شعره متفلفلًا.
14 -
قوله: (قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: لا، قال سعد: بلى) لم يكن جواب سعد هذا ردًّا لقول النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان بيانًا لما كانت عليه حالة نفسه، وأنه لا يستطيع أن يصبر على مثل هذا. وكان سعد أشد الناس غيرة، ولذلك لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم. بل قال كلمة هي أقرب إلى المدح والإقرار، واختلف العلماء فيمن يقتل رجلًا في مثل هذا الحال، فقال الجمهور: يقتص منه إلا أن يأتي ببينة الزنا، أو على المقتول بالاعتراف، أو يعترف به ورثته، فلا يقتص من القاتل بشرط أن يكون المقتول محصنًا. وقال بعض السلف: لا يقتل أصلًا، ويعزر فيما فعله إذا ظهرت إمارات صدقه. وشرط أحمد وإسحاق ومن تبعهما أن يأتي بشاهدين أنه قتله بسبب ذلك.
16 -
قوله: (إنه لغيور) بالفتح من الغيرة، أي هو صاحب غيرة، وهي حمية تأخذك فيما يمس بك، ومن نتائجها =
رَجُلًا لَمْ أَمَسَّهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ. قَالَ: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ إِنَّهُ لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي».
(1499)
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي كَامِلٍ - قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ - كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ -، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:«قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ عَنْهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، فَوَاللهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللهُ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ» .
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَقَالَ: غَيْرَ مُصْفِحٍ، وَلَمْ يَقُلْ: عَنْهُ.
(1500)
وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ - وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ - قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا. قَالَ: فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ؟ قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ. قَالَ:
= منع الأهل من التعلق بأجنبي بنظر أو حديث أو غيره، والشدة عليهم وعلى الأجنبي إذا ظهر من ذلك شيء. وكان سعد بن عبادة - وهو سيد الخزرج - أشد الناس غيرة (وأنا أغير) أفعل تفضيل من الغيرة.
17 -
قوله: (لضربته بالسيف غير مصفح) هو بكسر الفاء، أي غير ضارب بصفح السيف، وهو جانبه وعرضه، بل أضربه بحده، يعني أقتله. قال في النهاية: الرواية كسر الفاء من مصفح وفتحها، فمن فتح جعلها وصفًا للسيف وحالًا منه. ومن كسر جعلها وصفًا للضارب وحالًا منه (ولا شخص أحب إليه العذر من الله) قيل: العذر بمعنى الإعذار؛ وهو إنهاء العذر بالإنذار والبيان، أي ليس أحد أحب إليه من الله أن لا يأخذ عباده حتى يبين لهم ما يتقون، ولا يترك لهم عذرًا في ذلك، فهو بمعنى قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] ويحتمل أن يكون العذر بمعنى الاعتذار، أي ليس أحد أحب إليه من الله أن يعتذر إليه العبد عما ارتكب من الذنوب، ويتوب إليه ويستغفره (ولا شخص أحب إليه المدحة) بكسر الميم، هو المدح بفتح الميم، فإذا ثبتت الهاء كسرت الميم، وإذا حذفت فتحت (من أجل ذلك وعد الله الجنة) لأنه لما وعدها ورغب فيها كثر سؤال العباد إياها منه، والثناء عليه.
18 -
قوله: (جاء رجل من بني فزارة) اسمه ضمضم بن قتادة (قال: فما ألوانها؟ قال: حمر) وعند الدارقطني: "قال: رمك". والأرمك: الأبيض إلى حمرة (فهل فيها من أورق؟ قال: إن فيها لورقًا) بضم الواو وسكون الراء، جمع أورق، وهو الذي فيه سواد ليس بحالك، بل يميل إلى الغبرة، ومنه قيل للحمامة ورقاء (نزعه عرق) بكسر العين، والمراد به هنا أصل من أصول النسب، ونزعه: جذبه، والمعنى عسى أن يكون في أصول هذه الإبل ما هو باللون=
وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ».
(000)
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. (ح)، وَحَدَّثَنِي ابْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ فَقَالَ:«يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَدَتِ امْرَأَتِي غُلَامًا أَسْوَدَ وَهُوَ حِينَئِذٍ يُعَرِّضُ بِأَنْ يَنْفِيَهُ. وَزَادَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الِانْتِفَاءِ مِنْهُ.»
(000)
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى - وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ - قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ،
أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَنَّى هُوَ؟ قَالَ: لَعَلَّهُ يَا رَسُولَ اللهِ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَهَذَا لَعَلَّهُ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ» .
(000)
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا حُجَيْنٌ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ ..
كِتَابُ الْعِتْقِ
(1501)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: حَدَّثَكَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» .
= الأورق فاجتذبه إليه، فجاء على لونه، وفي الحديث ضرب المثل، وتشبيه المجهول بالمعلوم، تقريبًا لفهم السائل، وفيه تقديم حكم الفراش على ما يشعر به مخالفة الشبه، وفيه الاحتياط للأنساب، وإبقاؤها مع الإمكان والزجر عن تحقيق ظن السوء، وفيه أن التعريض بالقذف لا يثبت به حكم القذف حتى يقع التصريح، خلافًا للمالكية.
19 -
قوله: (يعرض بأن ينفيه) بتشديد الراء من التعريض، وهو ذكر شيء يفهم منه شيء آخر لم يذكر، والنفي هو إنكار أن يكون الولد منه.
20 -
قوله: (وإني أنكرته) أي استنكرته بقلبي، ولم يرد أنه أنكر كونه ابنه بلسانه، وإلا لكان تصريحًا بالنفي لا تعريضًا، ووجه التعريض أنه قال:"غلامًا أسود" أي وأنا أبيض، فكيف يكون مني؟
(كتاب العتق) بكسر العين وسكون التاء المثناة من فوق، هو منح الحرية وإزالة الملك عن الآدمي تقربًا إلى الله.
1 -
قوله: (من أعتق شركًا له) بكسر الشين وسكون الراء، أي حصة ونصيبًا (يبلغ ثمن العبد) أي قيمة ما بقي من رقبته في الرق (قوم عليه) مبني للمفعول من التقويم، أي تقدر قيمة ذلك العبد قيمة عدل بحيث لا تكون فيها زيادة ولا نقصان نظرًا إلى العرف (فأعطى شركاءه حصصهم) أي فيعطي ذلك المعتق - بكسر التاء - شركاءه قيمة حصصهم، =