الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
هل طيب الخلوف في الدنيا والآخرة أم في الآخرة فقط؟
قال بعضهم: إن ذلك عام في الدنيا والآخرة.
وقال بعضهم: إن ذلك خاص بالآخرة
(1)
.
دليل من قال: ذلك خاص في الآخرة
.
(705 - 41) استدل بما رواه مسلم، قال: حدثني محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني عطاء، عن أبي صالح الزيات، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث يومئذ، ولا يسخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه
(2)
.
(1)
قال النووي في المجموع: " وقع نزاع بين الشيخ أبي عمرو بن الصلاح، والشيخ أبي محمد بن عبد السلام رضي الله عنهما في أن هذا الطيب في الدنيا والآخرة أم في الآخرة؟ فقال أبو محمد: في الآخرة خاصة لقوله صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يوم القيامة. وقال أبو عمرو: هو عام في الدنيا والآخرة، واستدل بأشياء كثيرة» اهـ ثم ذكر أدلته على ذلك
(2)
حديث أبي هريرة، رواه عنه جماعة، ولم يذكروا: يوم القيامة. منهم
الأول: الأعرج، كما في موطأ مالك (1/ 310)، والبخاري (1894)، والبيهقي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (4/ 304)، والبغوي (1712).
الثاني: سعيد بن المسيب كما عند عبد الرزاق (7891)، وأحمد (2/ 281)، والبخاري (5927)، ومسلم (161ـ1151)، والترمذي (764)، والنسائي في الصغرى (2218)، وفي الكبرى (3261)، والبيهقي (4/ 304).
الثالث: همام بن منبه، كما عند عبد الرزاق (4/ 306) رقم 7892، وأحمد (2/ 313).
الرابع: محمد بن زياد، كما في مسند أبي داود الطيالسي (2485)، وأحمد (2/ 457،467،504)، والبخاري في الصحيح (7538) وفي خلق أفعال العباد (1/ 95)، والمعجم الأوسط للطبراني (9040)، وابن الجعد في مسنده (ص: 174).
الخامس: محمد بن سيرين، كما عند أحمد (2/ 234،395،410،516).
السادس: أبو سلمة كما عند أحمد (2/ 475،501) والدارمي (2/ 39) 1769، ومسند الحارث كما في بغية الباحث (1/ 410) من طريقين، عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
السابع: جابر بن زيد، كما في مسند الربيع بن حبيب (ص: 133) رقم 327
الثامن: قيس بن أبي حازم، كما في الفوائد لابن منده (ص: 69) رقم 46، ومسند إسحاق بن راهوية (1/ 266).
التاسع: موسى بن يسار. كما عند أحمد (2/ 257) من طريق محمد بن إسحاق، وأخرجه أيضاً (2/ 485) ثنا عبد الرحمن، عن داود بن قيس، عن موسى به. واختلف عليه. وسيأتي بيانه إن شاء الله.
العاشر: سلمان الأشجعي: أبو حازم. كما عند أحمد (2/ 347). إلا أنه موقوف.
الحادي عشر: داود بن فراهيج. كما عند أحمد (2/ 458) وسنده صحيح.
الثاني عشر: عجلان مولى المشمعل، وقيل: مولى حكيم. وقيل: مولى حماس. كما في مسند أبي داود الطيالسي (2367)، والمسند لأحمد (2/ 505) وسنده حسن. ومسند ابن الجعد (ص: 410).
الثالث عشر: مجاهد، كما في معجم الأوسط للطبراني (4869) من طريق ليث، عنه. وفيه ضعف.
فهؤلاء اثنا عشر راوياً رووه عن أبي هريرة، مرفوعاً، ولم يذكروا:" يوم القيامة ". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه أبو صالح الزيات، عن أبي هريرة، واختلف على أبي صالح.
فرواه الأعمش، وروايته في الصحيحين، وسيأتي بيان من رواه في تحقيق لفظة:"حين يخلف" في أدلة القول الثاني إن شاء الله، فراجعها مشكوراً.
وأبو سنان، كما في مصنف ابن أبي شيبة (2/ 272) رقم 8893، ومسند أبي يعلى (1005)، ومسند أحمد (2/ 232)(3/ 5)، وصحيح مسلم (1151) وسنن النسائي الصغرى (2213)، وفي الكبرى (2/ 90) رقم 2523، والمنتخب من مسند عبد بن حميد (ص: 288)، والمعجم الأوسط للطبراني (4892)، وابن خزيمة (1900).
وسهيل بن أبي صالح، كما عند ابن خزيمة (1897) مطولاً. ورواه أحمد (2/ 419)، والترمذي (766)، إلا أنهما اختصراه.
والمنذر بن عبيد، كما في سنن النسائي الصغرى (2214)، والكبرى (2524) أربعتهم رووه عن أبي صالح، عن أبي هريرة، بدون قوله:" يوم القيامة " موافقين لرواية الجماعة، عن أبي هريرة.
ورواه ابن جريج، عن أبي صالح، واختلف على ابن جريج.
فرواه هشام بن يوسف، كما في صحيح البخاري (1904)، عن ابن جريج، عن أبي صالح، عن أبي هريرة بدون ذكر:" يوم القيامة ".
ورواه عبد الرزاق كما في مسند أحمد (2/ 273)، وصحيح مسلم (1151).
ومحمد بن حجاج المصيصي، كما في سنن النسائي الصغرى (2216)، والكبرى (2526).
وروح بن عبادة، كما عند أحمد (2/ 516)، وسنن البيهقي (4/ 170).
ومحمد بن بكر البرساني، كما في صحيح ابن خزيمة (1896) وابن حبان (3423)، وفي مسند أحمد مقروناً بعبد الرزاق (2/ 273). أربعتهم رووه عن ابن جريج، عن أبي صالح، عن أبي هريرة بذكر يوم القيامة.
ورواه عنه ابن المبارك، كما في سنن النسائي الصغرى (2217)، والكبرى (2527)، عن ابن جريج ولم يذكر يوم القيامة إلا أنه خالف في إسناده، فقال، عن ابن جريج قراءة عن عطاء الزيات أنه سمع أبا هريرة. فجعل بدلاً من أبي صالح عطاء الزيات.
ورواه سعيد بن ميناء، كما في مسند أحمد بسند صحيح واختلف عليه فيه: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فرواه أحمد (2/ 461) قال: ثنا عبد الرحمن ـ يعني ابن مهدي ـ قال: ثني سليم بن حيان، عن سعيد، قال: سمعت أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. وليس فيه يوم القيامة.
ورواه بهز، كما في مسند أحمد (2/ 306) وعفان في المسند أيضاً (2/ 407) كلاهما، عن سليم بن حيان به. بذكر يوم القيامة.
ورواه موسى بن يسار، عن أبي هريرة، واختلف على موسى أيضاً:
فرواه أحمد (2/ 532)، وإسحاق بن راهوية في مسنده (1/ 455) قالا: ثنا عبد الله بن الحرث ثنا داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك
وخالفه عبد الرحمن بن مهدي فأخرجه أحمد (2/ 485) عنه، عن داود بن قيس به بدون ذكر يوم القيامة.
وتابعه محمد بن إسحاق، فأخرجه أحمد (2/ 257) حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن موسى بن يسار به بدون ذكر يوم القيامة.
ورواه بشير بن نهيك، رواه أحمد (2/ 306) قال: ثنا بهز، ثنا، همام، ثنا قتادة، عن بشير بن نهيك، ولا أظنه إلا عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك،
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: خلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك.
هذا ما وقفت عليه ممن ذكر يوم القيامة، وممن لم يذكرها، فتبين لي أن أكثر الرواة على عدم ذكرها، وقد وقفت على اثني عشر راوياً روى الحديث عن أبي هريرة بدون ذكرها. منهم أخص أصحاب أبي هريرة كالأعرج، وسعيد بن المسيب وغيرهما.
وأما أبو صالح السمان، فاختلف عليه، فرواه أربعة عنه بدون ذكرها، ورغم أنه لم يخالفهم إلا ابن جريج فقد اختلف على ابن جريج، وحديثه في البخاري بدونها.
وما عداهم، فهناك ثلاثة، موسى بن يسار، واختلف عليه. وسعيد بن ميناء، واختلف عليه أيضاً. وبشير بن نهيك. ولذا أرى أن الراجح أن قوله:" يوم القيامة " ليست محفوظة. والله أعلم.
الشاهد قوله: " أطيب عند الله يوم القيامة " فجعل ذلك يوم القيامة.
وتعليل آخر:
أن يوم القيامة هو يوم الجزاء، وفيه يظهر رجحان الخلوف في الميزان على المسك.
الدليل الثاني:
(706 - 42) استدلوا بما رواه البخاري، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم والريح ريح المسك. هذا لفظ البخاري، ورواه مسلم
(1)
.
فأخبر صلى الله عليه وسلم عن رائحة المكلوم في سبيل الله عز وجل بأنه كريح المسك يوم القيامة، وهو نظير إخباره عن خلوف فم الصائم؛ فإن الحس يدل على أن هذا دم في الدنيا، وهذا خلوف له، ولكن يجعل الله رائحة هذا وهذا مسكاً في يوم القيامة
(2)
.
والذين قالوا بأنه عام في الدنيا والآخرة لا يعارضون هذا الاستدلال، بل يقولون به، ولكنهم لا يخصون هذا في الآخرة، بل يجعلونه عاماً.
(1)
صحيح البخاري (2803)، ومسلم (1876).
(2)
الوابل الصيب (ص: 58).