الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
بعد أن يسر الله لنا المرور على أحكام السواك الفقهية والحديثية يتبين لنا عظمة هذا الدين، {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً}
(1)
.
ففي نظافة الفم، وعناية الشارع به، مر علينا أكثر من مائة حديث، مع الشواهد، ولا أعني المتابعات، وإن كنت لم أعط الشوهد في الحاشية أي نصيب من الترقيم، ومر علينا أربعين مسألة فقهية، وستة عشر فائدة، أغلبها فقهي، فيكون المجموع ستة وخمسين مسألة، في هذا الجانب اليسير، والذي يتعلق في طهارة جزء من البدن، وهو الفم. فالله الحمد كما ينبغي لوجهه، وعظيم سلطانه أن وفقنا إلى هذا الدين الحنيف، والذي أسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن يميتنا عليه بمنه وكرمه. والله الموفق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وقد تبين لي فوئد جمة من خلال البحث، أوجزها فيما يلي:
الأولى: أن مباحث السواك، كان للفقهاء رحمهم الله توسع كبير فيما يكره، ويستحب دون أن يكون لذلك ضابط شرعي.
الثانية: أن السواك كان في شريعة من قبلنا.
الثالثة: أن العبادات، قد تكون يسيرة، ويرتب عليها ثواب عظيم، كالسواك، فإنه مرضاة للرب.
الرابعة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يواظب على السواك في جميع أحواله، عند دخوله إلى البيت، وعند قيامه من النوم، وعند الصلوات، وعند الوضوء.
الخامسة: لو حافظ المسلم على السواك في جميع الأوقات التي يتأكد فيها، لكان معنى ذلك أن يستاك في اليوم أكثر من عشر مرات. وذلك عند الوضوء، وعند الصلوات الخمس، وعند السنن منها، وعند القيام من النوم، وعند دخول المنزل، ويوم الجمعة، وعند قراءة القرآن، وبعد تناول الطعام، وكل ما يغير الفم.
السادسة: لا حرج في ذكر الفوائد الصحية لبعض العبادات، وإن كان بعض
(1)
النساء: 82.
الصالحين قد يكره ذلك، ويقول: إننا نفعل العبادة ليست خدمة للجسم، وإنما قربة وطاعة، وهذا المعنى صحيح، لكن لا يمنع أن تذكر الفوائد الصحية ولا تنافي أن الباعث على ذلك مرضاة الله، وحديث السواك:" مطهرة للفم مرضاة للرب " شاهد على ذلك، وإن كان المسلم يعلم حق العلم أن الشرع لا يأمر إلا ما فيه منفعة وفائدة، ولا ينهى إلا عن شيء مؤذ وضار.
{إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعضكم لعلكم تذكرون}
(1)
.
السابعة: وردت أحاديث في فضل السواك عن الصلاة بغير سواك، وهي أحاديث كثيرة، وقد اختلف العلماء فيها. والراجح أن الأحاديث ضعيفة.
الثامنة: لم يثبت لي أن السواك من سنن الفطرة، والحديث الوارد في مسلم تكلم فيه الإمام أحمد.
التاسعة: الأحاديث الواردة في التسوك بالأصبع لا يصح منها، شيء، ولكن الذي ينظف فاه بأصبعه خير من الذي لا ينظف فاه أبداً، ولكن لا يحصل له الثواب المترتب على السواك؛ لأنه دونه في التطهير، لكن يحصل له من الأجر بقدر ما يحصل له من الإنقاء، والتسوك بالأصبع يناسب إذا كان مع المضمضة، فإنه لا شك أنه مع الماء يحصل به قدر من نظافة الفم وتطهيره، واعتبره بعض المالكية من الدلك المشروع في الوضوء
العاشرة: السواك أفضل من الفرشاة، وهذا الأمر ثابت طبياً.
الحادي عشرة: الراجح أن السواك ليس بواجب، بل هو سنة مؤكدة.
الثانية عشرة: اختلف في وجوب السواك على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يبعد تأكيد السواك في حقه صلى الله عليه وسلم، لأنه يناجي من لا نناجي، وقد جاء حديث في إسناده اختلاف. والله أعلم.
الثالثة عشرة: خلاف داود، وابن حزم خلاف معتبر، وعدم الاعتداد بخلافهما
(1)
النحل: 90.
من التعصب المذهبي المجانب للصواب.
الرابعة عشرة: لا يكره السواك للصائم مطلقاً لا برطب السواك، ولا يابسه، ولا قبل الزوال، ولا بعده.
الخامسة عشرة: الخلوف أطيب عند الله في الدنيا وفي الآخرة من ريح المسك، وليس خاصاً في الآخرة.
السادسة عشرة: لا يكره التسوك في المسجد، ولا يشرع التسوك من أجل الدخول، بل من أجل الصلاة.
السابعة عشرة: لا يكره التسوك بحضرة الناس.
الثامنة عشرة: لا يكره التسوك في الخلاء.
التاسعة عشرة: لا تشرع التسمية للسواك.
العشرون: الأفضل والله أعلم أن يكون تسوكه قبل المضمضة سواء كان بعد غسل الكفين أو قبل الشروع في الوضوء؛ وذلك لأن السواك إذا نظف الأسنان، ثم جاءت بعده المضمضة، ومج الماء يكون قد سقط كل أذى اقتلعه السواك من الأسنان أو اللثة. والله أعلم.
الحادية والعشرون: لا يشرع التسوك للغسل ولا للتيمم، لعدم الدليل.
الثانية والعشرون: لا يستحب السواك لسجود التلاوة والشكر، لعدم الدليل، ولا يعتبر سجودهما صلاة على الراجح.
الثالثة والعشرون: ذكر الأطباء بأن السواك عرضاً يضر بالأسنان، لذا يستحب السواك طولاً من أجل كلامهم والله أعلم.
الرابعة والعشرون: يمسك السواك إن شاء باليد اليمنى وإن شاء باليد اليسرى، ولا يوجد نص في المسألة، والأمر فيها واسع.
الخامسة والعشرون: لا يستحب وضع السواك في موضع الأذن، ولم نتعبد بهذا. والحديث الوارد عن الرسول ضعيف، ولم يثبت كذلك عن زيد بن خالد الجهني. والله أعلم.
السادسة والعشرون: أقل ما يحصل به التسوك مرة واحدة، وبه يتحقق الامتثال، وكلما أكثر كان أفضل.
السابعة والعشرون: لا يحتاج التسوك إلى نية، وقد يقال: إذا كان التسوك لتحصيل السنة، كالتسوك عند الصلاة، والفم نظيف احتاج إلى نية. وأما غيره فلا.
الثامنة والعشرون: لم يتبين لي من حيث السنة جواز التسوك بسواك الغير، وما ورد فيه لا يدل عليه، لأن التسوك بسواك الرسول، لا يؤخذ منه هذه الفائدة، والرسول صلى الله عليه وسلم ليس كغيره.
التاسعة والعشرون: إذا أعطي السواك للغير، بدئ بالأكبر، وليس بالأيمن
الثلاثون: لا يشرع الدعاء عند ابتداء السواك، وليس فيه لا ذكر مطلق، ولا مقيد.
الحادية والثلاثون: لا يشرع التسوك، والإمام قد دخل في الصلاة، بل المشروع إذا كبر الإمام أن يكبر المأموم.
الثانية والثلاثون: لا بأس بالوضوء من فضل السواك.
الثالثة والثلاثون: يستحب أن يعود الصبي للسواك حتى يألفه.
الرابعة والثلاثون: يستحب أن يقطع المتسوك الجزء المستخدم من السواك بعد أربعين وعشرين ساعة، وذلك كما أثبته أحد الباحثين طبياً.
هذه جل الفوائد الفقهية التي خرجت بها من البحث.
أما الفوائد الحديثية، فهي كالتالي:
الأولى: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب حديث حسن.
الثانية حديث ابن عباس: ما زال النبي يأمرنا به حتى خشينا أن ينزل عليه فيه. حديث حسن.
الثالثة: حديث فضل الصلاة بسواك على الصلاة بغير سواك سبعين ضعفاً. حديث ضعيف.
الرابعة: حديث عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة قص
الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، الخ الحديث. المحفوظ أنه من قول طلق، ورفعه شاذ.
الخامسة: حديث ابن عباس في قوله عز وجل: {وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} قال: ابتلاه الله عز وجل بالطهارة، خمس في الرأس وخمس في الجسد: في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك الخ الحديث. إسناده صحيح
السادسة: حديث أبي أيوب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربع من سنن المرسلين التعطر والنكاح والسواك والحياء. إسناده ضعيف
السابعة: حديث ابن مسعود أنه كان يجتني سواكاً من الأراك. حديث صحيح.
الثامنة: أبي خيرة الصنابحي، قال: كنا في الوفد الذين أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، من عبد القيس، فزودنا الأراك نستاك به. حديث ضعيف جداً.
التاسعة: معاذ بن جبل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة يطيب الفم ويذهب بالحفر وهو سواكي وسواك الأنبياء قبلي. حديث موضوع.
العاشرة: حديث ضمرة بن حبيب: قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السواك بعود الريحان والرمان، وقال: يحرك عرق الجذام. إسناده ضعيف
الحادية عشرة: بينا نحن جلوس مع أمير المؤمنين على في المسجد على باب الرحبة، جاء رجل فقال: أرني وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عند الزوال فدعا قنبر، فقال: ائتني بكوز من ماء فغسل كفيه ووجهه ثلاثا، وتمضمض ثلاثا فادخل بعض أصابعه في فيه، الحديث. إسناده ضعيف جداً، وذكر إدخال الأصبعين في فيه منكر.
الثانية عشرة: حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: يجزئ من السواك الأصابع إسناده ضعيف جداً.
الثالثة عشرة: عمرو بن عوف المزني، عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأصابع تجري مجرى السواك إذا لم يكن سواك. الحديث ضعيف جداً.
الرابعة عشرة: حديث عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله الرجل يذهب فوه يستاك؟ قال: نعم. قلت: كيف يصنع؟ قال: يدخل إصبعه في فيه. إسناده ضعيف.
الخامسة عشرة: أثر كان عثمان إذا توضأ يسوك فاه بأصبعه. إسناده ضعيف.
السادسة عشرة: علي رضي الله تعالى عنه، قال: أمرنا بالسواك، وقال: إن العبد إذا قام يصلي أتاه الملك، فقام خلفه يستمع القرآن، ويدنو فلا يزال يستمع ويدنو، حتى يضع فاه على فيه الحديث. وإسناده صحيح.
السابعة عشرة: حديث عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم، ومرضاة للرب. الحديث حسن، دون زيادة عليكم بالسواك، فإنها منكرة.
الثامنة عشرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أمر بالوضوء لكل صلاة طاهراً كان أو غير طاهر، فلما شق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسواك عند كل صلاة الحديث. في إسناده اختلاف.
التاسعة عشرة: حديث عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث هن علي فريضة وهو لكم سنة: الوتر، والسواك،، وقيام الليل. إسناده ضعيف جداً.
العشرون: حديث ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أمرت بالسواك حتى خفت على أسناني. حسن بالمجموع.
الحادية والعشرون: حديث عامر بن ربيعة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أعد وما لا أحصى يستاك وهو صائم. حديث ضعيف.
الثانية والعشرون: حديث عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خير خصال الصائم السواك. إسناده ضعيف.
الثالثة والعشرون: حديث أيستاك الصائم؟ قال نعم: قلت: برطب السواك ويابسه؟ قال: نعم. قلت: أول النهار وآخره. قال: نعم. ضعيف.
الرابعة والعشرون: حديث سألت معاذ بن جبل، أتسوك وأنت صائم؟ قال: نعم. قلت: أي النهار أتسوك؟ قال: أي النهار شئت. حديث ضعيف.
الخامسة والعشرون: حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم تسوك، وهو صائم. حديث حسن.
السادسة والعشرون: أثر ابن عمر أنه لم يكن يرى به باساً بالسواك للصائم. إسناده صحيح.
السابعة والعشرون: شذوذ كلمة: " يوم القيامة " من حديث: " ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك ".
الثامنة والعشرون: شذوذ لفظة: " حين يخلف " من حديث ولخلوف فم الصائم حين يخلف من الطعام أطيب عند الله من ريح المسك.
التاسعة والعشرون: حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أعطيت آمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي أما واحدة فإذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا وأما الثانية فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك. الحديث ضعيف.
الثلاثون: حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله عز وجل فهو أبتر أو قال أقطع. إسناده ضعيف، ومتنه مضطرب.
الحادية والثلاثون: حديث ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام إلا والسواك عنده فإذا استيقظ بدأ بالسواك. إسناده حسن إن شاء الله تعالى.
الثانية والثلاثون: حديث أبي هريرة كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام ليلة ولا ينتبه إلا استن. حديث ضعيف. إسناده ضعيف.
الثالثة والثلاثون: حديث عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرقد ليلاً ولا نهاراً إلا تسوك قبل أن يتوضأ. إسناده ضعيف.
الرابعة والثلاثون: حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقد، فإذا استيقظ تسوك، ثم توضأ، ثم صلى ثمان ركعات يجلس في كل ركعتين، فيسلم، ثم يوتر بخمس ركعات لا يجلس إلا في الخامسة، ولا يسلم إلا في الخامسة. رجاله ثقات إلا أن ذكر
السواك فيه شاذ.
الخامسة والثلاثون: حديث زيد بن خالد الجهني قال: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من شيء لشيء من الصلوات حتى يستاك. إسناده ضعيف.
السادسة والثلاثون: حديث بهز قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك عرضاً، ويشرب مصاً، ويتنفس ثلاثاً، ويقول: هو أهنأ وأمرأ وأبرأ. حديث ضعيف.
السابعة والثلاثون: حديث عن عائشة أنها قالت:
كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره ولطعامه وكانت اليسرى لخلائه وما كان من أذى. الحديث الراجح فيه إن إسناده منقطع.
الثامنة والثلاثون: حديث جابر بن عبد الله قال: كان السواك من أذن النبي صلى الله عليه وسلم موضع القلم من أذن الكاتب. حديث معلول.
هذا ما خلصت إليه من نتائج في بحث السواك، والتي أرجو من الله العلي القدير أن أكون وفقت في كثير منها إلى الحق، وأن يغفر لي ما حصل في ذلك من تقصير وزلل، وهو الأصل في عمل الإنسان
كما قال سبحانه {إنه كان ظلوماً جهولاً}
(1)
.
والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(1)
الأحزاب: 72.