الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
في التسوك بالعود وأي السواك به أفضل
لا يختلف الفقهاء بأن المستحب أن يكون السواك عوداً ليناً ينقي الفم، ولا يجرحه، ولا يضره، ولا يتفتت فيه، واختلفوا في أي الأعواد أفضل.
فقيل: أفضل السواك الأراك. وهو مذهب الجمهور
(1)
.
(1)
جاء في الفتاوى الهندية (1/ 8): " السواك، ينبغي أن يكون من أشجار مرة؛ لأنه يطيب نكهة الفم، ويشد الأسنان، ويقوي المعدة، وليكن رطباً في غلظ الخنصر، وطول الشبر ". اهـ وانظر بريقة محمودية (4/ 188) قال: " وأما نفسه، فأي شجر كان، أراكاً أو غيره، وإن كان الأولى الأراك " اهـ.
وفي المذهب المالكي، قال الخرشي (1/ 139):" وأفضل السواك الأراك، أخضر أو يابساً". اهـ وانظر حاشية العدوي (1/ 232).
وقال في التاج والإكليل (1/ 380): " قال السواك فضيلة، بقضيب الشجر، وأفضلها الأراك".
وقال في مواهب الجليل (1/ 265): " وأما آلته فهي عيدان الأشجار؛ لأنه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة الصالحين ". اهـ وانظر حاشية الدسوقي (1/ 102)، والشرح الصغير (1/ 124). وقال في التمهيد (7/ 201):" والسواك المندوب إليه هو المعروف عند العرب، وفي عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الأراك، والبشام، وكل ما يجلو الأسنان إذا لم يكن فيه صبغ ولون فهو مثل ذلك ". اهـ وقال أيضاً (11/ 213): " سواك القوم كان من الأراك والبشام. قال ابن عبد البر: وكل ما جلا الأسنان ولم يؤذها، ولا كان من زينة النساء فجائز الاستنان به ".
وفي المذهب الشافعي، قال النووي في المجموع (1/ 336):" قال أصحابنا: يستحب أن يكون السواك بعود، وأن يكون العود من أراك. قال الشيخ نصر المقدسي: الأراك أولى من غيره، ثم بعده النخيل أولى من غيره ". اهـ
وقال الرملي من الشافعية (1/ 179): " ويحصل السواك بكل خشن مزيل، لكن العود =
(673 - 9) واستدلوا بما رواه أحمد، قال: ثنا عبد الصمد وحسن بن موسى، قالا: ثنا حماد، عن عاصم، عن زر بن حبيش،
عن ابن مسعود أنه كان يجتني سواكاً من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مم تضحكون؟ قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه، فقال: والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد.
[إسناده حسن، والحديث صحيح]
(1)
.
= أولى، والأراك منه أولى ". حاشية البيجرمي على الخطيب (1/ 123).
وقال الشوكاني: ويستحب أن يستاك بعود من أراك. اهـ نيل الأوطار (1/ 133).
(1)
فيه عاصم بن أبي النجود، حسن الحديث، إلا أن رواية أحمد كما ذكر الحافظ في التلخيص (1/ 120): موقوفة على ابن مسعود أنه كان يجتني سواكاً من أراك، ولم يقل: إنه كان يجتنيه للرسول صلى الله عليه وسلم، بخلاف رواية غيره.
والحديث أخرجه الطيالسي (355) حدثنا حماد بن سلمة به.
ورواه أبو يعلى الموصلي (5310) من طريق روح بن عبادة. ورواه أيضاً (5365) من طريق عفان، كلاهما عن حماد به. وعفان من أثبت أصحاب حماد.
ورواه الشاشي (661) من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد به.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 127) من طريق الحجاج بن منهال وعفان، كلاهما، عن حماد به.
وأخرجه الطبراني في الكبير (9/ 78) ح 8452 من طريق حجاج بن منهال به.
وأخرجه ابن حبان (7069) من طريق عفان به.
وتابع زائدة حماد بن سلمة، وأخرجه ابن أبي شيبة (6/ 384) رقم 32229 حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني زائدة، عن عاصم به.
وللحديث شواهد: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الشاهد الأول: حديث قرة بن إياس.
أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 28) رقم 59، قال: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، ثنا علي بن المديني، ثنا سهل بن حماد أبو عتاب الدلال، ثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه قال: كان بن مسعود على شجرة يجني لهم منها، فهبت الريح، فكشفت عن ساقيه، فضحكوا من دقة ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد.
وأخرجه الصيداوي في معجم الشيوخ (ص: 135) حدثنا أبو عتاب، حدثنا شعبة به.
وأخرجه ابن الجعد في مسنده (ص: 168) رقم 1092 حدثنا عباس بن محمد، نا أبوعتاب الدلال به. وأخرجه الدوري في تاريخ ابن معين من روايته (3/ 59) رقم 225 نا أبو عتاب الدلال سهل بن حماد به. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات إلا أبا عتاب، وهو صدوق.
وأخرجه الحاكم (3/ 317) والخطيب في تاريخ بغداد (1/ 148) من طريق عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا أبو عتاب به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
وقال الهيثمي في المجمع (9/ 289)" رواه البزار والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح". اهـ
الشاهد الثاني: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه
رواه أحمد في مسنده (1/ 114)، قال: ثنا محمد بن فضيل، ثنا مغيرة، عن أم موسى، قالت: سمعت علياً رضي الله تعالى عنه يقول: أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود، فصعد علي شجرة، أمره أن يأتيه منها بشيء، فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله بن مسعود حين صعد الشجرة فضحكوا من حموشة ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تضحكون؟ لَرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، إلا أم موسى لم يرو عنها إلا مغيرة بن مقسم الضبي، قال: الدارقطني حديثها مستقيم يخرج حديثها اعتباراً. اهـ روى لها البخاري في الأدب وأبو داود والنسائي وابن ماجه. تهذيب الكمال (35/ 388).
وذكرها ابن سعد في الطبقات الكبرى، ولم يذكر فيها شيئاً. الطبقات (8/ 485). =
الدليل الثاني:
(674 - 10) روى أحمد بن عمرو بن الضحاك، قال: حدثنا خليفة بن خياط، ثنا عون بن كهمس بن الحسن، عن داود بن المساور، ثنا مقاتل بن همام، عن أبي خيرة الصنابحي، قال:
كنا في الوفد الذين أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، من عبد القيس، فزودنا الأراك نستاك به. فقلنا يا رسول الله عندنا الجريد، ولكن نقبل كرامتك وعطيتك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم غفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير خزايا ولا موتورين
(1)
.
وفي رواية للطبراني، وفيه:" ثم أمر لنا بأراك فقال: استاكوا بهذا ".
[إسناده ضعيف جداً، ومتنه منكر، وقصة وفد عبد القيس في
= وقال الهيثمي: رجالهم رجال الصحيح، غير أم موسى، وهي ثقة. اهـ مجمع الزوائد (9/ 288،289).
تخريج رواية أم موسى
أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 384) رقم 32232 حدثنا محمد بن فضيل به، ومن طريق محمد بن فضيل أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 155)، والبخاري في الأدب المفرد (237) وأبو يعلى (539).
وأخرجه أبو يعلى الموصلي (595) والطبراني (9/ 95) رقم 8516 من طريق جرير، عن مغيرة به.
وأظن أن مغيرة لم يسمعه من أم موسى، وإنما سمعه من إبراهيم النخعي، فقد أخرج الخطيب البغدادي (7/ 191) من طريق هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن أم موسى، عن علي. وعلى كل سواء كان سمعه من مغيرة، أو من أم موسى، فالساقط مقبول.
(1)
الآحاد والمثاني (3/ 258) رقم 1625.
الصحيحين، وليس فيها ذكر السواك]
(1)
.
(1)
في الإسناد عون بن كهمس.
ذكره البخاري وابن أبي حاتم، وسكتا عليه، فلم يذكرا فيه شيئاً. التاريخ الكبير (7/ 18)، والجرح والتعديل (6/ 388).
وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 515).
وقال الذهبي: ثقة. الكاشف (2/ 102)، ولا أعلم أحداً سبق الذهبي غير ابن حبان، ومذهب ابن حبان معروف.
وقال الحافظ في التقريب: مقبول: أي في المتابعات، وإلا فلين، ولا أعلم أحداً تابعه على هذا الحديث، بل متنه مخالف لما في الصحيحين من قصة وفد عبد القيس. والله أعلم.
وفيه أيضاً داود بن المساور:
ذكره البخاري في التاريخ الكبير (3/ 237)، وسكت عليه.
وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يذكر فيه شيئاً، ولم يذكر راوياً عنه إلا عون بن كهمس.
وذكره ابن حبان في الثقات. (8/ 234)، ولا أعلم أحداً وثقه غيره، فهو مجهول.
ومقاتل بن همام:
ذكره البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه شيئاً، وما ذكرا راوياً عنه إلا داود بن المساور. التاريخ الكبير (8/ 13)، الجرح والتعديل (8/ 353). ولم يوثقه أحد.
وقال الهيثمي: إسناده حسن!! مجمع الزوائد (2/ 100).
تخريج الحديث:
ذكره البخاري في الكنى (1/ 28)، قال خليفة بن خياط، حدثنا عون به.
ورواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 368) رقم 924. من طريق شباب العصفري، ثنا عون بن كهمس به. ورواه أيضاً (22/ 368) رقم 923، من طريق محمد بن حمران بن عبد العزيز القيسي، ثنا داود بن المساور به. وذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى (7/ 87) أخبرت عن خليفة بن خياط، قال: حدثنا عون بن كهمس به. وذكر الحديث ابن عبد البر في الاستيعاب (8/ 1643). =
القول الثاني:
قالوا: لا فرق بين الأراك، والعرجون والزيتون، وهو مذهب الحنابلة.
قال في الإنصاف: " التساوي بين جميع ما يستاك به، وهو المذهب وعليه الأصحاب
(1)
.
وقال البهوتي: " السواك من أراك أو عرجون أو زيتون أو غيرها، واقتصر كثير من الأصحاب على الثلاثة، وذكر الأزجي لا يعدل عن الأراك والزيتون والعرجون إلا لتعذره "
(2)
.
هذا الاختلاف فيما يتعلق بتقديم الأراك على غيره.
وأما غير الأراك كالنخيل والزيتون، ونحوهما، فأيهما أفضل؟
اختلف في ذلك على قولين:
القول الأول:
قيل: يأتي بعد الأراك في الأفضلية جريد النخل، ثم الزيتون، وبه قالت
= وقال الحافظ في الإصابة (7/ 111) أخرج البخاري في التاريخ مختصراً، وخليفة الدولابي، والطبراني، وأبو أحمد الحاكم من طريق داود بن المساور، عن مقاتل بن همام، عن أبي خيرة الصنابحي، وذكر الحديث. وسكت عليه الحافظ هنا، كما سكت عليه في التلخيص (1/ 71).
(1)
الإنصاف (1/ 119).
(2)
قال في المحرر (1/ 10): ويستاك عرضا بعود أراك أو زيتون أو عرجون لا يجرح الفم ولا يتفتت ". اهـ وانظر كشاف القناع (1/ 73)، والإنصاف (1/ 119)، إلا أن ابن مفلح قال في الفروع (1/ 126):" ويتوجه احتمال أن الأراك أولى لفعله عليه السلام ". اهـ وانظر الكافي (1/ 22).
المالكية
(1)
، والشافعية
(2)
.
(675 - 11) واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري، قال: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:
توفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري، وكانت إحدانا تعوذه بدعاء إذا مرض، فذهبت أعوذه فرفع رأسه إلى السماء وقال: في الرفيق الأعلى، في الرفيق الأعلى، ومر عبد الرحمن بن أبي بكر، وفي يده جريدة رطبة، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فظننت أن له بها حاجة، فأخذتها، فمضغت رأسها، ونفضتها، فدفعتها إليه فاستن بها كأحسن ما كان مستنا، ثم ناولنيها، فسقطت يده، أو سقطت من يده فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة
(3)
.
الشاهد من الحديث:
قولها رضي الله عنها، وفي يده جريدة رطبة، ثم قالت:" فاستن بها تعني النبي صلى الله عليه وسلم ".
(1)
قال الخرشي بعد أن ساق مذهب الشافعية (1/ 139): " والظاهر أن مذهبنا لا يخالف في ذلك ". وانظر الشرح الصغير (1/ 124).
(2)
قال النووي في المجموع (1/ 336): " قال أصحابنا يستحب أن يكون السواك بعود، وأن يكون بعود أراك، قال الشيخ نصر المقدسي: الأراك أولى من غيره، ثم بعده النخل أولى من غيره ". اهـ وقال في أسنى المطالب (1/ 37): " وأولاه ـ يعني السواك ـ الأراك اتباعاً، ثم بعده النخل من غير الأراك ". اهـ الغرر البهية شرح البهجة الوردية ـ زكريا الأنصاري (1/ 108)، تحفة المحتاج ـ الهيتمي (1/ 215)، مغني المحتاج (1/ 55).
(3)
صحيح البخاري (4296).