الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الاستدلال:
قوله: " حين يخلف " وقد ترجم ابن حبان في صحيحه لهذا الحديث بقوله: " ذكر البيان بأن خلوف فم الصائم قد يكون أيضا أطيب من ريح المسك في الدنيا"
(1)
.
الدليل الثاني:
(708 - 44) ما رواه النسوي في كتاب الأربعين، قال: أخبرنا الحسن، ثنا محمد بن عبد الله الأرزي ببغداد، ثقة مأمون، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، ثنا الهيثم بن أبي الحواري، عن زيد العمي، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي أما واحدة فإذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه
= السادس: ابن نمير، كما في مسند أحمد (2/ 477).
كما أن شعبة خالف جميع من رواه عن أبي هريرة، وهم جمع كثير، كلهم لم يذكروا هذه اللفظة، منهم:
الأعرج، وسعيد بن المسيب، وهمام بن منبه، ومحمد بن زياد، ومحمد بن سيرين، وأبو سلمة، وأبو صالح السمان، وجابر بن زيد، وقيس بن أبي حازم، وموسى بن يسار. وسلمان الأشجعي: أبو حازم. وداود بن فراهيج. وعجلان مولى المشمعل، ومجاهد. وغيرهم. راجع تخريج هذه الطرق في أدلة القول الأول. فهذا العدد الكثير يجعل الباحث يجزم بشذوذ لفظة:" حين يخلف ".
كما اختلف على شعبة، فرواه أبو داود الطيالسي (2413) عن شعبة، عن الأعمش بدون قوله:" حين يخلف ". كما هي رواية الجمهور. والله أعلم.
(1)
صحيح ابن حبان (8/ 211).
أبدا وأما الثانية فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك.
[الحديث ضعيف]
(1)
.
الراجح: المحفوظ أن حديث الخلوف مطلق، " ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " وإذا كان مطلقاً فتقييده بالآخرة يحتاج إلى دليل، وما دام أن لفظة:" يوم القيامة " غير محفوظة بموجب القواعد الحديثية، وكذلك لفظة:" حين يخلف " فالذي يترجح عندي أن ذلك عام في الدنيا والآخرة.
وقد رجح أن ذلك عام ابن القيم في الوابل الصيب، حيث قال: " وفصل النزاع في المسألة أن يقال:
حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذلك الطيب يكون يوم القيامة؛ فلأنه الوقت الذي يظهر فيه ثواب الأعمال من الخير والشر، فيظهر للخلق طيب ذلك الخلوف على المسك، كما يظهر فيه رائحة دم المكلوم في سبيله كرائحة المسك، وكما تظهر فيه السرائر، وتبدو على الوجه، وتصير علانية، ويظهر فيه قبح رائحة الكفار، وسواد وجوههم.
وحيث أخبر بأن ذلك حين يخلف، وحين يمسون؛ فلأنه وقت ظهور أثر العبادة، ويكون حينئذ طيبها على ريح المسك عند الله تعالى وعند ملائكته، وإن كانت تلك الرائحة كريهة للعباد، فرب مكروه عند الناس محبوب عند الله تعالى، وبالعكس، فإن الناس يكرهونه لمنافرته طباعهم، والله تعالى يستطيبه ويحبه لموافقته أمره ورضاه ومحبته، فيكون عنده أطيب من ريح
(1)
كتاب الأربعين ـ النسوي (ص: 77). وسبق الكلام فيه.
المسك عندنا، فإذا كان يوم القيامة ظهر هذا الطيب للعباد، وصار علانية.
وهكذا سائر الأعمال من الخير والشر، وإنما يكمل ظهورها علانية في الآخرة، وقد يقوى العمل ويتزايد حتى يستلزم ظهور بعض أثره على العبد في الدنيا في الخير والشر، كما هو مشاهد بالبصر والبصيرة" اهـ
(1)
.
(1)
الوابل الصيب (ص: 61ـ62).