الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصالحين عندنا من اعتبار إطالة الشعر يدخل في الشهرة، ولا ينكر على من حلق رأسه دون أن يكون هناك حاجة من نسك وغيره، بل قد يرى حلق الرأس علامة على الصلاح.
وممكن أن يستدل لمن يرى الحلق بالأدلة التالية:
الدليل الأول:
(646 - 210) حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا معاوية بن هشام وسفيان بن عقبة السوائي، هو أخو قبيصة، وحميد بن خوار، عن سفيان الثوري، عن عاصم بن كليب، عن أبيه،
عن وائل بن حجر، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ولي شعر طويل، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذباب ذباب، قال: فرجعت فجززته، ثم أتيته من الغد، فقال: إني لم أعنك، وهذا أحسن
(1)
.
[وإسناده حسن]
(2)
.
(1)
سنن أبي داود (4190).
(2)
الحديث مداره على سفيان، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، وعاصم وأبوه صدوقان.
[تخريج الحديث]
الحديث رواه النسائي أيضاً (5052) أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا سفيان أخو قبيصة، ومعاوية بن هشام، قالا: حدثنا سفيان به.
ورواه ابن ماجه (3636) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا معاوية بن هشام، وسفيان بن عقبة، عن سفيان به.
وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (3367) والبيهقي في شعب الإيمان (6474) من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود، قال: حدثنا سفيان الثوري به.
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان أيضاً (6475) من طريق أبي عقبة الأزرق، عن سفيان به.
قال الطحاوي: فكان في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد دل على أن جز الشعر أحسن من تربيته، وما جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحسن، كان لا شيء أحسن منه، ووجب لزوم ذلك الأحسن، وترك ما يخالفه، ومقبول منه صلى الله عليه وسلم إذا كان هذا عنه، وإذا كان أولى بالمحاسن كلها من جميع الناس سواه، أنه قد كان صار بعد هذا القول إلى هذا الأحسن، وترك ما كان عليه قبل ذلك مما يخالفه، والله نسأله التوفيق
(1)
.
وهذا الكلام مدخول من وجهين:
الأول: القطع بأن هذه القصة متأخرة عن إعفاء الشعر، وإكرامه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صار إليه بعد أن كان له شعر كثير، وأن الرسول ترك إعفاء الشعر لإجل هذه القصة لا شك أن هذا من الظن الذي لا يغني من الحق شيئاً، وقد عقدت فصلاً مستقلاً في إكرام الشعر وتسريحه ودهنه، مما يجعل الباحث يقطع أن السنة إعفاء شعر الرأس وإكرامه.
الثاني: الاعتقاد بأن هذا القصة تعارض الأحاديث الكثيرة في إكرام الشعر غير صحيح، والجواب عن هذا، أن يقال:
إن هذا الرجل كان شعره طويلاً كثيراً إلى حد الشهرة، فكان الأحسن تخفيفه عن حد الشهرة، ولذا ليس في الحديث أنه حلقه، وإنما جزه، ولا يصلح دليلاً للحلق إلا لو جاء في الحديث أن الرجل حلق رأسه، وربما حسن له رسول الله صلى الله عليه وسلم جز شعره وتخفيفه نظراً لأنه لم يقم بحقه من تعهده وتنظيفه،
(1)
شرح مشكل الآثار (8/ 436،437).