الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعترض على الاستدلال بحديث عائشة، قال العراقي:" ليس فيه دلالة على ما ذهب إليه، فإن المراد منه البداءة بالشق الأيمن في الترجل، والبداءة بلبس النعل، والبداءة بالأعضاء اليمنى في التطهر، والبداءة بالجانب الأيمن من الفم في الاستياك " اهـ
(1)
.
وأما القياس: فقاسوه على المضمضة، فإذا كانت المضمضة فيها تطهير للفم، ومع ذلك استعملت في ذلك اليمين، فكذلك السواك
(2)
.
الدليل الثاني:
قالوا: إن السواك عبادة مقصودة تشرع عند القيام إلى الصلاة، وإن لم يكن هناك وسخ، وما كان عبادة مقصودة كان باليمين.
دليل من قال يتسوك بيده اليسرى
.
قال ابن تيمية: الاستياك من باب إماطة الأذى، فهو كالاستنثار والامتخاط، ونحو ذلك مما فيه إزالة الأذى، وذلك باليسرى، كما أن إزالة النجاسات كالاستجمار ونحوه باليسرى، وإزالة الأذى واجبها ومستحبها باليسرى. والأفعال نوعان: أحدهما مشترك بين العضوين، والثاني: مختص بأحدهما. وقد استقرت قواعد الشريعة على أن الأفعال التي تشترك فيها اليمنى واليسرى تقدم فيها اليمين إذا كانت من باب الكرامة: كالوضوء، والغسل، والابتداء بالشق الأيمن في السواك ونتف الإبط، وكاللباس، والانتعال، والترجل، ودخول المسجد.
والذي يختص بأحدهما إن كان من باب الكرامة كان باليمين كالأكل
(1)
طرح التثريب (2/ 71).
(2)
حاشية ابن عابدين (1/ 114).
والشرب والمصافحة، ومناولة الكتب وتناولها، ونحو ذلك. وإن كان ضد ذلك كان باليسرى، كالاستجمار، ومس الذكر والاستنثار والامتخاط، ونحو ذلك.
فإن قيل: السواك عبادة مقصودة تشرع عند القيام إلى الصلاة وإن لم يكن هناك وسخ، وما كان عبادة مقصودة كان باليمين.
قيل: كل من المقدمتين ممنوع. فإن الاستياك إنما شرع لإزالة ما في داخل الفم، وهذه العلة متفق عليها بين العلماء، ولهذا شرع عند الأسباب المغيرة له، كالنوم والإغماء، وعند العبادة التي يشرع لها تطهير كالصلاة والقراءة، ولما كان الفم في مظنة التغير شرع عند القيام إلى الصلاة، كما شرع غسل اليدين للمتوضيء قبل وضوئه، لأنها آلة لصب الماء. وقد تنازع العلماء فيما إذا تحقق نظافتها، هل يستحب غسلها؟ على قولين مشهورين. ثم قال: وقد يقال مثل ذلك في السواك إذا قيل باستحبابه مع نظافة الفم عند القيام إلى الصلاة، مع أن غسل اليد قبل المضمضة المقصود بها النظافة. فهذا توجيه المنع للمقدمة الأولى.
وأما المنع للمقدمة الثانية: فإذا قدر أنه عبادة مقصودة، فما الدليل على أن ذلك مستحب باليمنى، وهذه مقدمة لا دليل عليها. بل قد يقال: إن العبادات تفعل بما يناسبها، ويقدم فيها ما يناسبها. ثم قول القائل: إن ذلك عبادة مقصودة، إن أراد به أن السواك تعبد محض، لا تعقل علته، فليس هذا بصواب؛ لاتفاق المسلمين على أن السواك معقول، ليس بمنزلة رمي الجمار. وإن أراد أنها مقصودة، أنه لا بد فيها من النية كالطهارة، وأنها مشروعة مع تيقن النظافة، ونحو ذلك، فهذا الوصف إن سلم لم يكن في ذلك ما يوجب كونها باليمنى؛ إذ لا دليل على ذلك. أرأيت إلى الاستنجاء بالثلاث عند من