الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس
هل السواك في شريعة من قبلنا
سبق لنا بحث، هل السواك من سنن الفطرة، في الكلام على حديث عائشة في مسلم، وذكرت اختلاف العلماء، ولو ثبت الحديث، لكان دليلاً على كونه في جميع الشرائع، ولكن الحديث لا يثبت.
ولكن ثبت أيضاً من قول ابن عباس، بسند صحيح أن السواك كان في شريعة أبينا إبراهيم عليه السلام.
(671 - 7) فقد روى البيهقي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو زكريا العنبري، ثنا: محمد بن عبد السلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا عبد الرزاق، ثنا: معمر عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه،
عن ابن عباس في قوله عز وجل: {وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} قال: ابتلاه الله عز وجل بالطهارة، خمس في الرأس وخمس في الجسد: في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس. وفي الجسد: تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل مكان الغائط والبول بالماء.
[وإسناده صحيح]
(1)
.
(1)
سنن البيهقي (1/ 149)، وهو في مستدرك الحاكم (2/ 266) إلا أنه سقط من إسناد الحاكم من بداية السند إلى ابن طاووس، وقد رواه البيهقي عن الحاكم كما ترى.
دراسة الإسناد:
أبو زكريا العنبري: ثقة. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (15/ 533).
ومحمد بن عبد السلام بن بشار النيسابوري، قال الذهبي الوراق الزاهد سمع الكتب من =
وقد قيل في تفسير الآية غير ذلك.
(672 - 8) وأما ما رواه أحمد، قال: ثنا يزيد، ومحمد بن يزيد، أنا الحجاج بن أرطاة، عن مكحول، قال: قال أبو أيوب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربع من سنن المرسلين التعطر والنكاح والسواك والحياء.
[إسناده ضعيف]
(1)
.
= يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري، والتفسير من إسحاق وكان ينسخ التفسير ويتقوت. سير أعلام النبلاء (13/ 460).
وباقي إسناده على شرط الشيخين.
ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 524) قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه،
عن ابن عباس وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات قال ابتلاه الله بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد، في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس، وفي الجسد تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء.
ولم أقف عليه في مصنف عبد الرزاق.
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (1/ 166): قال عبد الرزاق أيضا: أخبرنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس:{وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} قال: ابتلاه بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد، وذكر الأثر. ثم قال ابن كثير: قال ابن أبي حاتم: وروي عن سعيد بن المسيب، ومجاهد، والشعبي، والنخعي، وأبي صالح، وأبي الجلد نحو ذلك.
(1)
وفيه علل:
الأولى: حجاج بن أرطاة، ضعيف، ومدلس، وقد عنعن.
الثاني: الاختلاف على حجاج.
الثالث: مكحول مدلس، ولم يلق أبا أيوب. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما ضعف حجاج، فإليك ترجمته.
قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: الحجاج بن أرطأة كوفي، صدوق، ليس بالقوي يدلس عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب. الجرح والتعديل (3/ 154) رقم 673.
وقال ابن معين أيضاً كما في رواية إسحاق بن منصور عنه: الحجاج بن أرطأة ليس بذاك القوي، وهو مثل ابن أبي ليلى ومجالد. المرجع السابق.
وقال أيضاً في رواية العباس بن محمد الدوري: لا يحتج بحديثه. المرجع السابق.
وقال أبو حاتم: صدوق يدلس عن الضعفاء، يكتب حديثه، وإذا قال: حدثنا فهو صالح لا يرتاب في صدقه وحفظه إذا بين السماع، ولا يحتج بحديثه لم يسمع من الزهري ولا من هشام بن عروة ولا من عكرمة. المرجع السابق.
وقال أبو زرعة: صدوق مدلس. المرجع السابق.
وقال عبد الله بن المبارك: كان حجاج بن أرطاة يدلس، وكان يحدثنا بالحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدثه محمد العرزمي، والعرزمي متروك لا نقربه. الضعفاء الصغير (ص:75)، ضعفاء العقيلي (1/ 277) رقم 342.
وقال الثوري: عليكم به فإنه ما بقي أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه. تهذيب التهذيب (2/ 172).
وقال أبو طالب، عن أحمد: كان من الحفاظ. قيل: فلم ليس هو عند الناس بذاك؟ قال: لأن في حديثه زيادة على حديث الناس، ليس يكاد له حديث إلا فيه زيادة. المرجع السابق.
وقال النسائي: ليس بالقوي. المرجع السابق.
وقال يعقوب بن شيبة: واهي الحديث في حديثه اضطراب كثير، وهو صدوق، وكان أحد الفقهاء تهذيب الكمال (5/ 420).
وقال عيسى بن يونس: كان لا يحضر الجماعة. فقيل له في ذلك، فقال: احضر مسجدكم حتى يزاحمني فيه الحمالون والبقالون!! تهذيب التهذيب (2/ 172).
وقال ابن عدي: إنما عاب الناس عليه تدليسه عن الزهري وعن غيره، وربما أخطأ في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بعض الروايات، فأما أن يتعمد الكذب فلا، وهو ممن يكتب حديثه. الكامل (2/ 223).
وقال ابن سعد: كان ضعيفاً في الحديث. الطبقات الكبرى (6/ 359).
وقال ابن حبان: تركه بن المبارك ويحيى القطان وابن مهدي ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل رحمهم الله أجمعين. المجروحين (1/ 225).
وتعقبه الذهبي، فقال: هذا القول فيه مجازفة، وأكثر ما نقم عليه التدليس، وكان فيه تيه لا يليق بأهل العلم. الميزان (1/ 460).
وفي التقريب: صدوق كثير الخطأ والتدليس.
وأما الاختلاف على حجاج،
فقد رواه يزيد بن هارون، كما عند أحمد، وابن أبي شيبة (1/ 156)، ومحمد بن يزيد كما عند أحمد، كما في إسناد الباب، وعبد بن حميد كما في المنتخب من مسنده (ص: 103) رقم 220.
وأبو معاوية كما في كتاب الزهد ـ هناد بن السري (2/ 625) رقم 1348، عن حجاج، عن مكحول، عن أبي أيوب مرفوعاً. إلا أن أبا معاوية وقفه على أبي أيوب.
ورواه الترمذي (1080) حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا حفص بن غياث، عن الحجاج، عن مكحول، عن أبي الشمال، عن أبي أيوب به. والطبراني في المعجم الكبير (3/ 183)4085. فزاد حفص أبا الشمال.
وأخرجه الترمذي أيضاً، والمحاملي أيضاً في أماليه (ص: 385) رقم 444، قالا: حدثنا محمود بن خداش البغدادي، حدثنا ابن العوام، عن مكحول، عن أبي الشمال به. إلا أن المحاملي قال: الختان بدلاً من الحياء.
ورواه الطبراني في المعجم الكبير (4/ 183) رقم 4085 من طريق عباد بن العوام فزاد عباد أيضاً في الإسناد أبا الشمال.
قال أبو زرعة عن أبي الشمال: لا أعرفه إلا في هذا الحديث، ولا أعرف اسمه. الجرح والتعديل (9/ 390).
وقال الذهبي: مجهول. الكاشف (6677).
وقال الحافظ في التقريب: مجهول. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال أبو عيسى الترمذي: وروى هذا الحديث هشيم ومحمد بن يزيد الواسطي وأبومعاوية وغير واحد، عن الحجاج، عن مكحول، عن أبي أيوب ولم يذكروا فيه عن أبي الشمال. وحديث حفص بن غياث وعباد بن العوام أصح.
وقال الدارقطني في علله (6/ 123) يرويه حجاج بن أرطاة، عن مكحول، عن أبي الشمال. واختلف عنه:
فرواه عباد بن العوام، وحفص بن غياث، عن حجاج هكذا.
وخالفهم عبد الله بن نمير، وأبو معاوية الضرير، ويزيد بن هارون، فرووه عن حجاج، عن مكحول، عن أبي أيوب، لم يذكروا بينهما أحداً إلا أن أبا معاوية من بينهم وقفه. والاختلاف فيه من حجاج بن أرطاة؛ لأنه كثير الوهم. اهـ
وورد بلفظ: " الحياء " وقيل بدلاً منها: " الحناء " وقيل بدلاً منها: " الختان ".
قال ابن القيم في تحفة المودود (ص: 111): واختلف في ضبطه، فقال بعضهم: الحياء بالياء والمد. وقال بعضهم: الحناء بالنون. وسمعت شيخنا أبا الحجاج المزي يقول: وكلاهما غلط، وإنما هو الختان، فوقعت النون في الهامش فذهبت، فاختلف في اللفظة، وكذلك رواه المحاملي عن الشيخ الذي روى عنه الترمذي بعينه، فقال: الختان. قال: وهذا أولى من الحياء والحناء؛ فإن الحياء خلق، والحناء ليست من السنن، ولا ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من خصال الفطرة، ولا ندب إليه بخلاف الختان." اهـ
ونقل مثله في المنار المنيف (ص: 131)، وفي نقد المنقول (ص: 121).
وقد رواه الدارقطني في العلل (6/ 123) بلفظ: " الحناء ".
ورواه الطبراني في المعجم الكبير (4/ 183) رقم 4085 بلفظ الحياء.
وله شواهد:
الشاهد الأول: حديث ابن عباس
رواه الطبراني في المعجم الكبير (11/ 186) رقم 11445 حدثنا علي بن المبارك، ثنا زيد بن المبارك، ثنا قدامة بن محمد، ثنا إسماعيل بن شيبة، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس من سنن المرسلين، الحياء والحلم، والحجامة والتعطر، والنكاح. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه ابن عدي في الكامل (6/ 51)، حدثنا أحمد بن علي المدائني، ثنا سعد بن عبد الله، ثنا قدامة به.
وفي الإسناد: إسماعيل بن شبيب، وقيل شيبة:
قال ابن حبان: يتقى حديثه من رواية قدامة عنه. الثقات (8/ 93) رقم 12395. قلت: وهذا منها.
وقال النسائي: منكر الحديث. الضعفاء والمتروكين (38).
وقال العقيلي: أحاديثه مناكير، ليس منها شيء محفوظ. الضعفاء الكبير (1/ 83) رقم 93.
وله ترجمة مطولة في لسان الميزان (1/ 410).
وقال ابن عدي: ولقدامة بن محمد، عن إسماعيل، عن ابن جريج غير ما ذكرت من الحديث، وكل هذه الأحاديث في هذا الإسناد غير محفوظة. الكامل
قال أبو زرعة: كما في العلل لابن أبي حاتم (2/ 338): " منكر "
الشاهد الثاني: حديث مليح بن عبد الله الخطمي، عن أبيه عن جده:
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 10) 1955، قال: نا ابن أبي الفديك، قال: حدثني عمر بن محمد الأسلمي، عن مليح بن عبد الله الخطمي، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: خمس من سنن المرسلين الحياء، والحلم والحجامة والسواك، والتعطر.
ورواه أحمد بن عمرو الضحاك، في الآحاد والمثاني (4/ 223) 2208 حدثنا الحوطي ودحيم، قالا: حدثنا ابن أبي فديك به.
ورواه الطبراني (22/ 293) رقم 749 حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري، ثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن أبي فديك، به.
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (6/ 137) رقم 7717 من طريق محمد بن إسماعيل (ابن أبي فديك) عن عمرو بن محمد السلمي، عن فليح به.
قال ابن حجر في النكت الظراف (3/ 107): " رواه البزار في مسنده، وأبو القاسم البغوي في معجمه، وابن أبي خيثمة في تاريخه، وابن مندة في المعرفة، والبخاري في تاريخه الكبير، من طريق ابن أبي فديك، عن عمرو بن محمد الأسلمي، وذكر إسناده ". اهـ =
وقد ذكره جملة ممن صنف في الأحاديث الضعيفة
(1)
.
فالدليل الصحيح على أن السواك في شرع من قبلنا ما ثبت عن ابن عباس أن السواك كان مما أمر به إبراهيم الخليل عليه السلام.
وأما كون السواك من سنن الفطرة فسبق أن حديث عائشة غير محفوظ.
وأما حديث السواك من سنن المرسلين فأحسنها حديث أبي أيوب، وهو ضعيف، وشواهده ضعيفة جداً لا ترقى إلى الاعتبار. والله أعلم.
= وفيه عمرو بن محمد الأسلمي.
جاء في الجرح والتعديل: روى عن مليح بن عبد الله الخطمي، وروى عنه ابن أبي فديك، سمعت أبي يقول ذلك، وسمعته يقول: هو مجهول. الجرح والتعديل (6/ 132).
ومليح بن عبد الله الخطمي، له ترجمة في الجرح والتعديل، ولم يذكر راوياً عنه سوى عمرو بن محمد الأسلمي، وسكت عليه هو والبخاري فلم يذكرا فيه شيئاً.
عن أبيه: عبد الله الخطمي، لم أقف على من ترجم له. فالإسناد ضعيف جداً.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 99): رواه البزار، ومليح، وأبوه، وجده لم أجد من ترجمهم. اهـ
قلت: أما جده فله ترجمة في الإصابة (1/ 171).
الشاهد الثالث: حديث جابر
رواه ابن عدي في الكامل (4/ 191) أخبرنا أحمد بن الحسين الصوفي، ثنا زياد بن يحيى، ثنا عبد الله بن إبراهيم، ثنا المنكدر، عن أبي، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من سنن المرسلين الحياء والتعطر والنكاح.
وهذا إسناد ضعيف جداً، فيه عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري.
قال عنه الحافظ في التقريب: متروك، ونسبه ابن حبان إلى الوضع.
(1)
الأسرار المرفوعة - ملا علي قاري (1/ 464). والمنار المنيف - ابن القيم (1/ 295)، النوافح العطرة - الصنعاني (1935)، تحذير المسلمين - المدني (1/ 145).