الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقول: "الخلافة حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها؛ إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا".
فالحقيقة أن بدعة فصل الدين عن السياسة لم يقل بها ابن خلدون، ولا أحد من العلماء المسلمين، فننصح لحضرة المحامي المسلم أن يصرف نظره عن هذا الرأي الذي نسبه إلى اتفاق المسلمين، أو إلى كثير من علمائهم، وهم بريئون منه، ونذكره بأن هذا الرأي يفضي إلى إسقاط قسم عظيم من حقائق الدين، وهل يرضى حضرة المحامي المسلم أن يؤمن الناس ببعض الكتاب ويكفروا ببعض؟.
*
تكريم أعضاء البعثة المغربية
(1):
سادتي! نحتفل هذه الليلة بإخوان تربطنا بهم أشرف صلة تربط بين الجماعات والأمم، وهذه الصلة هي صلة الدين الحنيف، وهؤلاء الإخوان هم نخبة من أبناء المغرب الأقصى، وردوا مصر لغاية تعد من أنبل الغايات، وهي الارتواء من مناهل العلوم والآداب.
ونحن نبتهج بكل بعثة ترد مصر؛ لما في هذه البعثات من تأكيد رابطة التعارف والإخاء، ولأن تلقِّي هذه البعثات العلوم في معاهد مصر، يساعد على غرض طالما نادى إليه المصلحون، وهو تقارب الشعوب في ثقافتها
(1) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثالث من المجلد الحادي عشر. احتفلت جمعية الهداية الإسلامية باعضاء البعثة العلمية المغربية في القاهرة مساء الأربعاء 11 شعبان 1357. وهذه كلمة الإمام.
العلمية، وآدابها الاجتماعية.
حق على أهل كل قطر أن يعملوا لتأكيد الرابطة الإسلامية، وكل عمل في هذا السبيل عمل لخلاص المسلمين، وإعادة سيادتهم، ولا ريب أن دائرة العمل في مصر أوسع، ونتائجه أسرع وأعظم، ولمزايا اختصت بها مصر أصبحت زعيمة العالم الإسلامي، وستنهض إن شاء الله تعالى بهذه الزعامة، وإن كره قوم لا يفقهون أو لا يؤمنون.
ولي كلمة أوجهها إلى أبنائنا أعضاء البعثة المغربية على وجه التذكرة؛ لعلهم يضعونها نصب أعينهم، لا وراء آذانهم.
أيها الأبناء النجباء! لا نقول لكم: فارقتم أوطانكم وعشائركم؛ فإن المسلم أينما حل من بلاد الإسلام فذلك وطنه، وبأي قوم من أهل العلم والفضل اتصل، فأولئك عشيرته، بل أقول: أنكم كنتم في بلاد هي المغرب الأقصى، وستعودون - إن شاء الله تعالى - إلى تلك البلاد بعد أعوام تقضونها في التردد على المعاهد العلمية والأدبية.
وأذكركم بأنكم ستعودون إلى تلك البلاد، وأن علماءها وفضلاءها وأدباءها سيحاسبونكم على ما كسبتم في رحلتكم هذه، سيزنون معارف كل واحد منكم، وينقدون أخلافة وسيرته، فإن وجدوا عنده من العلوم والأخلاق الفاضلة والإيمان الصادق ما يملأ العين، ويثلج الصدر، حمدوا رحلته، وغمروه بالإجلال، ويستطيع بعد هذا أن يكون داعية إصلاح، وزعيماً سياسياً، يقول فيسمع لقوله، ويفعل فيتسابق الناس لأن يكونوا أنصاراً له.
أيها الأبناء النجباء! ليستحضر كل منكم أباه أو عمه أو أخاه الأكبر يناجيه بمثل ما كتب به بديع الزمان الهمذاني إلى ابن أخت له يحثه على الجد في