الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شعار الجيش: أمت أمت (1)"أمر من الاماتة".
*
تعهد الجند بالموعظة:
قد يأخذ الجنود حظهم من الفنون الحربية كاملاً، ولا يستغنون بعد عن أن تُغذى نفوسهم بالموعظة الحسنة، فمن المثير لحماسة الجند قبل دخولهم في ملاحم الحروب: إلقاء خطب تذكرهم فضل الإقدام والثبات، وما يأتي به الثبات في مواقف الدفاع من خير، وتنذرهم ما يجره الجبن والحرص على الحياة من خزي وشقاء.
وكان قائدو الجيوش في الإِسلام يأخذون بهذه السنة الحسنة، فيلقون على الجيوش قبل انتشاب الحرب خطباً دافعة إلى خوض غمار الحرب بحماسة متقدة، وفي وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليزيد بن أبي سفيان التنبيه على إسداء الموعظة للجند، فقال:
"وإذا وعظتهم، فأوجز؛ فإن كثير الكلام ينسي بعضه بعضاً".
وسنريك أن الجيوش التي تخفق راياتها بالنصر، وتكون هي وقائدها على ثقة منه، إنما هي الجيوش التي استنارت بهدي الله، فلا بد إذن للجيوش الإِسلامية من وعاظ حكماء بلغاء يحببون إليهم التمسك بآداب الشريعة السمحة، ويذكرونهم بما جرت به سنة الله من رعايته للنفوس التي تؤثر رضاه على أهوائها، ونصره لها على النفوس التي اتخذت أهواءها آلهة.
*
النشيد الحماسي:
نريد من النشيد الحماسي: الشعر الذي يشتمل على تذكير الجنود بمجد
(1) أبو داود.
قومهم الماضي أو الحاضر، وبما تقتضيه العزة؛ من نحو: إباية الضيم، والاستهانة بالخطوب، وشأن هذا الشعر تقوية القلوب، وإيقاد المغيرة، فيزداد الجند إقداماً وثباتاً في مواقع القتال، وكان الصحابة رضي الله عنه يقولون يوم حفر الخندق:
نحن الذين بايعوا محمدا
…
على الجهاد ما بقينا أبدا
والدين ينهى الرجل عن الفخر بشيء من خصاله الحميدة، وأباح ذلك في الحرب، كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه في فتح خيبر يقول:
أنا الذي سمتني أمي حيدره
…
كليث غابات كريه المنظره
وكان عامر بن الأكوع في هذه الغزوة يقول:
قد علمت خيبر أني عامر
…
شاكي السلاح بطل مغامر
وقال يرتجز:
والله لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
إنا إذا قوم بغوا علينا
…
وإن أرادوا فتنة أبينا
فأنزلنْ سكينة علينا
…
وثبت الأقدام إن لاقينا
والشعر الحماسي، ولا سيما المقرون بتلحين، لا يدع نفساً فيها بارقة من الشجاعة إلا دفع بها في المعترك دون مبالاة بالموت.
وربما تذكر الرجل وهو في صفوف القتال نحو قول عمرو بن الإطنابة:
وقولي كما جشأت وجاشت
…
مكانك تُحمدي أو تستريحي
فيذهب عنه خاطر الفرار أو الاستسلام إلى العدو، ويقف للدفاع وقوف شحيح ضاع في التراب خاتمه.