الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحث موجز في أشهر الفرق الإِسلامية
(1)
*
وحدة العقيدة في الصدر الأول:
قام النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى العقائد الصحيحة، وما زال الوحي ينزل حتى أتى على أصول ما يحتاج إليه في سلامة العقيدة، وطهارة النفس من الشرك، وكان المسلمون في عهد الوحي على طريقة واحدة في عقائدهم، وليس من المحتمل أن يجري بينهم خلاف في شيء من ذلك، ورسول الله - صلوات الله عليه - بين ظهرانيهم؛ وهو الذي يُسأل فيرشد، أو يقول فيكون قوله الفصل.
واستمر المسلمون على هذه الطريقة المثلى في عهد أبي بكر، وعمر، وعثمان، وما جرى بينهم من الاختلاف في ذلك العهد لم يتجاوز الاختلاف في أحكام عملية؛ كاختلافهم في محل دفنه عليه الصلاة والسلام، وثبوت الإرث منه، وقتال مانعي الزكاة، وأكثر هذا النحو من الاختلاف لا يلبث أن يتبين فيه وجه الحق، فيصير إلى وفاق.
*
انقسام المسلمين إلى فرق مختلفة:
أخبر النبي - صلوات الله عليه - أن أمته ستفترق على بضع وسبعين فرقة، وأن فرقة من تلك الفرق ناجية، ووصف الفرقة الناجية بأنها الفرقة
(1) مجلة "الهداية الإِسلامية" - الجزء الرابع من المجلد العاشر.
التي تتمسك بما كان عليه هو وأصحابه، ففي "سنن أبي داود" من رواية أبي هريرة:"افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"، وفيها من رواية معاوية: ألا أن رسول الله قام فينا فقال: "إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة: اثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة".
وروى الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو: "إن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي ثلاثاً وسبعين ملة، كلهم في النار إلا واحدم"، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "من كان على ما أنا عليه وأصحابي". ورواه ابن ماجه من طريق حذيفة بن اليمان، ومن طريق أنس ابن مالك.
والمراد من الأمة: من يصدق عليهم اسم الإِسلام، بدليل الإضافة في قوله:"أمتي"؛ فإن إضافة الأمة إلى الرسول ظاهرة فيمن كان لهم اتصال به في الواقع، وهم الذين يتبعونه، ولو في أصل الإيمان، والفرقة الخارجة من الدين ليست من هذا القبيل، فتكون الفرق المشار إليها في الحديث من انحرفوا عن السبيل، ولم ينكثوا أيديهم من أصل الدين.
وحمل بعضهم الأمة على ما يشمل الفرق التي خرجت ببدعتها عن حوزة الدين، والتحقت بفرق الكافرين، والوعيد بالنار في الحديث مطلق، فيكون للفرق المنفصلة عن الدين عذاباً خالداً، وللفرق التي انحرفت ببدعتها انحرافاً لا يقطعها عن أصل الدين، عقاباً يتفاوتون فيه درجات، ثم