الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
طريقة جمعية خيرية في مساعدة البائسين
(1):
كنت عرفت يوم كنت في ألمانيا أن هناك جمعية خيرية تبحث عن البائسين من طرق خفية، وتوجه إليهم على طريق البريد صدقات من غير أن يشعروا بمصدرها، وقص علي الأستاذ (هردر) أن إحدى البائسات كانت ترتزق بصنعة الخياطة، فجاءها ذات يوم أحد السعاة بادارة البريد بخمس مئة مارك، وناولها إياها، فدهشت فرحاً، وسألته عن مرسلها، فأبى أن يخبرها بالمرسل، وترى هذه الجمعية أن التبرع بقسط عظيم على بائس واحد أنفع من توزيعه على كثير ينال كل واحد شيء يسير.
* خطاب ترحيب بالزعيم الإِسلامي مولانا شوكت علي (2):
أيها الزعيم الكبير، ويا أيها السادة! جمع احتفالنا هذا مثلاً عالية لشعوب شرقية مختلفة البلاد، ولم يكن تلاقيهم هذا على وجه المصادفة كما يلتقون في متنزه أو معرض يشهدون فيه ما تلذ أعينهم، وإنما اجتمعوا إجابة لداعي عاطفة انبعثت من ذلك الكتاب الحكيم الذي يقول:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10} ، ويقول: {مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: 63]. رابطة استحكمت في أسلافنا، فكانت مظهر عظمة وسيادة، ووهنت من بعد قوة، فسقطت مهابتنا من أعين خصومنا، حتى طمع فينا من لا يدفع عن نفسه، ورام
(1) مجلة "الهداية الإِسلامية" - الجزء الرابع من المجلد الثالث.
(2)
مجلة "الهداية الإِسلامية" - الجزء الخامس من المجلد الثالث. زار الزعيم الهندي الإِسلامي مولانا شوكت علي دار جمعية الهداية الإِسلامية مساء يوم الأربعاء 16 رمضان 1349، والتقى بجمع عظيم من أهل العلم والفضل. وألقى الإِمام هذا الخطاب.
استعبادنا من كانوا يعيشون في ظل سلطاننا أحراراً. وهنت تلك الرابطة بعد توكيدها، فولدت الليالي غرباناً: ذاك ينعق في بلاد الترك بالطورانية، وهذا ينعق في مصر بالفرعونية، وآخر ينعق في المغرب بالبربرية، خناجر صاغها خصومنا لتمزيق وحدتنا، وطمس عواطفنا، فافتتن بها أحداث يطيرون إلى تقليد كل ناعق، ولولا كتاب الله ينطق بالحق، لكان لتلك الصيحة المشؤومة مدى واسع، وأثر في إفساد النفوس غير قليل.
والفضل -بعد كتاب الله- في تأكيد رابطة الدين المقدسة، لرجال يجاهدون في الإصلاح بصدق، ويهتدون في زعامتهم بمعالم الشريعة الغراء، ولو أشرب زعماء الشعوب الإِسلامية جميعاً النصح للدين، لكان للعالم الإِسلامي في حياته المدنية والسياسية غير هذا الشأن.
ويسرنا أن نشهد في هذه الليلة زعمياً يعتصم في زعامته بعروة الدين الوثقى، وهو حضرة مولانا شوكت علي. إن الزعيم الذي يكون سلاحه العزم والإخلاص لا يلبث أن يفتح للحرية باباً كان مغلقاً، أو يقوِّم طريقاً للإصلاح كان عوجاً، وأقل ثمرة يجنيها الزعيم المخلص من جهاده الشريف: أن ينبه شعوراً خاملاً، وإذا شعرت الأمة بحقوقها، فليدعها؛ فإنها لا تسير إلا قدماً.
أيها الزعيم الكريم! لجمعية الهداية الإِسلامية في بلاد الهند حاجة، وأن خير من توصيه بقضائها الزعيم المسلم الغيور، هي: أن في تلك الديار فرقاً حديثة؛ كالبهائية والقاديانية تفسد في دين الله علناً، أو من وراء نفاق، فإذا لم تبادروا إلى علاج هذا المرض بالدواء الناجح، انحط بالنفوس إلى هاوية الجهالة، وفتَّ في عضد الزعماء، فلا يجدون من ورائهم قوة الاتحاد الذي تخضع له كل قوة.