الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأسناها، فنجحت دعوته، واستقامت سياسته، وتألفت القلوب على محبته، والتفاني في حسن طاعته.
إن كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حق، ولكن الحق لا يطرق الأسماع، أو يتجاوزها إلى القلوب بنفسه، وإنما يطلع على الناس بوجهه الجميل، وتتملاه العقول لا تبغي عنه بدلاً، إذا كان القائمون بعرضه على الناس ذوي أخلاق عظيمة محكمة، تسعدها ألسنة تضع الكلم مواضعه.
فلندرس السيرة النبوية؛ لنخرج للناس دعاة إلى الإصلاح وهم على خلق عظيم، ودراية بالأساليب التي تدخل بالدعوة إلى القلوب، فتنفي عنها الغواية وخواطر السوء، وتعمرها بالهداية والرغبة البالغة في فعل الخير.
*
تأبين الأستاذ الشيخ علي محفوظ
(1):
هما السهمان يشتبهان مرمى
…
وما كلُّ السهام يصيد عُمرا
وما سهم المنون كسهم قوسٍ
…
إذا جريا إلى الأهداف قسرا
فسهم القوس كالعشواء يعدو
…
فيخطئ مرة ويصيب أخرى
ولا ترمي المنون بغير سهم
…
يهبّ بنصله ويصيب نحرا
وأحزم من رأت عيني أريبٌ
…
يقدم قبل أن يغشاه ذخرا
ولا مثل امرئ يدعو بجدٍّ
…
إلى طرق السعادة مستمرا
تلين به قلوبٌ لو مددت الـ
…
ـبنانَ يجسُّها للمست صخرا
(1) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثامن والتاسع من المجلد الخامس عشر. أقامت جمعية الهداية الإسلامية حفلة تأبين كبرى لوكيلها الأول المرحوم الأستاذ الشيخ علي محفوظ، وذلك يوم الخمس 15 المحرم سنة 1362 هـ الموافق 21 يناير كانون الثاني سنة 1943. وقد ألقى الإمام هذه الكلمة.
يذكرنا بمنطقه وتهدي
…
لنا أقلامه عظة وذكرى
كذلك كان في الدنيا عليٌّ
…
وعاقبة التقى رُحمى وبُشرى
سادتي! في يوم الخميس الرابع من شهر ذي القعدة الحرام، طويت صحيفة حياة كانت مليئة بالهمم السامية، والأعمال الفاضلة، هي حياة العالم الكبير، والواعظ البليغ، الأستاذ الشيخ علي محفوظ.
ولا أقصد في هذا المقام إلى الحديث عن سيرته، فأفصل القول في سماحة أخلاقه، وغزارة علمه، وامتلاء أوقاته بالمساعي الحميدة، وإنما أريد أن أقول في صدد هذه الحفلة: إن جهاد الفقيد رحمه الله في جمعية الهداية الإسلامية كان جهاد الموقنين بحكمة مبادئها، واستقامة اتجاهها؛ فقد انتخب رحمه الله وكيلاً للجمعية في أول جلسة عقدت لتأسيسها سنة 1346 هـ ومنذ انتخب - رحمه الله تعالى- لوكالتها، وهو يشد أزر الجمعية بإلقاء المحاضرات في دارها، أو في بعض فروعها، أو في بعض المساجد والنوادي باسمها.
وهذا كله إنما هو نصيب الجمعية من مجهودات الفقيد التي ضربت بأشعته في أكثر الجمعيات والمساجد والنوادي، بعد أن أخذ التدريس بالجامع الأزهر نصيبه منه كاملاً.
وسيعرض عليكم حضرات الخطباء والشعراء جانباً من تاريخ حياة الراحل الكريم، ويتحدثون عن علمه وخلقه وجهاده، ولا أدع مقامي هذا حتى أشهد للفقيد بخصلة من خصال المجد والحمد، هي خصلة الوفاء بالعهد، فقد تقبل الفقيد وكالة الجمعية، وأخذ يحمل لنهوضها بما أوتي من قوة، ومرت على الجمعية ظروف رأى فيما المتصلون بها أعذاراً لقطع صلتهم بها، ولكن الفقيد