الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأى رسولَ الله، ألقي في قلبه الإِسلام، فقال: يا رسول الله! إني والله لا أرجع إليهم أبداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البُرُد، ولكن ارجع، فإن كان في قلبك الذي في قلبك الآن، فأرجع" قال: فرجعت، ثم أقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلمت.
*
تجنب قتل من لا يقاتل:
يحرِّم الإِسلام قتل نساء المحاربين، وصبيانهم، والطاعنين في السن منهم، ورهبانهم إن لم يحاربوا، روى عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء والصبيان، وروى ابن عباس: أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا بعث جيوشاً، قال:"لا تقتلوا أصحاب الصوامع"؛ يعني: الرهبان.
وقال أبو بكر الصديق في وصيته لجيش أسامة: "وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له"، وقال:"ولا تقتلوا طفلاً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة".
ومن وصايا عمر بن الخطاب لأمراء الجيش: "ولا تقتلوا هَرِماً، ولا امرأة، ولا وليداً، وتوقَّوا قتلهم إذا التقى الزحفان، وعند شن الغارات".
ويلحق بهؤلاء في تجنب قتلهم: المريض، والمقعد، والأعمى، والمجنون، وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن قتل العسيف، وهو الأجير، ويهذا يظهر أن الإِسلام إنما يقصد من الحرب دفاع من يقصدون لأن يقاتلوا، ولا يصح القصد لقتل من ليس شأنه القتال.
*
معاملة الأسرى:
إذا وقعت طائفة من العدو المحارب في أسرنا، لم يجز لأحد من الجنود أو غيرهم أن يمسهم بأذى، وإنما يرجع أمرهم إلى رأي ولي الأمر الواسع
الخبرة بوجوه المصالح، فيعاملهم بما تقتضيه خطة الحزم، وما تمليه سماحة الأخلاق، وذهب من علماء السلف الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح إلى أن ولي الأمر يخير في الأسرى بين أن يطلقهم على وجه المن، أو يطلقهم بفداء، وتمسكوا في هذا بقوله تعالى:
{فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4].
وقع ثمامة بن أثال أسيراً في أيدي المسلمين، فجاؤوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"أحسنوا إساره"، وقال:"اجمعوا ما عندكم من طعام، فابعثوا به إليه"، وكانوا يقدمون إليه لبن لقحة (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم غدواً ورواحاً، ودعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإِسلام، فأبى، وقال له: إن ترد الفداء، فسل ما شئت من المال، فأطلق النبي عليه الصلاة والسلام سبيله من غير فداء، ثم دخل بعد هذا المن في الإِسلام.
ووقعت ابنة حاتم الطائي في أيدي المسلمين، وأنزلت بمكان يمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فتعرضت له، وقالت: هلك الوالد، وغاب الرافد -تعني أخاها عدياً-، فامنن عليَّ مَنَّ الله عليك! فقال:"قد فعلت، فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك" وأقامت حتى قدم رهط من قومها، فكساها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحملها، وأعطاها نفقة، فخرجت معهم.
وأطلق صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة جماعة من قريش وقعوا في الأسر قبل دخوله مكة، فكانوا يدعون: الطلقاء.
(1) اللقحة: الناقة الحلوب.