الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقول هذا في الرد على الأستاذ السيد محمد رشيد رضا حين نصح لها أن لا تنشر المقالات ذات الدعايات المناوئة للإسلام، ولقد عرفت لجنة تحريرها أن الناس لا يرجون منها أن تنصر دين الإِسلام على دين، وغاية ما يدعوها إليه عقلاء الأمة أن تسير في سبيل علمية أو أدبية أو اجتماعية، تحترس فيها من أن تمس عواطف الشعوب الإِسلامية بأذى، وإذا كانت مجلة الرابطة التي يديرها شيخ مشايخ طرق الصوفية تزعم أنها لا تنصر ديناً على دين، فما بالها تبتدئ عملها بنشر أقوال الطاعنين في الإِسلام من النصارى الأوربيين، ثم لا تستحي الأدب أن يراها تنشر مقالاً يكتبه بعض المخالفين في شأن مسيلمة الكذاب؛ كالموازنة بينه وبين أصدق الناس لهجة محمد بن عبد الله؟! وهل ضاقت على مجلة الرابطة مباحث الأوربيين العلمية والأدبية والاجتماعية بما رحبت، فرأت نفسها مضطرة إلى أن تملأ صحائفها بمثل هذه المقالات التي لا يخفى القصد من نشرها على القارئ النبيه؟!.
ونحن لا نستطيع أن نفهم كيف يجتمع التصوف وفتح الصدر للدعاية التي يقوم بها أمثال سلامة موسى بارتياح؟! نعم، نستطيع أن نفهم كيف يلتقي هذا وذاك في نفس واحدة، متى استطاعت مجلة الرابطة أن تقنعنا بفساد ما أجمع عليه العقلاء قاطبة من أن النقيضين لا يجتمعان بمكان.
*
النقد التحليلي لكتاب في "الأدب الجاهلي
" (1):
كان الدكتور طه حسين وضع كتاباً سماه: "في الشعر الجاهلي"(2)، وارتكب فيه من الخطأ في البحث، ومن مناوأة الإِسلام ما دعا طائفة من حملة
(1) مجلة "الهداية الإِسلامة"- الجزء الخامس من المجلد الأول.
(2)
انظر كتاب: "نقض كتاب في الشعر الجاهلي" للإمام.
الأقلام إلى نقده وتقويم عوجه، وكان الأستاذ المفضال محمد أحمد الغمراوي ممن نقدوا ذلك الكتاب بمقالات نشرت في جريدة "البلاغ"، وكان أهل العلم والفضل يقرؤونها بإعجاب، واقترح بعض أهل الفضل على الأستاذ الغمراوي جمعها، وإبرازها في كتاب، فلم يسترح لأن يجيب رغبتهم؛ نظراً لأن الكتاب المنقود قد حجز، وفي حجزه أمان من أن يخالط عقولاً فيكدرها، أو يساور نفوساً فيزيغها، ثم إن الدكتور طه حسين حذف من الكتاب المحجوز أجهل جمل نال فيها من الدين الحنيف، وأضاف إليه حديثاً من أوله، وحديثاً من آخره، وسماه: كتاب "في الأدب الجاهلي".
وعند هذا رأى الأستاذ الغمراوي أن تنبيه النشء لما يحمله هذا الكتاب من مزاعم وهمزات، إنقاذ لهم من أن يتخبطوا في غير علم، أو يسقطوا في غير هدى، فعاد إلى ما كان قد نشره في جريدة "البلاغ"، واتخذه نواة لنقد كتاب "في الأدب الجاهلي" الذي هو كتاب "في الشعر الجاهلي" روحاً وغاية وطريقة، فطعنه في صميم مباحثه، وأمتع القول في الكشف عن عيوبه.
تناول الأستاذ الغمراوي كتاب "في الأدب الجاهلي" من ناحية العلم والأدب والتاريخ، ثم من الناحية التي تمس الدين الحنيف، فرفع الطلاء عما احتواه من أغلاط، وأقام الشاهد بعد الشاهد على أنه وليد فكر تندفع به الأهواء في غير طريق.
فمن يقرأ كتاب "النقد التحليلي" يأخذه الإعجاب بما وهب الله صاحبه من سلامة الذوق، وأصالة الرأي، ولو أن كل شبابنا الذين يدرسون في البلاد الغربية، أو أكثرهم يعودون إلينا بمثل ما عاد به الأستاذ الغمراوي من علم موزون، وعقل راجح، ونفس مطمئنة، لكان لنهضتنا اليوم من القوة والاستحكام