الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوائلها بأواخرها؛ فإن الخطيب قد يفتتح الخطبة بمقدمات لا يظهر القصد من إتيانه عليها إلا عندما يدخل في حديث الغرض نفسه، فإعلام المستمعين بالغرض يجعلهم يتلقون تلك المقدمات على تنبه لوجه المناسبة التي تنتظمها في نفسها، ثم للصلة التي تربطها بالغرض المصوغ من أجله الخطاب.
دل التاريخ على أن العرب قد يأخذون بهذه العادة المعروفة اليوم؛ من تنبيه الملأ للموضوع الذي أزمع الخطيب أن يخوض بيانه.
نجد في التاريخ: أن عبد الله بن الزبير قدم على الخليفة عثمان بفتح أفريقية، وقص عليه كيف كانت الواقعة، فأعجب عثمان بما سمع منه، وقال له: يا بني! أتقوم بمثل هذا الكلام على الناس؟ فقال: يا أمير المؤمنين! أنا أهيبُ لك مني لهم، فقام عثمان في الناس خطيباً، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس! إن الله قد فتح عليكم أفريقية، وهذا عبد الله بن الزبير يخبركم خبرها -إن شاء الله-، وكان عبد الله بن الزبير إلى جانب المنبر، فقام خطيباً. وكان أول من خطب إلى جانب المنبر.
ولا ننسى مع هذا أن هناك أحوالاً تقتضي عدم إشعار الملأ بما يقصد من الخطبة؛ كان يكون الغرض الذي يرمي إليه الخطيب من الأمور التي عهدوا بإنكارها، أو عدم الاحتفال بشأنها، والخطيب في هذه الحال مضطر إلى أن يبهم الغرض من الخطبة؛ حتى يطرق مقدمات شأنها أن تهيئ نفوس السامعين لقبول ما يقرره من حقيقة، أو يدعو إليه من إصلاح.
*
جمعية الهداية الإِسلامية - سبب تأليفها
(1):
إن متانة أصول الإِسلام، وحكمة شريعته، ووضاءة آدابه، تجعلنا على
(1) مجلة "الهداية الإِسلامية" - الجزء الثالث من المجلد الأول.
أمن من أن تمسه الدعايات المناوئة له بسوء، فلا نخشى على أصوله أن تزعزع، ولا على شريعته أن يبدو فيها مغمز، ولا على آدابه أن توزن بما هو خير منها، أو مثلها، ولكن قلة العناية بالقيام على هذه الأصول والشريعة والآداب، وتلقينها لنشئنا في أول طور من أطوار حياتهم العلمية، مهد الطريق لنفر يحملون ألقاباً إسلامية، ثم ما يكون منهم إلا أن يأتمروا على الإِسلام، ويبثوا سموم دعايتهم في بعض الصحف، ومجامع التعليم.
دعاية سارت في استهواء بعض شبابنا خطوات غير قليلة، ومن أثرها: أن أصبح طائفة ممن يقعدون في مقاعد التدريس، أو السيطرة على جماعة من المسلمين، يطعنون في جانب هذا الدين الحنيف بكل صفاقة، لا يرعون في أهله ذمة، ولا يرقبون لآداب الاجتماع عهداً، ويريدون بعد هذا كله أن يسموا الإلحاد إصلاحاً، والخلاعة حرية.
نحن على يقين من أن دعاية تكيد الإِسلام وتناصبه العداوة لا تتقدم بشيء من العلم أو المنطق، وإنما هي عوامل مادية تدفعها، ثم لا تجد أمامها قوة علمية منظمة تكفي الناس شرها، وتحمي الوطن من وبائها.
ولو تمثلت عاقبة هذه الدعاية في أعين أهل العلم يوم أخذت تدرج في أوطاننا، لقضوا عليها قبل أن يقول قائل:"يجب القضاء على الدين الذي تتعدد فيه الزوجات"، ويقول آخر:"سيأتي الوقت الذي تعرفون فيه أن الميراث ليس من الدين"، ويؤلف ثالث كتاباً (1) يخادع فيه المسلمين بزعم أن القضاء ليس من الدين.
(1) أشار إلى كتاب "الإِسلام وأصول الحكم" تأليف علي عبد الرازق. وقد رد عليه الإمام بكتابه الشهير "نقض كتاب الإِسلام وأصول الحكم".
ولو اتخذ أهل العلم الصغائر مرآة يبصرون ما وراءها من الكبائر، لما بلغ بعض رؤساء الشعوب الإِسلامية أن يرهقوا ذلك الشعب طغياناً، ويحملوه على عوجاء نهارها كليلها، ثم لا يصغوا إلى توبيخ ضمائرهم حين يسمون الإرهاق حرية، ونور الإيمان غباوة.
لا تستطيع أي قوة أن تقضي على الدين الذي تتعدد فيه الزوجات، ولن يأتي الوقت الذي يعتقد فيه الناس أن الميراث ليس من الدين، ولا ينخدع المسلمون لمن يكيد للإسلام، ويريد أن يخرجه لهم في صورة الدين الذي يمكن فصله عن القضاء والسياسة، ولا يستقيم الأمر لرئيس يجهل على الإِسلام، أو يتخذ ممن يجهلون على الإِسلام عضداً، فقد تيقظ المسلمون حقاً من خمولهم، وقام أهل العلم يطفئون فتنة الإغواء جهدهم.
وعلى هذا القصد تألفت جمعية الهداية الإِسلامية.
مبادئ هذه الجمعية ومساعيها: في اليوم الثالث عشر من شهر رجب سنة 1346 هـ الموافق 6 يناير سنة 1928 م تأسست جمعية الهداية الإِسلامية، وهي جمعية علمية أدبية، الغرض من تأسيسها: القيام بما يرشد إليه الدين الحنيف؛ من علم نافع، وأدب رفيع، وخلق كريم، وتعتمد في تحقيق هذا الغرض على الوسائل الآتية:
1 -
السعي لتعارف الشعوب الإِسلامية، وتوثيق الرابطة بينها، ورفع التجافي بين الفرق الإِسلامية، والتعاون مع كل جمعية تسعى لهذه الغاية.
2 -
نشر حقائق الإِسلام بأسلوب يلائم روح العصر.
3 -
مقاومة الإلحاد والدعايات غير الإِسلامية في الأوطان الإِسلامية بالطرق العلمية.
4 -
الجهاد في إصلاح شأن اللغة العربية، وإحياء آدابها.
ويقوم أعضاء هذه الجمعية منذ أنشئت بإلقاء محاضرات في المساجد عقب صلاة الجمعة، ومحاضرات في بعض النوادي عندما تدعو الحاجة إلى ذلك، وبتحرير هذه المجلة التي ستسير -بتأييد الله تعالى- على الصراط السوي، وتفتح صدرها لنشر ما تسمح به أقلام البلغاء، ودعاة الإصلاح من المباحث القيمة والنصائح السامية.
الذين قاموا بالدعوة إلى تأسيس هذه الجمعية: السادة: ولي الدين أسعد المدني - حسين شكري الشواء - أحمد العربي المدني - يوسف عبد الرزاق المشهدي - محمد الحسن مصطفى - عبد الله مصطفى المراغي - هاشم دفتر دار المدني - محمد البسطامي - خلوصي الكيالي - صلاح الدين أبو علي - عبد القادر عبد العزيز يوسف - عبد الحليم علي النجار - محمد منجود.
مجلس الإدارة: محمد الخضر حسين: رئيس - الشيخ محمد عبد المطلب مدرس بدار العلوم العليا: وكيل أول - الشيخ علي محفوظ المدرس بقسم الوعظ والإرشاد بالأزهر: وكيل ثان - الشيخ فكري يس مدرس بالأزهر: كاتم سر الجمعية - عبد الحميد أفندي مدكور: أمين الصندوق - الشيخ مصطفى بدر زيد مدرس بالأزهر: مراقب الجمعية.
الأعضاء: الشيخ عبد ربه مفتاح المفتش العام للوعظ والإرشاد بالوجه البحري - الشيخ عبد الجليل عيسى مدرس بالأزهر - الشيخ علي مصطفى أبو درة مدرس بالأزهر - الشيخ عبد الوهاب النجار مدرس بقسم التخصص بالأزهر - الدكتور عبد العزيز قاسم بك - الشيخ يوسف حجازي مدرس بالأزهر - الشيخ محمد عبد السلام القباني مدرس بالزهر - الشيخ أحمد أبو سلامة مدرس