الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
للتاربخ
(1):
تلقى مدير هذه المجلة من أستاذ علامة كبير في رباط الفتح رسالة خاصة، دلت على غزارة علمه، وسعة اطلاعه في التاريخ، وعلو مكانته في الأدب، فنقتبس منها ما يأتي خدمة للتاريخ:
"منذ برهة اجتمعت بحاضرتنا بالشيخ القاصر الصدام "أحد مدرسي جامع الزيتونة"، فكانت مجالس أنس، ومسامرات علم، ومحاضرات أدب، وكان أول ما جرى من الأحاديث مما يتعلق بكم، فاستعبر وبكى على فراقكم
…
وأجبته تسلية له: بأن القاهرة المعزية هي كرسي الإِسلام وإيوانه كما يقول ولي الدين الحضرمي، والتاريح يعيد نفسه، ولذلك تجبى إليها ثمرات كل شيء، وليست هذه الأولى من نوعها، وذكرته بعهد أسد بن الفرات، وسحنون، ورحلتهما للعلم والغنم، والتدوين والتمدين، وعهد ابن خلدن، ثم "بيرم" القريب العهد.
وعلى العكس من ذلك همّ الحافظ زين الدين العراقي بالرحلة لسماع "الموطأ"؛ لعلو خطيب "الزيتونة" بها، فلم يتفق له كما في "طبقات ابن فهد المكي".
على أن فضل "الخضراء (2) " غير قاصر من هذه الناحية على جارتها الشرقية، بل سرى حتى إلى جارتها الغربية، وليس ببعيد ما عقده في العهد السليماني شيخ الإِسلام الرياحي تلميذ الشيخ إسماعيل التميمي مع الهيئة العلمية بالمغرب من أواصر الإخاء والصفاء، مما زاد في مفاخر الخضراء ..
(1) مجلة "الهداية الإِسلامية" - الجزء الثاني عشر من المجلد الأول.
(2)
من أسماء تونس.
على أن ذلك غير قاصر على الأعيان، بل شامل حتى للبنيان.
وما زلت أسمع أن الملو
…
ك تبني على قدِّ خطاها
فإن الجامع الأزهر بمصر إنما بناه القائد جوهر القادم من تونس يوم السبت 24 جمادي الأولى سنة 359 كما هو مشهور
…
وإن جامع القرويين بفاس إنما بنته القانتة أم البنين السيدة فاطمة بنت محمد الفهري القيرواني يوم السبت فاتح رمضان سنة 245 لما قدمت مع أبيها وإخوتها في وفد القيروان على مولانا إدريس باني فاس نجلِ الفاتح العظيم.
فاستحسن ما ذكرته في "القرويين"، واستغربه، فأحلته إلى صحف التاريخ المغربي؛ كالقرطاس وغيره، وإنه من الحقائق المقررة في الحقائب، فحاول أن يجعل ذلك من الإنصاف، فقاومت بأن "حقائق الأشياء ثابتة"، وأن العلم رحم بين أهله، وأن الإِسلام لا وطنية له، وإنما المؤمنون إخوة".
هذا ما كتبه فضيلة ذلك الأستاذ، وهو أحد أفاضل علماء المغرب الأقصى، ونحن لا ننسى ما للجامع الأزهر بالقاهرة، ولجامع القرويين بفاس من الأثر الكبير في نهضة العلم بجامع الزيتونة؛ فإن الكتب التي تدرس بجامع الزيتونة أغلبها من مؤلفات الأزهر، أو علماء المغرب الأقصى، ولتعاليم الجامع الأزهر، وتعاليم جامع القرويين أثر عظيم في الثقافة الزيتونية، ولا ننسى بعد هذا طائفة من علماء فاس قدموا إلى تونس، واتخذوها دار إقامة، وتلقى عنهم التونسيون من العلوم ما لم يكونوا يعلمون؛ مثل: الشيخ محمد الفاسي المتوفى سنة 1232، وأذكر الآن أن أحد الفضلاء من علماء مصر، وهو أبو المكارم هبة الله ابن الحسن المصري، رحل من مصر إلى الأندلس، وولي القضاء بإشبيلية، وانتقل إلى المغرب، وولي القضاء بفاس، ثم استصحبه السلطان يعقوب