المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامسكتاب التوحيد

- ‌1 - فقه التوحيد

- ‌2 - خطر الجهل

- ‌3 - خطر الكفر

- ‌4 - خطر الشرك

- ‌5 - خطر النفاق

- ‌6 - فقه التوفيق والخذلان

- ‌7 - فقه حمل الأمانة

- ‌8 - حكمة إهباط آدم إلى الأرض

- ‌الباب السادسفقه القلوب

- ‌1 - خلق القلب

- ‌2 - منزلة القلب

- ‌3 - صلاح القلب

- ‌4 - حياة القلب

- ‌5 - فتوحات القلب

- ‌6 - أقسام القلوب

- ‌7 - غذاء القلوب

- ‌8 - فقه أعمال القلوب

- ‌9 - صفات القلب السليم

- ‌10 - فقه سكينة القلب

- ‌11 - فقه طمأنينة القلب

- ‌12 - فقه سرور القلب

- ‌13 - فقه خشوع القلب

- ‌14 - فقه حياء القلب

- ‌15 - أسباب مرض القلب والبدن

- ‌16 - مفسدات القلب

- ‌17 - مداخل الشيطان إلى القلب

- ‌18 - علامات مرض القلب وصحته

- ‌19 - فقه أمراض القلوب وعلاجها

- ‌20 - أدوية أمراض القلوب

- ‌1 - علاج مرض القلب من استيلاء النفس عليه

- ‌2 - علاج مرض القلب من وسوسة الشيطان

- ‌3 - شفاء القلوب والأبدان

- ‌البَابُ السَّابعفقه العلم والعمل

- ‌1 - أهل التكليف

- ‌2 - وظيفة العقل البشري

- ‌3 - فقه النية

- ‌4 - العلوم الممنوحة والممنوعة

- ‌5 - أقسام العلم

- ‌1 - العلم بالله وأسمائه وصفاته

- ‌2 - العلم بأوامر الله

- ‌6 - فقه القرآن الكريم

- ‌7 - فقه السنة النبوية

- ‌8 - قيمة العلم والعلماء

- ‌9 - فقه العلم والعمل

- ‌10 - فقه الإفتاء

- ‌الباب الثامنقوة الإيمان والأعمال الصالحة

- ‌1 - فقه قوة الإيمان والأعمال الصالحة

- ‌2 - قوة التوحيد

- ‌3 - قوة الإيمان

- ‌4 - قوة الإخلاص

- ‌5 - قوة العلم

- ‌6 - قوة طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌7 - قوة ذكر الله عز وجل

- ‌8 - قوة الدعاء

- ‌9 - قوة العبادات

- ‌10 - قوة الجهاد في سبيل الله

- ‌11 - قوة المعاملات

- ‌12 - قوة المعاشرات

- ‌13 - قوة الآداب

- ‌14 - قوة الأخلاق

- ‌15 - قوة القرآن الكريم

- ‌الباب التاسعفقه العبودية

- ‌1 - فقه حقيقة العبودية

- ‌2 - فقه الإرادة

- ‌3 - فقه الرغبة

- ‌4 - فقه الشوق

- ‌5 - فقه الهمة

- ‌6 - فقه الطريق إلى الله

- ‌7 - فقه السير إلى الله

- ‌8 - فقه المحبة

- ‌9 - فقه التعظيم

- ‌10 - فقه الإنابة

- ‌11 - فقه الاستقامة

- ‌12 - فقه الإخلاص

- ‌13 - فقه التوكل

- ‌14 - فقه الاستعانة

- ‌15 - فقه الذكر

- ‌16 - فقه التبتل

- ‌17 - فقه الصدق

- ‌18 - فقه التقوى

- ‌19 - فقه الغنى

- ‌20 - فقه الفقر

- ‌21 - فقه الصبر

- ‌22 - فقه الشكر

- ‌23 - فقه التواضع

- ‌24 - فقه الذل

- ‌25 - فقه الخوف

- ‌26 - فقه الرجاء

- ‌27 - فقه المراقبة

- ‌28 - فقه المحاسبة

- ‌29 - فقه المشاهدة

- ‌30 - فقه الرعاية

- ‌31 - فقه الذوق

- ‌32 - فقه الصفاء

- ‌33 - فقه السر

- ‌34 - فقه القبض

- ‌35 - فقه البسط

- ‌36 - فقه الحزن

- ‌37 - فقه الإشفاق

- ‌38 - فقه الخشية

- ‌39 - فقه الغيرة

- ‌40 - فقه الثقة بالله

- ‌41 - فقه التفويض

- ‌42 - فقه التسليم

- ‌43 - فقه الرضا

- ‌44 - فقه الزهد

- ‌45 - فقه الورع

الفصل: ‌13 - فقه خشوع القلب

‌13 - فقه خشوع القلب

قال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)} [الحديد: 16].

وقال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} [المؤمنون: 1، 2].

الله تبارك وتعالى هو الواحد القهار، ذو الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، الذي خضعت رقاب العباد لعظمته، وخشعت الأصوات لهيبته، وذل الأقوياء لعزته، وافتقرت جميع الخلائق إليه.

والخشوع: قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل.

ومحله القلب، وثمرته على الجوارح، فإن حسن أدب الظاهر عنوان أدب الباطن، والكمال الخارجي ثمرة الكمال الداخلي.

فالخشوع معنى يلتئم من:

التعظيم للرب .. والمحبة له .. والذل له .. والانكسار بين يديه.

والخشوع أربعة أنواع:

الأول: اتضاع القلب والجوارح وانكسارها لنظر الرب إليها، وهو مقام الرب على عبده بالإطلاع والقدرة والربوبية، فخوفه من هذا المقام يوجب له خشوع القلب لا محالة، وكلما كان أشد استحضارًا لعظمة الرب وجلاله وجماله وإحسانه كان أشد خشوعًا.

الثاني: التذلل للأمر، بتلقيه بذلة القبول والانقياد والامتثال، مع إظهار الضعف والافتقار إلى الهداية للأمر قبل الفعل، والإعانة عليه حال الفعل، وقبوله بعد الفعل.

والاستسلام للحكم القدري، بعدم تلقيه بالتسخط والكراهة والاعتراض.

ص: 1342

الثالث: ترقب آفات النفس وآفات العمل، وذلك بانتظار ظهور نقائص نفسك وعملك وعيوبهما لك.

فذلك يجعل القلب خاشعًا لمطالعة عيوب نفسه وأعماله ونقائصهما، من الكبر والعجب والرياء، وقلة اليقين، وتشتت النية، وعدم إيقاع العمل على الوجه الذي ترضاه لربك، ورؤية فضل كل ذي فضل عليك.

وذلك بأداء حقوق الناس، وعدم مطالبتهم بحقوق نفسك، وتعترف بفضلهم، وتنسى فضل نفسك عليهم.

الرابع: ضبط النفس بالذل والانكسار عن البسط والإدلال الذي تقتضيه المكاشفة، وأن يخفى أحواله عن الخلق جهده، كخشوعه وذله وانكساره، لئلا يراها الناس، فيعجبه اطلاعهم عليها، ورؤيتهم لها، فيفسد عليه وقته وقلبه وحاله مع الله، فلا شيء أنفع للصادق من التحقق بالمسكنة والفاقة والذل.

وأن لا يرى الفضل والإحسان إلا من الله، فهو المانّ به بلا سبب منك. والشهقة التي تعرض أحيانًا عند سماع القرآن أو عند ذكر الله لها أسباب منها:

أن يلوح له عند سماع القرآن والذكر درجة ليست له فيرتاح لها، فيشهق، فهذه شهقة شوق.

أو يلوح له ذنب ارتكبه فيشهق خوفًا، فهذه شهقة خشية.

أو يلوح له نقص في العمل لا يقدر على دفعه فيحدث حزنًا، فيشهق شهقة حزن.

أو يلوح له كمال محبوبه، ويرى الطريق إليه مسدودة، فيشهق شهقة أسف.

أو يذكره ذلك بمحبوبه، ويرى الطريق إليه مفتوحًا، فيشهق شهقة فرح وسرور.

أو يذكره ذلك جلال ربه وجماله، وإحسانه وإكرامه، فيرى الخلائق كلها تحت قهره، مدينين لفضله وإحسانه، فيشهق لما يرى من كمال عظمة الرب، وجميل إحسانه إلى عباده:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)} [الحديد: 16].

ص: 1343

إنه عتاب مؤثر من المولى الكريم الرحيم، واستبطاء للاستجابة الكاملة من تلك القلوب التي أفاض عليها من فضله.

فبعث إليها الرسول يدعوها إلى الإيمان بربها، وأنزل عليها الآيات البينات، ليخرجها من الظلمات إلى النور.

وأراها من آياته في الكون والخلق ما يبصر ويحذر.

إنه عتاب فيه الود، وفيه الحض، وفيه الاستجاشة إلى الشعور بجلال الله، والخشوع لذكره، وتلقي ما نزل من الحق بما يليق بجلال الله من الخشية والطاعة والاستسلام، مع رائحة التنديد والاستبطاء في السؤال.

وإلى جانب الحض والاستبطاء، تحذير من عاقبة التباطؤ والتقاعس عن الاستجابة، وبيان لما يغشى القلوب من الصدأ حين يمتد بها الزمن بدون جلاء، وما تنتهي إليه من القسوة بعد اللين، حين تغفل عن ذكر الله، وحين لا تخشع للحق.

وليس وراء قسوة القلوب إلا الفسق والخروج: {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)} [الحديد: 16].

إن القلب البشري سريع التقلب، كثير النسيان، وفيه نور الفطرة، فإذا طال عليه الأمد بلا تذكير ولا تذكر تبلد وقسا، وأظلم وأعتم، فلا بدَّ من تذكير هذا القلب حتى يذكر ويخشع.

ولا بدَّ من الطرق عليه حتى يشف ويرق، ولا بدَّ من اليقظة الدائمة كي لا يصيبه التبلد والقساوة.

ولكن لا بأس من قلب خمد وجمد، وقسا وتبلد، فإنه يمكن أن تدب فيه الحياة، وأن يشرق فيه النور، وأن يخشع لذكر الله.

فالله عز وجل يحيي الأرض بعد موتها، فتزخر بالنبات والأزهار، وتخرج الحبوب والثمار، وتصبح الأرض مخضرة بعد أن كانت مغبرة: {وَتَرَى

ص: 1344

الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)} [الحج: 5].

وكذلك القلوب حين يشاء الله، وفي هذا القرآن ما يحيي القلوب بالإيمان، كما تحيا الأرض بالماء:{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17)} [الحديد: 17].

والذي أحيا الأرض بعد موتها، قادر على أن يحيي الأموات بعد موتهم، فيجازيهم بأعمالهم.

والذي أحيا الأرض بعد موتها بماء المطر، قادر على أن يحيي القلوب الميتة بما أنزله من الحق على رسوله.

فمتى يجيء الوقت الذي تلين فيه القلوب، وتخشع لذكر الله الذي هو القرآن؟ .. ومتى تنقاد لأوامره وزواجره؟.

ومتى يخشع القلب لربه، وما أنزله من الكتاب والحكمة؟.

ومتى نترقى من سمعنا وعصينا إلى سمعنا وأطعنا؟. ونقدم أوامر الرب على محبوبات النفس؟ .. ونؤثر الحياة العالية على الشهوات الفانية؟.

{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} [النور: 51]

ألا ما أحوج القلوب في كل وقت إلى أن تذكر بما أنزله الله، وتناطق بالحكمة والموعظة، لئلا تحصل لها الغفلة والقسوة وجمود العين:{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)} [ق: 45].

ص: 1345