الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات
المؤلف/ المشرف:
شمس الدين السلفي الأفغاني
المحقق/ المترجم:
بدون مكتبة الصديق - الطائف ̈الأولى
سنة الطبع:
1413هـ
تصنيف رئيس:
فرق وملل ونحل
تصنيف فرعي:
ماتريدية
في بيان أهم نتائج هذه الرسالة وذكر بعض الاقتراحات، والفهارس
الحمد لله تعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشكره سبحانه وتعالى على أن أسبغ عليَّ نعمه الظاهرة والباطنة.
وأهمها هدايته تعالى إياي إلى الإسلام الصحيح المتضمن للعقيدة السلفية، ومنها سلوكه تعالى بهذا العبد الفقير إليه سبحانه طريق العلم النافع ومنها توفيقه سبحانه إياي لإتمام هذا الكتاب وتيسيره علي.
أما بعد: فأقدم بين أيدي القراء الكرام نبذة من أهم نتائج هذا الكتاب مع ذكر بعض الاقتراحات المفيدة، ثم الفهارس.
أولاً: بيان أهم النتائج:
لقد وصلت بتوفيق الله سبحانه وتعالى في كتابي خلال سنتي تأليفه إلى نتائج كثيرة أذكر أهمها:
1 -
أن الإمام أبا منصور الماتريدي أحد أساطين الكلام، وقد أعطي مكانة عظيمة في العلوم العقلية بل العربية، ورأيته قوي العارضة شديد المعارضة صاحب ذهنٍ وقادٍ، وقوة البيان وذكاء تام.
2 -
لكنه بعيد الصلة عن السنن والآثار وأهلها والعقيدة السلفية (1).
3 -
لهذا الإمام مناقب ومحاسن كثيرة: منها ردوده القوية على الفرق الباطلة.
4 -
ولكن كثيراً من ردوده وحججه ترتد حجة عليه (2).
5 -
إن الماتريدي بسبب ما أكرمه الله من علم وقوة في الجدل ومكانة مرموقة استطاع أن صار إماماً لفرقة كلامية عظيمة من الفرق الكلامية.
6 -
الماتريدية فرقة كلامية من أعظم فرق أهل القبلة، ولها دورها ونشاطها وسلطانها على وجه البسيطة شرقاً وغرباً عرباً وعجماً حسب سلطان الحنفية، لأسباب كثيرة ذكرت أهمها (3).
7 -
الماتريدية إلى يومنا هذا لهم محاسن كثيرة: من الزهد والتقوى، والتأله والعبادة، والإخلاص للإسلام، والرد على الفرق الباطلة.
وإمامة في العلوم العقلية والنقلية من التفسير والفقه والأصول.
أما الماتريدية الحديثة كالديوبندية- فهم أئمة في علم الحديث أيضاً، ولهم خدمات جليلة في شروح الأحاديث والحواشي على كتب السنة.
8 -
غير أنهم أولوا كثيراً من الأحاديث إلى المذهب الكلامي الماتريدي والمذهب الفقهي الحنفي، فلم تكن خدمتهم للسنة مجردة عن شيء من المرض والغرض حتى حرفوا بعض الأحاديث وبعض الآيات للمذهب (4).
9 -
كما أن كثيراً من ردودهم على الفرق الباطلة ترتد حجة عليهم فيما خالفوه من الحق.
10 -
مرت العقيدة الماتريدية بأدوار ذكرت أهمها، مع بيان ميزات كل دور (5).
11 -
الماتريدي والماتريدية فرقة من فرق الحنفية فلا يوجد ماتريدي إلا حنفياً ولا عكس، أعني كل ماتريدي حنفي ولا عكس.
فقد يكون الرجل الحنفي سلفياً أو معتزلياً أو غيره، ولا يكون ماتريدياً، ولكن لم أجد أحداً من الحنفية أشعرياً إلا السمناني (6).
ولهذا السبب يراد بالحنفية في علم الكلام عن الإطلاق هم (الماتريدية) لا غير (7).
12 -
اندهشت من نشاط الماتريدية في ميدان التأليف ومناصرتهم لعقيدتهم الكلامية بكل ما يملكونه من القوى (8).
(1) انظر على سبيل المثال صـ: 1/ 490، 3/ 111 - 112، 3/ 133 - 135.
(2)
راجع 1/ 209 - 255، بل هو ممن ساير جهماً: 1/ 235 - 253، بل حرّف معنى آية في كتاب الله لكونه عريقاً في التعطيل 2/ 31.
(3)
انظر صـ: 1/ 269 - 276.
(4)
راجع 1/ 264 - 268، 2/ 529 - 533.
(5)
راجع صـ: 1/ 262 - 268.
(6)
انظر صـ: 1/ 408 - 410 و1/ 172 - 176.
(7)
راجع صـ: 1/ 408.
(8)
راجع صـ: 1/ 279 - 376 وفي هذه الصفحات فهرس كتبهم.
13 -
الماتريدي والماتريدية قد وافقوا أهل السنة المحصنة من سلف هذه الأمة وأئمة السنة في إثبات بعض الصفات، وكثير من مسائل الأسماء الحسنى، ومعظم أبواب النبوة وجميع أبواب المعاد، والقضاء والقدر، وخلق أفعال العباد، وإبطال الجبر.
وهذا من حسناتهم التي لا تنسى والتي يشكرون عليها ونحبهم بها.
14 -
فهؤلاء- لما عندهم من الحق- يعدون من أهل السنة بالمعنى العام، وليسوا من أهل السنة المحصنة (1).
15 -
للماتريدية موقف خطير من النصوص الشرعية وهو في الحقيقة موقف من لا يؤمن بها حقاً، حيث قدموا عقولهم على النقل الصحيح الصريح، وجعلوا العقل أصلاً ويقيناً وجعلوه مصدراً لتلقي العقيدة في باب صفات الله تعالى.
أما النقل فهم إما فوضوا فيه، أو أولوه لظنهم أنه لا يفيد الظن (2) وقد ناقشناهم في ثلاثة فصول: الثاني والثالث والرابع من الباب الثاني (3).
16 -
أما الماتريدية الحديثة كالكوثري والكوثرية ومن سايره من بعض الديوبندية كالبنوري فلهم مقالة خطيرة أخرى وهي: أن كثيراً من أحاديث الصفات وضعتها الزنادقة وروجوها على المحدثين (4).
17 -
الإمام الماتريدي والماتريدية قد فهموا من نصوص صفات الله تعالى ما يليق بالمخلوق.
فلذلك هربوا من القول بظاهرها وظنوا أن ظواهرها تستلزم تشبيه الله بخلقه وحقائق تلك الصفات ممتنعة في حق الله تعالى بحجة التنزيه.
فلا بد من التفويض فيها أو تأويلها (5).
وقد أفردت لإبطال هذه الشبهة فصلاً كاملاً، وهو من الباب الثاني (انظر 1/ 478 - 533) فأبطلتها بثمانية وجوه.
18 -
موقف الماتريدية من صفات الله تعالى غير ما أثبتوه من بعض الصفات وموقفهم من نصوصها بين تفويض وتأويل (راجع 1/ 473 - 474، 541).
لكن قولهم بالتفويض للتخلص من نصوص السلف القاطعة الصريحة في الإثبات فقط، وإلا مذهبهم الذي استقروا عليه وطبقوه عملياً هو التأويل المبتدع الذي هو عين (التحريف) و (التعطيل)(6).
19 -
ادعت الماتريدية على السلف تفويضاً مطلقاً في الكيف والمعنى جميعاً، وهذه الدعوى باطلة على السلف لا حقيقة لها، وأنها خطأ عليهم، وافتراء شنيع وبهتان فظيع وتقول وتقويل (راجع 2/ 127 - 129).
وهذه الدعوى تستلزم عواقب وخيمة ذكرتها بالتفصيل، وأبطلت مزاعمهم وشبهاتهم في فصل مستقل بعدة وجوه وأجوبة (7).
20 -
الماتريدي والماتريدية فرقة عريقة غريقة في التأويل المستلزم لتعطيل صفات الله تعالى وتحريف نصوصها، وفتح أبواب الزندقة والإلحاد لأمثال القرامطة الباطنية وغير ذلك من العواقب الوخيمة الذي ذكرت بعضها في فصل مفرد (8).
21 -
إن الماتريدية لا يوجد عندهم قانون دقيق، ومعيار صحيح فيما يؤول وفيما لا يؤول.
ولذلك وجد عليهم القرامطة الباطنية طريقاً إلى تأويل الشرائع والمعاد.
وليس عند الماتريدية فاصل صحيح بين التأويل الصحيح وبين التأويل الباطل ليسدوا به طريق القرامطة (راجع 2/ 325 - 339)؛
لأن للقرامطة أن يقولوا: أنتم مهما أولتم نصوص الصفات على كثرتها وتوافرها وعلى قطعية دلالتها على مرادها-
فلنا أن نؤول نصوص الشرائع والمعاد أيضاً.
وليست تأويلاتكم بأحق من تأويلاتنا، كما أن تأويلاتنا ليست بأبعد من تأويلاتكم، مع أن تأويل الشرائع والمعاد أسهل من تأويل الصفات (9).
22 -
اشترطت الماتريدية في صحة التأويل شرطاً مهماً:
(1) راجع صـ: 1/ 401 - 406.
(2)
راجع صـ: 1/ 537 - 550.
(3)
2/ 5، 133، 211.
(4)
انظر صـ: 1/ 252، 545، 549.
(5)
انظر صـ: 1/ 465 - 477.
(6)
انظر صـ: 2/ 131، 255، 296، 2/ 436 - 455.
(7)
راجع صـ: 2/ 133 - 196.
(8)
راجع صـ: 2/ 212، 213، 2/ 214، 2/ 215، 2/ 219، 2/ 242، 2/ 255، 2/ 296، 2/ 304، 2/ 340.
(9)
انظر صـ: 1/ 304 - 325.
وهو أن يكون موافقاً لاستعمال اللغة العربية (1).
ومعنى هذا أن التأويل الذي لا يوافق اللغة العربية هو تحريف محض.
23 -
ولكن الماتريدية -مع الأسف الشديد- لم يطبقوا قولهم هذا تطبيقاً عملياً بل عملهم الواقعي في التأويل يخالف الشرط.
فقد ذكرت أمثلة عديدة لبيان أن تأويلاتهم لا توافق اللغة العربية، وإنهم لم يستطيعوا توفر شروط التأويل الصحيح.
إذن تأويلاتهم تحريف محض مستلزم لتعطيل بحت (2).
24 -
بل قد صرح كثير من أئمة الإسلام على أن تأويلات المتكلمين تحريف (3).
25 -
وأن تأويلاتهم تستلزم تعطيل الصفات حتى بشهادة الإمام أبي حنيفة، وكثير من كبار أئمة الماتريدية (4).
الماتريدية متناقضون في قضية التأويل حيث أثبتوا بعض الصفات وأولوا بعضها فإما أن يثبتوا جميع الصفات، وإما أن يؤولوا جميعها، لأن الدافع للتأويل- وهو شبهة التشبيه، وتحقيق التنزيه- موجود فيما أثبتوه أيضاً (5).
27 -
إن الماتريدية لم يعرفوا حقيقة (التشبيه) الذي يجب نفيه عن الله تعالى، فأدخلوا في مفهوم التشبيه كثيراً من الصفات فنفوها (6).
28 -
كما أنهم لم يعرفوا حقيقة (التنزيه) الذي يجب إثباته لله سبحانه، فأدخلوا في مفهوم التنزيه نفي كثير من الصفات فعطلوها (7).
29 -
فصار (توحيدهم) ذا صلة وثيقة بتوحيد الجهمية الأولى، والمعطلة الخرقاء والفلاسفة الحمقى.
30 -
إن الماتريدية في مقالتهم: (التأويل) قد خالفوا إجماع سلف هذه الأمة، وأئمة السنة، ولا سيما الإمام أبا حنيفة وأصحابه الأوئل (8).
31 -
اشتهر على ألسنة الناس أن الأشعرية والماتريدية قد أثبتوا سبعاً من الصفات التي يسمونها (صفات المعاني) أو (صفات عقلية) أو (صفات ثبوتية) أو (صفات ذاتية).
وهي: الحياة، والقدرة، والعلم، والسمع، والبصر، والإرادة، والكلام، وزادت الماتريدية صفة ثامنة، وهي (صفة التكوين) التي هي مرجع جميع الصفات الفعلية عندهم (راجع 2/ 430 - 433).
ولكن الحقيقة أنهم لا يثبتون هذه الصفات كلها جميعاً. وإن تظاهروا بإثباتها.
لأنهم اتفقوا بإثبات أربع منها: وهي الحياة، والقدرة، والعلم، والإرادة. مع تفلسف في إثباتها كإثبات السلف.
واختلفوا في (السمع والبصر).
أما (صفة الكلام) فلا يؤمنون بها، على طريقة سلف هذه الأمة؛ بل عطلوها جهاراً دون إسرار، وأثبتوا لله تعالى- كذباً وافتراءً عليه- ما يسمونه (الكلام النفسي) - الذي لم يعرفه الأنبياء والمرسلون، ولا الصحابة، ولا التابعون، ولا الأئمة الفقهاء والمحدثون، ولا أحد من بني آدم، ولايقره عقل ولا نقل ولا عرف ولا إجماع حتى جاء دور (ابن كلاب)(بعد 240هـ) فأحدث بدعة (الكلام النفسي) وأما صفة التكوين فيرجع الأمر إلى أن الخلاف بين الفريقين لفظي. وأن التكوين يرجع إلى صفتي القدرة والإرادة (9).
32 -
الماتريدية حصروا صفات الله تعالى في أربعة أنواع تحتها (21) صفة فقط لا غيرها، وهذا عين الإلحاد وتعطيل صريح لما سواها (10).
33 -
الصفات الفعلية عندهم ليست صفات لله تعالى على سبيل الحقيقة ولا قائمة به تعالى، لئلا يلزم قيام الحوادث به سبحانه؛ لأنها حادثة. بل هي من متعلقات صفة (التكوين) عندهم.
وهذا كما ترى تعطيل صريح (11).
(1) انظر صـ: 1/ 209.
(2)
راجع صـ: 2/ 255 - 295، 2/ 325 - 339.
(3)
انظر صـ: 2/ 285 - 295.
(4)
راجع صـ: 2/ 299 - 303.
(5)
انظر صـ: 2/ 340 - 353.
(6)
انظر صـ: 1/ 484 - 498.
(7)
انظر صـ: 1/ 498 - 508.
(8)
انظر صـ: 2/ 219 - 241، وانظر صـ: 2/ 476 - 485، وانظر صـ: 2/ 503 - 513، وانظر صـ: 2/ 525 - 542.
(9)
انظر صـ: 2/ 431 - 433.
(10)
انظر صـ: 2/ 426 - 428، 2/ 430 - 431.
(11)
انظر صـ: 1/ 418 - 423، 2/ 425 - 433.
34 -
إن الماتريدية قد عطلوا كثيراً من صفات الله تعالى الثبوتية. وقد ذكرت لذلك (35) مثالاً وحرفوا نصوصها بالتأويل (1).
35 -
وقد ظهر بهذا أن الماتريدية معطلة أكثر من أنهم مثبتة، فصح إطلاق (الجهمية) عليهم (راجع 1/ 401 - 407).
36 -
وجدت عند الماتريدية حماقات كلامية كثيرة -مع ادعائهم العقل والنظر- منها حماقات ثلاث لا يقرها عقل ولا نقل ولا فطرة ولا إجماع ولا عرف ولا لغة.
• الأولى: تعطيلهم لصفة (العلو) لله تعالى، وقولهم: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه، ولا تحت ولا فوق، ولا يمين ولا شمال ولا خلف ولا أمام إلى آخر الهذيان (2).
• والثانية: تعطيلهم لصفة (الكلام) لله وقولهم بخلق القرآن، وخلق أسماء الله الحسنى وقولهم ببدعة (الكلام النفسي)(3)(انظر 2/ 73 - 82).
• الثالثة: زعمهم أن الكتب السماوية والأحاديث النبوية جاءت على خلاف الدين الحق- لأن الدين الحق هو نفي (الجهة) عندهم. (أي نفي علو الله تعالى على خلقه) واعترفوا بأن الكتب السماوية أتت بنصوص تدل على (الجهة) وأن الله تعالى فوق العالم. ولكن قالوا في الجواب عن ذلك: إن الكتب السماوية إنما جاءت بنصوص (العلو) لأجل استدراج الناس، لمصلحة الدعوة إلى الدين الحق. لا لأجل تحقيق أن الله تعالى فوق العالم؛ لأن الكتب السماوية لو جاءت بالتصريح بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه، ولا فوق ولا تحت- لبادر الناس إلى الإنكار ولسارعوا إلى العناد.
ولقالوا: للرسل عليهم السلام: إن الذي تدعوننا إليه هو عدم محض، فاقتضت حكمة الدعوة أن جاءت الكتب السماوية موافقاً لما يزعمونه من أن الله تعالى فوق العالم (4).
وهذا كما ترى ضلال بواح صراح وتعطيل وإلحاد شنيعان فظيعان.
وهذا القول مشتمل على نسبة الكذب إلى الله تعالى وإلى كتبه المطهرة وإلى رسله عليهم السلام لمصلحة الدعوة.
ثم هو تحريف باطني وتخريف قرمطي مأخوذ من القرامطة الباطنية كما صرح به ابن سينا الحنفي المتفلسف القرمطي الباطني (428هـ)(5).
37 -
اعتنق الماتريدية عقائد هي كفر صريح عند سلف هذه الأمة، وأئمة السنة.
منها: إنكارهم لعلو الله تعالى؛ فهذا كفر عند السلف حتى عند الإمام أبي حنيفة رحمه الله (6).
ومنها: القول بخلق القرآن، وهذا كفر صريح عند السلف حتى عند الإمام أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله تعالى أيضاً؛ وهذا كله باعتراف الماتريدية (7).
ومنها: القول بخلق أسماء الله الحسنى؛ فهو كفر عند سلف هذه الأمة وأئمة السنة أيضاً حتى عند من يعدونه من كبار أئمة الحنفية، كعبد الله بن المبارك رحمه الله (8).
ومنها: تعطيل صفة (النزول) لله تعالى إلى السماء الدنيا (9).
38 -
إن الماتريدية قصدوا تحقيق (التنزيه) لله تعالى ونفي (التشبيه) عنه سبحانه وتعالى.
(1) انظر صـ: 2/ 436 - 455.
(2)
وقد أبطلنا قولهم عقلاً ونقلاً وفطرة وإجماعاً في فصل مستقل انظر صـ: 2/ 459 - 591.
(3)
وقد أبطلتُ (الكلام النفسي) بسبع وعشرين وجهاً، انظر صـ: 3/ 83 - 121، وأثبت أن كلام الله بحرف وصوت وأبطلت قولهم: إن كلام الله لا بحرف ولا صوت انظر صـ: 3/ 122 - 141. وذكرت نصوص السلف في ذم القائل بخلق أسماء الله تعالى الحسنى، بل في تكفير قائله انظر صـ: 3/ 156 - 159.
(4)
انظر صـ: 2/ 259 - 266 ومثله تخريفهم في ص 2/ 272 - 277.
(5)
راجع صـ: 2/ 266 - 272.
(6)
راجع صـ: 2/ 474 - 476، 480، 2/ 483، 2/ 525 - 528.
(7)
راجع صـ: 3/ 112 - 116.
(8)
انظر: صـ: 3/ 156 - 158.
(9)
راجع صـ: 3/ 37 - 40.
ولكنهم نزهوا الله تعالى عن كثير من صفات الكمال، وشبهوه سبحانه بالإنسان الأبكم الذي لا يتكلم إلا في نفسه ولا يكون له كلام يسمع كما شبهوه بالحيوانات العجماوات التي لا تتكلم، بل أنزلوه عن منزلة عجل السامري الذي كان له خوار، فشبهوه بالجمادات الصامتات، بل بالمعدومات بل بالممتنعات، حتى نفوا (علوه تعالى) فوقعوا في أقبح (التشبيه) وأوقحه، وخالفوا (التنزيه) مخالفة صريحة. فهؤلاء لا حققوا التنزيه، ولا نفوا التشبيه (1).
39 -
بل بعضهم ممن يحمل العقائد الشركية قد شبهوا المخلوق بالخالق، فوقعوا في تشبيهين: -
• الأول: تشبيه الله بخلقه في صفات النقص.
• والثاني: تشبيه المخلوق بالله في صفات الكمال.
وهذا- كما ترى- جمع بين صفتي (اليهود- والنصارى)(2).
40 -
الجهمية الأولى، والمعتزلة بل القرامطة الباطنية، المتفلسفة هم مصادر الماتريدية في كثير من أبواب العقيدة.
فكثير من عقائد الماتريدية وأصولها مأخوذ منهم ولا صلة لها بسلف هذه الأمة.
• وفيما يلي بعض الأمثلة: -
أ- تعطيل (الصفات) كلاً أو بعضاً بشبهة (التشبيه)(3).
ب- مقالة (تأويل)(الصفات) كلاً أو بعضاً (4).
جـ- موقفهم من النصوص الشرعية في باب (الصفات) وزعمهم: أنها ظنية؛ وأن البراهين العقلية (قطعية) فتقدم على (الأدلة اللفظية)(5).
د- تعطيلهم لصفة (العلو) لله تعالى (6).
هـ- القول بخلق القرآن مأخوذ من الجهمية الأولى حتى باعتراف الماتريدية أنفسهم (7).
والقول بخلق أسماء الله الحسنى (8).
ز- تأويل صفة (الاستواء) بالاستيلاء (9).
ح- تأويل صفة (اليدين) أو (اليد) مأخوذ من الجهمية الأولى حتى بشهادة الإمام أبي حنيفة رحمه الله (10).
ط- تعطيل صفة (نزول) الله تعالى إلى السماء الدنيا وتحريف نصوصها أو إنكارها (11).
ك- رمي الماتريدية سلف هذه الأمة وأئمة السنة بالتشبيه والتجسيم والحشو (12). (وانظر 1/ 405، وفيها عبرة للفنجفيرية!).
ل- زعمهم أن الكتب السماوية إنما جاءت بنصوص (العلو) وأن الله في (جهة الفوق) لمصلحة دعوة الناس؛ لأن الكتب السماوية لو جاءت بنصوص صريحة (بنفي الجهة) وبنفي أن الله تعالى ليس فوق العالم -لبادر الناس إلى الإنكار، ولقالوا: هذا الذي تدعوننا إليه عدم محض (13).
م- إجمالهم في الإثبات وتفصيلهم في النفي (14).
ن- عامة شبهات الماتريدية حول صفات الله تعالى مأخوذة من الجهمية الأولى (15)(انظر أيضاً 2/ 242 - 254، 259 - 277، 294).
س- لقد دخل على الماتريدية كغيرهم من المتكلمين- كثير من أفكار الفلاسفة اليونانية الكفرة والجهمية حتى باعترافهم (16).
41 -
فلهذا كله تعد الماتريدية من فرق أهل البدع من أهل القبلة وليسوا من أهل السنة المحصنة ويطلق عليهم (أهل السنة) بالمعنى العام (17).
(1) انظر صـ: 1/ 489، 1/ 504، 1/ 506، 1/ 516، ولا سيما صـ: 2/ 499، 2/ 512، 3/ 118 - 119 و 1/ 484 - 497، 498 - 507.
(2)
راجع صـ: 3/ 288.
(3)
انظر صـ: 1/ 465 - 470.
(4)
راجع صـ: 2/ 242 - 254.
(5)
انظر صـ: 1/ 543، 2/ 11، 2/ 13، 2/ 14، 2/ 71، 2/ 74.
(6)
راجع صـ: 2/ 474، وانظر ما قبلها وما بعدها أيضاً.
(7)
انظر صـ: 3/ 73 - 78، 3/ 112 - 116.
(8)
انظر صـ: 3/ 150، 3/ 153، 3/ 156 - 159.
(9)
راجع صـ: 3/ 22.
(10)
انظر صـ: 2/ 297 - 300.
(11)
انظر صـ: 3/ 32 - 45.
(12)
راجع صـ: 3/ 33، 1/ 245، 467، 2/ 176، 273.
(13)
انظر صـ: 1/ 295، 2/ 51، 60، 259 - 277.
(14)
راجع صـ: 1/ 500، 502 - 503، 505.
(15)
انظر صـ: 1/ 245، 250 - 252، 445، 2/ 14، 2/ 71، 175، 235.
(16)
انظر صـ: 1/ 232 - 2/ 39، 40، 3/ 194 - 195.
(17)
1/ 401 - 407.
42 -
الماتريدية فرقة من غلاة المقلدين الجامدين للإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، في مسائل الفقه العملية (وفيهم الكوثرية الفنجفيرية والديوبندية).
ومن الغلاة فيه، ومن المتعصبين له تعصباً مقيتاً، كادوا أن يرفعوه إلى منزلة العصمة، فجعلوا كثيراً من الأحاديث الصحيحة (حنفية) بتأويلاتهم، وجانبوا الحق نضالاً عن منهجهم، حتى صرح بعض كبار أئمة الديوبندية في صدد بيان مسألة (الخيار) بأن الحق مذهب الشافعي من جهة الأحاديث والنصوص ولكنا مقلدون يجب علينا تقليد إمامنا أبي حنيفة!.
وقد ذكرت لغلوهم وتحريفهم عدة أمثلة (1).
43 -
الماتريدية مع غلوهم في الإمام أبي حنيفة- يخالفونه في كثير من أبواب العقيدة مخالفة صريحة وخرجوا عليه، وعلى أصحابه الأوائل، كالإمامين أبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى، خروجاً واضحاً فاضحاً وهو ما يستحي منه من عنده استحياء *وإلا فليفعل ما يشاء*؛
وفيما يلي بعض الأمثلة لذلك:
أ- إن الإمام أبا حنيفة، وأصحابه الأوائل يحتجون بأخبار الآحاد في باب العقيدة، ولا سيما باب الصفات.
أما الماتريدية فقد خالفوهم وخرجوا عليهم (2).
ب- لم يعرف عن الإمام أبي حنيفة وأصحابه القدماء رحمهم الله تأويل الصفات بل قد صرحوا بعدم جواز تأويلها، وأن عدم التأويل وإثبات الصفات هو مذهب أهل السنة والجماعة.
وأن تأويل الصفات إبطال وتعطيل لها، وهو مذهب أهل القدر والاعتزال (3). أما الماتريدية فقد خالفوهم وخرجوا عليهم بتلك التأويلات التي هي تعطيل للصفات وتحريف لنصوصها، كما تقدم في النتائج بأرقام (30 - 34).
ج- إن الإمام أبا حنيفة رحمه الله تعالى قد أثبت علو الله تعالى وأنه في السماء، وقد صرح بتكفير من أنكر علو الله تعالى، وأنه في السماء، بل كفر من شك في ذلك (4).
لكن الماتريدية أنكروا علو الله إنكاراً صريحاً، وقالوا:(إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه، ولا فوق ولا تحت ولا على العرش ولا فوق العرش (5) إلى آخر هذيانهم).
د- إن الإمام أبا حنيفة قد استدل على علو الله تعالى بحديث الجارية (6).
لكن عامة الماتريدية يحرفونه بالتأويل ويصرحون بأنه مخالف للقطعيات (7).
أما الكوثري والكوثرية وبعض الديوبندية فقد طعنوا فيه ظلماً وعدواناً. (8).
هـ- إن الإمام أبا حنيفة رحمه الله تعالى قد استدل على علو الله تعالى وأنه في السماء بدليل الفطرة وهو قوله: (إن الله يدعى من أعلى لا من أسفل)(9) لكن الماتريدي والماتريدية طعنوا في هذا الدليل الفطري، وحرفوه بتأويل قبيح حتى قالوا:(إن هذا دليل غلاة الروافض واليهود والمجسمة). فسبوا إمامهم الأعظم (أبا حنيفة) من حيث لا يشعرون (10).
وإن الإمام أبا حنيفة وأصحابه الأوائل لم يقولوا: بخلق القرآن، بل قد صرحوا بتكفير القائل بخلق القرآن (11).
لكن الماتريدية قد قالوا بخلق القرآن جهاراً دون إسرار وتقية (الأشعرية) وقالوا: (بدون حياء، ليس بيننا وبين المعتزلة خلاف في خلق القرآن، وإنما الخلاف في الكلام النفسي)(12).
(1) انظر صـ: 2/ 529 - 533.
(2)
انظر صـ: 2/ 75 - 79.
(3)
انظر صـ: 1/ 466 - 467، 2/ 75 - 79، 2/ 299 - 300، 3/ 37.
(4)
راجع صـ: 2/ 75، 2/ 525 - 529.
(5)
انظر صـ: 1/ 470 - 471.
(6)
راجع صـ: 2/ 75، 2/ 525 - 529، 2/ 549.
(7)
راجع صـ: 2/ 529.
(8)
راجع صـ: 2/ 550 - 562.
(9)
انظر صـ: 2/ 75، 2/ 526.
(10)
راجع صـ: 2/ 542 - 543 وبعدها رد عليهم إلى 2/ 546.
(11)
انظر صـ: 3/ 112 - 116.
(12)
انظر صـ: 1/ 390، 3/ 73 - 82، 108 - 109.
ز- لم يعرف عن الإمام أبي حنيفة القول: بالكلام النفسي (بل لا يمكن أن يكون ذلك قوله؛ لأن أول من أحدث القول بالكلام النفسي هو ابن كلاب بعد (1240هـ)(1).
فالإمام أبو حنيفة وأصحابه الأوائل لا يرون الكلام النفسي بل يعتقدون أن هذا القرآن هو كلام الله حقيقة (2)(الطحاوية مع شرحها 179).
لكن الماتريدية قالوا (ببدعة الكلام النفسي)(3).
ح- إن الإمام أبا حنيفة رحمه الله تعالى قد صرح بسماع موسى عليه السلام لكلام الله تعالى (4).
لكن الماتريدي والماتريدية لا يجوزون سماع كلام الله تعالى لأحد من خلقه لا لموسى عليه السلام ولا لغيره (5).
ط- ى- إن الإمام أبا حنيفة رحمه الله تعالى قد صرح بأن غضبه تعالى ورضاه صفتان من صفاته تعالى بلا كيف، وهو مذهب (أهل السنة) و (الجماعة).
ولا يقال غضبه عقوبته، ورضاه ثوابه (6).
لكن الماتريدي والماتريدية يعطلون هاتين الصفتين ويحرفون نصوصهما بتأويلاتهم (7).
ك- لقد صرح الإمام أبو حنيف4ة رحمه تعالى بأن لله (وجهاً) و (يداً) بلا كيف، ولا يقال:(إن يده (قدرته) أو نعمته)، لأن هذا تعطيل لها وهو مذهب الجهمية فتأويل صفة بأخرى إبطال لها (8).
ولكن الماتريدي والماتريدية يعطلون هذه الصفة بتأويلهم إلى (القدرة) و (النعمة) وغير ذلك من التأويلات التحريفية الجهمية.
وهكذا عطلوا صفة (اليدين) و (اليمين) و (القبضة) و (الأصابع) وحرفوا نصوصها بأنواع من التأويلات المريسية (9).
ل- كما عطلوا صفة (الوجه) وحرفوا نصوصها بتأويلات جهمية (10).
م- إن الإمام أبا حنيفة رحمه الله تعالى قد أثبت لله تعالى صفة (استوائه) على عرشه، ويستدل به على علو الله تعالى (11).
لكن الماتريدي والماتريدية قد عطلوها وحرفوا نصوصها بأنواع من المجازات (12).
ن- يصرح الإمام أبو حنيفة، وكبار أئمة الحنفية الأولى، بإثبات صفة (النزول) لله تعالى إلى السماء الدنيا -بلا تكيف، ولا تشبيه ولا تحريف ولا تأويل ولا تعطيل، بل بعض كبار أئمة الحنفية القدامى يكفر من عطل صفة (النزول)(13).
لكن الماتريدي والماتريدية يعطلونها ويحرفون نصوصها بشتى التأويلات (14).
س- فرق الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى بين (توحيد الألوهية) وبين (توحيد الربوبية)، وهكذا الإمام الطحاوي رحمه الله (15).
ولكن الماتريدية فسروا (توحيد الألوهية) بتوحيد (الربوبية)(16).
وأفرط بعضهم إلى حد قالوا: (إن تقسيم (التوحيد) إلى (الربوبية) وإلى (ألوهية) من مخترعات (ابن تيمية) مع خرق آخر (17).
وقد أبطلنا مزاعمهم لغة واصطلاحاً وشرعاً في خمس مؤاخذات تتضمن وجوهاً كثيرة (18).
ع- إن الإمام أبا حنيفة، وأصحابه المتقدمين قد جعلوا الإقرار باللسان ركناً من الإيمان (19).
(1) راجع صـ: 2/ 280 - 281، 3/ 85 - 86، 89 - 90، 106 - 115.
(2)
انظر صـ: 3/ 112 - 115، 3/ 120.
(3)
راجع صـ: 3/ 73 - 82 وقد أبطلناه بعدة وجوه: 3/ 83.
(4)
راجع صـ: 1/ 403، 1/ 424، 3/ 135، 138.
(5)
انظر صـ: 1/ 423 - 426، 2/ 438، 3/ 80 - 82، 135 - 141.
(6)
راجع صـ: 1/ 466، 504، 2/ 452 - 453.
(7)
راجع صـ: 1/ 474، 2/ 452 - 453.
(8)
راجع صـ: 1/ 403، 466، 496، 504، 2/ 220، 299، 3/ 55 - 56.
(9)
انظر صـ: 1/ 390، 402 - 403، 472، 2/ 443، 3/ 51 - 52.
(10)
انظر صـ: 1/ 472، 2/ 443.
(11)
راجع صـ: 2/ 525 - 527، 3/ 20.
(12)
راجع صـ: 1/ 472 - 473، 3/ 7 - 9.
(13)
راجع صـ: 3/ 37 - 40.
(14)
انظر صـ: 1/ 473 - 474، 3/ 30 - 50.
(15)
انظر صـ: 3/ 165.
(16)
انظر صـ: 3/ 165، 168 - 170.
(17)
راجع صـ: 3/ 165 - 166.
(18)
راجع صـ: 3/ 170 - 193.
(19)
انظر صـ: 1/ 173، 404.
لكن الماتريدي والماتريدية جعلوا الإيمان، هو (التصديق) بالقلب فقط، ولم يجعلوا (الإقرار) ركناً منه. بل جعلوه شرطاً لإجراء الأحكام الدنيوية فقط لا شعر.
حتى إن من صدق بقلبه، ولم يقر بلسانه -فهو مؤمن ناج يوم القيامة (1).
وهذا -كما ترى- إرجاء صريح قبيح ليس لهم في ذلك سلف إلا أهل البدع من المرجئة الغلاة (انظر فرق المرجئة في 1/ 172 - 173).
وقد عرفنا بهذه الأمثلة أن الماتريدية أتباع للجهمية والمرجئة وليست لهم صلة بالإمام أبو حنيفة رحمه الله خاصة ولا بالسلف عامة.
44 -
لما ظن الماتريدية: أن (توحيد الألوهية (هو) توحيد الربوبية) - جعلوا (توحيد الربوبية) هو الغاية العظمى (2).
وقد أبطلنا زعمهم هذا، وأثبتنا أن (الغاية العظمى) هو (توحيد الألوهية) المتضمن لتوحيد الربوبية) بأربعة عشر وجهاً (3).
كما أبطلنا زعمهم حول دليل التمانع (4).
45 -
لما جعلت الماتريدية (توحيد الربوبية) هو الغاية- أفنوا أعمارهم وأنهوا قواهم لتحقيق هذا التوحيد.
مع أنه لا يحتاج إلى كبير الدراسة وطولها. لأنه أمر فطري وقد اعترف بهم أهل الملل والنحل جميعاً ولم يخالف في ذلك أحد إلا في بعض الحمقى في بعض تفصيله (5).
46 -
ولذلك قل اهتمامهم وعنايتهم بتوحيد (الألوهية) فغفلوا، أو تغافلوا عن معرفة ما يضاده من (الشرك) وما يوصل إليه (6)، فوقعوا في كثير من الأفكار الصوفية والخرافات القبورية (7). ولا سيما (البريلوية) من الماتريدية، فإنهم وثنية (8).
وقاربهم (الكوثري والكوثرية)، وقد ذكرنا نماذج من خرافاتهم الشركية البدعية (9). ثم بعض (الديوبندية)، وقد ذكرنا عدة أمثلة خرافية قبورية صوفية بدعية وقعوا (10) فيها وهكذا (التبليغية) منهم (11).
47 -
الماتريدية كغيرهم من أهل الكلام المذموم مع سعيهم البالغ في تحقيق وجود الله تعالى وإثبات وحدانيته -لم يستطيعوا ذلك.
لأنهم وصفوا الله تعالى بصفات المعدومات بل الممتنعات؛ فهم -بدل أن يحققوا كون الله تعالى واجب الوجود- جعلوه معدوماً بل ممتنعاً. فهذا هو حقيقة توحيدهم (12).
48 -
الإمام الماتريدي، وعامة الماتريدية يرمون (العقيدة السلفية) - بالتشبيه والتجسيم والحشو.
وينبزون أئمة السنة أصحاب العقيدة السلفية- بأنهم (مشبهة)(مجسمة)(حشوية) ونحوها من الألقاب (13).
49 -
أما الماتريدية الحديثة، كالكوثري، والكوثرية، ومن سايره من بعض الديوبندية أمثال البنوري.
فهم ارتكبوا -مع ما سبق- جريمة شنيعة أخرى:
وهي: أنهم رموا (العقيدة السلفية) بأنها عقيدة وثنية!!!.
وعقيدة (الشرك) وعقيدة (كفر) ونحوها من البهتان والعدوان والظلم والطغيان على أئمة الإيمان!!! (14).
50 -
كما أنهم حكموا على جميع كتب العقيدة لأئمة السنة: ككتب (السنة) للإمام أحمد، وأبي داود، وعبد الله بن أحمد، والخلال، وابن أبي عاصم، واللالكائي وغيرهم.
وكتب (التوحيد) للبخاري، وابن خزيمة، وابن منده، وغيرهم.
وكتب (الرد على الجهمية) للإمام أحمد، والبخاري، والدارمي، وأبي داود وابن منده وغيرهم.
(1) انظر صـ: 1/ 173، 404.
(2)
راجع صـ: 3/ 165، 3/ 202 - 228.
(3)
انظر صـ: 3/ 202 - 229.
(4)
انظر صـ: 3/ 194 - 201.
(5)
وقد ذكرنا نبذة عن مبدأ الشرك وتطوره، والتحذير منه وما يتذرع إليه، ووقوع الشرك في هذه الأمة، انظر صـ: 3/ 230 - 280.
(6)
انظر صـ: 3/ 315 - 317.
(7)
انظر صـ: 1/ 266، 3/ 284.
(8)
راجع صـ: 1/ 266 - 267، 340، 376، 3/ 285 - 302.
(9)
انظر صـ: 1/ 264 - 266، 3/ 302.
(10)
انظر صـ: 3/ 163 - 164.
(11)
1/ 265، 3/ 302 - 303.
(12)
راجع صـ: 3/ 215 - 229.
(13)
راجع صـ: 1/ 405.
(14)
انظر صـ: 1/ 244 - 365، 546 - 549.
وجميع كتب أئمة السنة في العقيدة بدون استثاء- بأنها كتب (الوثنية) وكتب (الشرك) وكتب (الكفر)(1)!!!
51 -
كما نبزوا كبار أئمة الإسلام: أمثال حماد بن سلمة، والدارمي وعبد الله بن أحمد، وابن خزيمة، والدارقطني، والوائلي وشيخ الإسلام، وابن القيم والذهبي، ومحمد بن عبد الوهاب التميمي، والشوكاني، وغيرهم من الأئمة قديماً وحديثاً بأنهم (وثنية)، ورموا بعضهم بالنفاق، والزندقة، والإلحاد؛ ونبزوا بعضهم باليهودية، وسبوا شيخ الإسلام، وابن القيم، أشنع السباب حتى رموهما بالكفر، والزندقة، والإلحاد حتى أطلقوا عليهما كلمات نابية مثل: الحمار، والتيس، والماجن، والخبيث، والملعون، والملحد، والوسخ، والنجس؛ فضلاً عن التجسيم والتشبيه، وغيرها من الشتائم التي يستحي منها كثير من الشعراء الماجنين المطربين المغنين (2).
52 -
رأيت الكوثرية وكثيراً من كبار الديوبندية في عداء شديد ضد الإمام مجدد الدعوة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى خاصة والمتمسكين بالعقيدة السلفية الذين يسميهم هؤلاء المغرضون الممرضون، (الوهابية) عامة، فنبزوا الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، بأنه زعيم المشبهة، وأنه من الخوارج، وأنه بليد قليل العلم، وصاحب خيالات باطلة، وعقائد فاسدة. وأنه كان مسيء الأدب في حق السلف، وكان باغياً ظالماً فاسقاً سفاكاً، ونبزوا عامة المتمسكين بالعقيدة السلفية بأنهم من الخوارج وأنهم استباحوا دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، وأنهم (الخبثاء) و (الخبيثة)، إلى غيرها من العدوان والبهتان (3).
53 -
وأما الفنجفيرية فانظر شتمهم لأهل الحديث في (1/ 267 - 268).
54 -
مع أن الطعن في أئمة السنة من أبرز علامات أهل البدع قديماً وحديثاً، بشهادة أئمة الإسلام ومنهم إمام أهل السنة الإمام أحمد (4).
55 -
وصلت خلال المقارنة بين (الماتريدية) وبين (الأشعرية) ولا سيما (الأشعرية المتأخرة) إلى أنهما فرقتان كأختين شقيقتين.
وكادتا أن تكونا فرقة واحدة لو لم يكن بينهما اختلاف في النسبة، واختلاف في بعض المسائل، وأنهما واسطة بين (أهل السنة المحصنة)، وبين (الجهمية والمعتزلة)(5).
56 -
خلافهم في بعض المسائل ليس خلافاً جوهرياً في جميعها. بل خلافهم خلافٌ لفظيٌ في كثير من المسائل، كما أنه خلافٌ غالباً في التفريعات لا في الأصول (6) وهي ثلاث عشرة مسألة (1/ 412 - 456).
57 -
تكلمت على غالب تلك المسائل الخلافية بين الفريقين، فوجدت (الماتريدية) في بعضها على الحق (والأشعرية) على باطل (7).
كما وجدت (الأشعرية) في بعضها على الحق و (الماتريدية) على باطل (8).
وفي بعضها قد وجدت الفريقين على باطل محض، ويكون الحق قولاً ثالثاً سلفياً (1/ 420، 424 - 426، 430 - 433، 440 - 441، 451).
58 -
وجدت قدماء الأشعرية كالباقلاني (403هـ) - أقرب إلى السنة، ولذلك يثبتون صفتي (العلو) و (الاستواء).
أما المتأخرون منهم، كالإمام أبي محمد الجويني (438هـ) ومن بعده، كالرازي (606هـ) والآمدي (631هـ) والإيجي (756هـ) - فهم أقرب شيء إلى الجهمية الأولى، انظر (1/ 388).
59 -
أما الماتريدية فلم أجد فيهم مثل هذا المدِّ والجزر؛
(1) راجع صـ: 1/ 345، 348 - 349، 547 - 550.
(2)
انظر صـ: 1/ 345 - 365، 546 - 549.
(3)
راجع صـ: 1/ 264 - 266، 339، 363، 3/ 312 - 313.
(4)
راجع صـ: 1/ 365 - 2/ 119، 121.
(5)
راجع صـ: 1/ 385 - 387، 1/ 391 - 394.
(6)
راجع صـ: 1/ 385 - 394.
(7)
راجع 1/ 414، 427، 437، 438، 447، 455.
(8)
راجع 1/ 416، 423 - 426، 436.
فقد رأيت الأولين منهم كالإمام الماتريدي (333هـ) وأبي اليسر البزدوي (493هـ)، وأبي المعين النسفي (508هـ) ونجم الدين عمر النسفي (537هـ) ونور الدين الصابوني (580هـ) هم مثل المتأخرين منهم كحافظ الدين النسفي (710هـ) والتفتازاني (792هـ) والجرجاني (816هـ)، راجع (1/ 247، 283 - 287، 290، 293 - 298).
60 -
كما أن المعاصرين منهم: كالكوثرية، والديوبندية وغيرهم لا يختلفون عمن قبلهم في المعتقد إلا في الشتائم، والسباب، وشدة العداء لأهل السنة المحصنة؛ فالمعاصرون أشدهم عداوة. غير أن البريلوية منهم قبورية وثنية أيضاً وقاربهم الكوثرية، وبعض الديوبندية والتبليغية 3/ 284 - 316.
61 -
وجدت كثيراً من كبار أئمة الأشعرية قد ندموا على ضياع أعمارهم في العقيدة الكلامية، ورجعوا عنها، كأبي محمد الجويني (438هـ) والغزالي (505هـ) والرازي (606هـ) وغيرهم (1).
ولم أجد مثل ذلك في الماتريدية، إلا من شاء الله.
62 -
تعتقد (الماتريدية) أن (الإمام أبا منصور الماتريدي (333هـ) هو (إمام أهل السنة)، و (رئيس أهل السنة)، و (ناصر السنة) و (قدوة السنة)، و (إمام الهدى)، و (علم الهدى) و (رافع أعلام السنة)، (ومهدي هذه الأمة)، و (شيخ الإسلام) وغيرها من الألقاب الضخمة الفخمة (2).
63 -
حتى الفنجفيرية مع دعواهم التوحيد! وهذا كذب ظاهر (3).
64 -
كما تعتقد (الماتريدية) و (الأشعرية) أنهم هم الذين يمثلون (أهل السنة) وهم المراد من (أهل السنة) عند الإطلاق (كما في 1/ 386). بل هم الفرقة (الناجية)! (كما في 1/ 387).
وأن (الماتريدية) أتباع (الإمام أبي حنيفة) رحمه الله تعالى في المعتقد، وأن (الأشعرية) أتباع الإمام (الشافعي) رحمه الله تعالى، في العقيدة (4). وهذا أيضاً خلاف الواقع، لأنهم معطلة مرجئة، جهمية (5).
65 -
وصلت إلى أن (الماتريدية) وإن كانوا من (أهل السنة) بالمعنى الأعم فهم أهل السنة في مقابلة الخوارج والروافض، والجهمية الأولى، والمعتزلة.
ولكنهم ليسوا من (أهل السنة بالمعنى الأخص)(1/ 405 - 407).
66 -
وهذا برهانٌ لّمِيٌّ على فساد معتقد الفنجفيرية (6).
67 -
لأن الماتريدية مبتدعة من فرق أهل القبلة، وفرقة (معطلة) بل يصح إطلاق اسم (الجهمية) عليهم، فجعلهم كالسلف ضلال وإضلال (7).
كل ذلك لما يلي من الأدلة القاطعة العشرة:
أ- صلتهم الوثيقة (بالجهمية) الأولى في كثير من العقائد التي هم مصدر الماتريدية في تلك العقائد، كما ذكرنا نماذج ذلك في (النتيجة) رقم (40).
ب- خروجهم على سلف هذه الأمة وأئمة السنة ولا سيما الإمام أبو حنيفة وقدماء أصحابه رحمهم الله تعالى في كثير من العقائد، كما ذكرنا أمثلة ذلك في نتيجة رقم (43).
ج- اعتنق الماتريدية عقائد خالفوا بسببها المعقول الصريح والمنقول الصحيح، والفطرة السليمة، والإجماع، بل إجماع جميع بني آدم، وهي حماقات لا يقرها عقل ولا نقل ولا فطرة ولا إجماع ولا لغة ولا عرف، كما ذكرنا في النتيجة رقم (36).
د- الماتريدية قد عطلوا كثيراً من صفات الله تعالى، وحرفوا نصوصها بأنواع من المجازات، كما ذكرنا في النتائج بأرقام (31 - 35).
هـ- وقع كثير من الماتريدية في كثير من الأفكار الصوفية، والخرافات القبورية كما ذكرنا في (النتيجة) رقم (46).
(1) انظر صـ: 2/ 40، 53، 1/ 57.
(2)
انظر صـ: 1/ 211 - 212، 237، 255، 386، 3/ 88.
(3)
انظر صـ: 1/ 212، 238 - 255، 389 - 390، 402 - 405، 2/ 543، 3/ 31، 88.
(4)
راجع ص: 1/ 286.
(5)
راجع صـ: 1/ 173، 395 - 407، وانظر: 3/ 326 - 338.
(6)
راجع صـ: 1/ 405 - 407.
(7)
كما هذى الفنجفيري 1/ 407، 470.
والماتريدية قد طعنوا في العقيدة (السلفية) وكتبها، وأئمة السنة ونبزوهم بألقاب سيئة شنيعة بل بالسباب والشتائم الفظيعة. وهذا من أبرز علامات أهل البدع قديماً وحديثاً.
راجع (النتائج) بأرقام (48 - 54).
ز- الماتريدية من فرق (المرجئة) من فرق أهل البدع (1).
ح- هذا الذي وقعت فيه الماتريدية من (تعطيل) كثير من الصفات و (تحريف) نصوصها، وخروجهم على (العقل والنقل والفطرة)، ومخالفتهم (سلف هذه الأمة)، و (أئمة السنة)، ولا سيما الإمام (أبو حنيفة)، وأصحابه القدماء رحمهم الله لا شك أنه بعد بعيد مديد عن (السنة) وأهلها (2).
وأن هذا عين (البدعة)(3).
ونوع من (الإلحاد) في أسماء الله تعالى وصفاته وآياته (4).
بل نوع من (الزندقة) بمعنى البدعة لا النفاق (5).
ط- إنه لا شك في أن (العقيدة الماتريدية) إنما حدثت في الإسلام في القرن الرابع زمن (الإمام أبي منصور الماتريدي)(333هـ)(6).
ولم يكن قبل ذلك وجود لهذه العقيدة في خير القرون.
فلا ريب في أنها عقيدة بدعية، وأهلها مبتدعون؛ حيث لم يكن (للماتريدية) وجود قبل عهد الإمام أبي منصور الماتريدي وهكذا العقيدة الأشعرية إنما ظهرت في آخر القرن الرابع (7).
ي- اعتقدت الماتريدية عقائد هي كفر صريح عند سلف هذه الأمة وأئمة السنة، ولا سيما عند الإمام أبي حنيفة وأئمة الحنفية الأوائل، كما ذكرنا في (النتيجة) رقم (37).
وهذه الأمثلة حجج قاطعة ناصعة على أن الماتريدية من فرق أهل البدع وليسوا بأهل السنة المحصنة، (تلك عشرة كاملة * ولمعرفتهم ضامنة).
68 -
ولكن نحن لا نرمي أحداً منهم بأنه (كافرٌ) أو (مشركٌ) أو (وثنيٌ)، أو (منافقٌ) أو (زنديقٌ) أو (ملحدٌ) أو (يهوديٌ) أو (مرتدٌ) أو (ملعونٌ) أو (ماجنٌ) أو (تيسٌ) أو (حمارٌ). كما هم رموا أئمة السنة بهذه الشتائم وهذا التكفير كما لا نرمي أحد منهم بالكيد ضد الإسلام والبغض والعداوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك معاذ الله من ذلك، ونبرأ إلى الله تعالى من العدوان والبهتان على أهل العدوان والبهتان (8).
69 -
بل هم مسلمون، وإخواننا في الإسلام، وأنهم مخلصون للإسلام، ومحبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما أكرمهم الله تعالى من إمامة عظيمة في العلوم العقلية والنقلية، ونصيبٍ وافرٍ من الإخلاص والنية الطيبة، والإحسان، والقصدِ للوصول إلى الحق؛ وكل ما صدر منهم من بدعة فمن أخطأ في الاجتهاد -إلا من شاء الله من بعض المعاندين منهم -مع محبتهم لله تعالى- ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم،
خدمتهم للإسلام في كثير من الجوانب ومكانتهم المرموقة في الزهد والتأله والعبادة، (راجع ما سبق في ص 1/ 198، 3/ 19).
70 -
اللهم إلا أنني قد أطلقت لفظة (الوثنية) على (البريلوية) من الماتريدية: تحذيراً للمسلمين منهم، وهو أمر واقعي ملموس محسوس (9).
ومع هذا لا تقتضي هذه (الكلمة)(تكفيرهم) ولا نقصد بها خروجهم عن الإسلام (9). وهم مع وثنيتهم (جماعة التكفير) بشكل رهيب، حتى كفروا كبار أئمة الديوبندية فضلاً عن أهل الحديث (9) ونحن لا نكفرهم بل نكذبهم، إذ لا نكفر أحداً من أهل القبلة بارتكاب الكفر إلا بعد إتمام الحجة عليه (10).
(1) انظر صـ: 1/ 172 - 174، 404 - 405.
(2)
انظر معنى السنة في صـ: 2/ 365 - 369.
(3)
انظر مبحث (البدعة) في صـ: 2/ 369 - 372.
(4)
انظر معنى (الإلحاد) في صـ: 2/ 379 - 389، 402، 406 - 413.
(5)
انظر معنى (الزندقة) وبيان تفاوت أفرادها في صـ: 2/ 372 - 379.
(6)
انظر صـ: 213 - 214.
(7)
راجع صـ: 1/ 259 - 262، 412.
(8)
انظر أمثلة شتائمهم في 1/ 264 - 268، 338 - 339، 344 - 365، 545 - 549، 2/ 119 - 121، 3/ 276، 298، 313.
(9)
راجع صـ: 1/ 266، 3/ 284 - 285.
(10)
انظر صـ: 2/ 375، 385 - 386، 3/ 117 - 118، 3/ 284 - 285.
71 -
من الماتريدية جماعة ساقطة من منزلة العدالة، والديانة، والصدق، والأمانة إلى درك الفسق والكذب، والخيانة فلا قيمة لهم، ولا اعتماد عليهم ولا تعويل على عقولهم؛
كالكوثري (1371هـ) والكوثرية، ومن سايره من بعض أئمة الديوبندية، كالبنوري (1397هـ) ومن على شاكلتهم- فهؤلاء عندي كذّابون بهاتون، والكوثري تولى كبره هذه الجريمة وذلك لوجهين:
• الوجه الأول: أنهم تهوروا في تكفير كثير من أئمة الإسلام، وطعنوا في عقيدتهم، وكتبهم وحكموا عليهم بالوثنية، واليهودية، والكفر، والشرك، والارتداد، والنفاق، والمروق، والخروج من الإيمان إلى الوثنية الصريحة، والزندقة، والإلحاد، كما يتهمون أئمة الإسلام بأنواع من العظائم منها ما يلي: الغش في صميم الإسلام، والكيد للإسلام، والتلبيس والتدليس عن عمدٍ في الإسلام، والتلاعب بدين الله، والمخادعة للمسلمين وفساد النية، ومحاولة القضاء على الإسلام إتماماً لما لم يتم بأيدي (المغول)، والحقد والبغض، والضغينة ضد رسول الله، وأن الوثنية إنما دخلت إلى الإسلام بأيديهم - (أي بأيدي أئمة السنة) - تحت خطة مدبرة ضد الإسلام، وأن الزنادقة والملاحدة والطاعنين في الشريعة لم يصلوا إلى عشر ما وصل إليه هؤلاء - (أي أئمة السنة) - وغير ذلك من العظائم والشتائم، كما أطلقوا على (أئمة السنة) الكلمات الوقحة الشنيعة الفظيعة منها (الوثنية) و (الوثنيون)(دعاة الوثنية)، (الكافر)، (اليهودي) و (الملحد)، (المنافق)، (الشرير)، (اللعاب بدين الله)، (الملعون)، (اللعين)، (الطريد)، (المهين)، (الشريد)، (الخسيس)، (الأحقر)، (الأحمق)، (الأخرق)، (الماجن)، (الكذاب)، (الأشر)(الأفاك)، (المفتري)، (المخرف)، (الخاسر)، (الهرم)، (المتسافه)، (الوسخ)، (النجس)، (الوقح)، (الردي)، (الفدم)، (البليد)، (الخبيث)، (الخبيثية)، (الخبثاء)، (الباغي)، (السفاك)، (الفاسق)، (الزائغ)، (الملبس)، (الضال)، (المضل)، (الفاتن)، (المفتون)، (الهذار)، (مهذار)، (البجباج)، (النفاج)، (التيس)، (الحمار)، (الظالم) وغيرها من العظائم؛
إلى غير ذلك من السباب والشتائم التي يستحي منها الماجنون الذين لا حياء لهم فضلاً عمن ينتسب إلى العلم (1).
ولا شك أن سباب المسلم فسوق، فضلاً عن سباب أئمة الإسلام بغير الحق، ولكن الإسلام علمنا الصدق، وتحري الإنصاف، والتجنب، من الكذب، والاعتساف، وحذرنا من العدوان والبهتان، حتى على أهل العدوان والبهتان، فلا يجرمننا شنآن قوم سبوا وشتموا وكذبوا وبهتوا واعتدوا وبغوا علينا -أن نعتدي أو أن نفتري عليهم، أو نُقَوِّلَهُمْ ما هم منه براء.
• والوجه الثاني: أنهم أصحاب الهوى فاقدون للتقوى أهل المرض والغرض، وتلبيس وتدليس؛ فلقد رأيتهم يكذبون ويُقَوِّلُوْن أئمة الإسلام الأبرياء ما هم منه برءاء (2).
ويحرفون نصوص الكتاب والسنة وأقوال أئمة هذه الأمة تحريفين واضحين فاضحين: التحريف اللفظي الشنيع الفظيع (3).
(1) وأيضاً: 1/ 349، 1/ 350، 351، 352، 353، 354، 355، 357، 358، 359، 360، 363، 364، 365، 545 - 549، 2/ 119 - 121، 3/ 77، 276، 298، 313.
(2)
انظر صـ: 1/ 267 - 268، 429، 2/ 222 - 224، 2/ 559، 564، 3/ 77، 118 - 119، 130، 131، 244، 282.
(3)
راجع: 2/ 220، 2/ 445، 532، 3/ 18 - 19، 3/ 46، 50.
والتحريف المعنوي وهو أكثر من أن يحصر والأول أنذر (1).
ويطعنون في الثقات الأثبات، والصحاح الأقحاح (2).
ويدافعون عن الملاحدة الجهميين فضلاً عن الكذابين الوضاعين (3).
ويتشبثون بالموضوعات والمناكير، والواهيات والأساطير (4).
وينكرون الحق بعد ظهوره حتى باعترافهم (5)، ويتلاعبون بالقواعد لمذهبهم (6).
فلهذين الوجهين نقول: إن هؤلاء الكوثرية وبعض الفنجفيرية وبعض الديوبندية أهل فسق وكذب وخيانة * ساقطون عن العدالة والأمانة.
72 -
وصلت إلى أن الماتريدية ليسوا سواء من حيث الغلو وعدمه في العقيدة الماتريدية بل هم متفاوتون في العقيدة الكلامية الماتريدية فهم عندي على درجات ثلاث:
• الأولى: الغلاة، المتعمقون، المتكلمون الأقحاح، المؤلفون في علم الكلام، أعداء العقيدة السلفية وحامليها، المعطلون لكثير من صفات الله تعالى من علوه سبحانه وكلامه واستوائه ونزوله وغيرها، القائلون بخلق القرآن؛ الناصبين العداء لأهل السنة فهؤلاء قلة، وهم المقصودون بالرد الصريح البالغ في هذه الرسالة أولاً وبالذات.
• والثانية: المقتصدون منهم، المتأثرون بهؤلاء الغلاة الواقعون في بعض بدعهم، ولم يصلوا إلى غلوهم، ونصب العداء للعقيدة السلفية وحامليها، وهم كثير من العلماء الحنفية، المقلدين للماتريدية الذين أحسنوا الظن بهم وظنوا أن عقيدتهم عقيدة سنية- فهؤلاء معنيون بالرد الخفيف ضمناً، وثانياً تحذيراً لهم من هؤلاء الغلاة، وتنبيهاً لهم على خطئهم نصحاً مع الاحترام.
• الثالثة: المنتسبون إلى الحنفية والماتريدية بالاسم فقط، ولم تخطر ببالهم تلك البدع الكلامية من نفي علو الله تعالى والقول بخلق القرآن، والكلام النفسي وغيرها من الكفريات الجهميات-
ككثير من أهل العلم، وطلابه من الحنفية الذين لا صلة لهم بعلم الكلام، أو العامة من الحنفية كالعوام والفلاحين وأصحاب الحرف والنساء.
فهم في الحقيقة ليسوا من الماتريدية في شيء بل هم على الفطرة كما تقدم (7)(غير أن من وقع في الشركيات القبورية يجب إرشادهم بلين).
لكن انتسابهم إلى الماتريدية بدعة لما في ذلك من توفير أهل البدع (8) وتكثير سوادهم، وليسوا مقصودين بالرد في هذه الرسالة.
73 -
وصلت إلى أن غالب الفرق المبتدعة القديمة:
كالروافض، والخوارج، والجهمية، والمعتزلة، والمرجئة، وغيرها، من الفرق المعطلة، كالماتريدية، والأشعرية.
بل الصوفية، ومنهم الحلولية، والاتحادية، وغيرهما من الزنادقة والملاحدة، موجودة في عصرنا هذا، والأرض مكتظة بهم، وقد ظهروا بصور شتى وطرق مختلفة وأساليب متنوعة.
74 -
فالرد عليهم من أعظم الجهاد في سبيل الله تعالى (9).
75 -
وليس ذلك من قبيل نبش القبور، وطعن الأموات، وتحريك السيوف في الهواء، كما يزعم كثير من يجهل الواقع، أو يغالط، من أعداء السنن وأخلاء البدع الواقعين في الشركيات أو المناضلين عن الضلالات.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
ثانياً: ذكر بعض الاقتراحات المهمة:
(1) انظر: 1/ 268، 431، 432، 2/ 259، 272، 277، 279، 280، 282، 2/ 528 - 529، 543، 3/ 21، 3/ 88، 3/ 110 - 115، 3/ 135 - 140.
(2)
انظر 2/ 222 - 224، 2/ 439 - 440، 445 - 448، 550 - 551، 563 - 565، 3/ 65 - 69، 2/ 243 - 248.
(3)
راجع 1/ 247 - 253، 300، 334، 337، 340، 366 - 373، 2/ 45 - 61، 2/ 562، 3/ 46، 3/ 48 - 49، وانظر الحاشية الآتية.
(4)
انظر: 2/ 530 - 531، 3/ 45 - 50، 66، 296.
(5)
راجع 1/ 336 - 337، 2/ 532 - 533، 3/ 195.
(6)
انظر: 1/ 365 - 366، 2/ 99 - 101، 2/ 529 - 533، 550 - 562.
(7)
في ص: 1/ 272 - 273.
(8)
انظر ص: 1/ 380.
(9)
راجع ص: 1/ 199، 2/ 290.
لي اقتراحات رأيت أهميتها خلال بحثي عن (الماتريدية).
أريد أن أعرضها على أهل العلم، لما أرى في عرضها من فائدة، ولأنها أخوات نتائج بحثي هذا، وأكتفي بالأهم منها: -
1 -
إن قوى الإنسان محدودة، فهو مهما حقق ودقق في علمه لا بد من قصورٍ وفتورٍ وخللٍِ وزللٍ فيه، ولا سيما تصنيف مثل هذا الكتاب!
وقد قيل: (من صنف فقد استُهْدِفَ).
وإني -والذي نفسي بيده- ما كذبتُ ولا افتريت ولا اعتديت على أحد، ولا حرفت كلام أحد، ولا ابتدعت مقالة من عند نفسي، عن عمد وقصد، أو فساد نيةٍ. معاذ الله عن ذلك.
بل -والله- تحريتُ الصدقَ والإخلاصَ ونصحتُ لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وللأمة الإسلامية، وناضلت عن السنن وأهلها، ورددت عن البدع وأهلها، واقتحمت البحار لاستخراج اللآلئ، وتحملت عناءً كثيراً وسهرت الليالي، ومع ذلك لابد من أن صدرت مني أخطاء وأوهام لغفلة وغفوة وهفوة، وضيق باع في العلم، وسوء الفهم، ولا سيما في مثل هذه الرسالة الواسعة الأرجاء الفسيحة الأكناف البعيدة الأطراف.
ومن المعلوم أن الإنسان يتمنى بعد التأليف أنه لو قدم وأخّر، وفصل وأجمل، وحذف وذكر، وزاد ونقص أو طول أو قصر.
وقد أحسست أنا أيضاً أشياء من هذا القبيل.
فرجائي الكامل من أهل العلم أن يلقوا على (رسالتي هذه) أضواء أنظارهم، وأنوار أفكارهم لنقدهم نقداً علمياً سلفياً خالصاً؛
وأرجو منهم النصيحة خالصةً من الفضيحة، لئلا يكون الأمر كما قيل:
فعين الرضا عن كل عيبٍ كَليْلَةٌ
…
ولكن عينَ السخطِ تبدي المساويا
2 -
لو وفق الله تعالى عالماً محققاً يجمع آراء الإمام أبي منصور الماتريدي (333هـ)، ثم ينقدها نقداً علمياً في ضوء الكتاب والسنة وأقوال سلف هذه الأمة.
ويميز ما عنده من الحق مما عنده من الباطل.
3 -
نحن في حاجة ماسة إلى مقارنة علمية بين عقيدة الماتريدية وبين عقيدة (الإمام أبي حنيفة) وسائر السلف مقارنة تفصيلية.
ليعرف المسلمون مدى موافقة الماتريدية لهذا الإمام ومدى مخالفتهم له، معرفة تفصيلية.
4 -
لو تصدى عالم لبقية عقائد الماتريدية التي لم أتطرق إليها ويزنها بميزان الكتاب والسنة.
5 -
أرجو باحثاً متمكناً في العلم أن يقوم بالمقارنة بين الماتريدية وبين الأشعرية مقارنة تفصيلية.
ويذكر جميع المسائل الخلافية بين الفريقين ويزنها بميزان الكتاب والسنة وأقوال أئمة هذه الأمة بالتفصيل ويبين الحق فيها من الباطل.
6 -
كما أرجو باحثاً عالماً محققاً يكتب لنا كتاباً عن فرق الحنفية غير الماتريدية يذكر فيه أهم أعيان كل فرقة والعقائد البارزة لها، ويزنها بميزان الكتاب والسنة، ليعرف المسلمون (الحنفية الكاملة) أي (الحنفية السلفية) منهم، و (الحنفية المبتدعة) منهم بجميع فرقهم (وقد ذكرنا فرق الحنفية في 1/ 172 - 176).
7 -
لو تصدى غيور على دين الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة وأئمة السنة، والعقيدة السلفية- لكشف الستار عن خيانات الكوثري وكذباته، وشتائمه ولعنه وطعنه في أئمة الإسلام، ودفاعه عن الكذابين، ليعرف المسلمون بالتفصيل أنه ساقط عن مكانة العدالة والأمانة والديانة إلى درك الفسق والكذب والخيانة.
لئلا ينخدع به من يطلب الحق ويتوخى الإنصاف، ويتجنب الاعتساف (وتنكيل المعلمي لتنكيل الكوثري كافٍ شافٍ ولكن في بابه).
(رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون)(1).
وصلى الله وسلم على خاتم النبيين وآله وصحبه أجمعين والذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أموت وتبلى أعظمي في المقابر
…
وسوف أرى ما قد حوته دفاتري
فرمت ادخاراً بعد موتي من الدعاء
…
فأبقيت تذكاراً نتاج خواطري
(1) اقتباس من سورة الأنبياء: 112.