المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قضية الثواب والعقاب بين مدارس الإسلاميين بيانا وتأصيلا - نتائج البحوث وخواتيم الكتب - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌منهج السنة في العلاقة بين الحاكم والمحكوم

- ‌منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير عقيدة التوحيد

- ‌موقف أهل السنة من أهل الأهواء والبدع

- ‌موقف المسلم من الفتن في ضوء الكتاب والسنة

- ‌نصح الأبي في بيان المحبة بين الصحابة وآل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌نقض الإمام أبي سعيد عثمان ابن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد

- ‌نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف

- ‌نواقض الإيمان القولية والفعلية

- ‌هل نحن مؤمنون حوار حول حقيقة الإيمان والكفر والنفاق

- ‌وسطية أهل السنة بين الفرق

- ‌ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها دراسة تربوية للآثار الإيمانية والسلوكية لأسماء الله الحسنى

- ‌علم وعلماء وطلاب علم

- ‌آراء ابن حجر الهيتمي الاعتقادية عرض وتقويم في ضوء عقيدة السلف

- ‌أبو منصور الماتريدي حياته وآراؤه العقدية

- ‌أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة

- ‌ابن هشام الأنصاري آثاره ومذهبه النحوي

- ‌الإمام الشاطبي عقيدته وموقفه من البدع وأهلها

- ‌الإمام الفقيه المحدث الشيخ محمد عابد السندي الأنصاري

- ‌الإمام المحدث سليمان بن عبدالله آل الشيخ - حياته وآثاره

- ‌الحبشي شذوذه واخطاؤه

- ‌الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين مفتي الديار النجدية

- ‌الشيخ عبدالقادر الجيلاني وآراؤه الاعتقادية والصوفية

- ‌العلامة المحدث المباركفوري ومنهجه في كتابه تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي – وفي آخره نصوص وثائقية حول المباركفوري وفيها: إجازاته للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

- ‌مكانة الإمام أبي حنيفة بين المحدثين

- ‌منهج الحافظ ابن رجب الحنبلي في العقيدة

- ‌منهج المؤمن بين العلم والتطبيق

- ‌علوم إنسانية وطبية وهندسية

- ‌تمهيد في التأصيل - رؤية في التأصيل الإسلامي لعلم النفس

- ‌مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي

- ‌علوم حديث

- ‌آراء المحدثين في الحديث الحسن لذاته ولغيره

- ‌أخبار الآحاد في الحديث النبوي - حجيتها - مفادها - العمل بموجبها

- ‌أسباب اختلاف المحدثين - دراسة نقدية مقارنة حول أسباب الاختلاف في قبول الأحاديث وردها

- ‌إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق

- ‌الإضافة - دراسات حديثية

- ‌الإمام علي بن المديني ومنهجه في نقد الرجال

- ‌الإيضاح الجلي في نقد مقولة: ((صححه الحاكم ووافقه الذهبي))

- ‌الثقات الذين تعمدوا وقف المرفوع أو إرسال الموصول

- ‌الجرح والتعديل

- ‌الحديث الضعيف أسبابه وأحكامه

- ‌الحديث المنكر عند نقاد الحديث – دراسة نظرية وتطبيقية

- ‌الحديث المنكر ودلالته عند الإمام الترمذي

- ‌الرواة المختلف في صحبتهم ممن لهم رواية في الكتب الستة – جمعا ودراسة

- ‌التصحيف وأثره في الحديث والفقه وجهود المحدثين في مكافحته

- ‌التعديل والتجريح

- ‌العدالة الدينية في الرواية الحديثية (الإضافة - دراسات حديثية)

- ‌المحجة البيضاء في الدفاع عن منهج النقد عند المحدثين القدماء

- ‌المنهج الحديثي عند الإمام ابن حزم الأندلسي

- ‌اهتمام المحدثين بنقد الحديث سندا ومتنا

- ‌بين الإمامين مسلم والدارقطني

- ‌جامع الترمذي في الدراسات المغربية – رواية ودراية

- ‌جهود المحدثين في بيان علل الحديث

- ‌حكم رواية الفاسق المبتدع

- ‌صحيفتا عمرو بن شعيب وبهز بن حكيم عند المحدثين والفقهاء

- ‌ضوابط الرواية عند المحدثين

- ‌ضوابط قبول عنعنة المدلس دراسة نظرية وتطبيقية

- ‌تاريخ تدوين السنة وشبهات المستشرقين

- ‌عناية السنة النبوية بحقوق الإنسان - الدورة الأولى فرع السنة النبوية

- ‌في حوار هادئ مع محمد الغزالي

- ‌كيف ندرس علم تخريج الحديث

- ‌مصطلح منهج المتقدمين والمتأخرين - مناقشات وردود

- ‌مقاييس نقد متون السنة

- ‌مناهج المحدثين في تقوية الأحاديث الحسنة والضعيفة

- ‌منهج الإمام أحمد في إعلال الأحاديث

- ‌منهج المتقدمين في التدليس

- ‌نظرات جديدة في علوم الحديث

- ‌نقد مجازفات حمزة المليباري

- ‌علوم قرآن

- ‌اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر الهجري

- ‌الأحرف السبعة ومنزلة القراءات منها - دراسة في أحاديث الأحرف السبعة - مذاهب الأئمة فيها - ضرورتها والحكمة منها - دحض التخرصات عنها

- ‌الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن العظيم والسنة النبوية

- ‌التكفير في القرآن والسنة قديما وحديثا

- ‌القرآن الكريم ومنزلته بين السلف ومخالفيهم

- ‌القراءات وأثرها في التفسير والأحكام

- ‌المحرر في أسباب نزول القرآن (من خلال الكتب التسعة)

- ‌الناسخ والمنسوخ في كتاب الله عز وجل واختلاف العلماء في ذلك

- ‌تعليم تدبر القرآن الكريم أساليب عملية ومراحل منهجية

- ‌علاج القرآن الكريم للجريمة

- ‌قواعد التفسير جمعاً ودراسة

- ‌كليات الألفاظ في التفسير دراسة نظرية تطبيقية

- ‌مناهل العرفان للزرقاني - دراسة وتقويم

- ‌فرق وملل ونحل

- ‌آراء المعتزلة الأصولية دراسة وتقويماً

- ‌إتحاف النبلاء برد شبهات من وقع في الإرجاء

- ‌الأحباش رسالة تعريفية بهذه الفرقة الضالة الجديدة

- ‌الأشاعرة في ميزان أهل السنة

- ‌الإباضية تاريخاً وعقيدة

- ‌الإباضية في المغرب العربي

- ‌الإسماعيلية المعاصرة

- ‌الإسماعيلية وفرقها – حقائق ووثائق

- ‌الإنسان الكامل في الفكر الصوفي عرض ونقد

- ‌البوهرة – تاريخها وعقائدها – دراسة علمية موثقة عن طائفة البوهرة الإسماعيلية

- ‌الخوارج أول الفرق في تاريخ الإسلام مناهجهم وأصولهم وسماتهم - قديما وحديثا وموقف السلف منهم

- ‌الخوارج دراسة ونقد لمذهبهم

- ‌الخوارج تاريخهم وأراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها

- ‌الخوارج والحقيقة الغائبة

- ‌الصوفية في حضرموت – نشأتها – أصولها – آثارها

- ‌الطرق الصوفية - نشأتها وعقائدها وآثارها

- ‌الطريقة الرفاعية

- ‌التشيع في صعدة - دراسة ميدانية

- ‌التشيع في صعدة – أفكار الشباب المؤمن في الميزان

- ‌التشيع في صعدة – شبهات وردود

- ‌الفروق في العقيدة بين أهل السنة والأشاعرة (دراسة مقارنة)

- ‌الماتريدية دراسة وتقويمها

- ‌الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات

- ‌الموسوعة الشاملة لمذهب الروحية الحديثة وتحضير الأرواح

- ‌بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود

- ‌جهود أبي الثناء الألوسي في الرد على الرافضة

- ‌خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة الإسلامية

- ‌دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين (الخوارج والشيعة)

- ‌تقريرات أئمة الدعوة في مخالفة مذهب الخوارج وإبطاله

- ‌فرق الهند المنتسبة للإسلام في القرن العاشر الهجري وآثارها في العقيدة – دراسة ونقداً

- ‌قضية الثواب والعقاب بين مدارس الإسلاميين بيانا وتأصيلا

- ‌ما يجب أن يعرفه المسلم عن عقائد الروافض الإمامية

- ‌مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة

- ‌من عقائد الشيعة

- ‌موقف ابن تيمية من الأشاعرة

- ‌موقف الأئمة الأربعة وأعلام مذاهبهم من الرافضة وموقف الرافضة منهم

- ‌موقف الرافضة من القرآن الكريم

- ‌موقف الشيعة الإمامية من باقي فرق المسلمين

- ‌نقض عقائد الأشاعرة والماتريدية

- ‌فقه

- ‌أثر التحول المصرفي في العقود الربوية

- ‌أثر التقنية الحديثة في الخلاف الفقهي

- ‌أحاديث المعازف والغناء دراسة حديثية نقدية

- ‌أحكام إذن الإنسان في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام الأجل في الفقه الإسلامي (بحث مقارن)

- ‌أحكام الأدوية في الشريعة الإسلامية

- ‌أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية (دراسة مقارنة)

- ‌أحكام الأطعمة والذبائح في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام الأعمى في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام الأهلة والآثار المترتبة عليها

- ‌أحكام الأوراق التجارية في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام الأوراق النقدية والتجارية في الفقه

- ‌أحكام الإعادة في العبادات

- ‌أحكام الإعلانات التجارية والجوائز الترويجية

- ‌أحكام الإمامة والإتمام في الصلاة

- ‌أحكام الاتصال الجنسي باستخدام الوسائل الحديثة

- ‌أحكام الاكتتاب في الشركات المساهمة

- ‌أحكام البحر في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها

- ‌أحكام الخلع في الشريعة الإسلامية

- ‌أحكام الدين دراسة حديثية فقهية

- ‌أحكام الذبائح واللحوم المستوردة في الشريعة الإسلامية

- ‌أحكام الذكر في الشريعة الإسلامية

- ‌أحكام الردة والمرتدين

- ‌أحكام الزيادة في غير العبادات

- ‌أحكام الزينة

- ‌أحكام السجن ومعاملة السجناء في الإسلام

- ‌أحكام السجود

- ‌أحكام السترة في مكة وغيرها

- ‌أحكام السوق في الإسلام وأثرها في الاقتصاد الإسلامي

- ‌أحكام الشهيد في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام الصلوات الخمس

- ‌أحكام الطواف بالبيت الحرام

- ‌أحكام التصوير في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام العبادات المترتبة على طلوع الفجر الثاني – دراسة فقهية تأصيلية موازنة

- ‌أحكام العورة والنظر بدليل النص والنظر

- ‌أحكام العيب في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام الفقير والمسكين في القرآن العظيم والسنة المطهرة

- ‌أحكام القنوت - قنوت الحاجة والنازلة - قنوت رمضان

- ‌أحكام المال الحرام وضوابط الانتفاع والتصرف به في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام المريض في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام المسابقات في الشريعة الإسلامية وتطبيقاته المعاصرة

- ‌أحكام المسح على الحائل من خف وعمامة وجبيرة

- ‌أحكام المشاع في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام المعابد – دراسة فقهية مقارنة

- ‌أحكام المقابر في الشريعة الإسلامية

- ‌أحكام النجاسات في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام النسب في الشريعة الإسلامية (طرق إثباته ونفيه)

- ‌أحكام الهندسة الوراثية

- ‌أحكام اليتيم في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام صرف النقود والعملات في الفقه الإسلامي وتطبيقاته المعاصرة

- ‌أحكام طواف الوداع

- ‌أحكام تغيير قيمة العملة النقدية وأثرها في تسديد القرض

- ‌أحكام فن التمثيل في الفقه الإسلامي

- ‌أحكام نقل أعضاء الإنسان في الفقه الإسلامي

- ‌أخذ المال على أعمال القرب

- ‌أدلة إثبات أن جدة ميقات

- ‌أدلة الجمع بين الصلاتين في السفر وفوائد يحتاج إليها المسافر

- ‌أدلة المسح على الخفين والجوربين والنعلين

- ‌أربح البضاعة في صلاة الجماعة

- ‌أصول المناهج الفقهية

- ‌أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية

- ‌أقسام المداينة (رسائل فقهية)

- ‌ألفاظ التسليم من الصلاة

- ‌أهمية صلاة الجماعة في ضوء النصوص وسير الصالحين

- ‌أوقات النهي الخمسة وحكم الصلاة ذات السبب فيها

- ‌إبراء الذمة من حقوق العباد

- ‌إرشاد أولي الألباب إلى ما صح من معاملة أهل الكتاب

- ‌إسعاف أهل العصر بما ورد في حكم الوتر

- ‌إسعاف النساء بفصل الصفرة عن الدماء

- ‌إشراقة أولى النهي في حكم الأخذ من اللحى

- ‌إتحاف الخلان في حقوق الزوجين في الإسلام

- ‌إتحاف النبلاء بأدلة تحريم إتيان المحل المكروه من النساء

- ‌إعلام العابد في حكم تكرار الجماعة في المسجد الواحد

- ‌إمتاع أولي النظر في مدة قصر المقيم أثناء السفر

- ‌إيضاح الأحكام لما يأخذه العمال والحكام

- ‌اختلاف الدارين وأثره في أحكام المناكحات والمعاملات

- ‌اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية وآراؤه في قضايا معاصرة

- ‌استدراك بعض الصحابة ما خفي على بعضهم من السنن جمعاً ودراسة

- ‌اصطلاح المذهب عند المالكية

- ‌الآثار المترتبة على الكفالة المالية (بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة)

- ‌الأحاديث والآثار الواردة في قنوت الوتر رواية ودراية

- ‌الأحكام الشرعية للأعمال الطبية

- ‌الأحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل- الأحكام الخاصة بالمرأة

- ‌الأحكام المترتبة على الفسق في الفقه الإسلامي

- ‌الأرش وأحكامه

- ‌الأسهم المختلطة - أسهم الشركات التي لغرض مباح ولكنها تتعامل بالمحرم أحيانا

- ‌الأسهم المختلطة - حكم تداول أسهم الشركات المتعاملة ببعض المعاملات غير المشروعة

- ‌الأسهم حكمها وآثارها

- ‌الأشربة وأحكامها في الشريعة الإسلامية (المسكرات والمخدرات)

- ‌الأطعمة وأحكام الصيد والذبائح

- ‌الأعياد المحدثة وموقف الإسلام منها

- ‌الأغسال أحكامها وأنواعها من خلال السنة المطهرة

- ‌الأقوال الشاذة في بداية المجتهد لابن رشد

- ‌الألعاب الرياضية أحكامها وضوابطها في الفقه الإسلامي

- ‌الأنساب والأولاد - دراسة لموقف الشريعة الإسلامية من التلقيح الصناعي وما يسمى بأطفال الانابيب

- ‌الأهلة نظرة شمولية ودراسات فلكية

- ‌الإجارة المنتهية بالتمليك في ضوء الفقه الإسلامي

- ‌الإسلام والذمة (معاملة غير المسلمين في الإسلام)

- ‌الإشارة وما يتعلق بها من أحكام في الفقه الإسلامي

- ‌الإعادة في العبادات

- ‌الإعلام بتخيير المصلي بمكان وضع اليدين بعد تكبير الإحرام

- ‌الإنصاف في نقص الإتحاف

- ‌الاحتكار في نظر الإسلام

- ‌الاختيارات الفقهية للألباني من خلال كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الاستئجار على فعل القربات الشرعية

- ‌الاستعانة بغير المسلمين في الفقه الإسلامي

- ‌الانتخابات وأحكامها في الفقه الإسلامي

- ‌الانتفاع بالأعيان المحرمة

- ‌البدع الحولية

- ‌البغية في أحكام الحلية

- ‌البنوك الحيوية البحثية ضوابطها الأخلاقية والشرعية (السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني – قضايا طبية معاصرة)

الفصل: ‌قضية الثواب والعقاب بين مدارس الإسلاميين بيانا وتأصيلا

‌قضية الثواب والعقاب بين مدارس الإسلاميين بيانا وتأصيلا

‌المؤلف/ المشرف:

جابر زايد عيد السميري

‌المحقق/ المترجم:

بدون

‌الناشر:

الدار السودانية للكتب - الخرطوم ̈الأولى

‌سنة الطبع:

1416هـ

‌تصنيف رئيس:

فرق وملل ونحل

‌تصنيف فرعي:

حسنات وسيئات

الخاتمة

تبين لنا من خلال البحث ما يأتي:

أولاً:

إن دعوى الصراع بين العقل والنقل في الإسلام مصطنعة، حيث ابتدأه أعداء الإسلام، واستمروا يحركونه خلال العصور الإسلامية المختلفة، وهؤلاء الأعداء ينتظمون في سلسلة تتمثل أطرافها في مستشرقين يهود ومسيحيين وفي أتباع وتلامذة مخلصين لهم من أبناء المسلمين، أما أطراف السلسلة البعيدة فترتد خلال القرون عبر الباطنية والإسماعيلية وإخوان الصفا حتى تصل إلى اتباع ابن سبأ.

والحقيقة أنه ليس بين القرآن الكريم وبين أحكام العقل الصريح الراشد أدنى ذرة من التعارض، كذلك، ليس ثمة أدنى ذرة من تعارض أو إختلاف بين السنة المحققة الصحيحة وبين أحكام العقل الصريح الراشد، وإذا بدأ أي اختلاف أو تعارض بين نصوص الوحي وبين العقل فإنما يكون ذلك لأحد الأسباب الآتية:

1 -

تفسير خاطئ للنص يؤدى إلى مفهوم غير صحيح ينسب إليه.

2 -

خطأ مقررات العقل التي يحاكم إليها المفهوم الصحيح للنص.

3 -

مفهوم غير صحيح للنص يحاكم مقررات عقلية خاطئة.

أما إذا استقام مفهوم النص، وسلمت مقررات العقل وأحكامه فإنه يستحيل أن يند بينها أدنى تعارض أو اختلاف. فالصراع إذن ليس بين النص والمنطق، أو بين النقل والعقل، فهما متفقان تماماً، وهذه إحدى بديهيات الإيمان بالله والرسل، لأن الله – عز وجل – هو الذي خلق العقل السليم الراشد في الإنسان، ووضع فيه أحكامه وقوانين تفكيره بالحق، وهو الذي أنزل الوحي بالحق، والحق واحد لا يختلف ولا يتعدد وهذا يقتضى بالضرورة مطابقة الحق الذي جاء به الوحي على الحق الذي تعرفه العقول.

وأما الصراع الذي نشأ في تاريخ الفكر الإسلامي وفي تاريخ الفكر الديني عامة، فإنما هو بين أهل النقل وأهل العقل، تمسكت الفئة الأولى بالنص من خلال مفاهيم خاطئة لا تعبر عن النص في ذاته، وأهملوا موافقة هذه المفاهيم مع صريح المعقول، والفئة الثانية تمسكت بمقررات عقلية خاطئة مستخلصة من ثقافات أجنبية وعلوم قاصرة غير صحيحة، وجاءوا إلى القرآن والسنة يحاكمون نصوصها إلى هذه المقررات الخاطئة، وهم يعتقدون أنها صحيحة فوجدوا اختلافاً بين العقل والنقل.

فلجأوا – البعض بحسن نية دفاعاً عن الإسلام حسب ظنه، والبعض بسوء نية هدماً للإسلام حسب فهمه – إلى تأويل النص حتى تستقيم مع مقررات العقول الخاطئة، والتي يعتقدون أو يزعمون أنها صحيحة، ومن ثم أولوا فخرجوا من القرآن والسنة مفاهيم باطلة، وأحكاماً خاطئة ليست منها أو فيها ولا تمت إلى الوحي بصلة، أو تمت له بصلة، ولكنها محرفة وليست مطابقة لما جاء به تماماً من هؤلاء الجعد بن درهم والجهم بن صفوان وأصحاب منهج التأويل العقلي بعامة وعند هؤلاء وبهم قامت معركة النقل والعقل.

أما أهل السلف من الصحابة والتابعين وأهل الحديث والفقه فلم يجدوا أدنى تعارض أو اختلاف بين نصوص الوحي ومقررات العقل، وذلك بسبب منهجهم الفكري السليم الذي مكنهم الله به من استنباط المفاهيم الصحيحة من النصوص فجاءت ربانية خالصة، ومن ثم طابقت مقررات العقول الصريحة الراشدة.

ولذلك يمكننا القول: أن الصراع بين النقل والعقل لا يعبر عن حقيقة تاريخية إسلامية خالصة، وإنما هي تعبير عن أحد وجوه الانحرافات في الفكر الإسلامي وهو في نفس الوقت علة كثير من الانحرافات الفكرية التي أصابته.

ثانياً:

ص: 228

لا ريب أن العمل الصالح سبب لدخول الجنة، والله قدر لعبده المؤمن وجوب الجنة بما ييسره له من العمل الصالح، كما قدر دخول النار لمن يدخلها بعمله السيء، وليس الجزاء من الله – سبحانه – على سبيل المعاوضة والمقابلة، كالمعاوضات التي تكون بين الناس في الدنيا، فإن الأجير يعمل لمن استأجره فيعطيه أجره بقدر عمله على طريق المعاوضة، إن زاد زاد أجرته، وإن نقص نقص أجرته، وله عليه أجرة يستحقها كما يستحق البائع الثمن، فنفى – صلى الله عليه وسلم – أن يكون جزاء الله وثوابه على سبيل المعاوضة، والمقابلة والمعادلة، وكثير من الناس قد يتوهم ما يشبه هذا، وهذا غلط من وجوه:

الأول: أن الله – تعالى – ليس محتاجاً إلى عمل العباد كما يحتاج المخلوق إلى عمل من يستأجره، بل هو سبحانه كما قال في الحديث الصحيح:(إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضري فتضروني)، والعباد إنما يعملون لأنفسهم، كما قال تعالى {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} وقال تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا} .

وأما العباد فإنهم محتاجون إلى من يستعملون لجلب منفعة أو دفع مضرة، ويعطونه أجرة نفعه لهم.

الثاني: أن الله هو الذي مَن على العامل: بأن خلقه أولاً وأحياه ورزقه، ثم أرسل إليه الرسل، وأنزل إليه الكتب، ويسر له العمل، وحبب إليه الإيمان، وزينه في قلبه، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان.

والمخلوق إذا عمل لغيره لم يكن المستعمل هو الخالق لعمل أجيره، فكيف يتصور أن يكون للعبد على الله عوض وهو الذي خلقه وأحدثه، وأنعم على العبد به؟! وهل تكون إحدى نعمتيه عوضاً عن نعمته الأخرى وهو ينعم بكلتيهما؟!

الثالث: أن عمل العبد لو بلغ ما بلغ ليس هو مما يكون ثواب الله مقابلاً له ومعادلاً حتى يكون عوضاً، بل أقل أجزاء الثواب يستوجب أضعاف ذلك العمل.

الرابع: أن العبد قد ينعم ويمتع في الدنيا بما أنعم الله به عليه، مما يستحق بإزائه أضعاف ذلك العمل إذا طلبت المعادلة والمقابلة، وإذا كان كذلك لم يبالغوا في الاجتهاد مبالغة من يضره الاجتهاد، كالمنبت الذي لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، وزال عنهم العجب، وشهدوا إحسان الله بالعمل.

الخامس: أن العباد لابد لهم من سيئات، ولابد في حياتهم من تقصير، فلولا عفو الله لهم عن السيئات، وتقبله أحسن ما عملوا – لما استحقوا ثواباً، ولهذا قال – صلى الله عليه وسلم – (من نوقش الحساب عذب، قالت عائشة: يا رسول الله، أليس الله يقول: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ {7} فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} قال: ذلك العرض، ومن نوقش الحساب عذب). ولهذا قال في الحديث لما قيل له ولا أنت يا رسول الله؟! قال: (ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بعفوه). فتبين بهذا الحديث أنه لابد من عفو الله وتجاوزه عن العبد، وإلا فلو ناقشه على عمله لما استحق به الجزاء قال الله تعالى:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} .

ص: 229

وإذا تبين ذلك أفاد هذا ألا يعجب العبد بعمله، بل يشهد نعم الله عليه، وإحسانه إليه في العمل، وأنه لا يستكثر العمل، فإن عمله لو بلغ ما بلغ إن لم يرحمه الله ويعف عنه ويتفضل عليه، لم يستحق به شيئاً، وأنه لا يكلف من العمل ما لا يطيق ظاناً أنه يزداد بذلك أجره، كما يزداد أجر الأجير الذي يعمل فوق طاقته فإن ذلك يضره، إذ المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى وأحب العمل ما داوم عليه صاحبه، فإن الأعمال بالخواتيم، بخلاف عمل الأجراء في الدنيا، فإن الأجرة تتقسط على المنفعة، فإذا عمل بعض العمل استحق من الأجرة بقدر ما عمل ولو لم يعمل إلا قليلا. فمن ختم له بخير استحق الثواب، وكفر الله بتوبته سيئته ومن ختم له بكفر أحبطت ردته حسناته، فلهذا كان العمل الذي داوم عليه صاحبه إلى الموت خيراً ممن أعطى قليلا ثم أكدى وكلف نفسه ما لا يطيق، كما يفعله كثير من العمال.

فلابد من العمل المأمور به، ولا بد من رجاء رحمة الله وعفوه وفضله، وشهود العبد لتقصيره، ولفقره إلى فضل ربه، وإحسان ربه إليه.

وقد قال سفيان بن عيينة وغيره: (كانوا يقولون: ينجون من النار بالعفو، ويدخلون الجنة بالرحمة، ويتقاسمون المنازل بالأعمال) فنبه على أن مقادير الدرجات في الجنة تكون بالأعمال وأن نفس الدخول هو الرحمة، فإن اله قد يدخل الجنة من ينشئه لها في الدار الآخرة بخلاف النار، فإنه أقسم أن يملأها من إبليس وأتباعه.

ثالثاً: اتفاق السلف وأهل السنة على مفهوم واحد للكسب، وتبين أن الغموض الذي اكتنف تعريف الأشعري للكسب والذي سبب له اتهامات عديدة، كان سببه:

أولاً: متابعة الأشعري للسلف الأوائل حيث أنه لم يثبت عنهم عند الأشعري أنهم خاضوا في مثل هذه المسألة الدقيقة فلم يثبت أنهم نفوا تأثير قدرة الإنسان في أفعاله بل سكتوا عن الكلام فيها جملة وتفصيلا فوسع الأشعري السكوت عن الكلام فيها.

ثانياً: انتقال الأشعري من عقيدة المعتزلة إلى عقيدة السلف جعله يتحفظ من الخوض في مسائل خاضت فيها المعتزلة، وإن صح بعضها – لأن السلف يكرهون إحداث أمور لم تكن قد حدث فيها الكلام – كقضية تأثير قدرة العبد في أفعاله – وحرص الأشعري على تنقية نفسه مما علق فيها من سمعة الانتماء إلى المعتزلة، فرض عليه السكوت وعدم النفي لقدرة إحداث العبد لأفعاله بإذن الله. أو أنه نفى ما ذهبت إليه المعتزلة من القول بإطلاق قدرة العبد بالأحداث. فعلى الرأيين لم يخالف الأشعري العقيدة الحقة.

ومما يؤكد ما ذهب إليه الأشعري، ما ذهب إليه الإمام الجويني وهو في مدرسة الأشعري.

رابعاً: توسط مدرسة السلف وأهل السنة بين الجبر وحرية الاختيار. فلا هم جبرية خالصة ولا هم مفوضون كل التفويض، هذا الموقف الوسطي صبغهم بصبغة الاعتدال والاتزان حيث أنهم أصابوا في غالب استدلالاتهم بآيات القرآن والسنة والأدلة العقلية فيما راموا إثباته من المسائل العقدية، أو نفيه عنها .. ولهذا جنبوا القرآن والسنة الاختلاف وتضارب بعضه ببعض، وأبقوا للمجتمع مسئوليته التي أناطها الشارع به، فهو مأمور أن يعمل ويكد ويتقدم ويتطور وأنه سيوفق، أما أن آمن بأنه مجبور لا حول له ولا طول، وسلم للأمر الواقع فإنه حتماً مقضياً سيتأخر ويسقط تحت أقدام الآخرين وحينئذ لا يلوم إلا نفسه والله لم يأمره بالخنوع والانطواء بل أمره بالانطلاق والعمل، فإنه إن حوصر وهذه حاله فهذا من إبتلآت خالقه فعليه أن يصبر ويسلم ويعمل جاهداً للتخلص بالعودة إلى الله. فهكذا الإنسان لا هو مجبور مقهور على فعله، ولا هو مفوض مسيب في فعله بل له وجود بين هذين الأمرين فعليه ألا ينسى موطنه فيضل الطريق إما بالإفراط أو التفريط وكلاهما مرض عضال له مثالبه على الفرد والأمة.

خامساً:

ص: 230

كثير من الخلافات بين المسلمين قد تكون لفظية، ولكن لسبب ما وغاية غير حميدة، وسوء استخدام لهذا الخلاف. تكبر الفجوة وتتسع بين المختلفين مما يؤدي إلى تسطير الأسفار في التعييب والنقد والنقض مما يؤدي إلى هدر الجهود والطاقات وتمزيق الوحدة، وتجافي القلوب مما يترتب عليه ضعف الأمة وانهيارها ومن ثم تكالب العدو عليها فيستبيح أرضها وأعراضها.

ولهذا ينبغي الكشف عن المعاني الدقيقة، وإقامة الحوار الواضح الهادف الذي من شأنه يجمع ولا يفرق، يقوي ولا يوهن، يكسب المودة، ويبعد التجافي، ويمكن الاستعانة على ذلك بتأصيل ألفاظ القرآن الكريم والسنة حتى تكون العمدة في أي حوار ينشأ بين مدارس المسلمين المتنوعة، والبعد عن استخدام المصطلحات التي قد يشق على الباحث فهم مراميها ومقصدها.

سادساً:

إن ما يمكن أن نجعله علامات للفكر الإسلامي في هذه المرحلة من مراحل تطور مشكلة الحرية، وصراع الإرادة المختارة والفاعلية الإنسانية مع مفهوم القدر في أذهان المسلمين هو الآتي:

أولاً: لجأ ضعيفوا الإيمان وأصحاب القلوب المريضة إلى التمحل بالمشيئة والقول بالجبر المحض مع قلة التقوى وإقبالهم على المعاصي كما هي طبيعة الأمم السابقة حيال المشكلة مع اتخاذ الجبرية قاعدة لمنطلق سياسي.

ثانياً: هناك تيارات مشبوهة بالزندقة من خارج وداخل العالم الإسلامي ساعدت على تقوية هذا الاتجاه، ثم ساعدت على ظهور وتقوية الاتجاه المضاد وهو إنكار القدر، وذلك بين عامة المسلمين.

ثالثاً: كانت نشأة القدرية ومحاولة أصحابها تحرير الإرادات الإنسانية وإثبات فاعلية البشر والعدل الإلهي كرد فعل لانتشار الجبرية بين الناس، فقال به كثير من مخلصي المسلمين هروباً من شناعات القول بالجبر وتبريراً للخروج على السلطان من الخارجين.

رابعاً: لم يعرف القدريون من مفكري المسلمين حتى هذا العهد التفرقة بين الأمر الكوني والأمر الابتدائي، مما جعل أمامهم ذا شقين لا ثالث لهما، إما جبر، وإما تفويض ولا قدر.

خامساً: وقف السلفيون من صحابة وتابعين ومحدثين وفقهاء في وجه الاتجاهين: الجبر والتفويض يثبتون المشيئة الإلهية المطلقة، وأن كل شيء بقضاء وقدر، حتى معاصي العباد، كما أكدوا وجود الذات الإنسانية الحرة الفاعلة متبعين في ذلك الكتاب والسنة مع التوقف عن الجدل والبحث والكلام بإعتباره أمراً مستحدثاً.

سابعاً: أخطأ المعتزلة في تصورهم لعدل الله حين قالوا:

أولاً: إن من يدخل النار لا يخرج منها أبداً مع قولهم: إن مرتكب الكبيرة – ولو كان يشرب جرعة خمر واحدة – إن لم يتب قبل الموت فإنه مخلد أبداً في النار ولا يشفع له نبي ولا ملك مقرب ولا عمل طول العمر، بمعنى أن الكبيرة أحبطت سائر عمله.

ثانياً: إلحاقهم وعيد فساق المسلمين بوعيد الكفار وحملهم آيات الوعيد الواردة في الكفار المشركين على فساق المسلمين، وجعلهم في ذلك سواء فهم في نار جهنم خالدين فيها أبداً علماً بأنهم يفرقون بينهم في أحكام الدنيا فيجوزون لفساق المسلمين مناكحتهم وغير ذلك مما لا يجوز أن يفعلوه.

ثالثاً: تغليبهم عقاب الله – وهو من غضبه – على ثوابه – وهو من رحمته – مع بيان أن الله قد أخبر أن رحمته سبقت غضبه وأن رحمته شملت كل شيء، وإنكارهم للشفاعة المخرجة لفساق المسلمين من النار وكذلك إنكارهم لعفو الله الشامل لمن دخل النار ممن يشاء الله خروجهم منها.

فعدل الله لا يعرف بدلالة العقل فقط بل ينبغي قراءة النصوص وفقه معناها فيها ندرك عدل الله وسعة رحمته وغيرته على أن ترتكب محرماته. فالنقل والعقل وسيلتان متلازمتان لمعرفة عدل الله، فإن عطلت إحداهما حصل الإخفاق وانتكست النتيجة.

ص: 231

رابعاً: قياسهم عدل الله على عدل الخلق مع إيمانهم بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} .

ثامناً: صح تسمية النعم التي يجعل الله بها للمؤمنين بسبب إيمانهم ثواباً، والنقم ابتلاء، وكذلك العذاب والهموم التي تصيب الناس عموماً بما كسبت أيديهم عقاباً، ولهذا قال السلف وأهل السنة بجواز حصول الثواب والعقاب في دار الدنيا، وخالف بعض المعتزلة هذا وزعموا أن لا ثواب ولا عقاب إلا في دار الآخرة!! وسبب الخلاف ناشئ عن الاختلاف في تعريف الثواب والعقاب، فمن اشترط خلوص الثواب من الكدر، قال: إن هذه المعاني لا تتحقق إلا في دار الآخرة، ومن لم يشترط ذلك، قال بتداخل الثواب والعقاب.

والذي نراه، أن الإجماع قائم على أن الآخرة بداريها الجنة والنار هي المقر الحقيقي لسرمدية الثواب والعقاب، وأنه لا مانع من تسمية نعيم الدنيا ثواباً، وهمومها وآلامها عقاباً، ومما يؤيد ذلك ويدعمه أن الله سبحانه سماه ثواباً فقال تعالى:{وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} وقال تعالى: {فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} فسمى الله نعيم الدنيا ثوابا ولم يشترط سرمديته، إلا أن المعتزلة غالباً ما يطلقون الاصطلاحات على معاني تتلاءم مع منهجهم العقلي. ولو أنهم تأملوا معاني القرآن الكريم بجانب ما آتوا من عقول سامية لاتفقوا مع غيرهم، وجنبوا المسلمين بلاء كثيراً.

وكذلك سمى الله ما يصيب الناس في الدنيا عقاباً فقال تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} وقال تعالى: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} فسمى – سبحانه – ما أصابهم من عذاب في الدنيا عقاباً، وهذا بين ولله الحمد والمنة.

تاسعاً:

ويحق لنا أن نأخذ على جميع المدارس ما عدا السلف طبعاً عدم رجوعهم إلى الوحي بشقيه – الكتاب والسنة – جملة واحة بمنهج علمي أحصائي شامل، بدلاً من أخذه أحياناً وتركه أحايين، أو الرجوع إليه بناء على أصول عقلية سبق تقعيدها قبل النظرة الشاملة فأعطى نتائج غلب عليها الخطأ وعدم النضوج. وهذا ما حصل تماماً، عندما خاضت كل مدرسة غمار المشكلة قاصدة الوصول إلى الحقيقة، فمنهم من أصاب. ومنهم قارب، ومنهم من لم يحصل المقصود، وما سبيل النجاة عنهم ببعيد.

ص: 232