الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اهتمام المحدثين بنقد الحديث سندا ومتنا
المؤلف/ المشرف:
محمد لقمان السلفي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
بدون ̈الأولى
سنة الطبع:
1408هـ
تصنيف رئيس:
علوم حديث
تصنيف فرعي:
أصول تخريج وتصحيح وتضعيف وجرح وتعديل
الخاتمة
سوف أستعرض في الصفحات القادمة أهم المباحث التي تطرقت لها في هذه الرسالة وأذكر إن شاء الله في نقاط متسلسلة، النتائج التي وصلت إليها من خلال هذه الدراسات، حتى يتبين للقارئ الكريم ويتضح لكل منصف أن المحدثين الكرام سلكوا جميع السبل الممكنة، واستخدموا كل الطرق العلمية التي يمكن أن تخطر على قلب بشر استخدامها، لحفظ السنة النبوية، وتمييزها مما ليس منها من المفتريات والأكاذيب، واهتموا بنقد المتن تماماً كما اهتموا بنقد السند، من دون أي تفريق بينهما، حتى جاءت السنة نقية صافية لا يعتريها شك. وصدق الله سبحانه إذ قال: ?إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون?. فقد حفظت السنة النبوية بحفظ الله إياها وبتهيئته سبحانه لها أولئك الأئمة والمحدثين والرواة الذين أفنوا أعمارهم في سبيل حفظها.
1ـ ذكرت في المقصد الأول من المدخل، أن البوادر الأولى لنقد الحديث ظهرت من عصر الرسول صلى الله عليه وسلم. حيث أمر صلى الله عليه وسلم بالتثبت في الأخبار، وخوّف من النتائج الوخيمة للكذب عليه صلى الله عليه وسلم. بل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم جرح وعدل، والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين تبعوه صلى الله عليه وسلم من بعده وتحروا في قبول الأخبار ولم يقبلوا أي حديث منسوب إليه صلى الله عليه وسلم إلا بعد التثبت من صحة الخبر.
2ـ فلما ظهرت الفتن في عهد صغار الصحابة، والتي كانت بداية مشئومة للكذب عليه صلى الله عليه وسلم، جاء التشديد في قبول الحديث أكثر، واتخذت التدابير الممكنة لمنع تسرب الكذب إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وبدأوا يسألون عن الإسناد. واشتهرت جماعة من الصحابة بالكلام في الجرح والتعديل.
3ـ فلما جاء دور كبار التابعين، برز فيهم جماعة في تتبع طرق الحديث وانتقاء الرجال وجرحهم وتعديلهم. ومقارنة الأحاديث بعضها ببعض حتى يظهر الصحيح، ويتميز مما ليس من السنة النبوية.
4ـ ومن طبقة التابعين، أخذ هذا العلم كبار أتباع التابعين وصغارهم وسلكوا مسلكهم في حفظ الحديث وتنقيته والقدح في الضعفاء، واشتهر منهم أئمة في هذا الفن، وجعلوا من حياتهم غاية لحفظ السنن النبوية، أمثال مالك والسفيانين وشعبة ويحيى القطان وغيرهم.
5ـ هؤلاء الأئمة تكلموا في الرجال وجرحوا وعدلوا من عدلوا، وذكروا ضوابط للجرح والتعديل، فظهرت التقعيدات العامة لفن الجرح والتعديل.
6ـ ثم جاء دور النقاد المحدثين الذين كانوا من بلدان مختلفة ومن جماعات متنوعة، فأخذوا علوم مشايخهم وجمعوا كل هذه العلوم وغربلوها فوُجد علم أسماء الرجال. وعلم نقد الحديث سنداً ومتناً. كما وجدت علوم أخرى مساعدة، حتى أصبح نقد الحديث علماً متكاملاً، له قواعده وأصوله لدراسة ركني الحديث (السند والمتن).
7ـ وقد أثبتُّ بالأدلة أن علم نقد الحديث الذي توارثه المحدثون من أسلافهم بدأت كتابتها مع بداية كتابة الحديث كتعليقات وحواشي في كتب الحديث ثم مرت بمراحل، حتى انفصلت وأصبحت تُدَوَّن في كتب مستقلة. ولكن بعض هذه الكتب ضاعت، كما يشير إليه كتب المصطلح الموجودة التي تروي لنا الآراء النقدية لأولئك الأئمة وأقوالهم في الجرح والتعديل وذكرهم للعلل في الأسانيد والمتون.
8ـ كما أثبتُّ أن نقد الحديث اعتمد على أمرين أساسين: دراسة حال الراوي ودراسة حال المروي. وأن منهج نقد المحدثين كان منهجاً شاملاً دقيقاً، لم يدع جانباً من جوانب الحديث سنداً ومتناً. إلا وقد اعتنى به.
9ـ وأثبت بالأدلة العقلية: أن نقد السند أهم من نقد المتن، وأن فكرة الاعتماد على النظر في المتن واحدة، فكرة أثبتت التجربة أنها خاطئة، وأن نقد الأسانيد له اتصال وثيق بنقد المتن.
10ـ وأنّ المحدثين لم يخطوا خطوة في مسائل النقد، إلا وكان العقل مسايراً لهم ومؤيداً لقواعدهم النقدية.
11ـ ثم ذكرت أهم القواعد التي وضعها النقاد لنقد الراوي والمروي.
12ـ وفي المقصد السابع الذي هو الأخير من المدخل، بينت: كيف أن علم نقد الحديث كان له الأثر العظيم في حفظ السنة. وكيف أن المحدثين رتبوا كتب السنة على طبقات باعتبار الصحة والشهرة حتى اطمأنت إليها الأمة وجعلتها نبراساً لحياتها ومصدراً لتشريعها.
13ـ وفي بداية الباب الأول، وتمهيداً للشروع في مباحثه، التي تدور حول نقد السند. أتيت بذكر الأسباب التي دعت إلى ظهور الإسناد. وأن بعضاً من الصحابة، أحجموا عن الرواية عند اشتداد الفتن وانتشار الكذب، ولكنه لم يكن الحل الصحيح للمشكلة. وكان لابد من الحلول الجذرية لها، ومن التقيد بأصول وقواعد تضع الحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
فظهر السؤال عن الإسناد:
14ـ واعتبر الإسناد ركناً من ركني الحديث. وتحمل المحدثون مشاق السفر إلى بلاد نائية، بحثاً عن أسانيد الأحاديث، بل عن إسناد الحديث الواحد، لأنه استقر في أذهانهم أنه لا يمكن تصور الحديث بدون الإسناد، واشتهر بينهم: أن السند للخبر كالنسب للمرء.
15ـ وكما أنهم استعملوا الإسناد للحديث، استعملوه كذلك لرواية الكتب.
16ـ ثم اهتموا بنقد هذه الأسانيد، فرتبوا أسماء الرواة بحسب القوة والضعف والسنة والبدعة، وعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط وكتبوا الحديث من عشرين وجهاً فأكثر، وأجروا عملية المقارنة بين الروايات حتى وصلوا إلى نتائج صحيحة ودقيقة.
17ـ ولم يكتفوا بهذا. بل بحثوا في عدالة الراوي وضبطه، وذكروا معنى العدالة، وكيفية ثبوتها للراوي، والأمور التي تسلب العدالة من الراوي. وذكروا معنى الضبط، وكيفية ثبوته للراوي، والأمور التي تسلبه من الرواية. ثم نصوا على أنه لا يقبل إلا حديث الثقة الضابط، وردُّوا حديث أهل الغفلة والغلط والكذب والبدعة.
18ـ ومن عنايتهم بنقد السند أن بحثوا في اتصال السند وانقطاعه وصرفوا إليهما اهتمامهم البالغ، وجعلوا اتصال السند شرطاً أساسياً لكون الحديث صحيحاً. وذكروا معنى الاتصال، وأنواع الحديث المتصل ودرجاتها وأحكامها من حيث القبول والرد كما ذكروا معنى الانقطاع وأنواع الحديث المنقطع ودرجاتها وأحكامها بكل تفاصيلها.
19ـ ومن عنايتهم بنقد السند أيضاً أن اهتموا بمعرفة طرق تلقّي الحديث وأدائه ووضعوا مصطلحات خاصة تحدد كيفية التلقي وأدائه، حتى أمكن لهم الحكم على كل حديث بأنه صحيح أم غير صحيح، متصل أو منقطع.
20ـ ثم تطرقت لموضوع العنعنة عند المحدثين، لأن لها ارتباطاً قوياً بنقد السند، ومعرفة صحيحه من سقيمه. وذكرت أقوالهم في الحديث المعنعن، والشروط التي يجب توافرها لقبوله، كما تطرقت لبيان الحكم في الأحاديث المعنعنة الموجودة في الصحيحين.
21ـ وشرحت معنى الشذوذ في السند. وتعريف الشاذ واختلاف العلماء فيه وحكمه عند المحدثين، وارتباطه بنقد السند. وجئت بالأمثلة التي ألقت ضوءاً كافياً على مدى اهتمام المحدثين بنقد السند.
22ـ ثم بيَّنت مفهوم العلة في الحديث، وأهمية معرفتها. وكيف أن المحدثين الأجلّة اهتموا بها، وأنه لم يخض في هذا الغمار إلا الجهابذة في علوم الحديث لكونها من أدقّ العلوم وأغمضها.
وقد ذكرتُ أن العلة قد تكون في السند، وقد تكون في المتن، وأوضحت بالأمثلة الكثيرة مدى اهتمام المحدثين بمعرفة العلل في السند، وذلك تمشياً على قاعدتهم بالاهتمام بكل ما له صلة بنقد السند.
وهكذا، بذلت جهدي المتواضع للإثبات أن نقاد المحدثين اعتنوا بنقد السند وتمييز صحيحه من سقيمه بجميع الوسائل الممكنة.
23ـ وأما الباب الثاني، فقد بدأته ببحث مطول عن اهتمام المحدثين بنقد المتن وبينت فيه أن النقد عند المحدثين يشمل الراوي والسند والمتن. وأن الاهتمام بنقد المتن بدأ من الصحابة رضي الله عنهم. ومشى عليه التابعون وأتباعهم. واستخرجت أمثلة كثيرة من بطون الكتب لإثبات هذه الحقائق، وللإيضاح بأن المباحث التي تطرق لها مؤلف كتب المصطلح لم تقتصر على مباحث الإسناد، بل إن أبحاثهم دارت في محيط ثنائي مؤلَّف من السند والمتن، وأنهم وضعوا قواعد في الجرح تُنبئ عن النقد الخفي للمتن، وجئت بتلك القواعد. وشرحت أهمية قانون الاعتبار والمعارضة لنقد المتن، وأن الصحابة والتابعين ومن جاؤوا بعدهم من أئمة الحديث طبقوا هذا القانون، وأن كثيراً من الاصطلاحات التي أطلقها المحدثون على الرواة، إن هي إلَاّ تسميات لنتائج مقارنات ومعارضات بين مرويات الراوي ومرويات غيره. ثم أطلقوا على الراوي لفظاً يحدد مقدار ضبطه ودرجة مروياته. وهذا يعني أنهم درسوا المتون وقارنوها بمتون أخرى.
24ـ وبيَّنت كذلك، كيف أن النقاد استخدموا التاريخ لنقد المتون، مستدلاً بأمثلة كثيرة مستخرجة من أمهات الكتب.
25ـ كما ذكرت أن الاهتمام بنقد المتن واضح في رواية الحديث باللفظ وأن الشروط التي ذكرها الإمام الشافعي وغيره من الأئمة لجواز الرواية بالمعنى، مردُّ كلها إلى الاهتمام بالمتن، واتخاذ السُّبل اللازمة لحفظه من التبديل والتحريف.
26ـ ثم جئت بأمثلة عديدة من مؤلفات أئمة النقد لأدَلِّل على أن المحدثين لم يخطوا خطوة في دراسة الأحاديث النبوية ومقارنة بعضها مع بعض إلا وقواعد نقد المتن كانت نصب أعينهم في كل لحظة، وأنه لم يوجد حديث صحيح أو سقيم في الدنيا إلا وقد درسه النقاد سنداً ومتناً.
27ـ وذكرت في مبحث مستقبل، أن العلة كما تكون في السند قد تكون في المتن أيضاً وأن المحدثين اعتنوا بهذا، ونقدوا متون مئات من الأحاديث لوجود علة فيها. ولكن من العجيب المفيد أنهم كلما وجدوا حديثاً معلولاً متنه، جاؤوا إلى سنده بالبحث والتمحيص، فوجدوا فيه ما يدعو إلى تركه أو الشك فيه.
28ـ ثم ذكرت القواعد التي اتبعها النقاد لإدراك العلة، القواعد التي كانت نتيجة تجاربهم الدقيقة العميقة في مجال النقد.
29ـ ثم تطرقت لموضوع "الشذوذ في المتن" وبيَّنت ماذا يعني الشذوذ في المتن، وأن النقاد تعرضوا لجميع الأحاديث التي خالف فيها الراوي الفرد الأضبط منه والأحفظ، أو خالف جماعة، وبيَّنوا ما فيها من المخالفة والشذوذ، وذكروا الزيادة والنقصان، وكشفوا ما فيها من القلب أو الاضطراب أو التصحيف أو الأنواع الأخرى من عيوب المتن. وأثبتُّ كل هذا بالأمثلة التي استخرجتها من بطون المراجع.
وهذا إن دل على شيء، فقد دل على اهتمام النقاد بالمتن ومعرفة ما يطرأ عليه من العلل والعيوب الأخرى.
30ـ وفي فصل خاص أوضحت: كيف أن المحدثين اهتموا بمعرفة الأحاديث الموضوعة ووضعوا ضوابط علمية وقواعد ثابتة، وحدَّدوا أمارات لمعرفتها بدون أن ينظروا في السند، وأحوال رجاله، وأن تلك الأمارات قد تكون في السند، وقد تكون في المتن. وأن هذه المكانة العظمى أعني معرفة الأحاديث الموضوعة من دون النظر في السند، لا يبلغها إلا من وجدت فيه الصفات التي ذكروها.
31ـ وذكرت أهمية كتاب "المنار المنيف" للعلامة ابن القيم رحمه الله في هذا الباب وشموله، ودقته في بيان الضوابط المجملة والتفصيلية لمعرفة الأحاديث الموضوعة.
كما ذكرت تنبيه العلماء على أنه لم يثبت في باب كذا وكذا أي حديث وبعض الكتب التي ألفت في هذا الباب، وأن خير ما أُلِّف في هذا الموضوع كتاب (المنار المنيف) فقد أجاد في تتبع تلك الضوابط وجمعها في هذا الكتاب.
32ـ وفي الباب الثالث من الرسالة خصصت الكلام عن المستشرقين وأتباعهم من المنتسبين إلى الإسلام، والشبه التي أثاروها حول نقد المتن.
33ـ وليكون الحديث عن فئة المستشرقين أجمع وأشمل فقد بيَّنت حقيقة الاستشراق، ونشأته وتدرجه، وأهدافه، وصلته الوثيقة بالتبشير والاستعمار وحقده ضد الإسلام ومحاربته للشريعة الإسلامية والقرآن والسنة والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي.
34ـ وفي فصل خاص، فصَّلت القول بأن المستشرقين هم المسيحيون واليهود الذين درسوا الإسلام وكل ما ينتمي إليه للنيل منه والتشكيك فيه.
ثم ذكرت نماذج من المستشرقين ورؤسائهم وتاريخهم الموجز المظلم بظلام الحقد والحسد، كما ذكرت بعض الكتب التي ألفوها عن الإسلام لمحاربته وتشويه صورته الوضَّاءة وأن أغلب الدراسات الاستشراقية دراسات سطحية لم يتقن أهلها اللغة العربية ولم يفهموا مقاصد الشريعة الإسلامية وحكمها مع ما وجد لديهم من التعمد البغيض والتواطؤ الخبيث على تشويه صورة الإسلام.
35ـ ثم جئت بذكر موقفهم من السنة والذي يتلخص في محاولة إقناع قرائهم أن الأحاديث كانت صالحة لفترة الجاهلية وأنها متناقضة وأنها ازدادت مع مرّ الزمن بدخول الموضوعات فيها.
36ـ كما أوضحت أنهم استفادوا من المعتزلة، وأنهم اعتمدوا على الضعيف الشاذ وعلى المنهج المعكوس وهو أنهم بَيَّتوا الفكرة المسيئة إلى الإسلام من قبلُ، ثم بحثوا في كتب القصص والأغاني ليستلوا منها ما يؤيد فكرتهم.
37ـ واتهموا الصحابة والمحدثين بوضع الأحاديث وادَّعوا كذباً وزوراً أن الموضوعات اختلطت بالصحاح ولم يمكن التمييز بينها.
وقد جئت بالرد على هذه المزاعم وكشفت حقيقة كذبهم وزورهم.
38ـ ثم جئت إلى ذكر المنتسبين إلى الإسلام وإنكارهم السنة وأن الفتنة أثارها في قديم الزمان، الخوارج والمعتزلة، ثم ماتت بنهاية القرن الثالث وقد ظلت مقبورة، حتى أحياها من جديد، أناس في البلدان العربية وأشخاص في شبه القارة الهندية. وبينت أن الفتنة أصبحت في الهند وباكستان أقوى، ونشأت جماعة أهل القرآن وتدرجت حتى أصبحت مشكلة دينية وعقدية في تلك البلاد.
وقد حاربها علماء السنة محاربة شديدة، ولكن الاستعمار ساعد منكري السنة ورباهم وشجعهم.
ثم ذكرت الشبه التي أثارها أهل القرآن حول السنة، والفرق الموجودة منهم حالياً في باكستان وبعض الكتب التي ألفها علماء السنة في الرد على هذه الفرق وشبهها.
39ـ ثم بينت شبه المستشرقين وأتباعهم حول نقد المتن، وأن بعضهم نقلوا هذا الشبه من البعض الآخر وجئت بالرد على تلك الشبه رداً أرجو أن أكون قد وُفِّقت فيه.
40ـ وفي آخر هذا المبحث تعرضت لذكر بعض الأحاديث التي انتقدوها ـ على زعمهم ـ متناً مع بيان جهلهم أو تجاهلهم للحقيقة حتى يمكن لقارئ أن يقيس عليها الأحاديث الأخرى التي نقدوها والتي لا يسع المقام لذكرها كلها. وحتى يتيقن في نفسه أن هؤلاء الناس لا يتوقع منهم إلا الكيد للإسلام والحط من منزلة السنة النبوية. على صاحبها أفضل الصلوات وأتم التسليمات.
41ـ وبهذا، عرفنا: أن السنة النبوية حُفظت بحفظ الله لها. ووصلت إلينا صافية نقية من كل الشوائب والشكوك، إذ قيّض الله لها الأئمة العظام الذين سلكوا المنهج القويم المتضمن نقد السند والمتن بكل ما تعني الكلمة من المعاني والمفاهيم. فميَّزوا صحيحها من سقيمها وجمعوا الأحاديث الثابتة الصحيحة في مجموعات حديثية قبلتها الأمة بالإجماع مصدراً لتشريعها ومأخذاً لجميع الخيرات الدنيوية والأخروية.
42ـ وإن الشبهات التي تثار ضدها من قبل أعداء الإسلام أو أبنائه المغترين لا تقوم في وجه الدليل والاحتجاج العلمي أدنى قيام، وأنها أغاليط وتمويهات تنكشف وتزول عندما تواجه المنهج العلمي الأصيل الذي هو منهج النقد عند المحدثين.
43ـ وأرى وأقترح بهذه المناسبة أن تُعنى الجهات العلمية في العالم الإسلامي:
أـ بإدخال السنة النبوية وعلومها مادة أساسية في المناهج الدراسة للمدارس والكليات حتى يكون النشء الإسلامي على علم بما للسنة النبوية من مكانة عظمى في الإسلام وبما لها من أصول مناهج نقدية لا يفوقها أي منهج نقدي في العالم الثقافي القديم والجديد.
ب ـ اختيار أساتذة متخصصين في السنة النبوية وعلومها لتبسيط علم المصطلح وصياغته في أسلوب شيق واضح وعرضه في كتب صغيرة الحجم، حتى يتلقاه الجيل الإسلامي الجديد من دون أن يشعر بغموض أو سآمة أو ملل.
ج ـ إنشاء مجلات متخصصة في السنة وعلومها في كل بلد إسلامي للعناية بنشر الوعي السني بين الشعوب الإسلامية والرد على الشبهات التي تثار من حين لآخر حول السنة النبوية، وإبراز العلوم العقدية والأخلاقية والأحكام التشريعية فيها التي تضمن الخير والسؤدد والأمن والاستقرار للبشرية كلها.
والحمد لله الذي بفضله ومنّه تتم الصالحات، وصلى الله على نبينا وحبيبنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.