الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام الأوراق التجارية في الفقه الإسلامي
المؤلف/ المشرف:
سعد بن تركي الخثلان
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار ابن الجوزي - الدمام ̈الأولى
سنة الطبع:
1425هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
نقود وعملات وأوراق تجارية
خاتمة البحث
وتشتمل على:
- أهم نتائج البحث.
- التوصيات.
- في ختام هذا البحث أحمد الله تعالى وأشكره على توفيقه وإعانته على إتمام هذا البحث .. ، وأسأله المزيد من فضله والتوفيق لما يحب ويرضى ..
- وتتويجاً لهذا البحث أختمه بخاتمة تتضمن أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال هذا البحث، والتوصيات التي يراها الباحث ..
أهم نتائج البحث:
يمكن تقسيم أهم نتائج البحث إلى نتائج عامة، ونتائج تفصيلية .. ، فأبرز النتائج العامة:
- أهمية الأوراق التجارية في الحياة العملية للناس عموماً وللتجار على وجه الخصوص .. ، وتبرز هذه الأهمية بشكل خاص من خلال قابلية الأوراق التجارية لسداد ديون عديدة بعملية وفاء واحدة .. ، فعلى سبيل المثال: الكمبيالة التي يحل موعد وفائها بعد مدة معينة بالإمكان سداد عدة ديون بها عن طريق التظهير حتى يحين موعد سدادها فيقوم المسحوب عليه بوفائها لحاملها الأخير ..
- أن أصول الأوراق التجارية كانت معروفة لدى المسلمين، فقد عرفت المجتمعات الإسلامية التعامل بما يشبه السفاتج منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم، وعرفت كذلك: صكوك البضائع ورقاع الصيارفة .. ، ويقال: إن المصطلح القانوني (شيك)(أحد أنواع الأوراق التجارية) منقول عن المجتمعات الإسلامية من مصطلح (صك) ..
- أن نظام الأوراق التجارية السعودي قد أخذ في جملته بأحكام قانون جنيف الموحد للأوراق التجارية (المنعقد سنة 1349، 1350هـ - 1930، 1931م)، مع اختلافات يسيرة في عدة مواضع .. ، لكنه تميز باستبعاد ما كان مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية من ذلك القانون كاشتراط الفائدة في الكمبيالة والسند لأمر .. ، وقد تحرر للباحث أن النظام لا يشتمل على أي مخالفة للشريعة الإسلامية كما يظهر ذلك من خلال هذه الدراسة التفصيلية التي اشتملت عليها هذه الأطروحة ..
- أن المسألة الوحيدة التي تحرر للباحث فيها المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية هي:
مسألة خصم الأوراق التجارية، فهذه المسألة قد تحرر للباحث – بعد الدراسة المفصلة لها-: عدم جوازها شرعاً، ولكن هذه المسألة لم يتطرق لها أصلاً في نظام الأوراق التجارية، ولم تتعرض لها كثير من الكتب القانونية المتخصصة في الكتابة عن الأوراق التجارية .. لكونها ألصق بعمل المصارف منها إلى التنظيم القانوني للأوراق التجارية .. ، لكنني تعرضت للكلام عنها في هذا البحث لكونها وثيقة الصلة بالأوراق التجارية، ولأهمية معرفة الأحكام المتعلقة بها في الحياة العملية ..
ويمكن تلخيص أهم النتائج التفصيلية فيما يأتي:
- أن قانون الصرف يعني: مجموعة القواعد القانونية التي تحكم الأوراق التجارية، وقد تميز بعدة سمات، من أبرزها: الشكلية التي تعني: تحرير الأوراق التجارية، واشتمالها على بيانات معينة يترتب على إغفالها فقدان الورقة لصفتها التجارية .. ، والكفاية الذاتية بحيث تكون الورقة التجارية كافية بذاتها لتقرير الالتزام الثابت بها، واستقلال الالتزام الصرفي، والشدة في تنفيذه.
- ضابط الأوراق التجارية أنها: (صكوك قابلة للتداول تمثل حقاً نقدياً، وتستحق الدفع لدى الإطلاع، أو بعد أجل قصير، ويجري العرف على قبولها كأداة للوفاء، وتقوم مقام النقود في المعاملات).
- أنواع الأوراق التجارية: الكمبيالة، والسند لأمر، والشيك، فالكمبيالة هي:(صك يحرر وفقاً لشكل قانوني معين، ويتضمن أمراً صادراً من شخص (يسمى الساحب) إلى شخص آخر (يسمى المسحوب عليه) بأن يدفع مبلغاً معيناً لدى الإطلاع، أو في تاريخ معين، أو قابل للتعين، إلى شخص ثالث (يسمى المستفيد).
وأما السند لأمر فهو: (صك يتعهد بموجبه محرره بأن يقوم بدفع مبلغ معين في تاريخ معين، أو قابل للتعين، أو بمجرد الإطلاع، إلى شخص آخر (يسمى المستفيد).
وأما الشيك فهو: (صك يحرر وفقاً لشكل معين يتضمن أمراً صادراً من شخص (يسمى الساحب) إلى شخص آخر (يسمى المسحوب عليه) بدفع مبلغ معين من النقود إلى شخص ثالث (يسمى المستفيد) بمجرد الإطلاع.
- أن الأوراق التجارية تختلف عن الأوراق النقدية التي تصدرها الدولة أو إحدى مؤسساتها وتمثل بطبيعتها قيمة حاضرة مستحقة الأداء في أي وقت وتنتقل من شخص لآخر بمجرد التسليم والمناولة .. ، كما أن الأوراق التجارية تختلف كذلك عن الأوراق المالية التي تشمل الأسهم والسندات التي تصدرها الشركات أو المؤسسات أو المصارف أو الدول، وتتغير باستمرار تبعاً لتقلبات الأسعار في الأسواق المالية ..
- تقوم الأوراق التجارية بوظائف اقتصادية كبيرة على مستوى الأفراد وعلى مستوى المجتمعات بصفة عامة .. ، فهي تعتبر أداة وفاء تقلل من استعمال النقود، وتغني عن نقلها من مكان لآخر .. ، وتعتبر كذلك أداة ائتمان إذا تضمنت أجلا لوفاء قيمتها ..
- يشترط لصحة الورقة التجارية مجموعة من الشروط الشكلية والشروط الموضوعية، أما الشروط الشكلية فيراد بها ثبوت الورقة التجارية في محرر، واحتواء هذا المحرر على بيانات معينة، وقد جرى دراسة تلك البيانات دراسة مفصلة .. ، وأما الشروط الموضوعية فيراد بها: رضى المتعاقدين، وأن يكون محل الالتزام فيها مبلغاً من النقود، وأن يكون سبب الورقة التجارية الذي أدى إلى إنشائها قائماً ومشروعاً، وأن تتوفر الأهلية الكاملة في حق كل من يوقع على الورقة التجارية ..
- اختلف في التخريج الفقهي للكمبيالة .. ، والذي تحرر للباحث في ذلك: أنها عقد مركب من عدة عقود، فهي تارة تكون بمعنى السفتجة، وتارة بمعنى الحوالة، وتارة بمعنى القرض أو الوكالة في الإقراض أو الاقتراض .. تبعاً لطبيعة العلاقة بين الساحب والمسحوب عليه والمستفيد ..
- اختلف في التخريج الفقهي للسند لأمر .. والذي تحرر للباحث في ذلك أنه مجرد وثيقة بدين ..
- يجوز شرعاً التعامل بالكمبيالة والسند لأمر إلا فيما يشترط فيه التقابض، فلا يجوز أن تحرر به الكمبيالة والسند لأمر إذا كانا لا يحلان إلا بعد أجل .. ، ويجوز أن تحرر به الكمبيالة والسند لأمر إذا كانا واجبي الدفع لدى الإطلاع ..
- الشيك الوجه من العميل إلى مصرف له فيه رصيد يعتبر حوالة، المحيل فيها: الساحب، والمحال: المستفيد، والمحال عليه: المصرف .. ، أما الشيك الموجه من العميل إلى مصرف ليس له فيه رصيد يعتبر وكالة في اقتراض، الموكل في الاقتراض: الساحب للشيك، والمستفيد هو الوكيل في الاقتراض، والمصرف هو المقرض، ويجب ألا يتضمن ذلك القرض أية فوائد، وإلا كان من قبيل القرض الذي جر نفعاً ..
- الشيك المسطر هو: شيك يسطر وفق شكل الشيك العادي لكنه يتميز بوجود خطين متوازيين على صدر الشيك، ويفيد هذا التسطير إلزام المصرف المسحوب عليه بعدم الوفاء بقيمة ذلك الشيك إلا لأحد عملائه أو إلى مصرف آخر .. ، والتخريج الفقهي له: أنه حوالة اشترط فيها المحيل (الساحب) على المحال عليه (المسحوب عليه) التحقق من شخصية المستفيد بصفة معينة تتمثل في عدم صرف ذلك الشيك إلا لأحد عملائه أو إلى مصرف آخر ..
- الشيك المقيد في الحساب هو: شيك يحرر وفق شكل الشيك العادي يضيف إليه الساحب أو الحامل عبارة تفيد منع وفاء ذلك الشيك نقداً، ووجوب وفائه عن طريق القيود الكتابية .. ، والتخريج الفقهي له: أنه حوالة اشترط فيها المحيل (الساحب) على المحال عليه (المسحوب عليه) ألا يصرف قيمة ذلك الشيك نقداً وإنما عن طريق القيود الكتابية.
- الشيكات السياحية هي: شيكات تصدرها المصارف والمؤسسات على فروعها أو مراسيلها في الخارج لمصلحة المسافر الذي يحصل على قيمتها بمجرد عرضها للوفاء لدى أي فرع أو لدى أحد مراسلي المؤسسة أو المصرف المصدر .. ، والتخريج الفقهي لها أنه سفتجة، وهي جائزة شرعاً على ما ترجح للباحث في ذلك ..
- شيكات التحويلات المصرفية هي: شيكات تحرر من قبل المصرف عندما يتقدم إليه أحد لأجل نقل نقوده – عن طريق ذلك المصرف – إلى مواطن آخر .. ليأخذها هو أو وكيله أو أي شخص آخر يريد أن يوصلها إليه في ذلك الموطن .. ، فإن كان المراد تحويله من جنس النقد المدفوع فهي سفتجة، وهي جائزة – على القول الراجح -، وإن كان المراد تحويله من غير جنس النقد المدفوع فلابد من إجراء الصرف بين العملتين بحيث يقبض المحيل العملة التي يراد تحويلها، ثم يحولها بعد ذلك وتكون عملية التحويل هذه من قبيل السفتجة كما تقدم ..
- التظهير هو: تصرف قانوني تنتقل بموجبه ملكية الورقة التجارية من شخص (يسمى المُظهر) إلى شخص آخر (يسمى المظهر له)، أو يحصل به توكيل في استيفائها، أو رهنها بعبارة تفيد ذلك، وينقسم إلى ثلاثة أقسام: التظهير الناقل للملكية، والتظهير التوكيلي، والتظهير التأميني، أما التظهير الناقل للملكية فينتقل بموجبه الحق الثابت في الورقة من المظهر إلى المظهر إليه بعبارة تفيد ذلك .. ، والذي تحرر للباحث في تخريجه الفقهي: أنه حوالة اشترط فيها المحيل قبل ما يترتب على التظهير من آثار .. ، هذا إذا كان المظهر إليه دائناً للمظهر .. ، أما إذا كان غير دائن له فيعتبر التظهير حينئذ توكيل من المظهر إلى المظهر إليه بتقاضي الدين الذي تمثله الورقة التجارية على أن يتملكه قرضاً ..
وأما التظهير التوكيلي، فهو تصرف قانوني يقوم فيه المظهر بتوكيل المظهر إليه في تحصيل قيمة الورقة التجارية عند حلول ميعاد استحقاقها .. ، وتخريجه الفقهي: أنه توكيل من المظهر إلى المظهر إليه في تحصيل قيمة الورقة ..
وأما التظهير التأميني، فهو تصرف قانوني يتم بموجبه تظهير الورقة التجارية على سبيل الرهن ضماناً للوفاء بدين في ذمة المظهر لصالح المظهر إليه .. ، وتخريجه الفقهي أنه من قبيل الرهن للحق الثابت في الورقة التجارية ضماناً لدين في ذمة المظهر .. ، والذي ترجح للباحث أن رهن الدين بالدين جائز لاسيما فيما يتعلق بالأوراق التجارية.
- من أبرز آثار التظهير الناقل للملكية: قاعدة تطهير الدفوع، وقد أفردت بالبحث نظراً لأهميتها، إذ يعتبرها بعض الباحثين حجر الزاوية في قانون الصرف كله .. ، ومعنى تطهير الدفوع: خلو الحق الثابت في الورقة التجارية، وتطهيره من الحجج التي يلجأ إليها المدين لرد طلب الدائن، أي أن التظهير يترتب عليه نقل الحق الثابت في الورقة التجارية من المظهر إلى المظهر إليه خالياً ومطهراً من جميع العيوب والدفوع التي تتعلق به متى ما توفرت شروط معينة، وهذه القاعدة هي من أبرز آثار التظهير الناقل للملكية الذي سبق تخريجه بأنه حوالة اشترط فيها المحيل قبول ما يترتب على التظهير من آثار بمقتضى عرف التعامل بالأوراق التجارية، وتطهير الدفوع من أبرز آثار ذلك التظهير .. ، فيكون كالمشترط بين المتعاملين بالأوراق التجارية.
- المقصود بتحصيل الأوراق التجارية: إنابة المصرف في جمع الأموال الممثلة في الأوراق من المدينين بها وتسليمها إلى العميل (الموكل)، والتخريج الفقهي لهذا التحصيل: أنه من قبيل الوكالة بأجرة، وهي جائزة شرعاً ..
- المقصود بخصم الأوراق التجارية: أنه عملية مصرفية يقوم بموجبها حامل الورقة التجارية بنقل ملكيتها عن طريق التظهير إلى المصرف قبل موعد الاستحقاق مقابل تعجيل المصرف لصرف قيمتها له بعد خصم مبلغ معين نظير ذلك التعجيل .. ، والذي تحرر للباحث في التخريج الفقهي لهذه المسألة أنه لا فرق بين الخصم على المصرف الذي يصفه بعض الباحثين بالمدين والخصم على المصرف غير المدين، إذ أن اعتبار المصرف الذي تحسب عليه الورقة التجارية مديناً بها وقت الخصم غير صحيح .. وبناء على ذلك فالذي تحرر للباحث في خصم الأوراق التجارية مطلقا أنه من قبيل القرض بفائدة، وهو محرم شرعاً، وبناء على ذلك لا يجوز خصم الأوراق التجارية .. ، وقد ذكر الباحث في ختام بحث هذه المسألة حلولاً عملية بديلة لخصم الأوراق التجارية .. ، والذي استحسنه الباحث من تلك الحلول: أن يقوم المستفيد ببيع الورقة التجارية على المصرف بعوض غير نقدي كسلعة من السلع، أو عرض من العروض .. ، ويكون ذلك من قبيل بيع الدين لغير من هو عليه بالعين، وهو جائز شرعاً على الصحيح من قولي العلماء ..
- قبض الأوراق التجارية: إن كانت مستحقة الوفاء بعد مدة معينة فلا يعتبر تسلمها قبضاً لمحتواها، أما إن كانت واجبة الدفع لدى الإطلاع كالشيك مثلاً .. فإن كانت تلك الأوراق في حكم الشيك المصدق أو في قوة التصديق فيعتبر تسلمها في حكم القبض لمحتواها وإلا فلا .. ، وأما شيكات التحويلات المصرفية مع اختلاف العملة فلابد من التصارف والتقابض قبل التحويل .. ، فإن كان المصرف يملك المبلغ المراد تحويله فإن القيد في دفاتر المصرف وتسلم ذلك الشيك في معنى القبض لمحتواه إذا أجرى الصرف بسعر وقته، وإن كان المبلغ المراد تحويله ليس موجوداً في صندوق المصرف ولا في قيوده وإنما سيعمل المصرف على تأمينه مستقبلاً لمن حول عليه، فالظاهر أن تسلم الشيك في مثل هذه الحال ليس في معنى القبض لمحتواه ..
- لا تسمع الدعوى في الأوراق التجارية بسبب التقادم، أو بسبب إهمال الحامل القيام بإجراءات معينة في مدد محددة، وقد حدد النظام مدداً زمنية لعدم سماع الدعوى تختلف باختلاف نوع الورقة التجارية وطبيعة الالتزام المتعلق بها وأطراف الدعوى .. ، وعدم سماع الدعوى لأجل مرور الزمن الطويل عليها له أصل في الفقه الإسلامي على تفصيل جرى بيانه في هذا البحث .. ، مع ملاحظة أن عدم سماع الدعوى في الأوراق التجارية إنما يسقط الحق الصرفي فقط، وبالإمكان أن تسمع الدعوى بعد سقوط الحق الصرفي بمقتضى القواعد العامة إلا إذا مر عليها وقت طويل جداً ورأى القاضي عدم سماع الدعوى فيها مطلقاً، لأجل ذلك فإن عدم سماع الدعوى في مثل هذه الحال متجه على ما جرى بيانه ..
- الضمان بالقبول معناه: تعهد المسحوب عليه بدفع قيمة الكمبيالة لحاملها الشرعي في موعد الاستحقاق، والذي تحرر للباحث في تخريجه الفقهي: أنه تعهد والتزام من قبل المسحوب عليه بوفاء الدين الذي تمثله الكمبيالة، والتعهد والالتزام الذي يوجبه الإنسان على نفسه يلزمه شرعاً الوفاء به ..
- يعتبر جميع الموقعين على الورقة التجارية – بمن فيهم الضامن الاحتياطي – ملتزمين بالتضامن بوفاء قيمة الورقة التجارية، والذي تحرر للباحث في التخريج الفقهي لذلك التضامن: أنه ضمان شرعي، ويعتبر كل موقع على الورقة ضماناً للوفاء بقيمتها عند تعذر الوفاء من قبل المدين بها.
- مقابل الوفاء في الكمبيالة أو الشيك (الرصيد) يعتبر ديناً للساحب في ذمة المسحوب عليه، لكنه في الكمبيالة دين مؤجل إذا لم تكن الكمبيالة مستحقة الوفاء لدى الإطلاع ..
- الضمانات العينية هي ضمانات غير صرفية يشترطها حامل الورقة التجارية تأكيداً لضمان حقه المتمثل في قيمة الورقة التجارية، وذلك بتقرير رهن على عقار أو على منقول كأوراق تجارية أخرى يظهرها المدين الصرفي إلى حامل الورق على سبيل الرهن، والتخريج الفقهي لها: أنها من قبيل رهن الدين بالعين، أو رهن الدين بالدين، وكلاهما جائز على ما ترجح للباحث في ذلك ..
- أولى النظام الشيك دون سائر الأوراق التجارية حماية خاصة نظراً لأهميته، ولانتشاره في الحياة العملية .. ، وقد تضمن النظام نصوصاً خاصة تتضمن جزاءات معينة في حق من يرتكب كل ما من شأنه الإخلال بالثقة الواجب توفرها في الشيك .. ، ثم عدلت تلك النصوص بتشديد العقوبة والجزاءات في حق مرتكبي جرائم الشيك، وقد شملت تلك الجزاءات كلاً من الساحب، والمسحوب عليه، والمستفيد أو الحامل .. ، وجرى بيان تلك الجزاءات على وجه مفصل ..
والتخريج الفقهي لتلك الجزاءات أنها من قبيل التعزيز من ولي الأمر، فالعقوبة بالغرامة: تعزيز بأخذ المال، والعقوبة بالسجن: تعزير بالسجن، وكلاهما جائز في الشريعة الإسلامية عند قيام السبب المقتضي لهما
…
التوصيات:
بعد هذه الدراسة المفصلة للأوراق التجارية في الفقه الإسلامي والمبنية على تصويرها من الناحية القانونية قبل ذلك، وبعد إلقاء نظرة سريعة على الوضع القضائي للأوراق التجارية في المملكة العربية السعودية – والتي جعلت أحكام الشريعة الإسلامية هي المرجع في القضاء – يظهر للباحث أن الوضع الحالي للأوراق التجارية يحتاج إلى إعادة نظر ومراجعة .. ، ولتوضيح ذلك لابد من إعطاء لحمة موجزة عن تاريخ الأوراق التجارية في المملكة ابتداء بنظام المحكمة التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (32) وتاريخ 15/ 1/1350هـ، والذي يعتبر أول نظام متكامل يصدر في المملكة، وقد تناول هذا النظام أحكام السفتجة في ستين مادة في ثلاثة فصول، وقد اقتصر النظام على معالجة أحكام السفتجة (الكمبيالة) دون إشارة إلى الشيك أو السند لأمر!.
وفي 27/ 6/1374هـ أصدر مجلس الوزراء، قراره رقم (142) والقاضي بإلغاء المحكمة التجارية، ومن ثم أصبحت القضايا المتعلقة بالأوراق التجارية تحال إلى المحاكم الشرعية، وفي 11/ 10/1383هـ صدر المرسوم الملكي رقم (37) بالموافقة على نظام الأوراق التجارية، وقد اشتمل هذا النظام على ثلاثة أبواب، خصص الباب الأول منها للكلام عن أحكام الكمبيالة، وخصص الباب الثاني للكلام عن أحكام السند لأمر، وخصص الباب الثالث للكلام عن أحكام الشيك، وقد تميز هذا النظام بالحرص على استبعاد ما كان مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
وفي 16/ 11/1384هـ أصدر وزير التجارة قراراً برقم (262) بتشكيل هيئة فض المنازعات التجارية، وقد نص القرار على أن من اختصاصات الهيئة: توقيع العقوبات المنصوص عليها في نظام الأوراق التجارية، وفي 5/ 2/1387هـ، صدر قرار مجلس الوزراء رقم (186) بدمج هيئة فض المنازعات التجارية وهيئة حسم منازعات الشركات في هيئة واحدة تسمى (هيئة حسم المنازعات التجارية) وعهد إليها بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في نظام الأوراق التجارية، وفي 11/ 5/1388هـ أصدر وزير التجارة قراراً برقم (353) بإنشاء لجنة في مدينة الرياض تسمى لجنة النظر في المنازعات الناشئة عن تطبيق الأوراق التجارية، كما صدرت قرارات مماثلة تتضمن إنشاء لجان في كل من جدة، والدمام، والأحساء، والقصيم، وفي 22/ 9/1403هـ أصدر وزير التجارة قراراً برقم (918) بإنشاء مكتب في مدينة الرياض سمي:(مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية)، وإنشاء لجنة قانونية بوزارة التجارة للفصل في التظلمات ضد القرارات الصادرة من مكتب الفصل ومن لجان النظر في منازعات الأوراق التجارية، وفي 12/ 11/1405هـ صدر قرار مماثل بإنشاء مكتب للفصل في منازعات الأوراق التجارية في مدينة جدة، وحل هذان المكتبان في كل من الرياض وجدة محل اللجنتين فيهما، بينما بقيت لجان الدمام والأحساء والقصيم على وضعها السابق ..
ويتضح مما سبق أن الفصل في منازعات الأوراق التجارية يتولاه في كل من الرياض وجدة مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية، بينما يتولاه في كل من الدمام والأحساء والقصيم لجنة الأوراق التجارية .. ، وهذا هو آخر ما استقر عليه الوضع في الفصل في منازعات الأوراق التجارية، ولا يزال هذا الوضع على ما هو عليه حتى تاريخ تحرير هذه الأطروحة ..
وبعد هذه اللمحة الموجزة عن تاريخ الأوراق التجارية في المملكة يتبين أن الوضع قد استقر على تولي مكاتب الفصل ولجان الأوراق التجارية التابعة لوزارة التجارة الفصل في منازعات الأوراق التجارية .. ، وفي نظري أن هذا الوضع يحتاج إلى أن يعاد النظر فيه، إذ أنه لا يتفق مع الأسس العامة في التنظيم القضائي، وفيه إخلال بوحدة القضاء، إذ أنه ينبغي أن يكون القضاء تابعاً لجهة واحدة ممثلة في وزارة العدل من غير منازعة لها من وزارة التجارة أو غيرها .. ، وليس بصحيح ما يذكر من أن هذه اللجان ليست هيئات قضائية وإنما هي أشبه باللجان والهيئات الإدارية .. ، إذ كيف لا تكون هيئات قضائية وهي تملك سلطة الحكم بالغرامة والحبس، وهذه الأخيرة لا تكون إلا من اختصاص القضاء، كما أن القضايا التي تنظر فيها لها أهمية بالغة على الاقتصاد الوطني ..
وفي نظري أن وجود هذه الهيئات واللجان للفصل في منازعات الأوراق التجارية بالوضع الحالي من أبرز أسباب ضعف التنفيذ للقرارات الصادرة عنها، وذلك لنظرة بعض الناس إليها على أنها ليست جهات قضائية وإنما هي جهات إدارة ليس لقراراتها أية قوة إلزامية .. هذا من جهة، ومن جهة أخرى: تشعب الإجراءات الناتجة عن هذه اللجان يؤدي بدوره إلى الضعف في التنفيذ ..
وبناء على ما تقدم فإنني في ختام هذه الأطروحة أوصي بنقل التقاضي في منازعات الأوراق التجارية من وزارة التجارة إلى وزارة العدل ليحكم فيها قضاة متخصصون في العلوم الشرعية، مع الدراية بالأنظمة القائمة، خاصة: نظام الأوراق التجارية، كما أوصى كذلك بأن تولي وزارة العدل الأوراق التجارية – في حالة نقلها إليها – عناية خاصة، وذلك بإنشاء محكمة خاصة بالأوراق التجارية يفرغ فيها قضاة للفصل في منازعات الأوراق التجارية، وتضاف دائرة جديدة إلى هيئة التمييز ويفرغ فيها قضاة للنظر في الاعتراضات الواردة من قبل الخصوم على الأحكام الصادرة من قضاة محكمة الأوراق التجارية ..
كما أوصى كذلك بأن تقوم وزارة الداخلية بتخصيص جهة تنفيذية مستقلة ومفرغة لتنفيذ القرارات الصادرة عن محكمة الأوراق التجارية: ضعف التنفيذ للقرارات الصادرة بحق مرتكبي تلك المخالفات، إذ أن الإجراءات التي نص عليها نظام الأوراق التجارية والإجراءات الإضافية التي اتخذتها وزارة التجارة قوية وصارمة ولكن تأتي الإشكالية من جهة التنفيذ كما سبق تفصيل الكلام في ذلك.
ولاشك أن تخصيص جهة تنفيذية مستقلة ومفرغة لتنفيذ ما يصدر من قرارات في حق مرتكبي تلك المخالفات من شأنه أن يوفر حماية كبيرة للأوراق التجارية، ويشجع على تداولها بين أفراد المجتمع، وينعكس بدوره على الاقتصاد العام للبلاد ..
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات