الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام المقابر في الشريعة الإسلامية
المؤلف/ المشرف:
عبدالله بن عمر بن محمد السحيباني
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار ابن الجوزي - الدمام ̈الأولى
سنة الطبع:
1426هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
قبور - زيارتها
الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات ، أحمده جل وعلا وأشكره ، وأثني عليه وأستغفره، وأسأله المزيد من فضله ورحمته إنه جواد كريم وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد:
ففي هذه الخاتمة أحب أن أقف مع القارئ الكريم على أهم ما توصلت إليه خلال هذا البحث من فوائد ونتائج كانت حصيلة لمسائل كثيرة. فمن ذلك:
1 -
أن القبر ودفن الإنسان بعد موته سنة جارية في الخليقة منذ أول ميت على وجه الأرض وهو مما أكرم الله عز وجل به بني آدم.
2 -
أن إعداد القبر قبل الموت بشرائه جائز ، أما حفره قبل الموت لشخص معين فإن كان في مقبرة مسبلة فهو حرام ، وإن كان في ملكه فهو مكروه غير مستحب.
3 -
اتفاق الفقهاء على جواز اللحد والشق في القبر وإن كان اللحد أفضل وأما الشق فالراجح أنه الأفضل عند الحاجة إليه.
4 -
أن إعماق القبر مستحب، ليس له حد على الراجح، والمعتدل فيه إلى حد الصدر تقريبا ومما يستحب أيضا توسيع القبر وتحسينه.
5 -
اتفاق الفقهاء على جواز إلقاء الميت في البحر إذا تعذر الوصول به إلى الساحل والراجح تثقيله ليرسب في البحر كما اتفقوا على كراهة التابوت واستثنى بعضهم حالة الحاجة.
6 -
جواز الدفن في قبر الميت إذا بلي وصار ترابا وعدم الجواز إذا لم يبل أو كان فيه عظام من الميت الأول إلا أن يكون شيئا يسيرا على الصحيح.
7 -
الراجح جواز أخذ الأجرة على حفر القبور كما يجوز أخذ الرزق على ذلك من بيت المال.
8 -
أن الأحق بدفن الرجل الرجال من الأولياء وكذا المرأة والراجح أن أولى الناس بالمرأة زوجها وأن الرجال الأجانب أولى من النساء في دفن المرأة وأنه ليس لمن يدخل القبر حد من شفع أو وتر.
9 -
جواز الدفن في كل الأوقات إلا الأوقات المكروهة فلا يجوز للمتحري لها وجواز الدفن بالليل إن كان لا يفوت بذلك حق للميت.
10 -
أن إدخال الخشب في القبر مكروه إلا لحاجة وكذا إدخال القبر شيئا مسته النار وكذا يكره فرش القبر أو وضع مخدة تحت رأس الميت أو نحو ذلك.
11 -
أن الأمر في طريقة إدخال الميت القبر واسع والأفضل هو الأسهل أما توجيه الميت إلى القبلة في القبر فهو واجب وذلك على الراجح وأما وضع الميت على جنبه الأيمن في القبر فهو مسنون بالاتفاق.
12 -
استحب أكثر الفقهاء إسناد الميت في قبره ووضع شيء تحت رأسه وحل عقد كفنه ونصب اللبن على لحده والدعاء له في تلك الحال.
13 -
اتفاق الفقهاء على استحباب ستر قبر المرأة عند إنزالها القبر واختلفوا في الرجل والراجح كراهة ذلك له أما حثو التراب في القبر فالراجح استحبابه وعدم استحباب ذكر معه.
14 -
استحباب رفع القبر قدر شبر أو نحوه وعدم الزيادة على تراب القبر الخارج منه وعلى ذلك اتفاق الفقهاء واختلفوا في التسنيم والتسطيح أيهما أفضل والراجح أفضلية التسنيم للقبر.
15 -
أن رش القبر بعد الفراغ من الدفن ووضع الحصباء عليه مستحب على الراجح أما وضع الجريد والورود على القبر فغير مشروع وكذا الكتابة على القبر وتجصيصه والبناء عليه ونحو ذلك كله حرام لا يجوز على الصحيح.
16 -
اتفق الفقهاء على أفضلية الدفن في المقبرة واختلفوا في حكم الدفن في الدور ونحوها والراجح أنه مكروه كما ذكر الفقهاء أن الأفضل أن يختار لدفن الميت أفضل مقبرة في البلد، أما دفن الميت في المساجد ونحوها كالمدارس فهو حرام لأن في ذلك تعظيما للميت المدفون.
17 -
أن السنة في الشهيد أن يدفن في مصرعه ولا ينقل إلى مكان آخر.
18 -
الراجح أن إفراد كل ميت في قبر مستحب في حال عدم الضرورة أما الضرورة فيجوز الجمع بين أكثر من ميت في القبر بالاتفاق.
19 -
لا يجوز أن يدفن المسلم بين ظهراني الكفار أو مقابرهم إلا أن يتعذر نقله فيدفن في بلادهم لكن في غير مقابرهم أما الكافرة الحامل من رجل مسلم فالراجح أنها تدفن منفردة وكذا الحكم فيما اختلط موتى المسلمين بالكفار.
20 -
اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز أن يدفن كافر في مقابر المسلمين ، ولو مات ذمي بين ظهراني المسلمين يدفنونه وفاء بذمته لكن لا يراعى فيه هدي المسلمين وسنتهم وهذا هو حكم الحربي والمرتد على الصحيح أما من جهل حاله فلم يعرف هل هو مسلم أو كافر فالنظر والاعتبار في ذلك للدار التي هو فيها والعلامات وعلى ذلك الاتفاق.
21 -
أنه يجب دفن أجزاء الميت أو أطرافه إذا وجدت كما ينبغي دفن ما ينفصل من الحي واتفقوا على وجوب دفن السقط إذا تبين فيه خلق الآدمي.
22 -
إذا أوصى الميت بالدفن في مقبرة معينة من البلد فيعمل بوصيته ما لم يكن فيها ضرر أو محذور شرعي أما إن كانت الوصية تستوجب نقل الميت من بلد الوفاة إلى بلد آخر فللعلماء في ذلك خلاف الراجح فيه أن ذلك يختلف بحسب الأحوال والأماكن.
23 -
أن زيارة المقابر للرجال مستحب وذهب إلى ذلك جماهير العلماء كما يستحب السلام على أهل المقابر والدعاء لهم عند الزيارة أو المرور بهم وعلى هذا اتفق الفقهاء والصواب أن يكون الزائر قائما مستقبل أهل المقبرة حال السلام عليهم.
24 -
أن زيارة النساء للمقبرة محرمة تحريما مطلقا على الراجح من أقوال العلماء.
25 -
أن السفر لأجل زيارة القبور محرم بل هو من البدع المحدثة في دين الإسلام وهذا هو الراجح.
26 -
يستحب الإكثار من زيارة القبور من غير حد ومن غير وقت معين والصواب أنه ليس هناك وقت فاضل تستحب فيه الزيارة.
27 -
أن زيارة مقابر الكفار جائزة لأجل الذكرى والاعتبار بحالهم وهذا قول جمهور العلماء ولا يجوز زيارة مقابرهم لغير ذلك أما زيارة الكافر قبر قريبه المسلم فتجوز لعدم المحظور.
28 -
أن أكثر القبور والمشاهد الموجودة الآن والتي تزار ويقال إنها قبور لبعض الأنبياء أو الصحابة مكذوب مختلق أو مضطرب فيه وليست معرفة القبور بأعيانها من الدين الذي تكفل الله بحفظه.
29 -
إن الصلاة عند القبور محرمة غير صحيحة على القول الراجح والقبر الواحد والقبور الكثيرة سواء في هذا الحكم وكذا حكم المسجد الذي بين القبور لا تصح الصلاة فيه إلا إذا أزيلت المقبرة بما يغير اسمها وإذا قصد المصلي بالصلاة عند القبر أو القبور التبرك بتلك البقعة فقد حاد الله وخالف دينه وشرعه.
30 -
إن الصلاة على الجنازة في المقبرة جائزة على الصحيح من أقوال العلماء ما لم يكن في ذلك ذريعة إلى تعظيم القبور.
31 -
عامة الفقهاء على أن الميت يصلى عليه في قبره إذا دفن من غير صلاة والراجح جواز الصلاة على القبر لمن فاتته الصلاة على الميت بل ذلك له مستحب وليس لذلك وقت معين لا تصح الصلاة بعده بل من كان من أهل الخطاب يوم وفاة الميت جاز له الصلاة على قبره.
32 -
أن الأذان عند القبر وقت إنزال الميت ليس مشروعا بل هو من البدع المنكرة.
33 -
مشروعية الدعاء للميت والاستغفار له بعد دفنه كما يشرع الدعاء له عند زيارة قبره والأفضل أن يكون مستقبل القبلة حال الدعاء أما دعاء الإنسان لنفسه عند القبر فمنهي عنه إذا تحرى ذلك وكذا ينهى عن دعاء أصحاب القبور بل ذلك شرك بالله تعالى.
34 -
أن قراءة القرآن عند القبر أو سور وآيات منه بدعة محدثة في الدين ومن ذهب إلى جواز ذلك لم يأت بدليل ثابت.
35 -
أن الذبح عند القبر لا يجوز وهو من البدع المحرمة كما لا يجوز الوفاء بالنذر لذلك ولا يصح شرط ذلك في الوقف وهذا وإن كان الذبح لله عند القبر أما لو كان الذبح لصاحب القبر فهو شرك أكبر ومثل الذبح عند القبر الصدقة عنده.
36 -
أن التعزية عند القبر جائزة بل قد تكون مشروعة وذلك إن لم تمنع من القيام بحق الميت والدعاء له ولم يكن فيها محذور شرعي.
37 -
أن الوعظ عند زيارة القبور والاجتماع لذلك بدعة لا يجوز أما الوعظ عند دفن الميت فهو جائز أحيانا إن لم يشغل عن القيام بحق الميت ولم يكن في الموعظة تهييج للمصيبة والأولى عدمه فإنه هدي النبي صلى الله عليه وسلم والمعهود عنه وهو هدي السلف من بعده.
38 -
أن النذر للموتى أو لقبور الموتى لا يجوز بل هو شرك بالله ولو كان النذر لله وإنما قصد الناذر الإهداء للقبر فهذا لا يجوز وهو نذر معصية وعلى صاحبه الكفارة في أصح قولي العلماء.
39 -
أن وطء القبور أو المشي عليها محرم أما المشي بينها بالنعال فهو مكروه إلا من عذر وذلك على الراجح.
40 استحباب القيام لمن تبع جنازة حتى توضع في الأرض ويكره له الجلوس قبل ذلك أما بعد وضع الجنازة فيجوز الجلوس والقيام أولى في تلك الحال على الصحيح.
41 -
أن الجلوس على القبر لا يجوز وكذا الاتكاء على القبر وما في معناه وأعظم من ذلك التخلي على القبور أو بينها.
42 -
كراهة الحديث في أمر الدنيا في المقبرة وأشد منه الضحك عند القبور وقد اتفق الفقهاء على كراهة رفع الصوت مع الجنازة أو في المقبرة حتى لو كان ذلك بالذكر أو قراءة القرآن أو غيره كما اتفقوا على تحريم التمسح بالقبر أو تقبيله ومثل ذلك على الصحيح لمس القبر باليد لقصد السلام فهو بدعة.
43 -
اتفق الفقهاء على استحباب وقف الأرض المملوكة لتكون مقبرة وهو من أعمال البر والإحسان ويحصل وقف المقبرة بالفعل مع القرائن الدالة عليه فلا يحتاج إلى قول كما لا يشترط التسليم أو القبض للزوم وقف المقبرة ولا حكم الحاكم ولا القبول لصحة الوقف ويصح وقف المشاع الذي يحتمل القسمة ولا يصح وقف ما لا يحتمل القسمة ليكون مقبرة وكل ذلك على الراجح من أقوال الفقهاء.
44 -
للواقف أن يدفن في المقبرة التي أوقفها بلا خلاف وإذا اشترط الواقف في وقف المقبرة أن تكون على طائفة معينة فالصحيح أنه ينظر في شرطه ذلك فقد يكون مكروها أو مباحا أو مندوبا وعليه فقد يلزم الوفاء بشرطه وقد لا يلزم.
45 -
أن النظر في الأوقاف العامة للمسلمين كالمقبرة يكون للحاكم أو نائبه إلا أن يعين الواقف ناظرا أو يشترطه فيكون النظر لمن اشترطه.
46 -
الوقف على المقابر لإصلاح أسوارها وحمايتها جائز أما الوقف على عمارة القبر أو وقف الستور للقبر أو الوقف لتنوير القبر أو تبخيره أو بناء مسجد عليه أو نحو ذلك فكله باطل لا يجوز.
47 -
يجوز للإنسان شراء موضع القبر ويجوز بيعه لموضع القبر إذا كان في ملكه بشروط أما بيع المقابر الموقوفة فلا يصح إلا أن تتعطل منافعها تماما ويبلى من فيها لطول الزمان فيجوز للمصلحة كما يجوز إعارة الأرض للدفن فيها وليس للمعير أن يرجع في ذلك حتى يبلى الميت.
48 -
جواز بناء الأسوار على المقابر لأجل حمايتها وصيانتها والأولى أن لا ترفع الأسوار بحيث تحجز المارة عن مشاهدة القبور ويمكن أن يستغنى عن رفع الحيطان بوضع شباك الحديد فيبنى من الحائط قدر يسير ويرفع باقيه بشباك الحديد.
49 -
الأفضل في مكان المقبرة أن تكون في الصحراء على جهة من البلد ويختار لها مكان صالح للحفر والدفن.
50 -
مشروعية وضع الحرس على المقابر لحمايتها إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
51 -
يتعين أن تبعد مغاسل الموتى عن القبور حتى لا تصل إليهم مياهها ولو كانت مغسلة الموتى في جهة بعيدة من المقبرة ولا تصل إليهم مياهها فلا حرج في ذلك لكن الأولى أن تكون مغسلة الموتى قريبة من مصلى الجنائز أو المسجد الذي يصلى فيه على الأموات.
52 -
عامة الفقهاء على جواز تحويل المقابر إلى أشياء أخرى إذا بلي من فيها من الأموات ما لم تكن موقوفة أما لو كانت المقبرة موقوفة فالصحيح جواز بيعها أو تحويلها إلى شيء آخر إذا بلي من فيها من الأموات لطول الزمان وتعطلت منافعها بحيث لا يدفن فيها فتجعل مسجدا أو نحوه أو يشترى بقيمتها مقبرة أخرى.
53 -
لا يجوز نبش القبر أو الكشف عن الميت بغير سبب أو مسوغ شرعي ومن نبش القبور للسرقة فالراجح وجوب قطع يده.
54 -
يجب نبش القبر لحق الله تعالى كأن يكون الميت لم يغسل أو لم يكفن أو وضع لغير القبلة أو دفن المسلم في مقابر الكفار أو الكافر في مقابر المسلمين أو دفن في المسجد ونحوه أما لو دفن الميت قبل الصلاة عليه فإنه لا ينبش بل يصلى عليه في قبره.
55 -
يجوز نبش القبر لحق الآدمي في صور منها: أن يكون الميت دفن في أرض مغصوبة أو كفن بكفن مغصوب وتعذرت قيمته أو وقع في القبر متاع أو مال له قيمة وشح به صاحبه أو نحو ذلك وإن كان المستحب في كل هذه الصور التي يجوز فيها نبش القبر لحق الآدمي ترك ذلك احتراما للميت إلا أن يكون فيه ضرر على الحي أو إضاعة لماله.
56 -
يجوز نبش قبر الميت للحاجة كأن يكون في المدفن الأول ما يؤذي الميت أو كان في وجود القبر ضرر على الأحياء وسلامتهم ولا يجوز نبش القبر لغير الحاجة على الصحيح.
57 -
لا بأس بنبش قبور الكفار إن كان في نبشها نفع للمسلمين لأن حرمة الكفار ليست كحرمة المسلمين وكذا يباح نبش قبورهم لإخراج المال منها على الصحيح.
58 -
تحريم إسراج المقابر أو بناء المساجد عليها بل إن ذلك من كبائر الذنوب وهو وسيلة وذريعة إلى الشرك وعبادة أصحاب القبور.
59 -
كراهة استخدام المقبرة للسكن أو النوم كما يكره الوضوء أو الاستسقاء من آبارها أما قطع الحشيش من المقبرة وما شابهه فالصحيح جوازه وأما الرعي في المقبرة فلا يجوز.
60 -
يجب تفريق مقابر المسلمين عن مقابر الكفار فلا تكون قريبة منها ولا مشابهة لها وكذا مقابر أهل البدع يجب أن تميز وتعرف في البلاد حتى لا يدفن فيها أهل السنة من المسلمين.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.