الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقف الشيعة الإمامية من باقي فرق المسلمين
المؤلف/ المشرف:
عبدالملك بن عبدالرحمن الشافعي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
مكتبة الرضوان - البحيرة ̈الأولى
سنة الطبع:
1426هـ
تصنيف رئيس:
فرق وملل ونحل
تصنيف فرعي:
شيعة إمامية
الخاتمة
رأيت من المناسب في هذه الخاتمة أن أنقل بعض ما سطره أعلام أهل السنة حول جيل الصحابة الذي يعد جيلا مثاليا لم يشهد التاريخ له مثيل
1 -
السيد أبو الحسن الندوي:
فقد تكلم حول ذلك في كتابه (النبوة والأنبياء في ضوء القرآن) عدة فقرات حول جيل الصحابة نلتقط بعضها فقال: [وقد أحسن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تصوير البعثة المحمدية وفضلها وإنتاجها في كتابه (الجواب الصحيح) يقول رحمه الله: وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من آياته وأخلاقه وأقواله وأفعاله وشريعته من آياته وأمته من آياته وعلم أمته ودينهم من آياته وكرامات صالحي أمته من آياته ..
ولم يزل قائما بأمر الله على أكمل طريقة وأتمها من الصدق والعدل والوفاء لا يحفظ له كذبة واحدة ولا ظلم أحد ولا غدر بأحد بل كان أصدق الناس وأعدلهم وأوفاهم بالعهد مع اختلاف الأحوال عليه من حرب وسلم وأمن وخوف وغنى وفقر وقلة وكثرة وظهوره على العدو تارة وظهور العدو عليه تارة وهو على ذلك كله ملازم لأكمل الطرق وأتمها حتى ظهرت الدعوة في جميع أرض العرب التي كانت مملوءة من عبادة الأوثان ومن أخبار الكهان وطاعة المخلوق في الكفر بالخالق وسفك الدماء المحرمة وقطيعة الأرحام لا يعرفون آخرة ولا معادا فصاروا أعلم أهل الأرض وأدينهم وأعدلهم وأفضلهم حتى إن النصارى لما رأوهم من حين قدموا الشام قالوا ما كان الذين صحبوا المسيح بأفضل من هؤلاء وهذه آثار علمهم وعملهم في الأرض وآثار غيرهم يعرف العقلاء الفرق بين الأمرين وأمته أكمل الأمم في كل فضيلة فإذا قيس علمهم بعلم سائر الأمم ظهر فضل علمهم وإن قيس دينهم وعبادتهم وطاعتهم لله بغيرهم ظهر أنهم أدين من غيرهم وإذا قيس شجاعتهم وجهادهم في سبيل الله وصبرهم على المكاره في ذات الله ظهر أنهم أعظم جهادا وأشجع قلوبا وإذا قيس سخاؤهم وبذلهم وسماحة أنفسهم لغيرهم تبين أنهم أسخى وأكرم من غيرهم وهذه الفضائل به نالوها ومنه تعلموها وهو الذي أمرهم بها لم يكونوا قبله متبعين لكتاب جاء هو بتكميله كما جاء المسيح بتكميل شريعة التوراة وكانت فضائل أتباع المسيح وعلومهم بعضها من التوراة وبعضها من الزبور وبعضها من النبواءات وبعضها من المسيح وبعضها ممن بعده كالحواريين ومن بعد الحواريين وقد استعانوا بكلام الفلاسفة وغيرهم حتى أدخلوا - لما غيروا دين المسيح - في دين المسيح أمورا من أمور الكفار المناقضة لدين المسيح
وأما أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا قبله يقرأون كتابا بل عامتهم ما آمنوا بموسى وعيسى وداود والتوراة والإنجيل والزبور إلا من جهته فهو الذي أمرهم أن يؤمنوا بجميع الأنبياء ويقروا بجميع الكتب المنزلة من عند الله ونهاهم أن يفرقوا بين أحد من رسله فقال تعالى في الكتاب الذي جاء به {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون}
وقال الندوي [إن كل فرد من هؤلاء الأفراد معجزة مستقلة وآية من آيات النبوة ومأثرة من مآثرها الخالدة وبرهان ساطع على أشرفية النوع الإنساني إن مصورا لم يصور بريشته البارعة ومخيلته السخية صورة أجمل وأبدع مما كان عليه هؤلاء الأفراد في عالم الحقيقة والواقع وفي شهادة التاريخ وإن شاعرا لم يتخيل بخياله الخصب وقريحته الفياضة ومقدرته الشعرية أو صافا أجمل وسيرة أعطر وجمالا أكمل مما وجد في هؤلاء الأفراد الذين نشأوا في حجرة النبوة وحضانتها وتخرجوا من مدرستها إن إيمانهم الراسخ وعلمهم العميق وقلبهم البار وحياتهم البعيدة عن كل تكلف وصناعة وعن كل رياء ونفاق وتجردهم من الأنانية وخشيتهم لله وعفتهم ونزاهتهم وعطفهم على الإنسان ورقة مشاعرهم وشجاعتهم وجلادتهم وحرصهم على العبادة وحنينهم إلى الشهادة وفروسيتهم وفتوتهم وإحياؤهم الليل وزهدهم في حطام الدنيا وزخارف الحياة وعدلهم وسهرهم على مصالح الرعية وإيثار راحتها على راحتهم كل ذلك لا يوجد له نظير في الأمم ولا سوالف في التاريخ
وبالجملة فقد كان هذا الجيل الذي أنشأته دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وأحكمت تربيته من أفضل الأجيال البشرية في تاريخ الإنسان كله وأجملها وأكملها وأجمعها للمحاسن الإنسانية وقد وصفه أحد أفراده عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ببلاغة نادرة وكلمات موجزة عميقة دقيقة زاخرة بالمعاني الكبيرة البعيدة المدى فقال (أبر الناس قلوبا وأعمقهم علما وأقلهم تكلفا اختارهم الله لصحبة نبيه وإعزاز دينه)
2 -
العلامة ابن الوزير اليماني:
حيث أثبت عدالة الصحابة بدليل عقلي هو غاية في الجودة والمتانة حيث أخذ شريحة من الصحابة ليست من كبارهم بل من عامتهم ممن فرطوا وضعف إيمانهم فوقعوا في الزنا والسرقة فهؤلاء الذين يعدون أدنى الصحابة إيمانا لنرى ماذا فعلوا بعد وقوعهم في المعاصي فقال في كتابه (الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم) ص 55 – 57:
[وأما النظر فلأن العدل من ظهر عليه من القرائن ما يدل على الديانة والأمانة دلالة ظنية إذ لا طريق إلى العلم بالبواطن وهذا ظاهر في الصحابة فإنهم كما قال المنصور بالله لولا ثقل موازينهم في الشرف والدين ما اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومالوا عن ألف دين الآباء والأتراب والقرباء إلى أمر شاق على القلوب ثقيل على النفوس لا سيما وهم في ذلك الزمان أهل الأنفة العظيمة والحمية الكبيرة يرون أن يقتل جميعهم وتستأصل شأفتهم حذرا من أمر عار يلم بساحتهم أو ينسب إلى قرابتهم ولا أعظم عارا عليهم من الاعتراف بضلال الآباء وكفرهم وتفضيل الأنعام السائمة عليهم فلولا صدقهم في الإسلام ومعرفتهم لصدق الرسول عليه السلام ما لانت عرائكهم لذلك ولا سلكوا في مذللات المسالك ومما يدل على صحة ذلك ويوضحه أن أكثرهم تساهلا في أمر الدين من يتجاسر على الإقدام على الكبائر لاسيما معصية الزنا وقد علمنا أن جماعة من أهل الإسلام في ذلك العصر من رجال ونساء وقعوا في ذلك فهم فيما يظهر لنا أكثر أهل الإسلام تساهلا في الوقوع في المعاصي وذلك دليل خفة الأمانة ونقصان الديانة لكنا نظرنا في حالهم فوجدناهم فعلوا ما لا يفعله من المتأخرين إلا أهل الورع الشحيح والخوف العظيم ومن يضرب بصلاحه المثل ويتقرب بحبه إلى الله عز وجل وذلك أنهم بذلوا أرواحهم في مرضاة رب العالمين وليس يفعل هذا إلا من يحق له منصب الإمامة في أهل التقوى واليقين وذلك كثير في أخبارهم مشهور الوقوع في زمانهم من ذلك حديث المرأة التي زنت فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرة بذنبها سائلة للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم الحد عليها فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يستثبت في ذلك فقالت يا رسول الله إني حبلى به فأمر بها أن تمهل حتى تضع فلما وضعت جاءت بالمولود وقالت يا رسول الله هو هذا قد ولدته فقال أرضعيه حتى يتم رضاعه فأرضعته حتى أتمت مدة الرضاع ثم جاءت به في يده كسرة من خبز فقالت يا رسول الله هو هذا يأكل الخبز فأمر بها فرجمت (رواه الحافظ ابن كثير في إرشاده) فانظر إلى عزم هذه الصحابية رضي الله عنها على أصعب قتلة على النفوس وأوجع ميتة للقلوب وبقاء عزمها على ذلك هذه المدة الطويلة ومطالبتها في ذلك غير مكرهة ولا متوانية وهذا أيضا وهي من النساء الموصوفات بنقصان العقول والأديان فكيف برجالهم رضي الله عنهم من ذلك حديث الرجل الذي أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه سرق فأمر بقطع يده فلما قطعت قال الحمد لله الذي خلصني منك أردت أن تدخليني النار أو كما قال وحديث المجامع في رمضان وحديث ماعز بطوله وحديث الذي قال إني أتيت امرأة فلم أترك شيئا مما يفعله الرجال بالنساء إلا أتيته إلا أني لم أجامعها وغير ذلك مما لا يحضرني الآن الإشارة إليه
فأخبرني على الإنصاف من في زماننا وقبل زماننا من أهل الديانة وقد سار إلى الموت نشيطا وأتي إلى ولاة الأمر مقرا بذنبه مشتاقا إلى لقاء ربه باذلا في رضا الله لروحه ممكنا للولاة أو القضاة من الحكم بقتله وهذه الأشياء تنبه الغافل وتقوي بصيرة العاقل وإلا ففي قوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس} كفاية وغنية مع ما عضدها من شهادة المصطفى عليه السلام بأنهم خير القرون وبأن غيرهم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد ولا نصيفه إلى أمثال ذلك من مناقبهم الشريفة ومراتبهم المنيفة] انتهى كلامه.
ونحن نقول إذا كان هذا فعل من ضعف إيمانه من عامة الصحابة فوقع في المعاصي بأن سار إلى الموت نشيطا مقبلا طاعة لله تعالى وهو ما لم يفعله أتقى أهل زماننا فكيف بإيمان من لم يكن من عامتهم بل من كبارهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار فكيف بإيمان أفضل الصحابة وهم الخلفاء فهل يبقى بعد ذلك عذر لأحد أن يتنكر لفضلهم فيسبهم ويلعنهم ممن استدرجه الشيطان بشراكه فاتبع هواه بغير هدى من الله تعالى {أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا} .
وختاما أسأل الله تعالى أن يتقبل مني هذا العمل الذي أردت الذود به أولا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بذلوا أرواحهم كي يوصلوا إلينا هذا الدين فجزاهم الله عنا كل خير
وثانيا عن مذهب الحق مذهب الكتاب والسنة وأهله أهل السنة والجماعة وأسأله سبحانه أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتي إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.