الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكانة الإمام أبي حنيفة بين المحدثين
المؤلف/ المشرف:
محمد قاسم عبده الحارثي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
بدون ̈الأولى
سنة الطبع:
1413هـ
تصنيف رئيس:
علم وعلماء وطلاب علم
تصنيف فرعي:
أئمة أربعة - أو أحدهم - شاملة أو منوعة
أولاً أهم النتائج التي توصَّلت إليها
كانت إثارة هذا البحث في مثل هذا الوقت ضرورة هامة من ضرورات الأبحاث العلمية التي يجب أن تلفت أنظار الناس إلى قضايا خطيرة بدأت تظهر في الساحة العلمية والسياسية في هذا العصر.
فبعد أن اتفق المسلمون واجتمعت كلمتهم على جواز العمل بالمذاهب الأربعة وبعد أن عملت الدولة العباسية بالمذهب الحنفي أكثر من خمسة قرون ثم الدولة العثمانية أكثر من سبعة قرون ظهرت أصوات هنا وهناك تنادي في خفاء تارةً وفي إعلانٍ تارةً أخرى تندد بالمذهب الحنفي وغيره لكي تعود بالمسلمين إلى تفرقهم من جديد إلى بضع وسبعين فرقةً كان لابد من الوقوف في وجه هذا التيار، فنتيجةً لهذه الأصوات جاء هذا البحث الذي انتهينا منه بعون الله، وقد استطعت أن أتوصل بعون الله إلى النتائج التالية:
أولاً: أن أبا حنيفة ثقة في الحديث وليس كما يدعيه بعض المحدِّثين أو الذين يرددون ذلك.
ثانياً: أن أبا حنيفة إمام في الحديث وعَالِمٌ بالجرح والتعديل.
ثالثاً: أن الذين جرحوه لم يجرحوه بمعلومٍ ولم يكن جرحهم مفسراً وإنما مقسوماً إلى قسمين:
(أ) جرح الأقران وهو غير مقبول كما أثبت ذلك.
(ب) جرح يعود إلى التعصب المذهبي وهو غير مقبول أيضاً.
رابعاً: أن الذين وثقوا أبا حنيفة كان توثيقهم مفسراً واضحاً وكان الموثقون يعلمون بما يقال ضده فكان توثيقهم له مشتملاً التوثيق في العدالة والحفظ والإتقان والضبط والفقه والرأي.
خامساً: أن الذين وثَّقوه كلهم أئمة.
سادساً: أن الذين انتقدوا فقهه لم يحالفهم الحظ في أن يصلوا إلى الصواب مع بيان الأمثلة والأدلة على ذلك.
سابعاً: أن مسانيد أبي حنيفة معظمة عند المحدثين وأن رجال مسانيده كلهم ثقات إلا عدداً لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
ثامناً: أن الأحاديث الضعيفة عند أبي حنيفة كلها لها ما يشهد لها ويقويها ولها أصل في الدين.
تاسعاً: أني توصلت إلى أن أبا حنيفة لم يرد الحديث إلا الحديث الشاذ وإنه ليس وحده فقط وإنما هذا فعله الصحابة وفعله مالك والشافعي وغيرهم، وأن ما يثار من أنه يرفض الحديث فذلك لأمورٍ شخصية مغرضة.
عاشراً: أن أبا حنيفة ليس متعصباً للرأي وليس قياسياً في كل شيءٍ بل كثيراً ما يقدم الحديث الضعيف على رأيه وكثيراً ما يقدم الحديث المرسل على الرأي.
حادي عشر: توصلت إلى أن العلماء وأئمة المذاهب قد ضاق خلافهم وقلت اختلافاتهم بعد التدوين، وأن هذا شيءٌ مهمٌ، على خلاف ما يظن الكثيرون من أن الاختلاف ما زال قائماً وأن الأئمة يختلفون لأجل الاختلاف وهذا باطلٌ، بل لهم قواعد وضعوها وهم متفقون عليها وعلى تطبيقها.
ثاني عشر: نقول كلمة أخيرةً إن مكانة أبي حنيفة بين المحدثين مكانة مرموقةً عاليةً عند جميع المنصفين منهم وهم كثيرون كما نقلنا عنهم.
ثانياً: التوصيات
رأينا كيف أن هذا البحث يضع يد كل مسلم على حقائق ثابتةً ظلت ثابتةً أكثر من اثني عشر قرناً وأن الذين يثيرون الخلاف من جديد ما هم إلا أعداء للأمة ولذا أقترح التوصيات التالية:
أولاً: أوصي كل باحثٍ مسلم أن يبتعد عن التعصب في كل قضيةٍ خلافية، وأن يكون نظره بعيداً فلا ينظر إلى الخلاف من حيث هو خلاف؛ ولكن يجب أن يفكر لماذا اختلفوا في الرأي وكيف اختلفوا.
ثانياً: كما أوصي كل طالب علم أن يتحرى الحقيقة في كل مسألة وأن لا يقول برأيه إلا إذا لم يجد للعلماء رأياً مع أنه يجب أن يعتقد أن العلماء لم يهملوا شيئاً من فروع الشريعة وأن ما استجد من أحكام قد وضعوا ضوابط تدخل هذه الأحكام في دائرتها مهما كانت جديدة.
ثالثاً: أوصي طالب الحديث على وجه الخصوص أن يتريث في إصدار الحكم على أي إمامٍ مشهور ولا يعتمد على كتابٍ واحدٍ أو كتابين بل لابد من البحث والتمحيص وإلا فإننا سوف نجرح كل علماء الأمة وهذا غير جائز.
رابعاً: أوصي كل متعلم أن يظل في طلب العلم وألا يظن أنه في يومٍ من الأيام سيصل إلى النهاية فالعلم لا نهاية له، وأذكّره أن العلماء لم يصلوا إلى درجة الاجتهاد عبثاً بل سهروا الليالي وأخذوا عن العلماء وجالسوا كبار الأئمة وأتقنوا كل فن من فنون الشريعة.
خامساً: أوصي المتعلمين الباحثين بتقوى الله، فليس كل من تعلم أصبح له حق الاجتهاد وليس كل من قرأ حديثين أصبح محدثاً يستطيع إصدار الأحكام من الأحاديث، وليس كل من تعلم الحديث يستطيع أن يكون فقيهاً فإصدار الأحكام لا ينبع من الحديث فقط بل لابد من إتقان اللغة العربية أولاً ثم إتقان الفهم الصحيح للقرآن وعلومه والحديث وعلومه، ثم معرفة علم الأصول معرفةً تامةً إلى جانب علمه بمصطلح الحديث بعد كل هذا إذا أتقن ذلك يحق له الاجتهاد، ولكن لابد من الاطلاع على فقه الآخرين حتى يعرف ماذا يقول وماذا يختار.
اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم واعصمنا من الزلل وجنبنا الخطأ وألهمنا الرشد والصواب إنك أنت السميع العليم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ورضي الله تعالى عن الصحابة والتابعين والأمة المجتهدين وعنا معهم يا رب العالمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.