الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية (دراسة مقارنة)
المؤلف/ المشرف:
عبدالله بن محمد الطريقي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
بدون ̈الأولى
سنة الطبع:
1404هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
أطعمة وأشربة
الخاتمة
بعد أن انتهينا من تحرير موضوعات "أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية"، بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، يمكننا أن ندون خلاصة أهم ما ورد فيه مستعيناً بالله عز وجل فأقول:
1 -
الطعام ينبوع الحياة يحتاج إليه الإنسان كما يحتاج إليه الحيوان وكما يحتاج إليه النبات وسائر الكائنات الحية، فالطعام عامل مشترك بين هذه الأشياء فبدونه لا تكون الحياة. وهو من نعم الله على الإنسانية حيث يسر لها ما لو شاء لمنعه عنها.
2 -
أن لإطابة المطعم أثراً طيباً على الإنسان في سلوكه وصفاء قلبه وسريرته وقبول دعائه، كما أن للمطعم الخبيث أثراً سيئاً على الإنسان أيضاً، ويكفي أنه سبب في عدم قبول دعائه.
3 -
التكسب وطلب المعيشة من أفضل القرب فالله سبحانه وتعالى لما خلق الخلق هيأ لهم سبل الرزق فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، فالطيور من أصغر مخلوقات الله لم تستقر في أوكارها حتى يأتيها رزقها. فقد ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً".
4 -
ما من مخلوق إلا وهو محتاج للطعام يأكله ويتغذى منه فالطعام للإنسان كالوقود للمحرك، وقد أودع الله في الأرض خيرات كثيرة للإنسان فما عليه إلا أن يستخرج هذه الخيرات من باطن الأرض لتكون قواماً للحياة وعوناً على طاعة الله سبحانه وتعالى.
5 -
أكل الطعام منه ما هو فرض ومنه ما هو مباح ومنه ما هو حرام ومنه ما هو مأجور عليه.
6 -
لآداب أكل الطعام صفات مستحبة وآداب مرعية منها ما يتقدم الأكل ومنها ما يكون أثناء الأكل ومنا ما يكون بعد الأكل.
7 -
الأطعمة لغة إسم جامع لكل ما يؤكل وما به قوام البدن. وهي في اصطلاح الفقهاء تطلق على معان مختلفة تبعاً لاختلاف مواطنها.
8 -
تنقسم الأطعمة إلى حيوانية وغير حيوانية، ثم الحيوان ينقسم إلى مائي وبري. ثم البري ينقسم إلى قسمين حيوان أهلي وحيوان وحشي، ثم إن قسمي الحيوان المائي والبري أنواع منها ما يؤكل ومنها ما لا يؤكل، ثم إن المأكول من الحيوان ينقسم إلى مباح ومكروه وإلى ما تشترط الزكاة في إباحته وما لا تشترط.
9 -
الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص من الشارع بالتحريم كما هو مذهب جمهور الفقهاء والأصوليين عملاً بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} .
وقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ
…
} فالأصل الإباحة والتحريم مستثنى.
10 -
اختلف العلماء في المراد بالطيب الذي أباحه الله تعالى وفي الخبيث الذي حرمه على أقوال ترجح لنا منها أن المراد بالطيبات هو ما كان نافعاً لأكله في دينه وبدنه. والخبيث ما كان ضاراً له في دينه وبدنه.
11 -
اختلفت الملل والجماعات في الأطعمة اختلافاً شاسعاً واضطربوا في شأنها اضراباً فاحشاً حتى وصل بعضهم إلى تحريم الحال الطيب وإباحة الحرام الخبيث.
12 -
من أسباب تحريم بعض المحرمات من الأطعمة الضرر اللاحق بالبدن أو الإسكار والتخدير والترقيد أو النجاسة أو الاستقذار أو الافتراس أو عدم الإذن شرعاً في التناول.
13 -
المطعومات منها ما أحله الله سبحانه وتعالى بالنص ومنها ما حرمه بالنص وهناك مطعومات أخرى اختلف في حرمتها لعدم التنصيص عليها صراحة وهي ما سبق بحثه مستوفى.
14 -
من رحمة الله تعالى بالبشرية أن حرم علينا تناول لحوم الحيوانات المفترسة وذلك لما فيها من القوة السبعية التي تورث من أكلها نبات جسمه منها فتصير أخلاق الأكل قريبة من أخلاق السباع. مع ما فيها من خبث مطعمها كالتي تأكل الجيف من الطيور. أو لأنها في نفسها مستخبثة كالحشرات فطيب المطعم يؤثر في الحل وخبثه يؤثر في الحرمة.
15 -
العلم الحديث الصادر عن تجارب صحيحة ونظريات واقعية يخدم الإسلام في كثير من المسائل، وذلك أن العلم كلما تمكن أكثر ازداد الناس معرفة بكثير من أسباب تحريم بعض المأكولات، من ذلك لحم الخنزير الذي لا يزال العلم الحديث يكتشف فيه الكثير من الأضرار والأمراض التي لا ينجو منها أي إنسان يأكل لحمه سواء كان في مناطق حارة أو باردة من أنحاء العالم.
16 -
هناك بعض الحيوانات حرمها الإسلام لأسباب عارضة، وهذا السبب العارض يصير به الحيوان المباح حراماً أو مكروهاً شرعاً وهذا السبب قد يتصل بالإنسان أو بالحيوان أو بهما معاً. وذلك كالإحرام بالحج أو العمرة والجلالة من الحيوانات ووجود حيوان الصيد في نطاق الحرم وأخذ الطيور من أوكارها، على خلاف بين الفقهاء في هذه الأشياء.
17 -
اختلف الفقهاء في حكم أكل حيوان البحر الذي لا يعيش إلا فيه والراجح أن ما لا يعيش إلا في البحر حلال كله لعموم الأدلة في إباحة حيوان البحر.
18 -
الحيوان الذي يعيش في البر والبحر هل يعتبر من حيوان البر أو من حيوان البحر؟ في ذلك خلاف بين الفقهاء سبق بيانه مفصلاً.
19 -
من الأشياء التي ظهرت في هذا العصر استعمال الجيلاتين في كثير من أنواع الأطعمة.
ومصدر هذا الجيلاتين جلود وعضلات وعظام الحيوانات التي من المحتمل أن يكون بها كثير من أجزاء الخنازير، وعلى هذا فالجيلاتين المتحول عن الكولاجن الذي أصله من الخنزير حرام لأن ذلك مثل انقلاب الخنزير ملحاً.
20 -
استعمال الأدهان في الأغذية فيه تفصيل وذلك أن هذه الأدهان أما أن تكون من نبات أو من حيوان.
فإن كانت من نبات فهي حلال بشرط ألا تكون مخلوطة بنجس أو متنجس وإن كانت من حيوان فإما أن تكون من مأكول أو غير مأكول.
فإن كانت من مأكول فحكمها حكم لحمه.
وإن كانت من حيوان محرم الأكل كالخنزير فإما أن تستعمل في مأكول أو غير مأكول.
فإن استعملت في غير المأكول كاستعمال كثير من أدهان الخنزير في الصابون ففيه خلاف الراجح فيه التحريم.
أما إن استعملت في الأطعمة المأكولة كاستعمال كثير من أدهان الخنزير مع الحلويات وغيرها فذلك محرم.
21 -
أما الأجبان فإن صنعت من لبن حيوان غير مأكول فلا تؤكل إجماعاً وإن صنعت من لبن حيوان مأكول فإن عملت من أنفحة مذكاة ذكاة شرعية ولم يخالطها نجاسة فتؤكل.
أما إن عملت من أنفحة ميتة ففي جواز أكلها خلاف الراجح تحريم أكلها.
أما إن عملت من أنفحة نجس العين فلا تؤكل.
22 -
من رحمة الله بعباده أن حرم عليهم ما فيه ضرر في دينهم أو أبدانهم من مسكر ومخدر وهو ما تعاني منه شعوب العالم الذي حَكَّم القانون الوضعي.
23 -
أكل الطين والتراب والحجر وما شابهها محرم لا يجوز تناوله لما فيه من المضرة على الجسم. والإسلام يأمر بحفظ البدن وعدم إلحاق الضرر به. وهذا ما لم يترتب عليه مصلحة محققة كصلاحيته علاج مثلاً لبعض الأمراض ونحو ذلك.
24 -
الحشيش نبات مخدر يستخرج من ورق القنب وقد اتفق فقهاء المذاهب على تحريمه لأنه مفسد للعقل ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ولأنه يحتوي على مركبات متعددة أهمها الحشيش الذي يعتبر سماً فعالاً في الجهاز العصبي.
25 -
أما الأفيون فهو مادة مأخوذة من نبات الخشخاش الأبيض تؤخذ بطريقة الفم، وتتركب من مركبات عديدة أهمها المورفين والكودثين والبابافرين والناركوتين، وهي مواد مسكنة للألم ومنومة ومضادة للتشنج يؤدي الإدمان عليها إلى انسمام عصبي خطير.
وهو محرم لأنه مادة مخدرة يشتمل على مضار كثيرة من مسخ للخلقة وإفساد للعقل وصد عن ذكر الله وعن الصلاة.
26 -
أما القات فيستعمل مضغاً عادة عند المدمنين عليه أو تحت الشفتين ويحتوي على مواد متعددة أهمها مادتي الأفدرين وبالنزيدرين وقد ترجح لنا تحريمه نظراً لما فيه من المضار في الدين والبدن وقد سبق بيانها في موضعها.
27 -
ما له رائحة كريهة كالبصل والثوم والكراث مباح ولم يرد دليل في تحريمها بذاتها وإنما ورد الدليل في النهي عن أكلها عند الصلاة خشية تأذي المصلين من رائحتها والنهي لا يقتصر على هذه الأشياء فقط بل يتعداها إلى كل ما له رائحة كريهة وهذه قاعدة عامة عن كل ما يتأذى منه بنو آدم.
28 -
الميتة ما فارقته الروح من غير ذكاة مما يذبح، وما ليس بمذبوح فذكاته كموته كالسباع.
وقد حرم الله الميتة والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع لما فيها من الأضرار على أكلها فالإسلام دين الصحة والسلامة لم يبح شيئاً إلا لمصلحة ولم يحرمه إلى لمضرة ظاهرة أو خفية علمناها أو لم نعلمها. لأنه من لدن حكيم خبير يعلم ما يصلح خلقه وما يضرهم لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون.
29 -
الدم سائل أحمر يسري في عروق الحيوان وهو محرم بنص القرآن إلا أنه يعفى عن يسيره مما يبقى مع العروق تيسيراً على الأمة ودفعاً للمشقة، والجمهور على تحريم مسفوح الدم فقط.
30 -
اتفق الفقهاء رحمهم الله على طهارة البيض إذا صلب قشره واشتد واختلفوا في إباحته إذا لم يشتد قشره والذي ظهر لنا نجاسته لاختلاطه بالنجاسة وعدم انفصاله عنها.
31 -
لبن الميتة المأكولة حال الحياة نجس يحرم تناوله لنجاسة وعائه كاللبن في إناء نجس وهذا مذهب جمهور الفقهاء.
32 -
للفقهاء في حد الضرورة المبيحة للمحرم أقوال متقاربة أنسبها أنها بلوغ المضطر حداً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب الهلاك أو خشي تلف عضو من أعضائه. وهذا لأن الأصل في المحرم عدم فعله ولا ينتهك إلا عد الضرورة والضرورة تقدر بقدرها.
33 -
مهما بلغت الضرورة فلا يجوز للمضطر أن يأكل إلا بمقدار ما يسد الرمق فقط لأن المحرم أبيح للضرورة والضرورة تقدر بقدرها ولأنه من الممكن أن يجد طعاماً مباحاً وهذا هو الراجح من أقوال الفقهاء.
هذا ما تيسر كتابته في موضوع أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية فإن وفقت إلى الصواب فهو توفيق منه سبحانه وتعالى وله الشكر على كل حال. وإن لم أوفق فمني وأستغفر الله.
وفي الختام أسأله تعالى أن يوفقنا في جميع الأعمال لما يرضيه وأن يجعل عملنا صالحاً ويجعله لوجهه خالصاً بمنه ورحمته إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، وصلى الله وسلم على البشير النذير والسراج المنير محمد خاتم النبيين وقائد الغر المحجلين وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.