الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام القنوت - قنوت الحاجة والنازلة - قنوت رمضان
المؤلف/ المشرف:
عدنان بن محمد آل عرعور
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار الراية - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:
1413هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
قنوت
خلاصة البحث: تأتي كلمة القنوت بمعان كثيرة، كالطاعة، والخشوع، والخضوع، والدعاء، وطول القيام، وأكثر ما تأتي بمعنى دوام الطاعة وتأتي بمعنى خاص، وهو: الدعاء في الصلاة.
وقد شرع الإسلام سنة القنوت - وهو الدعاء قائماً في الصلاة – في النوازل، أو في ما كان فيه مصلحة للمسلمين عامة، ودفع مفسدة عنهم، كما يشرع في صلاة الوتر، وقيام رمضان.
وأما المداومة عليه في صلاة الفجر: فبدعة محدثة.
ويشرع في كافة الصلوات الخمسة، السرية منها والجهرية، ويفضل في الفجر والمغرب، وتتأكد أفضليته في صلاة الفجر، وذلك حسب النازلة والحاجة.
وشرع من آخر ركعة من الصلاة، بعد الركوع وقبله، وأكثر الأحاديث على أنه بعده، ويشرع مدة النازلة، إن كانت ذات وقت، وإن نزلت فجأة ثم أقلعت، فيشرع لأيام بعدها، والسنة في ذلك: شهر، وإن كانت لحاجة وحوائج المسلمين، فحتى تقضى، فإن طالت، قنت وترك، إلى أن تزول أو تقضى، ويجهر به سواء كانت الصلاة جهرية أو سرية، ويؤمن المأمومون، وترفع الأيدي فيه، ولا يمسح بها الوجه، فإنه بدعة. ولم ترد الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم فيه، ولم يثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – صيغة ملزمة، وإنما كان يدعو بما يناسب الحال. وينبغي أن يكون الدعاء جامعاً، وألا يطيل الإمام فيه، فليس من هديه صلى الله عليه وسلم – ما يفعله كثير من أئمة مساجد زماننا من إطالة الدعاء، وتعمد السجع فيه، وإن كان القانت منفرداً فليدع ما شاء الله له أن يدعو. وإن للدعاء آداباً، وينبغي الالتزام بها، وله محظورات، ينبغي على الداعي اجتنابها. والعبرة في الدعاء، بصدق قائله وقصره، وطهارة نفس صاحبه، وإخلاص الرجاء والعبودية لله فيه. وليست العبرة بطول الدعاء، وتكلف السجع والتشقق فيه. وللعلماء في قوله تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] مذاهب:
الأول: أن الآية نسخت، القنوت وهو مذهب باطل، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قنت بعدها.
الثاني: النهي عن لعن المعين، والدعاء عليه في الصلاة، وهو مذهب مرجوح لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لعن معينين بعد ذلك.
والثالث: وهو الصحيح – وهو: أن في الآية توجيهاً عظيماً، وأدباً رفيعاً، ومنهجاً قويماً في معالجة قضية النصر والهزيمة، وأن الأمر كله بيد الله – تعالى – يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وينصر من يشاء، ويهزم من يشاء.
وأن السبب الرئيسي في الهزيمة، هو: مخالفة المسلمين وتنازعهم وتقديمهم دنياهم على آخرتهم، فهذه هي الأسباب الحقيقة للهزيمة، فلا يشفع لكم لعن الكافرين في هذا المقام، ولا استبعاد الهداية عنهم.
قنوت الوتر: شرع الإسلام دعاء خاصاً في صلاة الوتر، ونصه:"اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت". ولا يجب الالتزام به، بل يدعي بأي دعاء عام، وموضعه بعد الفراغ من القراءة قبل الركوع.
ولم يقم دليل على وجوب القنوت في الوتر، فهو سنة، يفعله المرء حيناً ويتركه حيناً، لعدم ثبوت مداومة الرسول – صلى الله عليه وسلم – على فعله. ولم يرد التكبير عند بدء القنوت، ولا رفع اليدين حذو المنكبين عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا ثبت ذلك عن أحد من أصحابه، ولم يثبت مسح الوجه باليدين بعد الانتهاء من الدعاء، ولهذا فهي بدع محدثة، لا يجوز فعلها لعموم قوله – صلى الله عليه وسلم. ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)). وكذلك الصلاة والسلام على النبي – صلى الله عليه وسلم – ورفع الأيدي للدعاء، لم يثبت فيها شيء عن النبي- صلى الله عليه وسلم – في قنوت الوتر. لكن ما ورد عن بعض الصحابة – رضوان الله عليهم – أنهم كانوا يرفعون أيديهم في قنوت رمضان، ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم – وورد عن بعض السلف أن ذلك بدعة. والذي يترجح، أن لا يزاد على قنوت المنفرد؛ لا الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا رفع الأيدي، وأما قنوت الوتر في رمضان جماعة، فترفع فيه الأيدي، ويصلى فيه على النبي – صلى الله عليه وسلم.
وأما قنوت رمضان جهراً بالناس، فيكون في النصف الأخير منه، لثبوت ذلك عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم، ويرفع المأمومون أيديهم، ويؤمنون، وينبغي على الإمام تجنب السجع، ومجافاة التطويل، تحقيقاً للسنة. وبعداً عن الملل.
وأخيراً: فإن معظم الخلافات الواقعة في هذا الأمر، هي خلافات معتبرة، فيها راجح ومرجوح، مادام أصحابها متفقين في الأصول، اللهم إلا أن تقوم حجة بينة على رأي، أو حكم، أو فتوى .. فلا يعتبر – والحال هذه – خلافاً معتبراً. والمقصود من هذا؛ أن هذه المسائل، ليس فيها ولاء وبراء، وهجران وقطيعة، وتفرق واختلاف، وقيل وقال، كما يفعل كثير من الشباب، هدانا الله وإياهم سواء الصراط.
ربنا تقبل منا إنك أنت العليم الحكيم، واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. واجعلنا على سبيل السلف سائرين، وبأخلاقهم متمسكين، وبأدب الخلاف ملتزمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.