الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطريقة الرفاعية
المؤلف/ المشرف:
عبدالرحمن دمشقية
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
مكتبة الرضوان ̈الأولى
سنة الطبع:
1429هـ
تصنيف رئيس:
فرق وملل ونحل
تصنيف فرعي:
تصوف - صوفية
الخاتمة:
وفي هذه الخاتمة أحمد الله تعالى على توفيقه لإنجاز هذا البحث وإنهائه.
وأود أن تشتمل على بعض النتائج العامة فيه وهي:
1 -
أن المتأمل لمبادئ الطريقة لا يجد فيها حقيقة التوحيد الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن الاستغاثة بغير الله لكشف الضر وجلب النفع هو شرك يضاد ما جاء به الأنبياء.
2 -
أن الطريقة الرفاعية تصنف مع فرق الغلاة لأنها غلت في شيخها ومشايخها، وتجاوزت بهم حدود المشروع والمعقول، ومن أبرز صور هذا الغلو جعلهم السموات والأرض في رجل شيخهم كالخلخال. وادعائهم أنه صار صفة من صفات الله، وأنه يحيي الموتى بكلمة كن.
3 -
أن الطريقة الرفاعية لا يمكنها تعريف الناس بشخصية الشيخ أحمد الرفاعي على حقيقتها، لما تضمن كلامها فيه من تناقضات كثيرة.
4 -
أن الكرامات المنسوبة إلى الرفاعي وغيره من المشايخ (كالتصرف في الأكوان، والإحياء، والإماتة، وتأخير الآجال المكتوبة، ونقل المرض من رجل لآخر، وتغيير المكتوب في اللوح المحفظ) لا تليق به ولا بهم.
5 -
أن الفصل الذي عقدته في بيان أوجه التلاقي بين الرفاعية والتشيع أظهر اتفاق الفريقين على كثير من الأمور المخالفة بالضرورة لمذهب أهل السنة، مثل موافقتهم لهم في الإمام المهتدي صاحب السرداب، وتعظيم كتاب الجفر، وتقديس الأئمة، وعبادة قبورهم باتخاذها باباً لجلب كل محبوب، ودفع كل مكروه حسب تعبير الصيادي.
6 -
أن للرفاعية شعائر، وأحزاب، وأوراد مستحدثة في صيغها، وهيئتها، وتحديد عدد تكرارها، ومما يزيد من بدعيتها أنهم جعلوا خواصاً معينة: فخاصية هذا الورد القضاء على العدو، وخاصية ذاك نيل كل مطلوب، وخاصية الورد الفلاني تعطيف قلب النبي صلى الله عليه وسلم.
لماذا هذا الكتاب؟
قد يقول قائل: ما جدوى كتابة هذه السلسلة في وقت تحتاج فيه الأمة إلى جمع الكلمة، ونبذ الخلاف؟
أجيب عن ذلك ببيان الأسباب التالية:
1 -
إن هذا الكتاب إنما كتب طاعة لله في أداء الشهادة، وتبيين السنة إذا ما ظهرت البدع والمحدثات وظنها الناس هي السنة.
2 -
إن هذا الكتاب إنما جاء ليكون نهياً للرفاعية وغيرهم عن منكرات الشرك والاستغاثة بغير الله، ولردعهم عما يعلمون الناس من أصناف البدع، ولقد حذرنا رسول الله أننا إن لم ننته عن المنكر، ونأخذ على يد الظالم فإن الله يوشك أن يضرب قلوبنا بقلوب بعض. وإذا كان الله يضرب قلوبنا ببعض لمجرد منكرات الفسوق والمعاصي التي تظهر بيننا، فما بالك بمنكرات الشرك، كالاستغاثة بغير الله، وطاعة المشايخ في معصيته، واستحداث البدع لهم؟ أليست هذه من أعظم الأسباب التي تضرب قلوبنا بقلوب بعض؟
3 -
أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لضرب القلوب ببعضها: فيكون الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من أسباب توحد الأمة وجمع شملها. والتخلص ممن يتسببون في أحداث الخلاف.
كلمة التوحيد أساس توحيد الكلمة:
3 -
أن توحيد الله أولى من توحيد الصفوف، ومنكرات الصوفية تتضمن خلاف توحيد الله، فأيهما نقدم على الآخر: توحيد الله أم توحيد الصفوف؟ والحق الذي أؤمن به أن جمع الناس على توحيد الله ينتج عنه توحيد الناس. ولا يمكن جمع الأمة على خليط من اعتقادات التوحيد والشرك مهما اجتهد المصلحون. لأن الله هو الذي يؤلف القلوب وهو الذي يفرقها إن شاء كما قال: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: 63]. وكان ذلك بعد أن اجتمعوا على التوحيد الخالص، والطاعة المطلقة، ونبذ البدع والشرك التي هي من عوامل التفرق والتشرذم. إذن فتحقيق كلمة التوحيد شرط لتحقيق توحيد الكلمة.
3 -
أن الله لا ينصر الأمة وفيها أمثال هؤلاء، وكيف ينصرنا الله على الأعداء المشركين وعندنا نصيب من شركهم؟ إن مخالفات التصوف ممرضة للجسد الإسلامي، تعيقه عن قيامه بوجه أعدائه، فإذا كان الجسد الإسلامي مريضاً فيجب مداواته قبل تكليفه بالقيام في وجوه أعدائه.
4 -
إن الذين ينهوننا عن إنكار منكرات التصوف والمحدثات والشرك إنما أخطؤوا حين ظنوا أننا نحن الذين نفرق الوحدة، والحق أن الذين يحدثون البدع والشرك هم العامل الرئيسي في تفرق الأمة، فالواجب وضع حد لهم لا المنكرون عليهم.
5 -
أن أهل البدعة صاروا يعملون بين ظهراني المصلحين وعلى مرأى منهم، بلا ردع ولا إنكار عليهم، بل دخل البعض منهم إلى صفوف المصلحين. وهذا ينذر بوقوع اللعنة كما وقعت اللعنة على بني إسرائيل على لسان أنبيائهم، وضرب قلوبهم بقلوب بعض حين كانوا يجالسون أهل المنكر، ويؤاكلوهم من غير إنكار للمنكر الذي كانوا عليه.
6 -
أن البدعة لا تعرف حداً تقف عنده، وإنما هي في تطور مستمر، فإن لم نعمل على إنكارها اليوم فسنجد أنفسنا غداً محاطين ببدع أعظم لم نقدر على ردعها وإنكارها.
7 -
أننا أمرنا بالتبليغ لنكون شهداء على الناس، ويكون الرسول صلى الله عليه وسلم علينا شهيداً، ونهينا عن كتمان الحق بأي وجه من الوجوه لأن كتمان الحق في عرف الشرع خيانة، وهو خصلة من خصال بني إسرائيل، وأن من العامة من يخدعون بالبدع والضلالات، ولا يدركوا حقيقتها، فمن يكون المسئول عنهم غداً أمام الله إلا المصلحون، الذين يعلمون الحق ويكتمونه لمصلحة المسلمين وصوناً لوحدتهم:(زعموا)؟!
ولئن كان لي من كلمة إلى القراء الأفاضل في ختام هذه الخاتمة فإني أوصي باتباع الكتاب والسنة قولاً وعملاً، فإنهما وسيلة النجاة من فتن هذه السبل المضلة.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً، ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوطاً ثم قال:
هذا سبيل الله. وهذه السبل، على كل سبيل منها الشيطان يدعو إليه (ثم تلا قوله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي).
وأن نعمل على إخلاص القول والعمل لله تعالى.
قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2].
قال القاضي عياض: (أفضل العمل أخلصه وأصوبه. قالوا ما معنى ذلك؟
قال: إن العمل إذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل.
وإذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل أيضاً.
ولا يقبله الله إلا إذا كان خالصاً صواباً.
والخالص أن يبتغى به وجه الله تعالى.
والصواب أن يكون على السنة.