الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام صرف النقود والعملات في الفقه الإسلامي وتطبيقاته المعاصرة
المؤلف/ المشرف:
عباس أحمد محمد الباز
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار النفائس - عمان ̈الأولى
سنة الطبع:
1419هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
نقود وعملات وأوراق تجارية
الخاتمة وملخص الرسالة
وبعد، فإن هذا البحث مساهمة متواضعة وجهد قليل، أسأل الله العلي القدير أن أكون قد وافقت الصواب فيما ذهبت إليه مع علمي أنني لم أصل في البحث والدراسة إلى الكمال فإن الكمال لله وحده وحسبي أني بذلت جهدي وما توفيقي إلا بالله.
أهم النتائج:
أما أهم نتائج البحث فتتلخص فيما يلي:
أولاً: ليس هناك حد طبعي أو شرعي يقضي بأن يكون النقد من مادة مخصوصة، فإنه لم يرد نص في الكتاب أو السنة ولم يأت إجماع من علماء المسلمين على أن يكون النقد من مادة بعينها وغيرها لا يصلح أن يكون كذلك، وما جاء ذكره من الدنانير والدراهم في الكتاب والسنة إنما ورد لأن النقد المتداول وقت نزول الآيات وعند التشريع كان من الدنانير والدراهم ولم يكن هناك نقود مستعملة غيرها والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ثانياً: النقود لا تقصد لذاتها وإنما هي وسيلة للتعامل بها، والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت، والناس في اعتبار الدراهم والدنانير على عاداتهم فما اصطلحوا عليه وجعلوه ديناراً فهو دينار، فإن خطاب الشارع يتناول ما اعتادوه سواء كان ذهباً أو فضة أو نحاساً أو ورقاً
…
ثالثاً: يعتبر الورق النقدي المعاصر نقداً قائماً بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة لتحقق علة الثمنية فيه واصطلاح الناس على التعامل به، وتنطبق عليه أحكام الصرف وشروطه فيما يتعلق ببيعه وشرائه، باعتبار أن كل عملة من العملات الورقية جنس مستقل بذاته مختلف عن غيره لاختلاف الجهة التي أصدرته، فالدينار الأردني جنس، والدينار العراقي جنس، والجنية المصري جنس، والدولار الأمريكي جنس
…
ويترتب على هذا الأحكام الشرعية التالية:
أ- لا يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقية بعضه ببعض متفاضلاً سواء كان البيع نسيئة أو يداً بيد.
ب- يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقية بخلاف جنسه متفاضلاً أو متساوياً بشرط التقابض الحال في مجلس العقد.
رابعاً: ليس للقبض في الصرف هيئة مخصوصة أو كيفية محصورة، وإنما يرجع في تقديره وتحديده إلى عرف الناس وتعاملهم، فما عده الناس قبضاً فلا مانع من التعامل به شرعاً على هذا الأساس، فإن المعروف عرفاً كالمشروط نصاً والعادة عند المسلمين محكمة.
خامساً: تبادل النقود الورقية بالذهب والفضة اليوم لا يعتبر صرفاً، لأن الذهب والفضة لم يعودا نقوداً، وإنما أصبحا من العروض، فإن بيع الدنانير الورقية بشيء من الذهب أو الفضة يعد من قبيل بيع النقد بالعرض لا يشترط فيه التماثل، ويجوز فيه تأجيل أحد البدلين، أما إذا عاد التعامل بالذهب والفضة على أنهما أثمان كما كانا في عصر التشريع، فعندئذ يكون بيع الدينار الورقي بالدينار الذهبي من الصرف الذي يشترط فيه التقابض الحال في مجلس العقد دون التماثل في القدر لاختلاف الجنس ويكون من بيع الثمن بالثمن.
سادساًَ: تغير سعر صرف العملة بالهبوط أو الارتفاع لا أثر له في إبطال العقود التي يترتب عليها التزامات آجلة كعقود بيع التقسيط، وعقد الزواج الذي يكون فيه المهر مؤجلاً، وعقد الإجارة المنصوص على مدته
…
فليس لأحد المتعاقدين أن يطالب بفسخ العقد، بل يتم اقتضاء النقد المؤجل في موعده بالقدر المتفق عليه عدداً، وقد يعاد النظر في العقود الآجلة التي ينشأ عنها خسارة كبيرة أو ضرر فاحش يقع على أحد أطراف العقد إذا ما تغير سعر الصرف.
سابعاً: اعتماد سعر الصرف السائد يوم الاستيفاء أساساً في تحصيل الديون المؤجلة والأموال الثابتة في الذمة وعدم النظر إلى ما كان عليه سعر الصرف يوم وقوع البيع أو القرض بشرط عدم انقطاع النقد عن أيدي الناس أو كساده.
ملخص الرسالة
يتميز موضوع الصرف بأنه بيع يختص بالأثمان من الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من النقود والأثمان، فإن علماء الإسلام لم يقصروا الثمنية على الذهب والفضة بل جعلوا العلة التي من أجلها ربط الشارع الحكيم بعض الأحكام بالدنانير الذهبية والدراهم الفضية متعدية إلى ما سواهما من الأموال إذا حازت علة الذهب والفضة وهي الثمنية على الراجح من أقوال العلماء، فالنقود لا تقصد لذاتها، وإنما هي وسيلة إلى التعامل بها وتحصيل المنافع بواسطتها، والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا في مادتها ولا في صورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت.
وبناء على ذلك فإن التعامل بالنقود الورقية اليوم بيعاً وشراء يعد صرفاً وتنطبق عليه أحكام الصرف المطبقة على بيع الذهب والفضة كما أمرت به الشريعة الإسلامية.
وقد حرص الإسلام على ألا تخرج النقود عن وظيفتها الأساسية وهي الثمنية لكي يحفظ اقتصاد الأمة متيناً ويقيه من كل ما يؤثر عليه.
ولما كان بيع الصرف أقرب أنواع البيع إلى الربا، فإن الشارع الحكيم قد احتاط كثيراً لهذا النوع من التعامل واشترط له شروطاً خاصة زائدة على الشروط التي يجب توفرها في كل بيع، كما وضع له قواعد وضوابط انفرد بها عن سائر أنواع البيوع، مما جعل هذا العقد من أكثر عقود البيع قيوداً وأكثرها شروطاً، وهذا يدل دلالة واضحة على أهمية هذا العقد ومدى حرص الشارع الكريم على أن يكون التعامل به في البيع والشراء كما أراد له.
ولهذا فقد سار فقهاء الإسلام في استنباطهم لأحكام الصرف وبيان قواعده وضوابطه على تضييق التعامل به لإبعاد الناس عن الربا وشبهته حتى غدا باب الصرف من أضيق أبواب التعامل تحقيقاً لمصلحة التعامل بالأثمان للحافظ على معيار محدد للتعامل التجاري في السوق.
والقاعدة العامة في بيع الصرف أن الزيادة تحرم عند تبايع النقد إذا اتحد جنساً وتجوز إذا اختلف بشرط التقابض الحال في مجلس العقد وإلا كان التعامل رباً محرماً.
فإذا باع شخص دنانير أدرنية بـ دولارات أمريكية مثلاً فعليه أن يسلم الدنانير ويستلم الدولارات فوراً في مجلس العقد، فإن التقابض الفوري شرط أساسي في الصرف، ولا يجوز اشتراط الخيار في الصرف أو تأجيل قبض أحد البدلين، لأن شرط الخيار يؤثر في صحة القبض وشرط التأجيل يؤثر في القبض نفسه.
ولا تجوز المصارفة بعملة ثابتة في الذمة مع غيرها إلا بسعر يوم المصارفة بقطع النظر عما كانت عليه يوم ثبوتها في الذمة، فإنه لا أثر للارتفاع أو الانخفاض في سعر الصرف على الدين الثابت في الذمة.
ويلزم المدين عند حلول أجل الدين برد مثل ما أخذ قدراً وصفة، فإن الديون تؤدي بأمثالها دون التفات إلى ما يطرأ على سعر الصرف من رخص أو غلاء.