الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام المشاع في الفقه الإسلامي
المؤلف/ المشرف:
صالح بن محمد السلطان
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
وزارة التعليم العالي جامعة الإمام محمد بن سعود ̈بدون
سنة الطبع:
1423هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
فقه عبادات منوعات
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمده على توفيقه وتيسيره لإنهاء هذا البحث وإتمامه، وأشكره على ما حباني به من صنوف نعمه ....
وبعد:
فقد آن لي أن أختتم هذا البحث، ليس دعوى مني بوصول الكمال، ولكن هذا غاية جهدي، فإن كان عملي هذا صواباً وحسناً فمن الله، وله جزيل الحمد والثناء، وإن كان غير ذلك فمني، والله يتولاني بمغفرته وعطفه وإحسانه.
هذا ويعد عرض أحكام المشاع بأبوابه وفصوله ومباحثه ومطالبه ومسائله وفروعه وصوره وحالاته، ظهر لي نتائج وثمار طيبة بحمد الله منها:-
1 -
عظمة الشريعة الإسلامية وشمولها ووفاؤها بجميع متطلبات البشر، وتنظيمها لحياتهم تنظيماً دقيقاً، وفي هذا رد على دعوى القائلين بقصورها، وعجزها عن مسايرة ركب الحضارة، ومستجدات العصر.
2 -
أن الفقه الإسلامي ثروة عظيمة ومعين لا ينضب استمد منه الفقهاء هذه الأحكام الخالدة، وفي قواعده وأصوله باب مفتوح لكل مجتهد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
3 -
أن الشركاء في الماء الذي لا يكفي لطهارتهم جميعاً لا يقدم أحدهم بل يباح لهم التيمم إلا أن يكون فيهم ميت، فإن الأولى تقديمه على القول المختار.
4 -
أن خلطة الأعيان المشاعة مؤثرة في زكاة السائمة تقليلاً وتكثيراً، ولا يشترط ملك النصاب لكل واحد من الشركاء، وإنما المشروط ملكهم جميعاً للنصاب على القول الراجح، وأن القول بتأثير خلطة الأعيان المشاعة في غير السائمة قوي في الأموال الظاهرة دون الباطنة.
5 -
أن زكاة الفطر عن الرقيق المشاع لازمة على الشركاء، كل بقدر حصته.
6 -
جواز الاشتراك في الهدي إذا كان إبلاً أو بقراً، وإجزاء كل منهما عن سبعة لصراحة الأدلة في ذلك وقوتها، وضعف المعارض لها.
7 -
جواز الاشتراك في الأضحية إذا كانت إبلاً أو بقراً، وإجزاء البقر عن سبعة، وفي إحزاء الإبل عن عشرة خلاف قوي.
8 -
صحة بيع أحد الشركاء لنصيبه من المشاع، وبيعه جزءاً مشاعاً من ملكه، واستثنائه، وفي صحة بيعه لنصيب شريكه الخلاف في تصرف الفضولي، والأظهر صحة تصرفه وتوقف تنفيذ العقد على إجازة شريكه.
9 -
أن في صحة بيع أحد الشركاء لنصيب معين من المشاع كبيعه نصيبه من شقة من عمارة ذات شقق، خلافاً – والراجح الصحة-، كما أنه يترجح ضمان الشريك البائع لنصيب شريكه إذا سلم المشتري جميع المشاع فتلف.
10 -
أن قبض المشاع متصور وممكن بالتخلية إن كان عقاراً وبقبض الجميع بعد إذن الشريك، أو بتوكل المشتري له أو بنصب الحاكم من يقبض الكل.
11 -
أن رهن المشاع جائز، سواء كان مما يقبل القسمة أو لا يقبلها، وسواء رهن جميع نصيبه أو جزءاً معيناً منه، وإذا وفَّى الراهن أحد المرتهنين انفكت حصته من الرهن، وكذلك إذا وفَّى أحد الراهنين المرتهن انفك نصيبه.
12 -
أن الشيوع في ربح الشركة شرط لصحتها، واشتراط شيء معين يبطلها بلا خلاف، وفي شرط التساوي في الربح خلاف، والصحيح عدم اشتراطه وجواز التفاضل فيه بخلاف الخسارة فإنه يشترط التساوي فيها بنسب رؤوس الأموال بلا خلاف، إلا المضاربة فإن الخسارة على رب المال.
13 -
صحة المزارعة بالجزء الشائع على القول الصحيح، وبطلانها إذا شرط شيء معين بلا خلاف، كما أن الصحيح صحة مزارعة أحد الشريكين شريكه، كذلك فإن الصحيح زرع أحد الشريكين نصيبه من الأرض المشتركة إن طلب من شريكه أن يزرع معه أو يهايئه فامتنع ولا أجرة له على شريكه إذا أذن له الحاكم.
14 -
صحة المساقاة وكذلك المغارسة بالجزء الشائع على القول الصحيح، كذلك صحة مساقاة أحد الشريكين شريكه أو مغارسته على القول الصحيح.
15 -
صحة إجارة الشريكين للمشاع بلا خلاف، وصحة إجارة أحد الشريكين نصيبه على القول الأظهر، كذلك فإن الأصح صحة الإجارة بجزء مشاع من الإنتاج.
16 -
صحة إعارة الشريكين للمشاع بلا خلاف، وصحة إعارة أحد الشريكين نصيبه على الأصح.
17 -
أن الغاصب إذا غصب نصيب أحد الشريكين دون نصيب الآخر فإن الغصب يختص بمن أراده الغاصب على القول الأظهر، كما أن الغاصب شريكاً للمغصوب منه – إذا خلط المغصوب بمثله بقدر ما خلط على الصحيح.
18 -
أن الشفعة تثبت في العقار المشاع الذي يمكن قسمته بلا خلاف، وفيما لا يمكن قسمته خلاف، والأظهر ثبوتها فيه، وكذلك ثبوتها في غير العقار، كما أن الأظهر ثبوتها بالشركة في المرافق الخاصة، وكذلك ثبوتها في الشقص المنتقل بعوض غير مالي أو بغير عوض.
19 -
أن للشفيع أخذ نصيب من أحد الشريكين على الراجح إذا باعا صفقة واحدة، كما أن له أخذ نصيب أحد المشتريين على الراجح إذا اشتريا نصيب شريكه، وأخذ أحد العقارين إذا بيعا صفقة واحدة، وأما استحقاق الشفعة فإنه على عدد رؤوس الشركاء لا على قدر أنصبائهم عل القول الأظهر، كما أن الأظهر أن الشفعة ليست على الفور. وإنما للشفيع تأخير الطلب ويحدد له مدة تتسع لتأمل مصلحته، ويحصل بها مقصوده عرفاً.
20 -
أن إيداع أحد الشريكين للمشاع غير جائز؛ لأنه يتصرف في ملك غيره بغير رضاه بخلاف إيداعهما له. فإن ذلك جائز، فإذا حضر أحدهما فطلب تسليم نصيبه وكان من ذوات الأمثال جاز للمودع تسليمه بخلاف ما لو لم يكن ذوات الأمثال، فإنه لا يجوز له تسليمه.
21 -
أن هبة المشاع والتصدق به، ووقفه جائزة على القول الصحيح، كما أن للموقوف عليهم أن ينتفعوا بالوقف كيفما شاءوا من غير قسمة عينه فإنها لا تصح على القول الأظهر لما فيها من حرمان الطبقة الثانية والثالثة.
22 -
أنه لا خلاف في صحة الوصية بالمشاع، ومن أوصى بمشاع يظنه قليلاً، فبان كثيراً فأراد الرجوع فإنه له ذلك على الصحيح، كذلك فإن الوصية بالمنفعة جائزة بلا خلاف.
23 -
أن أحد الشريكين إذا أعتق نصيبه من المشترك، فإنه يعتق عليه جميعه إن كان موسراً، ويقوم عليه نصيب شريكه، وإن كان معسراً فإن العبد يسعى في نصيب الشريك الآخر على القول الأظهر، كما أنه إذا أعتق بعض عبده فإنه يعتق عليه جميعه موسراً كان أو معسراً على الصحيح، كذلك فإن مكاتبة الشريكين للعبد مع التفاضل في الأنجم جائزة على الصحيح، وكذا إذا كاتب أحدهما العبد في نصيبه أذن شريكه فيها أو لم يأذن، ويترتب على هذه المكاتبة عتق العبد إذا أدى ما كوتب عليه إن كان المكاتب موسراً، وضمن لشريكه قيمة نصيبه، وإن كان معسراً سعى العبد في نصيب الشريك على القول الأظهر. كذلك فإن تدبير أحد الشريكين لنصيبه جائز، ويترتب عليه عدم سريان التدبير إلى نصيب شريكه موسراً كان أو معسراً، فإذا مات المدبر عتق نصيبه إن خرج من الثلث، وسرى إلى نصيب الآخر إن كان الثلث يفي بقيمته وإلا سعى العبد في نصيب الشريك.
24 -
إنه ليس لأحد من الشريكين أن يستقل بعقد نكاح الجارية المشاعة من غير صاحبة بلا خلاف، كذلك لا خلاف في صحة جعل المشاع صداقاً أو عوضاً عن الخلع.
25 -
إذا قبض أحد الشريكين نصيبه من دين مشترك لهما على شخص فإن لشريكه الدخول معه ومشاركته فيما قبض إن كان القابض قبض قبل أعذار شريكه في القبض معه وإلا لم يكن له مشاركته على القول الأظهر، أما إذا أذن لشريكه في القبض فإنه لا يشاركه فيما قبض على الصحيح تحقيقاً لمعنى الإذن، وإن تلف النصيب المقبوض – بغير إذن- فإنه يضمن لشريكه نصيبه مما قبض على الراجح، وكذلك إن تصرف في المقبوض بهبة أو بيع أو استهلاك ونحو ذلك، فإنه يضمن.
26 -
أنه لا يجوز لأحد الشريكين تأجيل نصيبه من الدين على الصحيح وإذا أجل فليس له الرجوع على شريكه على القول الأظهر، وإذا تقاسم الشريكان الدين فإن هذه القسمة صحيحة على القول الأظهر، وسواء كان الدين في ذمة واحدة، أو في ذمم متعددة.
27 -
أن عفو أحد الشركاء في العبد المقتول عن القصاص جائز، ولا يقتص من قاتله إلا بإجماع الشركاء فيه على القصاص.
28 -
أن عفو بعض أولياء المقتول عن القصاص جائز على الصحيح إن لم يكن القتل غيلة، فإن كان غيلة، فإن عفوه لا أثر له على الراجح، ويتحتم القصاص، كما أن غيبة أحد الأولياء أو جنونه أو صغره تمنع من استيفاء القصاص إذا لم يكن القتل غيلة على الصحيح، فإن كان غيلة فلا أثر للغيبة والجنون والصغر حيث يقتل على كل حال.
29 -
أن الواحد إذا قتل جماعة فاتفق أولياؤهم على قتله بهم فإنه يقتل بهم، وليس لهم غير ذلك، وإن اختار أحدهم القود والآخرون الدية، فإنه يقتل لمن أراد القود ويعطى أولياء الأخرين الديات من ماله سواء كان المختار للقود أولياء من قتل أولاً أو ثانياً، وسواء قتلهم دفعة واحدة أو مفترقين على القول الصحيح، وإن تشاحوا على قتله وعلم الترتيب، فإنه يقتل بالأول وللباقين الديات، وإن لم يعلم الترتيب أو كان قتلهم دفعة واحدة فإنه يقدم أحدهم بالقرعة، وللباقين الديات على القول الراجح، ومثل هذا ما إذا كانت الجناية دون النفس واستحقوا القصاص كما لو قطع إيمانهم.
30 -
أن الضمان بسقوط الأملاك المشاعة على الأنفس والأموال يلزم الشركاء بإبلاغهم تضرره وخشية سقوطه، فإن كان المبلغ واحد لزمه من الضمان بقدر نصيبه على الأظهر، وإن لم يبلغوا فإن الراجح عدم تضمينهم إذا لم يعلموا، وإن كانوا يعلمون فإنهم يضمنون على القول الراجح.
31 -
إن وطء أحد الشريكين للجارية المشتركة لا يوجد الحد، وإنما يعزر الواطئ، وفي مقدار التعزير خلاف، والراجح أنه يعزر بمقدار ما يراه الإمام.
32 -
إن قذف الواحد للجماعة يوجب لكل واحد حداً إن طلبوه على الراجح، وإن كان المقذوف واحداً فمات، فإن للورثة المطالبة به، فإن عفا بعضهم فإنه يحد للباقين ولا أثر لعفوه على الصحيح.
33 -
أن سرقة أحد الشركاء من المشاع لا تسقط الحد إذا كان المسروق نصاباً زائداً على حقه، ولم يكن له تصرف في المال على القول الراجح إذا كان المسروق معروف القيمة، ولا يحتاج إلى تقويم، فإذا كان مما يحتاج فيه إلى التقويم، فإنه لا بد أن يكون ظاهر الزيادة وإلا فإن الراجح عدم القطع.
كذلك فإن سرق أجنبي من المشاع وطالب بعض الشركاء دون بعض فإنه يقطع إن كان المسروق من المطالب يبلغ نصاباً على القول الراجح.
34 -
أن العين إذا ادعاها شخصان ولا بينه لهما فإنه يقضى بها بينهما على الشيوع بعد أيمانهما على الصحيح، وكذلك الحكم إن أقام كل منهما بينه على دعواه، هذا إن كانت العين بأيديهما، فإن كانت العين في يدي غيرهما، ولا بينة لهما وادعاها من كانت بيده، فإنه يقضي له بها مع يمينه، فإن لم يدعها فإنه يقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة حلف واستحق العين على الصحيح، هذا إذا لم يقر من كانت العين بيده – أنها لأحدهما ولم يعينه، فإن أقر أنها لأحدهما وعينه فإنها تكون لمن عين بعد يمين كل من المعين والمعين له، وإن أقر بها لهما فإنه يقضي بها بينهما، وإن كان لكل واحد بينة فإن يقرع بينهما في الأظهر.
وإن لم تكن العين بيد أحد ولا بينه أو لكل واحد بينه فإنه يقرع بينهما فمن خرجت قرعته أخذها، وإن تداعى شخصان وديعة عند شخص آخر ولا بينه لواحد منهما فإن كذبها حلف لكل واحد منهما، وبقيت العين بيده، وإن أقر بها لأحدهما قضى له بها مع يمين المودع، وإن أقر بها لهما فإنه نكل قضي لهما بعوضها معها في الأظهر وإن أقر بها لأحدهما لا بعينه فإنه يقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة حلف وأخذها في الأظهر وإن أقام كل واحد منهما بينه على دعواه فإنه يقرع بينهما في الأظهر.
35 -
أن اللقطة إذا ادعاها اثنان ووصفاها في وقت واحد فإنه يقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حلف وأخذها على القول الراجح، وإن وصفاها واحد بعد الآخر وكان الوصف من الثاني قبل دفعها للأول فإنه يقرع بينهما على الراجح، وإن كان الوصف من الثاني بعد دفعها للأول فإنه لا يستحق شيئاً هذا إذا لم يكن لها بينة، وإن كان لكل واحد بينة فإنه يقرع بينهما على القول الأظهر فمن قرع حلف وأخذها.
36 -
أن الزوجين إذا اختلفا في متاع البيت فما يصلح للرجال فهو للرجل مع يمينه، وما يصلح للنساء فهو للمرأة مع يمينها، وما يصلح لهما فإنه يقضى به بينهما.
37 -
أن الرجلين إذا ادعيا عيناً بيد رجل وعزيا الدعوى إلى سبب يقتضي اشتراكهما، كالإرث فأقر لأحدهما بنصفها، فإن الأخر يشاركه وإن عزيا الدعوى إلى سبب لا يقتضي اشتراكهما، فإن الآخر لا يشاركه، وإن لم يتعرضا إلى سبب الملك فإن الآخر يشاركه في الأظهر. وإن أقر شخص أن ما بيده فيه شركة لفلان، إن له تفسيره بما شاء على القول الراجح، وكذلك فإذا قال له في هذه العين سهم.
38 -
إن أحد الورثة إذا أقر بدين على التركة وأنكر بقيتهم ولم يحلف المقر له على دينه فإنه يلزم المقر من الدين بقدر ميراثه في الأظهر، وإن حلف المقر له أخذ جميع دينه من جميع التركة، وكذلك الحال إن شهد أجنبي أو وارث آخر مع المقر.
39 -
أن التصرف في الحائط المشترك بفتح الأبواب والنوافذ والبناء لا يجوز من غير إذن جميع الشركاء، وإذا انهدم الحائط بنفسه وامتنع أحد الشركاء من البناء، فإنه يجبر إذا كان حاجزاً وسترة بين الدارين في الأظهر، وإن هدمه أحد الشريكين لمصلحة الحائط، كخوف سقوطه فإنه لا يجبر على إعادته وحده، ويجبر مع شريكه، وإن كان الهدم لمصلحة الهادم أو من غير حاجة إلى هدمه، فإنه يجبر على إعادته في أصح قولي العلماء. فإن كان المنهدم السقف الذي بين صاحب السفل وصاحب العلو فإن الممتنع منهما يجبر على البناء في الأظهر، فإن انهدم جميع السفل وامتنع صاحب العلو من مساعدة صاحب السفل في حيطانه فإنه لا يجبر؛ لأنها ملك صاحب السفل، وإنما يجبر صاحب السفل على إعادتها ليصل العلو إلى حقه من الانتفاع بعلوه على القول الصحيح.
40 -
إنه لا يجوز لأحد من أهل الطريق المشترك أن يتصرف فيه بغير رضاهم بلا خلاف، فإن أذن له بعضهم – ولا ضرر عليهم في الحال- فإنه لا يجوز له التصرف على القول الراجح لما يترتب عليه من الضرر في ثاني الحال. كما أنه لا يجوز له فتح باب فيه من غير إذنهم على القول الراجح. فإذا أراد أن يفتح باباً بين دارين كل واحدة على درب غير نافذ جاز له ذلك في الأظهر، كذلك فإنه يجوز له سد بابه وفتح باب آخر، من غير سد لبابه الأول، بشرط عدم الإضرار بجاره على القول الراجح.
41 -
أنه لا يجوز لأحد من الشركاء في مجرى للماء أن يتصرف فيه، وإذا احتاج إلى إصلاح فإنهم يقومون بالإصلاح جميعاً، فإن امتنع أحدهم أجبر فإن عمَّره أحدهم بإذنهم أو بإذن الحاكم من غير إذن أحد ونوع الرجوع، فإنه يرجع على الصحيح ويملك منعم من الانتفاع، حتى يؤدوا قسطهم من النفقة. ون أراد أحدهم أن يأخذ من الماء قبل أن يصل إلى مواضع القسمة جاز له ذلك إن لم يضر بالمجرى أو بالشركاء، فإن كان ثمت ضرر لم يجز له الأخذ، ويجوز لكل واحد من الشركاء أن يتصرف بنصيبه من الماء كيفما شاء، كأن يسقي به أرضاً ليس لها رسم شرب من هذا المجرى على القول الصحيح، فإن تنازع الشركاء في قدر الشرب من المجرى، فإنه يجعل على قدر أملاكهم على القول الراجح.
42 -
أنه يجوز لكل واحدٍ من المشتريين، أن يفسخ في نصيبه عند ظهور العيب في المبيع، وكذلك عند شرط الخيار لهما على القول الراجح، لأنه في حكم عقدين. فإن ورث اثنان خيار عيب فرضي أحدهما بالعيب وأراد الآخر الرد لم يجز له؛ لأنهما يقومان مقام المورث ولا يجوز له تبعيض الصفقة، فإن رد المشتري على أحد البائعين نصيبه جاز إذ تعدد البائع تعدد العقد.
43 -
إنه لا يجوز لأحد المرتهنين أو أحد العدلين أن ينفرد بحفظ الرهن على الصحيح، وكذلك الحال بالنسبة للوكيلين في الحفظ أو الوصيين. فإن كانت الوكالة لشخصين بالتصرف، فإنه لا يجوز لأحدهما أن ينفرد بالتصرف في أمر لا يحتاج فيه إلى الرأي، كإعتاق عبده، وقضاء دين في الأظهر، وكذلك الحال بالنسبة للوصيين في التصرف سواء أذن أحدهما للآخر أو لم يأذن، ومثل ذلك أيضاً تصرف ناظري الوقف حيث لا يجوز أحدهما أن ينفرد بالتصرف على الصحيح سواء أذن له شريكه أو لم يأذن له، لما فيه من مخالفة شرط الواقف.
44 -
أن المشاع إذا كان يحتاج إلى نفقة وامتنع أحد الشركاء من الإنفاق وكان المشاع ما يحتمل القسمة، فإنه لا يجبر الممتنع، وإنما يقسم بينهم، وإن كان مما لا يحتمل القسمة فإنه يجبر على الصحيح.
وإن كان الملك محتاجاً إلى ما يحفظ أصله كالحراسة ونحوها فإنه يجبر على الإنفاق.
45 -
الأصل أن الشرك في كل عين مالك له حقوق الملك فيما يملك منها وله منافعه وثمراته وذلك بالنظر إلى حصته الشائعة فيها، وبالنظر إلى حصة غيره من الشركاء فإنه أجنبي ليس له حق التصرف إلا بولاية من الشريك، وبناء على ذلك فإنه لا يجوز لأحدهم أن ينفرد بالانتفاع بالعين ولو بمقدار نصيبه لما يترتب عليه من الانتفاع بنصيب شريكه، نظراً لشيوع حقيهما، وقد استثنى بعض الفقهاء من هذا الأصل صوراً منها: الانتفاع مع غيبة الشريك، لكن الراجح عدم صحة هذا الانتفاع، ومنها: إذا طلب أحد الشريكين في الأرض من شريكه أن يزرع معه أو يهايئه فامتنع، فإنه يجوز له الانتفاع بقدر نصيبه بعد إذن الحاكم على الصحيح.
46 -
ومنها أن المهايأة: هي قسمة المنافع، أي اختصاص كل شريك بمشترك فيه عن شريكه فيها زمنا معيناً من متحد أومتعدد، وهي مشروعة بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار، وهي على نوعين: زمانية ومكانية، وإذا اتفق الشركاء عليها كان لهم ذلك، وإن طلبها أحدهم وامتنع الآخرون وكانت مما تحتمل القسمة فإنها تقسم بينهم، وإن كانت مما لا تحتمل القسمة ولم يطلب بيعها وإنما طلب المهايأة، أو كانت مما تحتمل القسمة ولم يطلب أحد منهم قسمتها، فإن الممتنع من المهايأة يجبر عليها على القول الراجح.
47 -
أن قسمة الأعيان: تعيين النصيب الشائع في جزء معين، وإفرازه عن غيره من الأنصباء بحيث يكون متميزاً ومستقلاً وهي مشروعة بدلالة الكتاب والسنة والإجماع، والاعتبار، والراجح في قسمة الأعيان أنها إفراز لا بيع فيما ورد عوض فهي بيع في المردود فيه.
وتنقسم من حيث الذات إلى قسمة أجزاء وقسمة تعديل، وقسمة رد، ومن حيث الرضا والإجبار إلى رضائية وإجبارية، ومدار القسمة على الرضا والإجبار.
48 -
أنه إذا طلب أحد الشريكين في مكيل أو موزون من نوع واحد أن يقسم بينهما فإنه يجاب إلى ذلك.
فإن كانت المكيلات والموزونات أنواعاً مختلفة فطلب أحدهما قسم كل عين على حدتها أجيب إلى ذلك، وإن طلب قسمتها أعياناً بالقيمة وامتنع الآخر لم يجبر على ذلك.
فإن كان بينهما أعيان أخرى غير المكيل كالثياب مثلاً فطلب أحدهما قسمة كل ثوب وأمكن ذلك من غير ضرر فإنها تقسم، وإن لم تمكن هذه القسمة فطلب قسمتها أعياناً بالقيمة وامتنع الآخر فإنه يجبر على القول الراجح، هذا إذا كانت الأعيان جنساً واحد، فإن كانت أجناساً متعددة كثياب وأوان فطلب قسمة كل جنس على حده أجيب إلى ذلك. هذا إذا لم يترتب على القسمة ضرر أو رد عوض. فإن ترتب على القسمة رد عوض فامتنع أحدهما فإنه يطلب منه الرضا على بالقسمة، فإن امتنع طلب من الآخر أن يأخذ ما فيه رد عوض فإنه امتنع لم يجبر منهما على القول الراجح.
وإن ترتب عليها ضرر بهما كالعين التي تحتمل القسمة فدعا أحد الشريكين إلى بيعها فإنه يجبر الآخر على القول الراجح – والمقصود بالضرر المانع من القسمة على القول الراجح- هو ما لا يمكن معه انتفاع أحد من الشركاء بنصيبه مفرداً كما كان ينتفع به مع الشركة.
وإن ترتب عليها ضرر بأحدهما وكان الطالب للقسمة من لا يستضر بها فإن الآخر لا يجبر عليها، وإن كان الطالب لها من يستضر بها ولم يكن له غرض من هذه القسمة فإن الآخر لا يجبر عليها وإن كان له غرض صحيح أجبر الآخر عليها على القول الراجح.
فإن كان بين الشريكين علو وسفل وتراضيا على قسمته جاز كيفما تراضيا عليه، وإن أراد أحدهما القسمة وامتنع الآخر وكان يريد قسمتها علو وسفلاً قسمة واحدة، ولا ضرر في ذلك فإنه يجبر الممتنع على القول الراجح، وإن أراد قسمة العلو وحده أو السفل وحده وترك الآخر على الإشاعة أو أراد قسمة العلو وحده بينهما والسفل وحده بينهما لم يجبر.
49 -
أنه إذا طلب أحد الشريكين في أرض مزروعة قسمتها دون الزرع وامتنع الآخر، فإنه يجبر عليها، وإن طلب قسمة الزرع دون الأرض وكان الزرع بذراً فلا خلاف في عدم الجبر وإن كان قصيلاً، فالراجح أن المرجع في الجبر وعدمه إلى القاضي، فإن رأى له منفعة بقطع الزرع أجبر الممتنع وإلا فلا. وإن كان الزرع حباً مشتداً فلا خلاف في عدم الإجبار، وإن طلب قسمة الأرض وفيها بذر لم يخرج الممتنع، وكذلك الحال إن طلب قسمتها والزرع قصيل أو بذر مشتد، وإن تراضيا على القسمة فيها صحت على القول الصحيح.
50 -
أن المقصود بقسمة الجمع: جمع نصيب الشريك من أعيان مشتركة وإفرازه في عين واحدة لا يشاركه فيها غيره، أما قسمة التفريق فهي إفراز نصيب الشريك من كل عين من الأعيان المشتركة على حدتها ولا تدخل قسمة الجمع المشترك إذا كان أجناساً متعددة، وإنما تدخله قسمة التفريق وقسمة الجمع لا تدخل إلا الجنس الواحد عند انتفاء الضرر، فإذا أراد أحد الشريكين قسمة الدور المشتركة قسمة جمع وامتنع شريكه فإن الممتنع لا يجبر على القول الراجح إلا أن تكون الداران في محلة واحدة ومتساويتين في كل شيء.
وإن كان المشترك داراً ذات بيوت أو عمارة ذات شقق متلازقة، فإن الممتنع من قسمة الجمع يجبر عليها على القول الراجح، وكذلك الحال بالنسبة للأرض التي لا يمكن فيها التسوية بين الشريكين في الجيد والرديء، حيث تعدل أجزاؤها ويجبر الممتنع من القسمة عليها.
51 -
أن قسمة الأراضي والبساتين إجباراً ترجع إلى نظر القاضي على القول الراجح، وكذلك قسمة الحوانيت إجباراً حيث ينظر القاضي في الأصلح من الجبر وعدمه فإن أراد بعض الشركاء قسمة بعض الملك دون بعض وكان الملك غير منقول فإنه لا يجبر لما في الجبر من منافاة للمعنى الذي شرعت له القسمة، وإن كان الملك منقولاً ولا يمكن تعديله إلا بترك جزء منه على الشركة كما لو كان بينهما شياه، فإن الممتنع من القسمة يجبر عليها لانتفاء الضرر، فإذا تمت القسمة بين الشركاء في المشاع وكانت إجبارية فإنها تلزم بخروج القرعة بلا خلاف.
52 -
إذا ظهر الغلط في القسمة فإنها تنقض سواء كانت إجبارية أو رضائية على القول الراجح، وإن ظهر عيب في نصيب أحد الشركاء فإن القسمة صحيحة مع ثبوت الخيار لمن ظهر العيب في نصيبه بين الفسخ أو الإمساك مع الرجوع بأرش العيب على القول الراجح، وإن استحق بعض المقسوم وكان معيناً في نصيب أحدهما، فإن القسمة لا تبطل ويثبت الخيار للمستحق من نصيبه بين نقض القسمة وبين الرجوع على صاحبه بنصف ما استحق منه معاً في يده، وإن كان المستحق معيناً في نصيبهما على السواء فإن القسمة لا تبطل بهذا الاستحقاق أيضاً على الصحيح، وإن كان المستحق شائعاً، فإن القسمة لا تبطل على الصحيح ويثبت الخيار للمستحق، هذا إن كان شائعاً في نصيبيهما، فإن كان شائعاً في نصيب أحدهما فإن القسمة لا تبطل على الصحيح، ولمن استحق بعض نصيبه الخيار بين الفسخ وبين الإمساك، والرجوع بباقي حصته.
53 -
أن ظهور الدين بعد القسمة لا يبطلها إن كان له مال آخر سواه يمكن جعل الدين فيه بلا خلاف، وكذلك الحال إن لم يكن له مال وأراد الورثة وفاءه على الصحيح، وكذلك الحال إن ظهر موصى له بعد القسمة وكانت الوصية بمال غير معين.
فإن كانت بجزء معين من التركة وكان هذا المعنى في نصيب أحدهما فإن القسمة لا تبطل ويثبت الخيار للوارث الذي وقعت الوصية في نصيبه بين نقض القسمة وبين الرجوع على صاحبه بنصف ما استحق منه في يده، وإن كان معيناً في نصيبيهما، فإن القسمة لا تبطل، وإن كانت بجزء شائع من التركة فإن القسمة تبطل في الموصى به وتصح في الباقي، مع إثبات الخيار للموصى له على القول الراجح.
وبعد
…
فهذه جملة موجزة من نتائج هذا البحث، وفي ثناياه نتائج وثمار كثيرة، أرجو الله جلت قدرته أن ينفع بها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.