الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام المسابقات في الشريعة الإسلامية وتطبيقاته المعاصرة
المؤلف/ المشرف:
عبدالصمد بن محمد بلحاجي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار النفائس - الأردن ̈الأولى
سنة الطبع:
1424هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
مسابقات - جوائز
الخاتمة
أهم النتائج التي توصلت إليها
بعد أن وفقني الله سبحانه وتعالى إلى إتمام هذا البحث واستعراض فصوله ومباحثه توصلت إلى جملة من النتائج أوردها على النحو التالي:
1 -
عرف فقهاء المذاهب السَّبْق بتعريفات مختلفة، عدا الشافعية فلم يعرفوا السَّبْق تعريفاً اصطلاحياً، وعلى هذه التعاريف مآخذ، والتعريف المختار هو: السَّبْق عقد بين طرفين أو أكثر على المغالبة بينهما في المجال الرياضي أو العلمي ونحوه، لمعرفة الفائز منهما، بعوض أو بدونه.
2 -
السبق جائز سواءً كان بين اثنين أو بين فريقين لثبوت دليل السنة بذلك، خلافاً لابن أبي هبيرة الذي منع السبق إذا كان بين فريقين.
3 -
لعقد السبق ثلاثة أركان وهي:
أ- المتعاقدان. ب- المعقود عليه. جـ- الصيغة.
ولا يشترط في المتعاقدين الذكورة، فيجوز إجراء السَّبْق بين النساء لتنمية قدراتهن القتالية، لأن المرأة مخاطبة بالقتال إذا كانت قادرة عليه في حالة ما إذا كان الجهاد فرض عين عليها، وفي حالة ما إذا كان الجهاد فرضاً كفائياً فهي غير مخاطبة بالقتال، ولكن قد يتحتم عليها القتال للدفاع عن نفسها كأن يعتدي عليها أحد الكفَّار.
ويشترط في المتعاقدين الإسلام، ولا يجوز السَّبْق بين المسلم والكافر إلا في حالتين:
أ- أن يكون الكافر حاذقاً في مجال من مجالات السباق، فيقصد المسلم من التسابق معه اكتساب الخبرة في هذا المجال.
ب- أن يكون المسلم حاذقاً في مجال من مجالات السباق، فيقصد حينئذٍ من التسابق مع الكافر كسر سورته وتكبره بإظهار الغلب للمسلمين، مما يبعث في قلوب الكفار الرعب، أو يبعثهم على الدخول في الإسلام إذا رأوا قوته وعزته.
4 -
عقد السَّبْق عقد مستقل بذاته له أحكام يتميز بها عن غيره من العقود الأخرى، كعقد الإجارة أو عقد الجعالة أو عقد النذر، فبين عقد السَّبْق وهذه العقود أوجه اختلاف رئيسة.
أما عن وجود أوجه اتفاق بين عقد السَّبْق وبين أحد هذه العقود فهذا لا يعني أنهما عقدان متداخلان، لأن هذا لا يخلو منه أي عقد، فعقد البيع وعقد الإجارة بينهما أوجه اتفاق، ومع هذا فكل عقد مستقل عن الآخر.
5 -
إذا تم إجراء السبق بدون عوض فلا يتصور دخول القمار فيه لغياب عنصر المال، أما إن كان السَّبْق بعوض فإنه يتصور وجود القمار فيه، وذلك في حالة ما إذا أخرج كلا الطرفين عوضاً ولم يدخلا بينهما محللا؛ لأن كلا الطرفين دخلا على أن يغنما أو يغرما على حد سواء، أما إذا أخرج أحد الطرفين عوضاً، أو أخرجه أجنبي عنهما فلا يتصور وجود القمار، لعدم استواء الطرفين المتسابقين في الغنم والغرم.
6 -
جواز السبق بعوض على الإبل والخيل والنضال، ومن باب أولى إن كان السبق بدون عوض، ويقاس عليها كل ما كان في معناها مما يستعمل في قتال الأعداء، وإن لم ير ذكرها في الحديث أخذاً بعموم قوله تعالى:{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} .
7 -
إذا اشتمل السَّبْق على الشطرنج على أحد الأمور التالية فإنه يكون محرماً:
أ- أن يكون سببا في ترك واجب أو فعل محرَّمٍ.
ب- أن يشتمل على الفحش والخنا في الأقوال.
ج- أن يكون السبق على عوض سواء كان من الطرفين أو من أحدهما، أو كان المخرج للعوض أجنبياً عنهما.
د- أن يلعبه مع من يعتقد تحريمه.
هـ- أن تكون بيادق الشطرنج مصورة كلها أو بعضها بصورة حيوان.
فإن خلا عن هذه العوارض فيجوز إجراء السبق فيه، لثبوت اللعب به عن سعيد بن جبير ومحمد بن سيرين وهشام بن عروة وهم من التابعين ولم يثبت ما يعارض ذلك.
ويشترط عدم الإدامة، فإن داوم عليه فأقل الأحوال أنه مكروه، وذلك لأنه لا فائدة كبيرة مرجوة منه، ولما فيه من إضاعة الوقت سدى الذي هو أعز ما يملك الإنسان.
8 -
الألعاب الرياضية التي فيها خطورة كألعاب السيرك مثلا بأنواعها، يجوز إجراء السَّبْق فيها بشروط:
أ- أن يكون السَّبْق مجاناً، أي بدون عوض.
ب- أن يكون اللاعب حاذقاً لهذه اللعبة.
جـ- أن يغلب على ظن اللاعب السلامة من الأخطار التي تحيط بهذه الألعاب.
أما الرياضات التي فيها خطورة وهي داخلة في الإعداد للجهاد في سبيل الله كالقفز بالمظلات من الطائرات العسكرية، فيجوز إجراء السبق فيها وعلى عوض، بشرط أن يغلب على الظن السلامة من الأخطار المحيطة بهذه الأنواع من الرياضات.
9 -
لا يجوز اللعب بالنرد مطلقاً، سواء كان ذلك على عوض أو كان خالياً منه، وذلك لإطلاق الأحاديث الصحيحة الواردة في النهي عن اللعب به؛ فلم تفرق بين ما كان على عوض وما كان على غير عوض، والأصل حمل المطلق على إطلاقه حتى يرد التقييد.
10 -
لا يجوز إجراء السبق بين الحيوانات بالتحريش بينها للتصارع ومعرفة الفائز منها لسببين:
أ- لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم.
ب- لما فيه من تعذيب للحيوان دون حاجة أو منفعة في ذلك.
11 -
حرمة اللعب بالورق – الشدة – مطلقاً سواء كان ذلك على عوض أو كان بدون عوض، قياساً على النرد فكلاهما يعتمدان على الحزر والتخمين، ونصوص فقهاء المذاهب تدل على ذلك، عدا الشافعية فإنهم نصوا على تحريمها.
وكل لعبة معتمدها الحزر والتخمين حكمها حكم اللعب بالورق قياسا على النرد للجامع بينهما، وهذا الضابط وضعه الشافعية لمعرفة حكم ما يستجد من الألعاب في الأوقات اللاحقة، وهذا الضابط وإن لم يصرح به أئمة المذاهب الأخرى فنصوصها تدل عليه.
12 -
رياضة السبق على الأقدام والمصارعة وغيرها من الرياضات كرياضة الجودو والكارتيه في عصرنا، يجوز بذل العوض فيها، لأن هذه الرياضات لها دور كبير في تنمية القدرات القتالية لدى الجيش الإسلامي.
13 -
الجائزة لازمة في عقد السَّبْق، إذ يجب الوفاء بها، ويقضى بها على المغلوب إن امتنع، لأنه متى ما علم أن المغلوب لا يلزمه تسليم الجائزة إن غلب، فإن المنافسة تفتر وهي المقصد الأساسي من بذل العوض في السَّبْق، فالمنافسة كلما كانت أقوى كلما ارتفعت المهارات والكفاءات للمتسابقين.
14 -
يجوز أن يكون المخرج للجائزة إمام المسلمين أو الوالي عنه من ماله الخاص أو من بيت مال المسلمين، أو يكون المخرج أحد الرعية يخرجها من مال نفسه، نظراً لما في ذلك من المصلحة والنفع للمسلمين. كما يجوز أيضاً أن يكون المخرج أحد المتسابقين، وهذا باتفاق الفقهاء.
أما إذا كان المخرج للجائزة المتسابقين معاً فالصحيح جواز هذه الصورة بشرط إدخال محلل بينهما يحلل العقد فيخلصه من القمار، ويحلل الأخذ فيأخذ إن سبق ويؤخذ به إن سبق.
ويشترط في المحلل ما يلي:
أ- أن يكون كفئاً للمتسابقين.
ب- ألا يخرج شيئاً من المال وإن قَلَّ.
جـ- أن يأخذ الجائزة إن جاء سابقاً ولا يغرم شيئاً إن جاء مسبوقاً.
15 -
ضابط الشروط التي ينبغي توافرها في كل مسابقة رياضية معينة على الجهاد والتي لم ينص الفقهاء رحمهم الله على شروطها، أن تكون هذه الشروط تحقق أكبر قدر ممكن من المساواة بين المتسابقين، لأن موضوع السبْق المساواة، ولا يبقى إلا فارق الحذق بينهم الذي يعرف بإقامة المسابقات، ويرجع في اشتراط هذه الشروط إلى أهل الاختصاص في كل رياضة.
16 -
متى ما تم السبق وكان فاسداً، فإن كان السابق هو المخرج للجائزة أمسكها، وإن كان السابق الطرف الآخر لم يستحق شيئاً لأنه لم يعمل للباذل شيئاً حتى يستحق أجرة المثل، ونفع عمله إنما يعود إليه لا إلى الباذل.
17 -
متى ما طرأ لأحد المتسابقين ما يؤثر على نفسه كالمرض، أو لآلته ما يعوق استعمالها إلى غير ذلك من الأعذار القهرية التي تمنع المتسابقين من إتمام السَّبْق، فإنه يتم تأخير السبق إلى زوال العارض، وإلا أجل إلى وقت آخر محدد.
18 -
يمنع المتسابقون من التشاغل وتضييع الوقت أثناء السَّبْق للتشغيب عن صاحبه، والذي له سلطة المنع هو الحكم، لذا يشترط فيه أن يكون عادلاً بين الطرفين، وأن يتقيد في توجيه العتاب للمتسابقين بما يؤدي المقصود دون مبالغة أو زيادة.
ويجوز للمتسابق مدح نفسه والافتخار عند التفوق ما لم يصل به ذلك إلى حد العجب والكبر، أما تشجيع المتفرجين فيجوز لهم ذلك، لما فيه من تحريض المتسابق على زيادة الجهد للفوز بالسباق، بشرط ألا يصل ذلك إلى أذية الطرف الآخر من المتفرجين بجميع أنواع الإيذاء.
19 -
ضابط فسخ عقد السَّبْق وعدمه أن كل ما يعتبر تعيينه وتلف، فإنه يفسخ العقد ولا يقوم غيره مقامه، وما لا يتعين يجوز إبداله لعذر وغيره، وإذا تلف قام غيره مقامه.
20 -
يجوز إجراء مسابقات علمية في مختلف العلوم وتكريم الفائز بجائزة، ويشترط لصحتها عدة شروط وهي:
أ- أن يكون المجال الذي يجري فيه السَّبْق نافعاً ومفيداً للمسلمين.
ب- أن يكون العوض مبذولاً من طرف أجنبي عن المتسابقين أو يكون مبذولاً من أحد المتسابقين، فإن كان العوض مبذولاً من الطرفين، فإنه لا يصح السبق إلا بإدخال محلل بينهما.
جـ- تعيين المتسابقين، فلا يصح إجراء السبق مع إبهامهم، لأن الغرض معرفة حذق المتسابق بعينه.
د- أن يكون سبق كل واحد من المتسابقين ممكناً بأن يكون هناك تقارب بينهم في المستوى العلمي.
21 -
المختار في المسابقات العلمية التي تجريها بعض المجالات عدم الجواز للأسباب التالية:
أ- عدم تعيين المتسابقين، مع أن الغرض من المسابقة معرفة حذق المتسابق بعينه، ونتيجة لعدم التعيين فاحتمال لجوء المتسابق إلى غيره للإجابة عن الأسئلة كبير، وبالتالي قد يكون الفائز غير متعلم أصلاً.
ب- عدم التكافؤ بين المتسابقين على فرض عدم استعانة أحدهم بغيره للإجابة، والواجب تحقيق التكافؤ ما أمكن بين المتسابقين بحيث لا يبقى إلا فارق الحذق بينهم.
جـ- وجود القمار في هذه المسابقة وإن كان خفياً غير ظاهر، ووجه ذلك أن للمجلة ثمناً معيناً، وهذا الثمن مقسط على جميع أجزاء المجلة بما في ذلك ورقة الأسئلة والمكان المخصص للإجابة، فالمتسابق عندما يشترك في هذه المسابقة يكون قد دفع ثمناً لهذه القسيمة، فإذا خسر يكون قد خسر هذه القيمة وإن كانت ضئيلة، وإذا فاز فإنه يكون قد دفع مالاً قليلاً ليربح مالاً كثيراً، فهو إذن متردد بين الغنم والغرم وهذا هو حد القمار.
22 -
المسابقة التي تجريها إحدى القنوات الفضائية تحت عنوان "من سيربح المليون لا تجوز للأسباب الآتية:
أ- لوجود القمار فيها في حالة ما إذا أجاب عن السؤال وأخفق فإنه يخسر المال الذي كان في ملكه.
ب- طبيعة الأسئلة كثير منها مناف للشرع كالأسئلة التي تطرح عن أفلام هابطة أو ممثلين ومغنين لا أخلاق لهم، أو تكون الأسئلة تافهة جداً.
جـ- المتسابق في حالة ما إذا عجز عن الإجابة على السؤال فإنه يحق له الاستعانة بثلاث وسائل مساعدة للوصول إلى الإجابة الصحيحة، وبالتالي ينتفي مقصود إجراء المسابقة وهو معرفة حذق المتسابق لأنه إذا أجاب إجابة صحيحة فليس ذلك بحذقه وإنما بحذق الآخرين.
23 -
حرمة اليانصيب مطلقاً سواء كان تجارياً أو خيرياً، لأن صورة القمار فيه واضحة، ولا يتذرع لجواز اليانصيب الخيري بأن مقصده نبيل، لأن فيه سلوك الواسطة الحرام للوصول إلى الهدف المشروع، والإسلام لا يقبل مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة".
24 -
شهادات الاستثمار ذات الجوائز، والتي تسمى شهادات الاستثمار فئة (جـ) محرمة لا يجوز الاشتراك فيها لأنها تعد من باب القرض الذي جر نفعاً وهو محرم باتفاق العلماء.
25 -
السبق الذي تجريه المحلات التجارية، وعلى إثره تعطي الفائزين في السحب جوائز جائز، وتعد الجوائز المقدمة للزبائن هدايا من الشركة لهم، وهو تبرع محض منها لاستجلاب أكبر عدد ممكن من الزبائن، وهذا الجواز مشروط بشرطين:
أ- أن يشتري الزبون السلعة من المحل التجاري الذي يجري فيه هذا النوع من السَّبْق بسعر أمثالها في السوق.
ب- ألا يترتب على هذا النوع من السَّبْق التجاري ضرر بالتجار الآخرين أو بالزبائن المشتركين.
26 -
التمثيل جائز بضوابط وهي:
أ- أن يستهدف مصلحة الدين والعلم والأخلاق، لا أن يدعو إلى منكر أو فحش، أو يخدم مبدأ هداماً أو عقيدة كافرة.
ب- إذا كانت التمثيلية تستعرض وقائع تاريخية، فيشترط تصويرها كما حصلت في الواقع، فلا يجوز تمثيل أمور غير واقعية بواسطة الكذب والتزوير في التاريخ الإسلامي.
جـ- ألا يمثل شخصيات تاريخية لها قداستها في نفوس المؤمنين، كشخصيات الأنبياء، والرسل عليهم الصلاة والسلام.
ويجوز إجراء مسابقات بين المنتجين لهذه التمثيليات، لإذكاء روح المنافسة بينهم، وتكريم الفائز، وذلك لأهمية التمثيل في بث الوعي الإسلامي بين أفراد المجتمع وتوضيح كثير من القضايا الدينية، وإقناع المجتمع بفكرة ما أو إبراز فساد سلوك ما.
27 -
الغناء أو ما يسمى في عصرنا بالأناشيد الإسلامية مباح بشروط وهي:
أ- ألا يشتمل الغناء على كلمات مخالفة للشرع مثل الغزل الفاحش أو الهجاء.
ب- ألا يكون داعياً إلى معصية أو يدعو إلى مذهب مناقض للإسلام.
جـ- أن يقتصر في ألحانه على الترجيع والتطريب اليسيرين دون ترجيع وتطريب أهل الفسق والمجون، المشتمل على التكسر والتهييج.
د- إلا يكون هناك تشبه بالأغاني المائعة من ناحية أوزانها وألحانها.
هـ- ألا يشتمل الغناء على آلات اللهو المحرّمة.
ويجوز إجراء مسابقات بين المنشدين وتكريم الفائز بجائزة، لما أصبح للأناشيد في زماننا من دور كبير في تذكير الفرد المسلم بأمجاده وتاريخه، وإذكاء روح الجهاد في نفسه، وإشعاره بالمسؤولية تجاه الإسلام والمسلمين.
28 -
رياضة كرة القدم يجوز إجراء السبق فيها إذا كان مجاناً، أما إجراؤه على عوض فلا يجوز، وذلك لأنها ليست من وسائل الإعداد للقتال.
29 -
كل رياضة تقوم على الإيذاء والإيلام فإنه لا يجوز إجراء السبق فيها، سواء كان ذلك بعوض أو بغير عوض، وذلك كرياضة الملاكمة ورياضة مصارعة الثيران.
هذا الذي خلصت إليه من النتائج فإن كان صوابا فمن توفيق الله وحده، وإن كان مجانباً للصواب فمني ومن الشيطان، وأسأل المولى عز وجل أن يتقبل مني هذا العمل ويجعله خالصاً لوجهه الكريم.
والحمد لله رب العالمين