الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كليات الألفاظ في التفسير دراسة نظرية تطبيقية
المؤلف/ المشرف:
بريك بن سعيد القرني
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه ̈الأولى
سنة الطبع:
1426هـ
تصنيف رئيس:
علوم قرآن
تصنيف فرعي:
تفسير - قواعد تفسير وفهم وتدبر كتاب الله
الخاتمة
وبعد: فإني أحمد الله وأشكره أن وفق وأعان على إتمام هذه الرسالة بعد ما عشت مع كتاب الله وتفسيره، وفي رحاب هداياته وأنواره.
وهذه نتائج الرسالة وتوصيات الباحث، بها يتم عقد نظامها ويفوح مسك ختامها:
1 -
أن موضوع الكليات قديم النشأة أصيل الظهور، بدأت بواكيره منذ عهد الصحابة والتابعين، حيث احتفوا بهذه الكليات التفسيرية وأكثروا من ذكرها.
وهذا نتيجة لعلمهم الواسع بمعاني التنزيل، وفهمهم الثاقب لحقائق التأويل، بل ورد في الكليات حديث مرفوع، لو صح لكان أصلا لهذا النوع.
2 -
برز اهتمام السلف الأوائل بكليات الألفاظ ثم علوم القرآن ولم يتضح الاتجاه إلى كليات الأساليب، بل إن هذا كان متأخر الظهور.
3 -
التزام السلف من المفسرين بصيغة محددة غلبت في تعبيرهم عن اصطلاحات القرآن وهي ما صدر بلفظ "كل"، حتى إنه قلما يعبر عن الكلية بصيغة أخرى، بينما تنوعت وتكاثرت الصيغ لدى من جاء إثرهم، وهي مفهومة العبارة واضحة الدلالة على القاعدة الكلية.
4 -
ظل جانب الاستقراء ومعرفة اصطلاحات القرآن في ألفاظه وأساليبه هو السائد عند أهل التفسير وكبار المتأولين، بمعنى أن الجانب التأصيلي والنظري وإظهار هذا النوع نوعا مستقلا من أنواع علوم القرآن ظل غائبا لم يطرق إلى وقت قريب فكان أن ظهرت مباحث مختصرة ضمن دراسات في أصول التفسير من قبل بعض الباحثين، ولا ضير أن يدخر الله للمتأخرين ما لم يكن عند الأولين، فكم ترك الأول للآخر.
5 -
يعد ابن عاشور أول من عقد للكليات عنوانا مستقلا وسماها "عادات القرآن" وأفردها بحديث مختصر، نبه على أهميتها للمفسر، وحقها من الاهتمام والعناية وأورد شيئا من المأثور عن بعض المفسرين ، وضمن كلامه الإشارة إلى أن معرفة مصطلحات القرآن لا يحد بزمن ولا يختص بطائفة، بل هو حق مشترك لمن أعطي فهما وعلما في كتاب الله، وفهم هذا من قوله:"إنه استقرأ بنفسه كثيرا من عادات القرآن في ألفاظه وأساليبه".
6 -
كان مقاتل بن سليمان (ت150هـ) صاحب شأن وريادة في هذا الميدان التفسيري إذ نالت الكليات من اهتمامه جانبا كبيرا وحظا وافرا وتمثل هذا في أمرين:
أ- كثرة إطلاقاته، ووفرة كلياته، وفيما نقل عنه "الملطي" خير شاهد.
ب- إفادة العلماء بعده من كلياته، ونقلهم عنه بعض إطلاقاته وما فعله "ابن فارس" و"رسالته الأفراد" أوضح دليل.
7 -
رسالة "الأفراد" لابن فارس (ت395هـ)، تعتبر أول مؤلف خص الكليات الأغلبية بتصنيف منفرد، وتمثل هذا في جمع وتحصيل ما يقرب من أربع وثلاثين كلية لفظية على نحو مختصر، وهي بحاجة إلى تقص أوثق لمعانيها وأفرادها.
8 -
ظهر مبكرا عند الأوائل بدءا من ابن عباس رضي الله عنهما توظيف الكليات التفسيرية في الاحتجاج للمعاني، والترجيح بين الأقوال، وهي قاعدة ترجيحية اعتمدها المفسرون في تصحيح معنى على معنى عند الخلاف.
والمفسر الشنقيطي هو من قرر هذه القاعدة نظريا حينما عد هذا نوعا من أنواع البيان في مقدمته ..
وهذا التوظيف للكليات أبرز فوائد معرفة الكليات وتحصيلها.
9 -
هناك نوع من الصلة والارتباط بين الكليات الأغلبية والوجوه والنظائر، فمن ينظر إلى الكليات بكون أحد المعاني قد غلب على مواضعه في القرآن بينما خرجت أفراد معدودة عن ذلك المعنى يجعلها من نوع الكليات الأغلبية، ومن ينظر إلى تعدد معانيها المفردة وتنوع تفسيراتها يجعلها من نوع الوجوه والنظائر.
وبهذا يفهم عد الزركشي والسيوطي رسالة "الأفراد" لابن فارس من مؤلفات الوجوه والنظائر، وسردهم لها في آخر نوع الوجوه والنظائر.
10 -
أما الكليات التامة المطردة فهي نوع مستقل مقابل للوجوه والنظائر، وحقه أن يفرد بالبحث والدراسة وأن يبرز كنوع هام من أنواع علوم القرآن.
11 -
أن الكليات التفسيرية وإن كانت قديمة الظهور إلا أنها متجددة لا تنتهي، مستمرة لا تنقطع، فالكشف عن طرائق القرآن وعاداته مجال رحب لكل من وهبه الله علما في كتابه، ومن هنا يعلم صعوبة أن تستقصى، وظن إمكانية أن تحصى بما لا مزيد عليها.
12 -
يمكن أن ينسب علم الكليات إلى علوم القرآن، وإلى التفسير الموضوعي في آن معا.
فبالنظر إلى استقلاليته، وتنوع أقسامه، وثماره وفوائده، فهو من علوم القرآن.
وبالنظر إلى أنها قاعدة استخلصت من استقراء مواردها وتقصي أفرادها وضم النظير إلى نظيره للتقعيد لمعنى أو طريقة قرآنية، أو للتأكد من صحة الكلية وانضباطها فهي من نوع التفسير الموضوعي، أما بالنظر إلى ثمرة الكليات الكبرى وهي توظيف الكليات التفسيرية في الترجيح بين الأقوال والاحتجاج لصحيحها فإن هذا متعلق بأصول التفسير ويبحثه المفسرون في قواعد الترجيح.
13 -
كان لابن القيم – رحمه الله – اليد الطولى والقدح الأعلى في الكشف عن اصطلاحات القرآن وطرائقه المعهودة، فقد أبدع وأمتع في بيان أسرار التنزيل، ولطائف المعاني ودقائق التأويل، وجانب الكليات وعادات القرآن عند ابن القيم وتوظيفها ظاهرة هامة بارزة، تجلى فيها نفس ابن القيم التفسيري البارع، والغريب أن الدراسات حول جهود ابن القيم التفسيرية لم تولي هذه الظاهرة حقها من العناية بل ربما أغفلتها، وهذا الموضوع جدير بأن تكثف حوله الدراسات والرسائل.
14 -
ظهر لي أن كثيرا من المعاني التي يذكرها أهل الوجوه والنظائر بحاجة إلى إعادة نظر، فهناك الكثير من الأقوال الضعيفة، والتكثر من تعداد الوجوه بلا موجب، وتشقيق المعاني، مما يتطلب تحريرا أكثر، ونظرة نقدية لهذه الوجوه.
فلا يكتفى بالمقارنة بين ما ورد في تلك المؤلفات من ألفاظ دون التدقيق في وجوهها، وتحقيق معانيها.
15 -
بما أن هذه الدراسة تكاد تكون الأولى في هذا اللون التفسيري وبهذه المنهجية الاستقرائية النقدية، فإنها تستلزم الإكمال والتتميم في دراسات مماثلة.
وخاصة "كليات الأساليب" وبيان عادات القرآن وطرائقه المعهودة في كثير من القضايا والمعاني.
فهذا ميدان جم الفرائد، غزير الفوائد، ثمين اللطائف، عظيم الأسرار.
16 -
نال كثير من أئمة التفسير عناية الدارسين فخصوهم بدراسات تكشف جهودهم وتبرز مناهجهم وتآليفهم في تفسير القرآن، ولكن بدا أنهم لم يولوا جانب الكليات عند أولئك المفسرين حظا أوفر واهتماما أكبر من شأنه أن يجلي معالم هذا الاتجاه ويسفر عن وجهه، فكان لزاما أن يلتفت لهذه الظاهرة التفسيرية عند أولئك المفسرين، ومن أبرزهم:
الراغب الأصفهاني، ابن عطية، الرازي، ابن القيم، ابن عاشور، الشنقيطي، محمد رشيد رضا.
17 -
ما تم دراسته في هذه الرسالة من الكليات قارب الستين كلية، وبقيت كليات وفيرة قد استخرجتها من بطون التفاسير، وأحصيتها ومحصتها، ووثقتها من مصادرها، وسأضمها جميعا – بمشيئة الله، إن فسح الله لي في الأجل – في معجم كبير للكليات، راجيا أن يكون عملا متمما لهذه الدراسة الأولى في هذا الميدان، ومثريا المكتبة القرآنية بعون الله تعالى.
والله أسأل أن يسدد الخطى، ويبارك في الجهود.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
والحمد لله أولا وآخرا.