الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علاج القرآن الكريم للجريمة
المؤلف/ المشرف:
عبدالله بن محمد الشنقيطي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
مكتبة ابن تيمية - القاهرة ̈الأولى
سنة الطبع:
1413هـ
تصنيف رئيس:
علوم قرآن
تصنيف فرعي:
مشاكل وحلول
خاتمة البحث
وتشمل مقارنة بين الشريعة الإسلامية وبين القوانين الوضعية، ثم بيان شمول القرآن لمصالح البشر بأمثلة منه، ثم توصيات، ونتائج البحث.
أولا: المقارنة بين الشريعة الإسلامية وبين القوانين الوضعية:
تمهيد:
من المعلوم أن القائلين بأن الشريعة الإسلامية لا تصلح للعصر الحاضر - وأن التطور الحضاري والرقي المتمثل في الاكتشافات الحديثة والمهارات الصناعية مما أنتجته المدنية الحديثة من تشطير ذرة وزرع لقلب وصعود للسماء وإيجاد آلات دقيقة تصنع في الغالب ما يصنعه الإنسان مع سرعتها وجودة عملها - لا يبنون رأيهم هذا على دراسة علمية متعمقة ولا على حجج منطقية قائمة على مقدمات يقينية صادقة في الربط بين تلك المقدمات لكون الدراسة العلمية والمنطق يقتضيان الحكم بتفوق الشريعة الإسلامية على القوانين الوضعية في جميع المجالات التي تخدم الأمن والاستقرار وتقليل الإجرام ومكافحته. وفي وضع العقوبة المناسبة لكل جرم وفي مراعاتها لظروف الجريمة والمجرم وفي سموها، ومن تدبر في واصمي الشريعة بالقصور في علاجها للجرائم وفي وضعها للقوانين المسيرة لشؤون الأمة، فإنه يرى الواصم أحد فريقين:
فريق درس القانون ولم يدرس الشريعة الإسلامية قط.
وفريق لم يدرس القانون ولا الشريعة الإسلامية.
وكلا الفريقين ليس أهلا للحكم على الشريعة لجهله أحكامها جهلا مطبقا، والجاهل بالأمر لا يصح حكمه عليه.
وفي الحقيقة أن الجاهلين للشريعة الإسلامية بنوا حكمهم عليها بعدم صلاحيتها للعصر الحاضر بقياس فاسد وليس على دراسة منظمة، لكون الشريعة قديمة، والقوانين الوضعية المستحدثة لا تمت بصلة إلى القوانين الوضعية القديمة، لأن القوانين الحديثة مبنية على نظريات محدثة واعتبارات اجتماعية وإنسانية لم تكن لها وجود في القوانين القديمة.
ويظنون أن الشريعة الإسلامية من جملة تلك القوانين القديمة، فيدمجونها في تلك القوانين زعما منهم أن الجميع سواء ولا يصلح للعصر الحاضر.
وهذا خطأ فاحش ووجه خطئهم أنهم سووا بين شيء من وضع البشر وبين شيء من وضع رب البشر. فهم في قياسهم هذا يقيسون بين أمرين مختلفين تمام الاختلاف.
وبالنظر لنشأة كل من الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية تظهر الفروق جلية بينهما.
وبذلك يتبين عدم صحة القياس بينهما لاشتراط المساواة في القياس بين المقيس والمقيس عليه.
فإذا انعدمت المساواة والتشابه فلا قياس وإن حصل قياس فهو باطل لعدم مشابهة الأصل بالفرع ولعدم وجود علة رابطة بينهما ولاختلاف الحكم.
فتبين بذلك الخلاف بين الشريعة والقانون وبعد تبيين الفروق بينهما أبين ما لكل منهما من ميزات على الآخر وأيهما أكثر حلا للمشاكل. وأعدل في أحكامه وأجمع لمصالح البشر.
أهم الميزات بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي:
الشريعة لم تأت لزمن دون زمن وقد وضعت للاستمرار والدوام وجاءت من عند الله كاملة، أما القانون الوضعي فوضع لا للاستمرار ولا للدوام وإنما وضع لزمن محدد يتغير بعد مدة لكونه وضع حسب حاجة جماعة، لذا ينشأ ضئيلا محدود الفقرات لا يسع إلا قليلا من الأحكام، ثم بعد ذلك يتطور شيئا فشيئا حتى يشمل كثيرا من أحكام الناس، ولكن بعد مدة لابد من تغييره وذلك للأمور التالية:
أولا: كون الجماعة الواضعة له تراعي غالبا في صياغتها للقانون مصالحها الشخصية، فإذا ما تغيرت تلك الجماعة وجاءت بعدها أخرى لابد من تغيير القانون حسب مصلحة الجماعة الجدد وهكذا، بخلاف الشريعة الإسلامية فإنها لم تولد طفلة، وإنما جاءت من عند الله كاملة لا ترى في أحكامها عوجا ولا نقصا، قال الله في حقها:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا} [المائدة: 3]. ولم تأت الشريعة لجماعة دون جماعة أو لدولة دون دولة أو لقوم دون قوم أو للرؤساء دون المرؤسين، وإنما جاءت من عند الله للناس كافة على اختلاف مشاربهم وتباين عاداتهم وتقاليدهم.
ثانيا: ولقصر إدراك الواضعين للقانون تظهر تناقضات في كثير من فقراته ويهمل كثيرا من الأحكام.
والذي تخيله رجال القانون ولم يستطيعوا إدراكه هو الشريعة الإسلامية، وأكبر دليل على ذلك أنك لا ترى حكما فيه نوع من العدالة والمعقولية إلا والشريعة سبقت في الحكم به والدعاء إليه ومن درس نشأة القوانين الوضعية يجدها متأثرة بالشريعة الإسلامية وبالأخص القانون الفرنسي الذي اعتمد فيه واضعه، على تبصرة الحكام لابن فرحون المالكي. وإن كانوا غيروا كثيرا من الأحكام المأخوذة من التبصرة.
ثم إن الجماعة هي التي تلون القانون بأعرافها وتقاليدها وعبادتها أما الشريعة فلم تكن نتيجة لتطور الجماعة وتفاعلها وإنما هي ثابتة، ومن أهم الفوارق بينهما لمن درس القانون والشريعة وتدبر في دراسته:
أ - الكمال: فالشريعة فيها جميع ما من شأنه أن يصلح العالم محببا فيه وموصوفا بأجمل صفاته وفيها جميع ما من شأنه يفسد العالم محذرا منه وموصوفا بأبشع صفاته. أما القوانين الوضعية فهي قاصرة في ذلك كله. وتتشدد في غير محل الشدة وتلين في غير محل اللين.
ب - الدوام: فنصوص الشريعة الإسلامية لا تقبل التغيير ولا التبديل، والأمثلة على ذلك كثيرة: منها نظرية المساواة {إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى} الآية. ((لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى)) الحديث. وقوله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية. إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة المبينة أن الشريعة الإسلامية جاءت للاستمرار والدوام بخلاف القوانين الوضعية.
ج- السمو: فالشريعة في قواعدها ومبادئها أسمى من المجتمع مهما تعلم وتمدن لكون واضعها علمه محيط بكل شيء، وفيها من النظريات ما يكفل لها المستوى اللائق. بخلاف القوانين الوضعية فإنها لم توضع بهذا الشكل.
والآن وقبل الإتيان ببعض الحدود الإسلامية لأبين الحكم في تشريعها وعدل مشرعها، أقول هذا البيت، ووجه الشاهد منه مقارنة الشريعة بالقانون الوضعي:
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل هذا السيف خير من العصا
قد يقول شخص دارس للقوانين الوضعية ومثقف ثقافة عصرية ليست مدعمة بالشريعة الإسلامية: إن استشهادك بهذا البيت ومقارنتك بين الشريعة التي أنزلت قبل أربعة عشر قرنا. وبين قوانين وضعت في عصرنا الحاضر بعد كثير من الرقي والازدهار وبعد تطور العلم وفهم كثير من ظواهر هذا الكون التي كانت تخفي علينا، لهو نوع من الجمود الفكري وعدم وعي لأحداث العصر الحاضر ومتطلباته.
والرد على هذا الاعتراض من أوجه:
- الأمة الإسلامية تحكم بنظام لا دخل لها في شيء من تشريعاته وليس لها إلا السمع والطاعة لكون نظامها منزلا من عند الله وجعل الحكم له وقرنه بالعبادة حيث قال جل وعلا {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} وقال جل وعلا {وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} وقال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَاّ لِلّهِ} وقال جل وعلا: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ} وقال تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ} .
فالذي يحكم بغير ما أنزل الله، إما أن يرى أن غير الإسلام أحسن من الإسلام وهذا كفر بالله تعالى لوصفه قانون الرب بعجزه عن حل مشاكل عبيده.
وإما أنه عاجز عن تطبيق الشريعة وهذه لن تكون خصوصا في حكام دهرنا لكونهم يقتلون كل من خالفهم، فتبين أن إعراضهم ليس لخوفهم من المعارضة، وإنما يخافون لو طبق الإسلام حقا لأخذهم الإسلام بذنوبهم فهم لمعرفتهم بالإسلام لا يستطيعون تطبيقه خوفا على مراكزهم الدنيوية وهذا ذنب عظيم وضعف إيمان حيث يفضلون دنياهم على دينهم وتقويته.
والآن أعرض لك مقارنة بين عقوبة السرقة في الإسلام والقوانين الوضعية، وكذلك عقوبة الزنا، في كل من الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، وأيهما أردع للمجرم وأكثر تمشيا مع العدل والإنصاف، ومع اتجاه العقوبة إلى الجريمة حيث تقطع من قطع وتقتل من قتل .. الخ.
أما السرقة فهي معروفة وقد تقدم في فصل خاص تعريفها وشروط عقوبتها.
ولكن أبين هدي القرآن في ذلك بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} الآية. وذلك أن هذه اليد الخبيثة الخائنة التي خلقها الله لتتصرف وتكتسب في كل ما يرضيه من امتثال أوامره واجتناب نواهيه، والمشاركة في بناء المجتمع الإنساني - مدت أصابعها الخائنة إلى مال الغير لتأخذه بغير حق، واستعملت قوة البطش المودعة فيها في الخيانة والغدر، وأخذ أموال الناس على هذا الوجه القبيح، يد نجسة قذرة ساعية في الإخلال بنظام المجتمع إذ لا نظام له بغير المال، فعاقبها خالقها بالقطع والإزالة، كالعضو الفاسد الذي يجر الداء لسائر البدن، فإنه يزال بالكلية إبقاء على البدن وتطهيرا له من المرض، ولذلك فإن قطع اليد يطهر السارق من دنس ذنب ارتكاب معصية السرقة، مع الردع البالغ بالقطع عن السرقة، وتطهيره بذلك النبي صلى الله عليه وسلم عليه البخاري في صحيحه بقوله:" باب الحدود كفارة " ثم ساق السند إلى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: ((بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا)) وقرأ هذه الآية كلها ((فمن وفي منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا وعوقب به فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء عذبه وإن شاء غفر له)).
وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح: ((فهو كفارة له)) نص صريح في أن الحدود تطهر المرتكبين لها من الذنب.
فإن قيل: أخرج الشيخان في صحيحيهما وأصحاب السنن من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم.
وفي رواية أخرى في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع في ربع دينار فصاعدا.
والأحاديث بمثل هذا كثيرة جدا، مع أنه علم من الشرع أن اليد فيها نصف الدية، ودية الذهب ألف دينار فتكون دية اليد خمسمائة دينار. فكيف تؤخذ في مقابلة ربع دينار، وما وجه العدالة والإنصاف في ذلك.
وكأن روح الإلحاد في بني آدم من قديم: {وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا} ، فالمعري وغيره ممن كان يطعن فيهم كانوا يعترضون على شرع الله تعالى ومن جملة ما ذكر عن أبي العلاء المعري قوله:
يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار
وللعلماء في هذا الاعتراض أجوبة عديدة منها:
أن هذا الاعتراض ملحد كما قدمنا من أن الشرع توقيفي.
ومنها ما رد به القاضي عبد الوهاب:
عز الأمانة أغلاها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
ومن المناسب أن تلك اليد لما احتملت رذيلة السرقة وإطلاق ذلك عليها في شيء حقير كثمن المجن كان من الواضح المعقول أن تؤخذ في ذلك الشيء القليل الذي تحملت فيه هذه الرذيلة الكبرى.
أما القوانين الوضعية فلم تستطع أن تصل إلى هذه العقوبة وهي في عقوبتها على السرقة بين إفراط وتفريط، لذلك لم تستطع مكافحة جريمة السرقة لعدم اتجاه العقوبة وبعدها عن الجريمة.
فجرائم السرقة في البلاد التي هي صانعة المدنية الحديثة لا تكاد تحصى، مع أن هناك دولا أقل رقيا ومع ذلك فقد حققت بعقوبة القطع في جريمة السرقة انعدام وجود تلك الجريمة إلا في النادر.
والمال شقيق النفس وبه قوام الحياة الدنيا فإذا ما تركت أيدي المجرمين تبطش به وتعبث لأصبح آلاف الأيدي عاطلا بدون مأوى وبدون مأكل وبدون مشرب، فرحمة بأولئك جعل على تلك الأيدي المحاولة شل حركة آلاف الأيدي القطع بشروط مخصوصة في المال والمجرم - وتطهيرا له من أدناس ذلك الذنب العظيم.
فظهر بذلك أن القطع في السرقة عقوبة ليست مجحفة، والله بين ذلك في كتابه العزيز بعد أمرنا بالقطع في السرقة، فقال:{جَزَاء بِمَا كَسَبَا} أي هذا القطع هو الذي يناسب ذلك الجرم الذي هو السرقة.
وليس بعد بيان الله من بيان: {أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ} {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} الآية.
وبعد الكلام على عقوبة السرقة وتبيين كونها مناسبة لجرم صاحبها، أنتقل إلى عقوبة الزنا.
والزاني إما أن يكون بكرا أو ثيبا ولكل عقوبته المناسبة لجرمه وقد قدمنا ذلك في الفصل الأول من الباب الثاني فلا داعي لتفصيله هنا. وإنما المقصود هو تبيين اعتراض الملحدين على هذه العقوبة ورده.
فالملحدون يقولون: إن القتل بالرجم وحشي لا يناسب الحكمة التشريعية ولا ينبغي أن يكون مثله في الأنظمة التي يعامل بها الإنسان، وذلك لقصور إدراكهم عن فهم حكمه البالغة في تشريعه جل وعلا.
لكون الرجم عقوبة سماوية معقولة المعنى لأن الزاني حين ما يعمل جريمته يكون بذلك ارتكب أكبر جريمة عرفتها الإنسان، بهتك الأعراض وتقذير الحرمات والسعي في ضياع أنساب المجتمع بأسره، ومن كان كذلك نجس قذر لا يصلح للمصاحبة، فعاقبه خالقه الحكيم الخبير بالقتل لدفع شره البالغ غاية الخبث والخسة وشر أمثاله عن المجتمع وتطهيره من تلك القاذورة التي ارتكبها.
وجعل جل وعلا قتله أفظع قتل، لأن جريمته أفظع جريمة، والجزاء من جنس العمل.
وتشريع الحكيم الخبير جل وعلا اشتمل على جميع الحكم من درء المفاسد وجلب المصالح والجري على محاسن العادات، ولا شك أن من أقوم الطرق وأعدلها معاقبة فظيع الجناية بعظيم العقاب جزاء وفاقا.
بخلاف القوانين الوضعية فإنها لم تراع هذه القاعدة بل أهملتها في كثير من الجرائم تأثيرا لرغبات المجتمع الفاسد، وتحقيقا لشهواته.
لذلك لا يعتبرون الزنا جريمة في حد ذاته، إلا إن حصل بغير رضا أحد الطرفين أو في بيت الزوج مثلا، وإن اعتبرته بعض القوانين الوضعية جريمة فلا يعاقبون عليها معاقبة تردع، وعدم الجزم من القوانين في مثل هذه الجرائم سبب للعالم كثيرا من الويلات والدمار من تفكك أسر وضياع شعب وتفشي الأمراض الجنسية يعلمها كل من درى عن تلك البلاد، حتى إنه في إحدى الدول الأوربية سوق لبيع اللقطاء، فيأتي الرجل أو المرأة فتشتري منه ما تشاء من الأطفال كأنه سوق غنم.
تلك نتائج المدنية الحديثة التي لم تأخذ بنظام السماء.
فالحاصل أن الشريعة الإسلامية وهي من قبل أربعة عشر قرنا لم تكن فيها ما يناقض العقل السليم والأصلح للأمة، ولم يكن في القوانين الوضعية فكرة إصلاح أو تقعيد قاعدة ذات شأن في رقي المجتمع إلا والشريعة سبقت لذلك.
والمشاهدة دليلنا، ولكن الأيدي الخائنة جادة في إبعاد المسلمين عن الإسلام لخطورة ذلك على الأعداء. وهو تمسك المسلمين بدينهم، فلو تمسكوا بنظام القرآن في جناياتهم لعمهم الأمن والرخاء ولسادوا العالم أجمع.
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
ومع الأسف إنا كما قال الشاعر:
كفي حزنا أن لا مهاة لعيشنا ولا عمل يرضى به الله صالح
والآن أوان الشروع في تبيين كون القرآن شاملا لمصالح البشر.
وذلك لكون المصالح التي عليها مدار الشرائع ثلاثة:
الأول: درء المفاسد المعروف عند الأصوليين بالضروريات.
الثاني: جلب المصالح المعروفة عند أهل الأصول بالحاجيات.
الثالث: الجري على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات المعروف عند أهل الأصول التحسينيات والتتميميات.
وكل هذه الأمور الثلاثة هدى فيها القرآن العظيم للطريق التي هي أقوم الطرق
…
فالأولى من المصالح: هي المحافظة على الجواهر الستة التي هي الدين والنفس والعقل والعرض والنسب والمال.
فجعل من بدل دينه يقتل ومن قتل يقتل ومن تعرض للعقل بإزالته يحد أو ببعض منه بقدره وعلى النسب والعرض الحد المناسب وعلى السرقة كذلك وكل في الآيات.
والثانية وهي جلب المصالح: كقوله تعالى: {فَإذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} . وقال تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ} . وقال جل وعلا: {إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} .
ولأجل هذا جاء الشرع الكريم بإباحة المصالح المتبادلة بين أفراد المجتمع على الوجه المشروع ليستجلب كل مصلحته من الآخر، كالبيوع والإيجارات والمساقاة والمضاربة ونحو ذلك.
والثالثة الجري على مكارم الأخلاق: قالت عائشة رضي الله عنها: أن خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن. وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} يدل مجموع الآية وحديث عائشة أن المتصف بما في القرآن يكون في خلق عظيم وذلك لعظم ما في القرآن من مكارم الأخلاق، فمن ذلك قوله تعالى:{وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} الآية.
والله جل وعلا قال في سورة النحل: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} وقوله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} على أنه القرآن لا اللوح المحفوظ.
فالقرآن العظيم اشتمل على جميع أنواع العلوم ونبه على عجائب المخلوقات وملكوت السماوات وما قبل خلق البشر وما بعده وقصص الرسل وأممهم ودخول الجنة والنار وما فيهما، ومراحل الإنسان وأطواره، ولو تتبعنا ذلك بالتفصيل لوجدنا كل شيء مبينا في القرآن بنوع من أنواع البيان المعروفة.
وذلك إما بالنص أو بالإيماء والتنبيه أو بالمهفوم أو بغير ذلك من أنواع البيان التي تضمنها كتابه والسنة النبوية كلها دخلت في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} والحلال كله دخل في قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} . والحرام كله دخل في قوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} .
وعلى كل حال فالقرآن العظيم أمر المسلم بكل خير ونهاه عن كل شر فعلمه كيف يعامل أمه وأباه وكيف يعامل أعداءه وكيف يبيع ويشتري وكيف يكون الإنفاق وكيفية الأكل والشرب والتوسط في ذلك حتى أنه علمه كيف يمشي في الطريق وعلمه الصدق والشجاعة وكيف تنظم الجيوش وكيف المعاملة مع الرب جل وعلا. وكيف تكون المحاورة والإقناع وطرق ذلك بأحسن ما يكون.
قال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} ثم أتبع حق الله بحق الوالدين لأنهما السبب بعد الله في إيجاده. ثم قال: {وَالَّذِينَ إذا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} . وقال تعالى: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلَا تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} . وقال في حق معاملة الأعداء: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإذا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} . وقال تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} . وبين أن خطره على الأمة جمعاء، وأذن بالحرب لمتعاطيه فقال تعالى:{فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ} الآية. أي ترك الربا، وقال في حق المسلم {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ثم علل لذلك بقوله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً وَلَا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} الآية. إلى غير ذلك من الآيات المبينة لكل ما يصلح المجتمع ويدعو لرقيه في الدنيا والآخرة.
وعلمنا أن الإقناع بالأدلة الواضحة والبراهين الساطعة لا بالقوة والقهر. قال تعالى: {اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ} ثم بين أنه المعبود هو وحده المستحق للعبادة بالأوصاف التي وصف بها نفسه بعدها، علما بأن هذا الأمر أول أمر في القرآن الكريم، وأتبع ذلك الأمر بعد البراهين الساطعة على ألوهيته بالنهي عن الإشراك به، وأتى بين هذين الإنشاءين أعني الأمر والنهي بالبراهين الدالة على قدرته. ثم قال جل وعلا {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا} الآية. أي إن كنتم مكذبين فيما جئتكم به على لسان نبيي فأتوا بمثله، ولم يقل: لهم إن لم تؤمنوا به فأقتلكم أو فأعذبكم بكذا، ولكن قال جل وعلا: فإن عجزتم عن الإتيان بمثله مع فصاحتكم وبلاغتكم وقدرتكم على التفنن في جميع الأساليب فأنتم ملوك ذلك.
فاعلموا أن الأمر ليس كما زعمتم وأنه من عند خالق هذا الكون وقد أوعد المكذب بالنار فاتقوا النار وصدقوا بهذا القرآن والنبي الكريم فلم يبق لكم عذر بعد هذا.
إن في طريقة القرآن هذه لسمواً لا يفهمه إلا الذين لهم أذواق سليمة وثقافة عالية. فالقرآن دائما يخاطب أصحاب العقول النيرة والأبصار النافذة والأذواق الرفيعة. لكونه جاء من عند من أحاط علمه بكل شيء ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين. تعالى الله علوا كبيرا، فالقرآن أمره عجيب!.
ومما يدل على شمول القرآن رده في سورة الرعد على الطبائعيين أو أصحاب نظرية داروين وغيرهم ممن ينكرون أن يكون للعالم فاعل مختار، والله جل وعلا في هذه السورة يقطع عليهم جميع الطرق والأدلة التي يحتجون بها حتى يتركهم في موضع المعاند.
اعلموا أن البستان الواحد الذي حفرت فيه بئر واحدة وسقيت أشجار تلك البستان من ماء البئر المحفورة فيه تكون ثماره مختلفة في الطعم واللون فبعضها حلو لذيذ الطعم وبعضها مر خبيث الطعم لا يذاق وبعضها ثمره أحمر وبعضها ثمره أصفر.
وخوفا من أن يقول أولئك النافون: إن تلك الأرض بعضها غني بالمواد العضوية وبعضها فقير منها أو يقولوا: إن في بعض التربة ملوحة وفي بعضها الآخر عدم ملوحة، بين أن الأرض مع اختلاف الثمار واحدة.
وكذلك بين أن الماء المسقي هذا البستان به ماء واحد حتى لا يقال: إن العلة في جودة بعض الثمار عن بعض عائدة إلى اختلاف ماء السقي.
قال تعالى مبينا ذلك ومعلمنا أن ذلك دلالة واضحة للعقلاء خاصة.
{وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} . لاحظ أنه قال: متجاورات خوفا من التفريق في التربة وقال: يسقى بماء واحد خوفا أيضا من التفريق في الماء. فبين أن ذلك من قدرة الخالق وحده لا شريك له وأنه دلالة على قدرة الله لقوم يعقلون الأدلة، وأن هذا العالم لم يخلق صدفة وإنما له خالق مختار هو الذي سير أمره.
وكذلك إخباره جل وعلا في أول سورة الروم، بعد ذكر الروم وفارس أن بعض الناس سيصلون إلى علم بظواهر الحياة الدنيا، ومن الغريب في ذلك أن الزمخشري في كتابه الكشاف أعرب هذا العلم بدلا من منفي فقال: لكونه علم تعلقه بظواهر الحياة الدنيا فهو كالعلم.
ولو نظرنا في الاكتشافات الحديثة كلها لوجدناها تتبعا لظواهر الحياة الدنيا، ولا تعدو ذلك. أما ما وراء ظواهر الحياة الدنيا فلا علم لهم به ولذلك كان علمهم بدلا من منفي قال تعالى:{الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} فيعلمون الأخيرة بدل من لا يعلمون.
وهذا الإعراب في غاية الجودة والدقة عندي لما فيه من البلاغة.
وأكتفي بهذا القدر وأنتقل إلى توصيات عامة.
" التوصيات التي لاحت لي أثناء بحثي كثيرة جدا "
" وأقتصر من تلك التوصيات على ثلاث "
الأولى: تقوى الله تعالى ومراقبته فإن ذلك أساس النجاح والفلاح للأمة والأفراد، قال تعالى:{يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} وقال تعالى {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} وقال تعالى {وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} فبالتقوى تصلح الأمة وتزدهر بها شعوبها. وحقيقتها أن لا ترى حيث نهيت ولا تتخلف حيث أمرت.
الثانية: الوحدة، فالوحدة هي التي بها تتكون الأمة وتقوى والمشاهدة في ذلك دليلنا فكم من دويلات صغيرة ضعيفة أصبحت دولة تهز العالم بأسره لاتحادها واجتماع كلمتها. والولايات المتحدة ليست ببعيدة عنا، فأصبحت بالاتحاد دولة من أقوى دول العالم. ودويلات أمريكا الوسطى في غاية الضعف والخذلان لعدم اتحادها، مع أن القارة واحدة والمناخ واحد، ولكن بالوحدة قويت تلك وبالتفرقة ضعفت تلك. قال تعالى:{وَأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} . وقال تعالى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ} الآية. فتبين أن بالنزاع الفشل وذهاب القوة وبالوحدة القوة والرقي والازدهار.
الثالثة: الحذر من الابتعاث للدول الخارجية غير الإسلامية بحيث لا يترك طالب يذهب لإكمال دراسته هناك إلا بعد التأكد من فهمه للدين الإسلامي وتسليحه بالعلم الشرعي بحيث إن لم يدخل أفرادا من تلك الدول في الإسلام يبقى على الأقل متمسكا بدينه.
أما إرسال من ليست عندهم حصانة علمية ولا معرفة بالدين للخارج فهو ضياع لدينهم لكون تلك الثقافة مملوءة بالسموم المميتة للروح الإسلامية وتعاليمها.
فالحذر الحذر من إرسال الشباب غير المتعلمين للدين إلى الخارج. فإن هذا في غاية الخطورة.
وقد خلصت من خلال بحثي إلى أمور أهمها ما يأتي:
أولا: كون الجريمة: هي المعصية عند الفقهاء وأما القانون الوضعي فالجريمة فيه هي أيضا مخالفة القانون.
وأما القرآن فالجريمة فيه أكثر من ما تطلق على الكفر وقد وردت لمجرد الذنب أيضا، فالاتفاق حاصل في تعريف الجريمة، إلا أن القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية مختلفان فيما يسمى جريمة وما لا يسمى جريمة.
ثانيا: كون المسلم لا يقتل بالكافر قودا لوجود النصوص بذلك.
ثالثا: عدم وجود أدلة صريحة في القود بين الأحرار والعبيد وبعد بحث خلصت إلى عدم القود بينهما.
رابعا: عدم القود من السكران فيما جنى حال سكره شريطة كونه فاقد العقل بالكلية.
خامسا: عدم قتل الوالد بولده إلا في حالة لا تحتمل أي لبس بأن يذبحه.
سادسا: عدم الجمع بين الجلد والرجم والاكتفاء بالرجم فقط للثيب الزاني.
سابعا: عدم قبول شهادة القاذف مطلقا ولو تاب بالقرآن الكريم.
ثامنا: كون حد الخمر أربعين فقط لثبوت الضرب عن الرسول صلى الله عليه وسلم وتحديد أبي بكر لذلك.
تاسعا: عدم القتل بالتعزير مطلقا مهما كانت الجريمة.
عاشرا: عدم جواز التعزير لغير المعاصي وتسمية ذلك أدبا لكون التعزير لا يطلق إلا على عقوبة معصية.
الحادي عشر: كون الضرب في التعزير لا يزاد فيه على عشرة أسواط.
وفي الختام أسأل الله جل وعلا أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم وأن يكون مرضيا، وأطلب من الله أن يعلمني ما جهلت ويرزقني العمل بما علمت، ومن رأى خطأ في هذا البحث فإني شاكر له أن يبين لي ذلك الخطأ لأتداركه. وعلى كل حال فلا يخلو بحث ولا كتاب من أخطاء مهما كانت جودة الكاتب. قال تعالى:{وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلَاّ قَلِيلاً} وقال تعالى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.