الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العقوبات في الإسلام
التمهيد: أنواع العقوبات:
أنزل الله دينه ليكون منهج حياة، وكل دين أنزله الله فهو منهج حياة لمن أنزل إليهم، ورفض البشر لدين الله يستوجب العقاب، والعقاب للذين يرفضون هذا الدين، أو يتمردون على بعض أحكامه أنواع ثلاثة:
1 -
عقاب إلهي أخروي: يبدأ هذا العقاب في البرزح، ثم يكون في المحشر، ويبلغ مداه عندما يدخل أهل النار النار، وقد حدثنا ربنا طويلًا، عن الجزاء الأليم الذي يستحقه الكفار في الآخرة:
{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41)} [سورة سورةالواقعة: 41]{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56)} [سورة الواقعة: 41 - 56].
وقد يكون هذا العقاب جزئيًّا وهذا لمرتكبي المعاصي من الموحدين، فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الذي لا يستتر من بوله يعذب في قبره، وحدثنا ربنا أن {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [سورة النساء: 10].
والآيات في ذلك كثيرة.
2 -
عقاب إلهي دنيوي: ومن تتبع آيات الكتاب علم يقينا أن التمرد على دين الله يجلب غضب الله وعذابه في الدنيا قبل الآخرة، وقد عرض القرآن لنا مصارع الأُمم المكذبة الغابرة {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [سورة الأعراف: 4].
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَويٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52)} [سورة الأنفال: 52].
وقد أخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن الله رفع عن هذه الأمة عذاب الاستئصال الكلي العام الذي يأخذ الأمَّة كلها، ولكنه لم يرفع العذاب الدنيوي الجزئي، فكما هو مشاهد أنه في كل عصر وجيل يصاب بعض المسلمين بالزلازل والصواعق والأوبة، بسبب ذنوبهم {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيدِيكُمْ} [سورة الشورى: 30].
3 -
عقاب أمر الله أولي الأمر في الدولة الإسلامية بإيقاعه على المجرمين: وهذا النوع هو الذي قَصَر فقهاء الإسلام نظرهم عليه، وبحثوه في مؤلفاتهم، وسموه العقوبات أو الجنايات وقد تبين للفقهاء أن العقوبات التي شرعها الإسلام في هذا الباب نوعان:
عقوبات مقدرة.
وعقوبات غير مقدرة.
والعقوبات المقدرة قسمان:
قسم لا يجوز إسقاط العقوبة فيه يحال إذا رفعت إلى الحاكم، لا من قبل الحاكم، ولا من قبل المجني عليه، وهذه هي جرائم الحدود، وهي جرائم الزنا، والقذف، والسرقة والحرابة، وشرب الخمر، والردة.
وقسم يجوز إسقاط عقوبته المحددة، وهذه هي جرائم القصاص، والأمر متروك للمجني عليه أو ولي أمره - في إقامة الحد أو العفو، فإذا أصر من له حق القصاص على إقامة الحد، فليس للحاكم إلا تحقيق مراده.
أما العقوبات غير المقدرة، فهي العقوبات التي فوض الشارع أمرها إلى القاضي أو الحاكم، حيث يقضي كل قاض فيها بما يراه مناسبًا، ذلك أن جرائم هذا النوع تختلف من شخص إلى آخر، ومن زمان إلى زمان.
وسنعقد لبيان كل واحد من العقوبات الثلاث فصلًا.