الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث توحيد الأسماء والصفات
الإيمان الصادق هو الذي يقوم على المعرفة التامّة بالله تبارك وتعالى، وطريق ذلك الإيمان بما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم فمعرفة صفاته والتأمل في معانيها وإثبات الأسماء الدالة عليها - كل ذلك يعمق الإيمان بالله ويؤكده ويثبته، وقد أخبرنا ربنا بأن له الأسماء الحسنى، وأمرنا أن ندعوه بها {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180].
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على إحصائها "إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة"(1) والمراد بالإحصاء، حفظها، وفقه معانيها، والعمل بمقتضاها.
مذاهب الفرق في الأسماء والصفات
والناظر في عقائد الفرق الإسلامية يجد أن كثيرًا منهم قد انحرفوا في هذا الباب، وقد اتخذ الانحراف مسارين:
الأول: تشبيه صفات الخالق بصفات الخلوق، فقالوا إن لله صفات كصفات البشر، فيده كأيديهم، ووجهه كوجوههم، وسمعه كأسماعهم، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، وهؤلاء يضاهئون قول الضالين من اليهود والنصارى والأمم المشركة الذين صوروا الإله بشرًا ينام ويتعب ويتزوج ويلعب
…
وهذا النهج مرفوض من الفرق الإسلامية، ولم يسلكه إلا عدد قليل من الذين طمست بصائرهم.
الثاني: تجريد الحق عمّا ينبغي له من الصفات، وهو الذي يسميه علماؤنا تعطيل الله عن صفاته، وقد وقع في هذا كثير من المنتسبين إلى الإسلام، وهو منهج قديم
(1) رواه البخاري ومسلم.
أيضًا، ضلت فيه الأمم، وهم يعللون نهجهم هذا تعليلًا حسنًا، فيقولون نحن نريد تنزيه الحق تبارك وتعالى عن صفات الخلق، وهذا أمر مقبول ومطلوب، ولكن ليس طريقه أن ننفي صفات الكمال والجلال التي أثبتها لنفسه خوفًا من الوقوع في التشبيه، وللفرق الإسلامية في هذا المجال اتجاهات:
أ - الجهمية: وهم أتباع الجهم بن صفوان، وهؤلاء غلوا غلوًا عظيمًا في التجريد، فنفوا أسماء الله، ونفوا ما دلت عليه من المعاني، وهم في ذلك يزعمون أنهم ينزهون الله ويوحدونه، وقد كذبوا الله في قوله، فقد أثبت الحق تبارك وتعالى لنفسه الأسماء والصفات، ثم إنهم وقعوا في الأمر الذي منه فروا وهو التشبيه، فقد شبهوا الله بالمعدومات، لأنهم يقولون: الله لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم وليس داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق، ولا تحت، ومن هذا حاله، وتلك صفاته لا يكون موجودا بل معدوما، ولذلك قال العلماء: المشبه يعبد صنمًا، والمعطل -أي النافي للأسماء والصفات- يعبد عدمًا.
2 -
المعتزلة: وهم أتباع واصل بن عطاء، وكان من تلاميذ الحسن البصري، ثمَّ خالفه فيما ذهب إليه، واعتزل مجلسه، فقال الحسن: اعتزلنا واصل، فسمى وأصحابه بالمعتزلة، وسميت الأصول والقواعد التي تبناها بالمنهج المعتزلي.
وهؤلاء أثبتوا أسماء الله ونفوا الصفات، فقالوا: رحمن بلا رحمة، سميع بلا سمع، قدير بلا قدرة.
3 -
الأشاعرة، وهؤلاء أثبتوا من الصفات سبعًا ونفوا ما عداها، والصفات السبع هي: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام.