الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإنساني أن يدرك كيفيته، وما دمنا نؤمن بالله ولا ندري كيف هو، ونؤمن بصفاته ولا ندرك كيفيتها، كذلك القدر نؤمن به ولا نعلم كَيفيته، والذين عقَّدوا الإيمان بالقدر هم الذين خاضوا في كيفية القدر، فجعلوا الإيمان به عويصًا، نحن نؤمن أنه لا يقع في كون الله شيء إلا بقدر الله، وأن أفعال العباد مخلوقة لله تبارك وتعالى، أمّا كيف يكون ذلك كله بقدر الله فنسلم به، ولا نخوض فيه.
وقد ضل في القدر طائفتان، طائفة زعمت أن العبد مجبر على عمله وليس له فيه إرادة ولا قدرة، والثانية الذين قالوا إن العبد مستقل بعمله في الإرادة والقدرة وليس لمشيئة الله وقدرته فيه أثر.
ومن نظر في النصوص علم أن العبد له في عمله إرادة وقدرة ولكنها لا تخرج عن مشيئة الله وقدرته.
الأصول التي يقوم عليها الإيمان بالقضاء والقدر:
هناك عدة أصول يقررها علماء السلف في هذا الموضوع:
1 -
أن علم الله الأزلي محيط بالأشياء قبل حدوثها، فالله -جلَّ وعلا- بكل شيء عليم، وهو يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وقد كتب في اللوح المحفوظ كل شيء.
2 -
أن الله خالق كل شيء، ومن جملة ذلك أفعال العباد، فالله خلق الناس وما يعملون، وخلق الله للأشياء يتم وفق ما قدره الله لها، فالله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.
3 -
لا يقع في ملك الله إلّا ما يشاء، فمشيئة الله محيطة بالخلائق، ومن جملة
ذلك الهداية والضلال، والإيمان والكفر، فلا يمكن أن يقع أمر في هذا الكون إذا لم يرده الباري عز وجل.
4 -
لا يجوز لأحد أن يناقش الله في قضائه وحكمه تبارك وتعالى {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23].
ذلك أن الله تبارك وتعالى هو الحكيم الخبير العليم الملك المطاع.
5 -
لا يجوز لأحد أن يحتج بالقدر في مواجهة الأمر الشرعي الديني، فالقدر مستور عن العباد، وقد كلفهم رب العزة بما تضمنه الوحي المنزل، وعليهم الاستقامة وفق ما شرع لهم، ولا يجوز لهم التمرد على شرع الله محتجين بالقدر.
6 -
وبناء على الأصل السابق فإن كل إنسان مسؤول عن تصرفاته وأعماله، ولذلك شرع الإسلام العقوبات في الدنيا، وأنذر المجرمين بالعذاب الأليم في الآخرة.
7 -
والله في ذلك كله تبارك وتعالى عادل، ولا يجوز أن ينسب إليه الظلم، عادل في تقديره، وعادل في أمره ونهيه.
8 -
مباشرة الأسباب من القدر، فالله قدَّر أن يكون حرث وزرع وحصاد، وقدَّر أن يأتي الولد بالنكاح، وأن يكون الري بشرب الماء، وأن يكون الدواء سببًا في الشفاء، فلا يجوز إهمال الأسباب احتجاجًا بالقدر، وقد فقه هذا الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأعدوا العدة للحرب والقتال، وفكروا ودبروا، وخططوا.