الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاءَت الأحاديث النبوية موافقة للنصوص القرآنية، فقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله، فجعل الصلاة على وقتها في المرتبة الأولى، وبر الوالدين في المرتبة الثانية، والجهاد في سبيل الله في المرتبة الثالثة (1)، وعد عظائم الذنوب، فجعل عقوق الوالدين أحدها، "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قبنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين،
…
وقول الزور (2) "فإذا تعارض حق الوالدين وحق الله، بأن كان الأب مشركًا، يأمر ولده بالكفر، أو كان مسلمًا يأمر ولده بالمعصية، فلا طاعة للوالد، وحق الله أعظم، ودعوتهما إلى الشرك والمعصية لا تمنع برهما بالمصاحبة الحسنة في الدنيا {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 15].
المبحَث الثاني صلة الأرحَام
الأرحام: الأقارب، وهم من بينه وبين الآخر نسب، سواء كان يرثه أم لا، سواء كان ذا محرم أم لا (3) وقد حذرنا الله من قطيعة الرحم، فقال {اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا
(1) الحديث في صحيح البخاري، انظر فتح الباري: 10/ 400.
(2)
صحيح البخاري: فتح الباري: 10/ 405.
(3)
فتح الباري: 10/ 414.
اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها، ومن النصوص الآمرة بصلة ذوي القربى، قوله تعالى:{وَبِالْوَالِدَينِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى} [البقرة: 83].
{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75].
وقد يظن كثير من الناس أن صلة الرحم تذهب الأوقات والأموال، فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الأمر على خلاف ما يظنون، ففي الحديث الذي يرويه أنس بن مالك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه (1) "، وفي الحديث أن الله قال للرحم:"أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك قالت: بلى يا رب، قال فهو لك (2) "، وفي الحديث الآخر "إن الرحم شُجْنَة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته" ومن قطعك قطعته (3) ".
وتكون صلة الرحم بالتوادد والتناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة، والإنفاق على القريب، وتفقد أحوال الأقارب، والتغافل عن زلاتهم، والدعاء لهم، والمعنى الجامع: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارًا أو فجارًا، فيوصلون إذا كانت صلتهم تقربهم إلى
(1) صحيح البخاري، انظر فتح الباري: 10/ 415.
(2)
صحيح البخاري، فتح الباري: 10/ 417.
(3)
صحيح البخاري، فتح الباري: 10/ 417.