المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مدى انتشار الجرائم في هذا العصر - نحو ثقافة إسلامية أصيلة

[عمر سليمان الأشقر]

فهرس الكتاب

- ‌بين يدي الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول مفهوم الثقافة

- ‌المبحث الأول: تعريف الثقافة عند إطلاقها وعند إضافتها

- ‌ تعريف الثقافة عند إطلاقها

- ‌تعريف الثقافة عند إضافتها للأمّة:

- ‌الثقافة الصالحة والثقافات الجاهلية:

- ‌المبحث الثاني الفرق بين العلم والثقافة وأثر هذا الفرق

- ‌المبحث الثالث الفرق بين الثقافة والحضارة

- ‌المبحث الرابع موضوع الثقافة الإسلامية

- ‌الفصل الثاني أصول الثقافة الإسلامية

- ‌الفصل الثالث الثقافة الإسلامية بين الأصالة والانحراف

- ‌المبحث الأول أهم معالم الثقافة الإسلامية الأصيلة

- ‌المبحث الثاني انحراف مسار الثقافة الإسلامية

- ‌آثار هذه الانحرافات

- ‌الفصل الرابع خصائص الثقافة الإسلامية

- ‌الفصل الخامس الصراع بين الثقافة الإسلامية والثقافات الجاهلية

- ‌المبحث الأول نظرة في ثقافة الغرب

- ‌المبحث الثاني مدى عداء الغرب للإسلام

- ‌المبحث الثالث الغزو الفكري والثقافي الغربي: أهدافه ووسائله

- ‌وسائل الغزو الفكري والثقافي

- ‌المبحث الرابع في مواجهة الثقافة الغربية

- ‌المؤلفات في الغزو الفكري والثقافي

- ‌المبحث الخامس التحصين الثقافي

- ‌المبحث السادس إلى أي مدى غير الإسلام ثقافات الأمم

- ‌الفصل السادس المؤلفات في الثقافة الإسلامية

- ‌الفصل السابع عناوين الدين الإسلامي ومراتبه

- ‌أولًا: عناوين الدين: الإسلام، الإيمان، الملة، الشريعة:

- ‌ثانيا: مراتب الدين: الإسلام، الإيمان، الإحسان:

- ‌الباب الأول العقيدة الإسلامية

- ‌الفصل الأول مدخل إلى دراسة العقيدة

- ‌المبحث الأول أهمية العقيدة

- ‌المبحث الثاني المناهج في إثبات العقائد

- ‌المبحث الثالث ملاحظات مهمة في المسائل الإعتقادية

- ‌الفصل الثاني العقيدة في الله

- ‌تمهيد: موضوعات العقائد:

- ‌المبحث الأول توحيد الربوبية

- ‌المبحث الثاني توحيد الألوهية

- ‌المبحث الثالث توحيد الأسماء والصفات

- ‌مذاهب الفرق في الأسماء والصفات

- ‌مذهب السلف الصالح

- ‌الإمام مالك يوضح المنهج السلفي

- ‌المبحث الرابع الأدلة عَلى وجود الحق تبارك وتعالى

- ‌عالم فلكي تذهله حقائق الكون وحقائق القرآن

- ‌المَبحث الخامس شبهات حول إثبات وجود الله تبارك وتعالى

- ‌الفصل الثالث الملائكة والجن

- ‌الفصل الرابع الكتب السّماوية

- ‌الفصل الخامس الأنبياء والرسل

- ‌المَبحَث الأول منزلة الأنبياء والرسل

- ‌المبَحَث الثاني وظائف الرسل

- ‌المبحث الثالث أدلَّة صدق الرسُول

- ‌إعجاز القرآن:

- ‌القرآن نمط جديد من الإعجاز:

- ‌جوانب الإعجاز القرآني:

- ‌الإعجاز العلمي في القرآن

- ‌قسيس نصراني يستخدم النصوص العلمية في التوراة لدعوة الشيوعيين إلى النصرانية:

- ‌نماذج من الإعجاز العلمي في كتاب الله

- ‌الفصل السادس اليَوم الآخِر

- ‌الأدلة على البعث والمعاد:

- ‌الفَصل السَابع القضَاء وَالقدَر

- ‌الأصول التي يقوم عليها الإيمان بالقضاء والقدر:

- ‌الفَصل الثامن أثر الإيمَان في الفَرد وَالمُجتمع

- ‌الفصل التَاسع المؤلفات في العقيدَة

- ‌البَاب الثَّاني الآداب الشرعيَّة وَمكارم الأخلاق

- ‌الفَصل الأول الآداب الشرعية

- ‌المَبحَث الأول برُّ الوالدين

- ‌المبحَث الثاني صلة الأرحَام

- ‌المَبحث الثالث الإحسَان إلى الجَار

- ‌المَبحث الرابع الإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السَبِيل

- ‌المبحث الخامس النهي عن السخرية والظن والتجسس والغيبة

- ‌المبحَث السادس جملة من الآداب الشرعية

- ‌الفصل الثاني مكارم الأخلاق

- ‌تمهيد: تعريف الخلق لغة واصطلاحا:

- ‌المبحث الأول دعوة الشريعة الإسلامية إلى مكارم الأخلاق

- ‌المبحث الثاني المجاهدة في إصلاح الأخلاق وتقويمها

- ‌المَبحث الثالث أصول الأخلاق الكريمة

- ‌المبحث الرابع نماذج من الأخلاق المأمور بها أو المنهي عنها

- ‌الفصل الثالث المؤلفات في الأخلاق

- ‌البَاب الثالث الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي

- ‌الفصل الأول تعريف الفقه

- ‌أقسام موضوعات الفقه الإسلامي

- ‌الفرق بين الشريعة والفقه

- ‌مسار الفقه عبر القرون

- ‌الفصل الثاني الأسس التي بنيت عليها الشريعة الإسلامية

- ‌أولًا: اليسر ورفع الحرج:

- ‌ثانيا: العدل

- ‌ثالثا: حفظ مصالح العباد

- ‌رابعا: التدرج في التشريع حين تنزل التشريع:

- ‌الفصل الثالث المؤلفات في الفقه

- ‌الفصل الرابع مصادر الأحكام الشرعية

- ‌تمهيد: في التعريف بعلم أصول الفقه:

- ‌المبحث الأول القرآن الكريم

- ‌أولًا: القرآن كلام الله:

- ‌ثانيا: نزول القرآن:

- ‌القرآن عربي اللفظ:

- ‌ثالثا: تواتر القرآن:

- ‌الحديث القدسي والقرآن

- ‌المبحَث الثاني السنة النبوية

- ‌منزلة السنة من القرآن

- ‌حجية السنة

- ‌أقسام السنة من حيث الإسناد

- ‌المَبحث الثالث الإجماع

- ‌الإجماع عند الأصوليين:

- ‌المبحث الرابع القياس

- ‌مواقف الفقهاء من القياس

- ‌المَبحث الخامس الاستحسان

- ‌المبحث السادس الاستصحاب

- ‌المَبحَث السَابع المصَالح المرسَلة

- ‌المَبحَث الثامن العُرف

- ‌المَبحث التَاسع شرع مَن قبلنَا

- ‌المَبحَث العَاشر مَذهَب الصحابي

- ‌المبحَث الحَادي عَشَر نصوص الكتاب والسنة هي الأقوى

- ‌طريقة السلف في تناول الأحكام

- ‌المبحَث الثَّاني عَشَر المؤلفات في أصول الفِقه

- ‌البَابُ الرابع الأسرة في الإسلام

- ‌مقَدّمَة اهتمام الإسلام بالأسرَة

- ‌حكمة الزواج:

- ‌ترغيب الإسلام في الزواج:

- ‌الفَصل الأول منهج الإسلام في تكوين الأسرَة

- ‌حقوق كلا من الزوجين على الآخر

- ‌الفَصل الثاني تعَدّد الزّوجَات

- ‌هل في التعدد ظلم للمرأة

- ‌لماذا لا يباح للمرأة التعدد

- ‌زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثالث منهج الطَلاق في الإسلام

- ‌حق المرأة في الفراق

- ‌الفَصل الرابع المَرأة في الإسلام

- ‌مأساة المرأة في العالم الغربي

- ‌الرجل والمرأة في ميزان الإسلام

- ‌حرية الرجل والمرأة

- ‌لا ظلم ولا استبداد

- ‌مصدر الخطأ

- ‌لا نسوِّغ الأخطاء

- ‌المرأة في المجتمع الإسلامي

- ‌التفاضل بين الرجل والمرأة

- ‌سنريهم آياتنا

- ‌لا ضير على المرأة

- ‌الفصل الخامس المؤلفات في الأسْرَة

- ‌البابُ الخامس العقوبات في الإسلام

- ‌التمهيد: أنواع العقوبات:

- ‌الفَصْل الأول جَرائم الحُدود

- ‌المَبْحَث الأول حَدُّ الزِّنَا

- ‌المَبْحَث الثاني حَدُّ القَذْف

- ‌المَبحث الثالث حَدُّ شرب الخمْر

- ‌المبحث الرابع حَدُّ السرقَة

- ‌المَبْحث الخامس حَدُّ الحرابَة

- ‌المَبْحَث السَادس حَدُّ الرِدَّة

- ‌الفَصْل الثاني جَرائم القصَاص

- ‌الفَصْل الثالث جَرائم التَّعْزير

- ‌الفَصْل الرابع شبهات حَول تشريع العقوبات الإسلامي

- ‌مدى انتشار الجرائم في هذا العصر

- ‌الفَصْل الخامس المؤلَّفات في التشريع الجنائي

- ‌البَابُ السَّادس الاقتصاد في الإسلام

- ‌تمهيد: هل في الإسلام نظام اقتصادي:

- ‌1 - نظام مستقل:

- ‌2 - جزء من كل:

- ‌3 - نظام فطري:

- ‌4 - الاعتدال والتوازن:

- ‌5 - تحقيق التراحم والتعاون:

- ‌6 - توزيع الثروة وتفتيتها:

- ‌7 - تحقيق تكافؤ الفرص:

- ‌8 - المال وسيلة لا غاية:

- ‌9 - قيام الاقتصاد على أخلاق الإسلام وقيمه:

- ‌10 - الوفرة النسبية في الخلق:

- ‌الفَصْل الثاني مجالات النشاط الاقتصادي الإسلامي

- ‌المَبْحث الأول العمل والعمَّال

- ‌بين العاملين وأصحاب العمل:

- ‌المبحَث الثاني الملكيَّة

- ‌أنواع الملكية: الملكية الفردية وملكية الدولة:

- ‌الفَصْل الثالث الرِّبَا

- ‌تعريف الربا:

- ‌الفَصْل الرابع المصَارف الإسلاميَّة

- ‌الفصل الخامس المؤلَّفات في الاقتصاد الإسلامي

- ‌البَابُ السَابع النظام السياسي في الإسلام

- ‌الفصل الأول هل في الإسلام نظام سياسي

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول الأَدلة عَلى اعتنَاء الإِسلام بهَذا الجانب

- ‌المبحث الثاني أين مبَاحث الحكم في الإسلام

- ‌المَبحث الثالث نوع الحكم في الدولة الإسلامية

- ‌المَبحث الرابع أساس الحكم في الدولة الإسلامية

- ‌الفصل الثاني مميِّزات الدولة الإسلاميَّة

- ‌أولًا: اتخاذها الله إلها وربًا وحاكمًا:

- ‌ثانيا: دولة العقيدة والفكرة:

- ‌ثالثًا: دولة عالمية:

- ‌رابعا: دولة شورية:

- ‌خامسا: دولة أخلاق وقيم:

- ‌الفَصْل الثالث وظيفَة الدَّولة الإسلاميَّة

- ‌1 - إقامة العدل في المجتمع الإسلامي:

- ‌2 - حراسة العقيدة وتنفيذ الشريعة:

- ‌3 - الجهاد في سبيل الله:

- ‌4 - العناية بالجانب المالي والاقتصادي:

- ‌5 - إدارة الدولة:

- ‌6 - المحافظة على الأمن الداخلي:

- ‌الفَصْل الرابع رئيس الدَولة الإسلاميَّة

- ‌المَبحَث الأول ألقابه وَالشروط الواجب توافرها فيه

- ‌المَبحَث الثاني كيفيَّة اختيَاره

- ‌المَبحَث الثالث حقُّه عَلَى الرعيَّة

- ‌المَبحَث الرابع حقوق الرعيَّة في الدَولَة الإسلاميَّة

- ‌الفَصْل الخامس المؤلَّفات في النظام السياسي في الإسلام

الفصل: ‌مدى انتشار الجرائم في هذا العصر

العقوبة طائفة من المؤمنين {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِالَّةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} [سورة النور: 2].

‌مدى انتشار الجرائم في هذا العصر

وقف المسلمون في الفترة السابقة وقفة المدافع عن دينه ضد الهجمة الشرسة التي يقودها دعاة الاستعمار والتبشير في ديارنا على إسلامنا وديننا، خاصة العقوبات الشرعية، وقد زعموا أنها تشريعات قاسية لا تناسب هذا العصر المتحضر، ولكننا اليوم نقف وقفة الهجوم لا الدفاع، فزوال الخوف من الله من قلوب الناس في المجتمعات الغربية التي يقولون إنها متقدمة، وخفة العقوبة على الجرائم نشر الجريمة في عالم الغرب نشرًا أذهل الزعماء وقادة الفكر هناك، وأصبحت تلك المجتمعات مرتعًا للجرام، وخشى كثير من رجال الفكر في تلك الديار من انهيار الحضارة الغربية، بيد أبنائها، وزاد الطين بلة أن الجرائم التي أباحتها القوانين الغربية كالزنا وشرب الخمر واللواط والإجهاض

أخذت تعمل عملها في تدمير كيان الفرد وكيان الجماعة، وتحول الأفراد في تلك المجتمعات إلى مخبولين وأنصاف مجانين.

نحن لا ندعي هذه الدعوى، بل زعماء الغرب وعلماؤه هم الذين يقولون ذلك، لقد صرح كندي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في عام (1962) أن مستقبل أمريكيا في خطر، لأن شبابها مائع منحل غارق في الشهوات، لا يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأنه بين كل سبعة شبان يتقدمون للتجنيد، يوجد ستة غير صالحين، لأن الشهوات التي غرقوا فيها أفسدت لياقتهم الجسمية والنفسية.

ص: 277

وفي نفس العام وفي نفس العام صرح خروشوف رئيس الدولة الكبرى الثانية روسيا كما صرح كندي، فقد صرح بأن مستقبل روسيا في خطر، وأن شباب روسيا لا يؤتمن على مستقبلها لأنه منحل مائع غارق في الشهوات.

وفي مطلع عام 1982 قال (رونالد ريغان) رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في خطاب موجه إلى الكونغرس بأن "الخوف من الاغتصاب والقتل قد خيم على معظم الأمريكيين

وكل عائلة من ثلاثة أصبحت ضحية للجريمة" (1).

وحسب إحصاءَات مكتب التحقيق الفيدرالي فإن عدد الجرائم في الولايات المتحدة قد ازداد من (11) مليونا في عام 1975 إلى (13) مليونا في عام 1981 الأمر الذي دفع ريغان إلى القول: في سبتمبر 1982 "أنه لا يسعنا الاعتقاد بأن في مقدور المواطنين القيام بالنزهات المسائية في الحدائق بشكل هادئ وطبيعي"(2).

وقد زادت الجرائم في خلال عام 1982 حيث وردت الإحصاءات التالية: جريمة قتل في كل 23 دقيقة، وجريمة اغتصاب بالعنف في كل 6 دقائق، أما السرقات المسلحة ففي كل 58 ثانية تقع سرقة (3).

وفي إيطاليا استطاعت عصابات الإجرام أن تقطف رؤوس علية القوم هناك، ففي عام 1978 اختطفت الألوية الحمراء (الدومورو) رئيس وزراء إيطاليا، وقد ألقته جثة هامدة في سيارة في وسط المدينة بعد عدة أيام من اختطافه، ولم تستطع شرطة إيطاليا وجيشها أن يفعلوا شيئًا.

(1) جريدة الوطن الكويتية 28/ 8 / 83.

(2)

المصدر السابق.

(3)

المصدر السابق.

ص: 278

إن الصحف التي تنقل لنا أخبار عالم الغرب تأتينا في كل يوم بسيل من أحداث الإجرام، ففي مطلع عام 1983 وفي ليلة عيد الميلاد تمكن اللصوص من سرقة مجوهرات وأوراق نقدية قيمتها 7.9 مليون دولار من بنك الأندلس في بلدة (ماربيلا) في إسبانيا، وقد استعملت العصابة التي سرقت البنك مشاعل اللحام لفتح الباب الرئيسي الذي يؤدي إلى قبو المصرف بعد أن عطلوا نظام الإنذار، وقد أمضوا يومين في فتح وتفريغ مائتي صندوق حديدي في القبو.

وفي 26/ 11 / 83 قامت عصابة مسلحة في لندن بواحدة من أكبر عمليات السطو في تاريخ بريطانيا حيث استولت على ما يقدر بنحو ثلاثين مليون جنيه استرليني من سبائك الذهب الخالص من إحدى شركات الودائع البريطانية بالقرب من مطار هيثرو الدولي في لندن، وتقدر زنة سبائك الذهب بنحو ثلاثة أطنان.

وقد صرحت الشرطة البريطانية في ذلك الوقت بأن ستة رجال مسلحين بالمدافع قاموا صباح اليوم الذي تمت فيه السرقة بالإغارة على ذلك المستودع الذي كانت تحفظ فيه السبائك، وقاموا بتقييد رجال الحرس الموجودين هناك وصبوا كميات من البترول عليم وهددوهم بإشعال النار فيهم إذا ما قاوموا.

وفي 1/ 12 / 83 اقتحم اللصوص مطار ماركو في البندقية واستولوا على 170 كيلو جراما من الذهب المشغول والمجوهرات قيمتها (1.4) مليون دولار.

ونقلت لنا الصحف أن الحشيش والمريجوانا والمخدرات تفتك بالشعوب الغربية فتكًا مخيفًا، ففي فرنسا وحدها يوجد مليون مواطن فرنسي يتعاطون الحشيش أو المريجوانا بإدمان، وأن نحو مائة ألف آخرين أعمارهم ما بين 14 و 30 عامًا يدمنون على مخدرات أشد تأثيرًا مثل الكوكايين وغيرها.

وقد أعلن البوليس الفرنسي أنه سينظر في عام 1983 في (11) ألف حادثة

ص: 279

إدمان في مقابل (62) حادثة فقط في عام 1965، وذكر البوليس أنه ضبط في خلال عام 1982 (26) طنا من المريجوانا، و (98) كيلوغراما من حشيشة الكيف.

أما البلايا الذي تصيب مجتمعاتهم بسبب الإباحة الجنسية والشذوذ الجنسي فحديثها لا ينتهي، وبلاياها لا توصف، يدلك على هذا ما ذكره أحد الأطباء الغربيين المتخصصين وهو الدكتور (جولد) فإنه قرر أنه في كل ثانية يصاب أربعة أشخاص بالأمراض الجنسية في العالم، وبعملية حسابية بسيطة نعلم أنه يصاب في كل يوم (345600) وفي كل عام (126.144.000).

ويذكر الدكتور نبيل الطويل الذي نقل هذه الحقائق أن ثلاثة ملايين حالة جديدة من مرض السفلس الإفرنجي ظهرت في العالم، وفي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها سجل في عام 1964 م مليون حالة من مرض السيلان، وارتفع عدد الإصابات في عام (1973) إلى مليونين ونصف مليون إصابة، وفي عام 1980 بلغ عدد الحالات المسجلة رسميًا ثلاثة ملايين ونصف المليون، أما الأعداد التي لم تدخل تحت الإحصاء فأكثر من ذلك بكثير، ويذكر الدكتور نبيل في مقاله الذي نشره في مجلة الأمة القطرية في عددها الصادر في شوال (1404) أن حوادث السيلان ارتفعت عالميًا 200 في المائة في الرجال، و 500 في المائة في النساء، وارتفعت الإصابة في الفتيات المراهقات إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه، وينبه الدكتور نبيل في مقاله المدعم بالمراجع إلى أن اللواتي ينقلن المرض هن بنات المجتمعات التي تسمى محترمة، وأن عدد المومسات اللواتي ينقلن هذا المرض لا يتعدى (5) في المائة فحسب.

ويذكر الدكتور نبيل أن عدد الأمراض الجنسية قبل أحد عشر عاما كانت

ص: 280

خمسة أو ستة أمراض فقط، أما في وقت نشره المقال فقد بلغت ستة عشر مرضا، وتتفاوت تلك الأمراض شدة وخطورة وانتشارًا، وبسبب تنوع وشذوذ الصلات الجنسية ظهرت أعراض جديدة لم تكن مألوفة في عدة أنحاء من جسد الإنسان.

وقد ظهرت أمراض جديدة أشد خطورة وفتكًا بعد كتابة الدكتور نبيل مقاله، فقد ظهر مرضان أذهلا العالم الغربي هما مرضا الهربس، والأيدز.

والهربس كما يقول الدكتور عبد الرحمن العوضي وزير الصحة في دولة الكويت مرض تناسلي يصيب الأعضاء التناسلية بآلام لا يعلم إلا الله مداها وقوتها وشدة قسوتها على المصاب

إن الأعضاء التناسلية حين تصاب بهذا المرض تصابط بمضاعفات خطيرة له، فانسداد تلك الأعضاء أمر وارد، وإصابة المرأة الحامل تعتبر من الإصابات الخطرة، لأن احتمال انتقال الهربس للمولود أمر يصبح واردًا جدًّا.

ويذكر الباحثون أن هذا المرض صعب علاجه بل يكاد أن يكون مستحيلًا لأن مسببه فيروس، والفيروسات تعيش كجزء من مادة نواة خلايا الجسم ولقتلها يتعين قتل خلايا الجسم.

- وقد عقد مؤتمر دولي في أمريكا للأمراض الجلدية والتناسلية في عام 1983 حضره ستة آلاف طبيب من مختلف أنحاء العالم، يقول الدكتور عبد الوهاب سليمان الفوزان عضو وفد الكويت إلى المؤتمر:"لقد أذهلتنا الأرقام التي سمعناها عن المصابين بمرض الهربس في الولايات المتحدة والذي تجاوز الثلاثين مليون مصاب".

وقد تلقت وزارة صحة الكويت في عام 83 تقريرًا من وزارة صحة أمريكا

ص: 281

يفيد: أن تلك الوزارة تتوقع ظهور (300) ألف حالة سنويا في أمريكا، وأن الهربس لا علاج له حتى الآن، وأن المرض ينتقل عن طريق الفم والمعاشرة الجنسية، وأن من 9 - 35 في المائة من الأمريكيين تعرضوا لفيروس الهربس بشكل أو بآخر، وأن النساء المصابات بالمرض يتعرضن للإجهاض أو الولادة المبكرة أو لانتقاله إلى الجنين وأن الأجنة المولودة مصابة، وتكون نسبة الوفيات فيها (50) في المائة.

أما مرض (الأيدز) فهو أشدّ خطورة وفتكًا من مرض الهربس، لأنه يقضي على فريسته سريعًا ويهلكها، وقلما ينجو منه أحد، وهو مجهول المصدر، ولا يعرف العلماء أسباب الإصابة به وكيفية دخوله الجسم، وكل ما عرفه الطب الآن هو نوعية الأشخاص الذين يصابون به، وهم فئة الشاذين والشاذات وبنات الليل والمومسات، وهذا المرض يؤدي إلى فقدان المناعة في جسد الإنسان بسبب تكسر كريات الدم الحمراء، وقد نشرت مجلة (النيوزويك) الأمريكية في عام (1983) تحقيقا عنه جاء فيه أن هذا المرض ظهر في عام 1981، ودعي مرض الشباب، وأصيب به (1300) أمريكي، وقد توفي منهم (489)، ولم ينج منه إلا (14) في المائة عاشوا ثلاث سنوات بعد اكتشاف المرض فيهم، ولم يشف أي واحد منهم بصورة نهائية.

وما إن نشرت المعلومات المذهلة عن هذا المرض وآلامه المبرحة حتى أصابت الناس في المجتمعات الغربية حالة من الذهول والخوف، يقول أحد المنتجين السينمائين في أمريكا:

لا أعتقد أن هناك شخصًا عاقلًا في هذا البلد ليس خائفًا من هذا المرض إلى حد الموت، وارتفعت الأصوات في الدول الإباحية تنادي بالعودة إلى العفة ونبذ

ص: 282

الإباحية والشذوذ، وبلغ الأمر أن امتنعت الممرضات عن تقديم الطعام إلى المصابين بالأيدز، وأخذ الناس يتحاشون المصابين بهذا المرض، وأصبحوا يفرون منهم فرارهم من المجذومين، وامتنعت إحدى روابط دفن الموتى من دفن موتى الأيدز، وطالبت بنوك الدم من المصابين بهذا المرض عدم التبرع بالدم، وقد نشرت الصحف أن ألوف الأشخاص في كل بلد أوربي وفي أمريكايفكرون في الانتحار خوفًا من الإصابة بهذا المرض الرهيب.

إن هذا البلاء الذي تعيشه تلك المجتمعات إنما هو نتيجة حتمية لمخالفتها لسنة الله وقانونه، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا المصير الرهيب، ففي الحديث "يا معشر المهاجرين والأنصار: خمس إذا ابتليتم بهنَّ وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا

" (1).

وعلى الذين يتهمون الشريعة الإسلامية في مجال العقوبات بالشدة والقسوة أن يخجلوا من أنفسهم، وأفكارهم الرجعية المتأخرة التي أدت إلى انتشار الجريمة، وفعلًا فقد عادت الأصوات ترتفع في عالم الغرب مطالبة بالعودة إلى الإعدام والعقوبات البدنية الرادعة، وهذا حق ففي القصاص حياة، ولكن لا يدرك هذا إلا أصحاب العقول.

"يكفي أن نذكر مثالًا عمليًّا معاصرًا ليكون عبرة لمن يرون في العقوبات القرآنية قسوة لا تناسب الحضارة المعاصرة، وما يسمونه: "الضمير العالمي" الذي لا يطيق هذه العقوبات القاسية، ولكنه يطيق التفرقة العنصرية، وما يتبعها من استغلال واحتقار جنس لجنس، ويطيق وجود العصابات الدولية كالمافيا

(1) حديث صحيح عزاه في صحيح الجامع إلى ابن ماجة والحاكم، صحيح الجامع: 6/ 306.

ص: 283

وغيرها، وما لها من أجهزة مسلحة، ومستشارين قانونيين ومحامين مهمتهم التحايل على القانون.

بعد نهاية الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918 م) انتشرت المواد المخدرة كالهروين، في جميع أنحاء العالم، وواجهت اليابان الموقف بقانون يقرر عقوبة الإعدام لكل من يتعاطى أو يتاجر في المخدرات، وكان من نتيجة ذلك أن أُعدم شخصان فقط، وبعدها بادر كل من عنده كمية صغيرة أو كبيرة من المخدرات إلى إلقائها في الشارع، وقام البوليس بجمعها وإعدامها، وبذلك نجا آلاف اليابانيين في مقابل إعدام شخصين اثنين.

وفي مدينة كالقاهرة تنشر الصحف أن بعض (النشالين) لهم ثلاثون أو أربعون سابقة في النشل، وأن هناك مدارس سريّة لتعليم (النشل)، بل لقد وصل الأمر إلى تكوين عصابات هاجمت الركاب في وسائل النقل المختلفة، واستولت على أموالهم، جهارًا نهارا.

ولو قطعت يد سارق واحد لما وصل بنا الأمر إلى هذا الحد (1).

وقد لجأت بعض الدول التي انتشرت فيها الجريمة إلى أسلوب غريب، ففي أندنيسيا تشن الدولة حملة واسعة النطاق ولكنها غير معلنة رسميًا على المجرمين، فتسفك دماءَهم في وضح النهار، لتخلص الناس من شرهم، ألم يكن الأولى أن يتم هذا من خلال قانون يقرر العقوبة المناسبة التي تكفل ردع المجرم عن جريمته، ولكن هذه الدول تخشى أن توصم بالرجعية والتخلف من قبل الدول الغربية إذا هي طبقت الإسلام، ومن هنا سلكت هذا السبيل الملتوي في معالجة الجريمة.

(1) بحوث في الشريعة الإسلامية والقانون للدكتور محمد عبد الجواد محمد ص 45 - مطبوعات جامعة الخرطوم - 8 - 1393 - 1973.

ص: 284