الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابتعد النصارى كثيرًا عن الدين النصراني، وأنشؤوا دينًا يقوم على احترام المادة، والتحلل من الدين، وأصبح الدين المهيمن هو النفعية العنصرية، وسرت هذه النفعية في دم قادة تلك الأمم ومفكريها وشعوبها، وأصبح الإنسان مهما كان اتجاهه في عالم الغرب يعرف دينًا واحدًا هو الرقي المادي، وأصبح الاعتقاد السائد أنه لا غاية في الحياة إلّا أن يجعلها الإنسان حرة طليقة من كل القيود، وأقاموا معابد لهذا الدين الجديد، وهي تمثل في المصانع العملاقة الضخمة، ودور السينما، ومختبرات الكيمياء، ودور الرقص، وكهنة هذه المعابد هم رؤساء المصارف والمهندسون والممثلون وكواكب السينما، وأقطاب التجارة والصناعة.
والملاحظ أن الثقافة الغربية أهملت الروح، وانعدم الاهتمام بها، ذلك أن مذهب النفعية المادية المرتبط بالحياة الدنيوية الضيقة قتل أشواق الروح وتطلعاتها.
وبناء الثقافة الغربية على هذا النحو جعلها تناصب الإسلام العداء، وتكيد له في السر والعلانية، وقد استعانت على تحقيق أهدافها بما بلغته من قوة وعلم.
المبحث الثاني مدى عداء الغرب للإسلام
المسلم النبيه المتابع للحياة في العالم الغربي يراها تنضح بالحقد والكراهية والعداء للإسلام وأهله، وقد بلغ العداء إلى درجة الإسفاف، لقد طبعوا صفحات من القرآن الكريم على الأوراق التي تغلف بها المبيعات، ورأينا الملابس الداخلية التي تستر العورة وقد كتب عليها شعار الإسلام "لا إله إلا الله"، وأطلق الحاقدون اسم "مكة" على محلات يجتمعون فيها للفساد والإفساد، وفي كل يوم تصدر مجلات وصحف وكتب تسخر بالإسلام وتعاليم الإسلام ونبي الإسلام، واستغلوا المنظمات العالمية لحرب الإسلام، فمنظمة اليونسكو تشرف على موسوعة تعرف باسم (تاريخ الجنس البشري وتقدمه الثقافي والعلمي) وفي الجزء الثالث من هذه
الموسوعة (الحضارات الكبرى في العصر الوسيط) الذي ترجم عن الإنجليزية والفرنسية نجد في الفصل العاشر حديثًا مسهبا عن العرب، وقد ملئ بالتشويه والمسخ لتاريخ الإسلام، والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه.
والغرب هو الذي أقام لأبناء القردة والخنازير دولة في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمدها بالمال والرجال والسلاح، وبحراب الفرنسيين والبريطانيين والإيطاليين والأمريكيين
…
سقط ملايين وملايين من أبناء المسلمين في فلسطين وسوريا ومصر والجزائر وليبيا والهند وأفغانستان
…
إن الحقد والكراهية هي التي توجّه العالم الغربي، وهو يخشى أن يتجمع المسلمون على الإسلام، يخشون أن يعود المارد الذي كان يقف في وجه مطامعهم، فلذلك يحاربون الإسلام بكل سبيل، وعندما انتصر الصليبيون على تركيا في الحرب العالمية الأولى - اشترطوا على دولة الخلافة أربعة شروط وهي الشروط المعروفة باسم شروط (كرزون) وهي:
1 -
أن تقطع تركيا صلتها بالإسلام.
2 -
أن تلغي الخلافة الإسلامية.
3 -
أن تتعهد بإخماد كل حركة يقوم بها أنصار الخلافة.
4 -
أن تختار تركيا لنفسها دستورًا مدنيًّا بدلا من الدستور العثماني المستمد من أحكام الشريعة الإسلامية والقائم على قواعدها.
وقد نفذ كمال أتاتورك شروط (كرزون)، وانسحبت جيوش الحلفاء من تركيا، ولاقى هذا الانسحاب معارضة شديدة من النواب الإنجليز، ولما وقف (كرزون) في مجلس العموم البريطاني يتحدث عن هذا الاتفاق مع تركيا، انهالت عليه الاحتجاجات: كيف اعترفت انجلترا باستقلال تركيا التي يمكن أن
تجمع حولها الدول الإسلامية مرة أخرى وتهجم على الغرب؟ ! فأجاب (كرزون): لقد قضينا على تركيا ولن تقوم لها قائمة بعد اليوم، لأننا قضينا على قوتها المتمثلة في أمرين: الإسلام والخلافة، فصفق النواب الإنجليز كلهم، وسكتت المعارضة (1).
ولم يكتف حكام تركيا الموالون للغرب بذلك، بل غيروا الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية، ومنعوا الكتابة بالعربية، ومنعوا الأذان بالعربية، وألزموا الشعب بلبس القبعة الأوربية (البرنيطة).
وفي الديار الإسلامية أقصى الحكام الشريعة الإسلامية عن الحكم، واستبدلوا بها قوانين من وضع البشر، وامتلأت الحياة الاجتماعية بالأعمال والتصرفات المخالفة للشريعة الإسلامية، لقد انتشر في كثير من ديار الإسلام الزنا والخمر والميسر والربا، وسخر الساخرون من الإسلام وتعاليمه، ورمى المتمسكون بدينهم بالجمود والرجعية، وتقلص ظل الشريعة الإسلامية عن الهيمنة على حياة المسلمين.
ولا يزال مدّ الثقافة الغربية إلى اليوم طاغيًا متمردًا يريد أن يجتاح كل شيء، ويمكننا أن نلخص آثاره في النقاط التالية:
1 -
عزلة الإسلام عن قيادة المجتمعات الإسلامية.
2 -
التمزق الثقافي الذي أصاب الأمّة الإسلامية.
3 -
الافتتان بالحضارة المادية الغربية.
4 -
فقدان الذات وضياع معالم الشخصية الإسلامية.
5 -
انتشار الإلحاد في صفوف المسلمين.
6 -
الفهم الخاطئ للإسلام وتاريخه بسبب تحكم أعداء الإسلام في فهمنا.
(1) مجلة الأمة القطرية، عدد المحرم: 1402 ص 76.