الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمَّا الأشقياء الذين يؤتون كتابهم بشمالهم، فإنهم يدعون بالويل والثبور وعظائم الأمور.
ويساق العباد في نهاية المطاف الأخيار إلى الجنَّة، والأشرار إلى النار، الأخيار في نعيم أبدي سرمدي لا نهاية له، والأشقياء في عذاب أبدي سرمدي لا نهاية له.
والإيمان باليوم الآخر يتضمن ثلاثة أمور:
الأول: الإيمان بالبعث وهو إحياء الموتى حين ينفخ في الصور ويقوم الناس لرب العالمين.
الثاني: الإيمان بالحساب والجزاء، حيث يحاسب الله العباد على ما قدموا.
الثالث: الإيمان بالجنّة والنار، وأن مصير العباد جميعًا إليهما، فالجنة دار الطائعين، والنار دار الكافرين.
الأدلة على البعث والمعاد:
كثير من الناس يصدق بوجود الخالق المعبود، وقد يتوجه إليه بشيء من العبادة، ولكنه يجادل أشدَّ الجدال في أمر المعاد، وينكر ذلك أشدَّ الإنكار، ومن هؤلاء أهل الجاهلية الذين بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس لهم من حجّة إلا أن عقولهم لم تطق التصديق برجوع الإنسان حيًّا بعد أن تلاشى في التراب وفني فيه، {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَال مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ
يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 78، 82].
لقد ذكر الله في هذه الآيات شبهة منكري البعث ورده عليهم، والرد عليهم يمكن أن يوجز في أربعة أمور:
الأول: أن الذي يحيي النفوس بعد موتها إنما هو الله، وهو قادر على كل شيء، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. إذا أراد أن يخلق شيئًا قال له كن فيكون كما شاء.
الثاني: أن الذي سيعيد الإنسان حيًّا بعد موته هو الذي أحياه في هذه الدنيا، فلماذا يستبعد الإنسان العودة بعد الموت! ! إن حياتنا في الدنيا دليل على حياتنا الأخرى.
الثالث: أن الله قادر على تحويل الأشياء من حال إلى حال، فالحياة تتحول إلى خمود وموت، والميت يقوم حيًّا بإذن ربّه، والشجر الأخضر الذي لا تشتعل فيه النار يتحول إلى شجر يابس يصلح لاشتعال النار فيه، والأرض الميتة الخامدة ينزل عليها الماء فإذا هي تهتز وتنبت {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى} [فصلت: 39].
الرابع: أن القادر على خلق الأعظم قادر على خلق الأدنى {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر: 57].