الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتطلق العرب "الشريعة" على مورد الناس للاستقاء، سميت بذلك لوضوحها وظهورها، (1) ولا تسمى العرب هذا المورد شريعة إلا إذا كان الماء المورود "عدًا لا انقطاع له، ظاهرًا معينا لا يسقى منه بالرشاء"(2)، كما تطلق العرب الشرع على نهج الطريق الواضح (3).
وتطلق الشريعة في اصطلاح العلماء على كل ما سنه الله لعباده من الأحكام الاعتقادية والأخلاقية والعملية، يقول ابن تيمية:"الشريعة تنتظم كل ما شرعه الله من العقائد والأعمال"(4)، ويقول التهانوي:"الشرع ما شرع الله لعباده من الأحكام التي جاء بها نبي من الأنبياء، سواءً أكانت متعلقة بكيفية عمل وتسمى فرعية عملية، ودون لها علم الفقه، أو بكيفية اعتقاد، وتسمى اعتقادية، ودون لها علم الكلام"(5).
وبعض العلماء يريد بالشريعة الأحكام الشرعية العملية دون غيرها، إلا أن الاصطلاح القرآني يطلقها على كل ما أنزله الله تعالى، وهذا هو الاصطلاح الأولى والأطيب.
ثانيا: مراتب الدين: الإسلام، الإيمان، الإحسان:
قد يكون كل من الإسلام والإيمان مرتبتين من مراتب الدين الثلاثة، وهي الإسلام، والإيمان، والإحسان.
(1) المصباح المنير: ص 310.
(2)
لسان العرب: 2/ 299، والمصباح المنير 310، والعد: الكثير، والمعين: الجاري والرشاء: الحبال.
(3)
بصائر ذوي التمييز: 3/ 309.
(4)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 19/ 306.
(5)
كشاف اصطلاحات الفنون 3/ 759.
وفي هذه الحال يكون المراد بالايمان التصديق القلبي، وبالإسلام الاستسلام الظاهري، وقد سأل جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم عن مراتب الدين الثلاثة عندما جاءه في صورة رجل يعلم الصحابة دينهم، وقد فسر الرسول صلى الله عليه وسلم في إجابته الإسلام بالانقياد الظاهرى:"أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" وعرف الإيمان بالتصديق القلبي "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى".
وقال في الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"(1).
وقد أرشدنا علماؤنا إلى كيفيه تحديد المعنى المراد بالإسلام والإيمان عند ورودهما في آيات الكتاب وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا: إذا اقترنا افترقا، وإذا افترقا اتفقا، والمراد أنه إذا وردا مقترنين في آية واحدة كقوله تعالى:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: 35].
افترقا، أي حمل الإيمان على التصديق بالقلب، والإسلام على الانقياد بالعمل، وإذا ذكر الإيمان وحده فإنه يكون شاملًا للإسلام كقوله:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 136] وكذلك إذا ذكر الإسلام وحده فإنه يكون شاملًا لمعنى الإيمان، أي شاملًا للتصديق القلبي والانقياد بالعمل الظاهرى كقوله تعالى:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر: 54]
(1) رواه البخاري.
أقسام علوم الشريعة الإسلامية
مما سبق يتبين لنا أن العلوم التي جاءت بها الشريعة الإسلامية تقسم إلى ثلاثة أقسام.
الأول: أحكام اعتقادية، ووضع لها علم العقيدة أو علم التوحيد.
الثاني: أحكام أخلاقية، ووضع لها علم الأخلاق.
الثالث: أحكام فرعية عملية ووضع لها علم الفقه.
وسنتناول كل علم من هذه العلوم الثلاثة بشيء من التفصيل.