الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تريد، وأين هذا من الإسلام الذي لا يقرّ القوة في تنصيب الحاكم، والذي يرى وجوب خلع الحاكم إذا نبذ شرع الله وحكّم هواه! !
إذا كان هناك حكم استبدادي وحكم ديموقراطي وحكم شيوعي، فيجب أن يعلم أن هناك نوعًا آخر من الحكم هو الحكم الإسلامي، له أصوله وقواعده، وهو غير أنواع الحكم الأخرى، بل نرى نحن المسلمين أن أنماط الحكم في الأرض نوعان: نوع إلهي رباني، وهو حكم الإسلام، ونوع آخر بشري إنساني، وهو كل ما عدا الإسلام.
المَبحث الرابع أساس الحكم في الدولة الإسلامية
كان الناس ولا يزالون يتساءَلون في مختلف الدول التي يخضعون لها قائلين: لماذا تخضع لحكم هذه الدولة؟ ولماذا تخضع لهذا الحكم؟ وفي أكثر الأحوال يكون الجواب واضحًا، علينا أن نطيع أمر هذه الدولة لأنها تملك القوة، ولأن هذا الحاكم بيده السلطان، ويستطيع أن يقطع رأس من خالفه فيما ذهب إليه، ولا تزال دول تقوم على هذا الأساس إلى يومنا هذا، ومن هذا النوع دول كثيرة نعتبرها تقدمية وراقية، فالنازية التي كانت في ألمانيا، والفاشية التي كانت في إيطاليا ليس لهما من مستند في الحكم إلا هذا، وإذا أنت تفكرت في الطريقة التي حكمت بها الشيوعية في روسيا لم تجدها إلا كذلك، فهي قائمة على منطق القوة، وإذا شاءت بعض الدول الدائرة في فلك الحكم الشيوعي الروسي الخلاص من السرطان الشيوعي الذي يسري في أحشائها لا تستطيع، لأن روسيا لها بالمرصاد، فتراها ترسل جيوشها ودباباتها وطيرانها إليها، بل أكثر من ذلك ترى هذه الدولة الظالمة ترسل مئات الألوف من جنودها إلى دولة مسلمة مثل أفغانستان
لإجبارها كرهًا على اعتناق الشيوعية.
وفي بعض الأحيان يكون الجواب نحن تخضع لحكم هذه الدولة لأننا نحن الذين اخترناها، كما هو الحال في الدول الديموقراطية، أو التي تدعي الديموقراطية.
ولكن هل صحيح أن إرادة الشعب هي التي جاءَت بالحاكم في تلك الدول، وبذلك تكون هي التي سنت القوانين المناسبة لتلك الشعوب، لقد سمعنا عن دول تدعي الديموقراطية تسوق العمال والفلاحين لصناديق الانتخاب، وتفرض عليهم شخصًا بعينه، وتكون النتيجة 99.9 في المائة، فأين إرادة الأمة هنا، ولقد سمعنا عن المعارك الانتخابية القذرة في الدول الراقية، التي يستطيع أصحاب المال والنفوذ فيها اللعب بالناخبين، حيث يضفى على الشخصيات الضعيفة العاجزة هالة ضخمة تصورهم بغير صورتهم، وبذلك يحرم أصحاب المميزات الفذة من الوصول إلى الصدارة، لأنهم لا يملكون المال والنفوذ، ثمَّ إن الذين تأتي بهم الدعاية الانتخابية المضللة لا يحكمون بعد ذلك إلا وفقًا لرغبات الطبقة التي بذلت مساعيها الهائلة لإنجاحهم، وفي كثير من الأحيان يكون الحكم حكم الأقلية، فكيف يدعى أن الشعب هو الذي جاء بالنواب والحكام.
ثم لو افترضنا أن إرادة الشعب هي التي جاءت بالحكومة فهل يجوز لهذه الدولة استنادًا إلى ذلك أن تسن القوانين كيف شاءت، وتتصرف كما تشاء في عباد الله.
إن المستند القانوني للحكم في الدولة الإسلامية هو الإسلام، فالقوانين التي تحكم في الدولة الإسلامية هي من عند الله، وإطاعتها على ذلك واجبة لا بدَّ منها، والإنسان تطمئن نفسه إلى إطاعة ربه وخالقه، بقدر ما تنفر من طاعة قوانين بشر مثله.