الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"سجع"
صاموا النهار بلا فتور نصبوا الأقدام في الدَّيجور، ببكاء مطرود مهجور، فامتلأت بالخيرات الجحور (يرجون تجارة لن تبور) .
رفضوا الدنيا شغلاً عن الزينة، وأذلوا أنفسهم فعادت مسكينة، وعلموا الدنيا سفينة فتهيأوا للعبور (يرجون تجارة لن تبور) .
يؤثرون بالطعام ويؤثرون الصيام، يأملون فضل الإنعام، فما كانت إلا أيام حتى اخضرت البذور (يرجون تجارة لن تبور) .
العليل عليل، والأنين طويل، والعيون تسيل، وما مضى إلا القليل حتى فرح الصبور (يرجون تجارة لن تبور)(1) .
بخلوف عبد مسكين نالوا المقام الأمين، وانشعب قلب الحزين بأكمل الحبور (يرجون تجارة لن تبور) .
سبحان من قضى لقوم سروراً، وعلى آخرين ثبوراً فما لهم من نور (يرجون تجارة لن تبور)(2) .
رمضان شهر التراويح والتهجد
شهر رمضان شهر المصالح، شهر التهجد والتراويح، واهاً لأوقاته من زواهر ما أشرفها، ولساعاته التي كالجواهر ما أظرفها، أشرقت لياليها بصلاة التراويح، وأنارت أيامها بالصيام والتسبيح، حليتها الإخلاص والصدق، وثمرتها الخلاص والعتق.
فطوبى لعبد صام نهاره، وقام أسحاره
…
يا حسنه ومصابيح النجوم تزهر، والناس قد ناموا وهو في الخير يسهر، غسل وجهه من ماء عينه وعَين العين أطهر.
(1)"التبصرة"(2/96، 97) .
(2)
"التبصرة" بتصرف (2/291) .
وكم من فوائد ومعان في التراويح:
(1)
قيام رمضان من الإيمان، ومغفرة لسالف الذنوب:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"(1) .
وزاد مسلم في أوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغِّبُ في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمته ثم يقول: "من قام رمضان
…
" (2) .
قال الألباني: "هذا الترغيب وأمثاله بيان لفضل هذه العبادات بأنه لو كان على الإنسان ذنوب تغفر له بسبب هذه العبادات، فإن لم يكن للإنسان ذنب، يظهر هذا الفضل في رفع الدرجات كما في حق الأنبياء المعصومين من الذنوب"(3) .
(2)
استحقاق قائمة اسم الصديقين والشهداء:
وهذا فيض الكريم وجوده يسوقه صلى الله عليه وسلم، وفيه الغنم كل الغنم:"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أرأيت إذ شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته فَمِمن أنا؟ قال: "من الصديقين والشهداء" (4) .
ولفظ ابن خزيمة: "جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة، فقال له: إن شهدت ألا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات وصمت الشهر وقمت رمضان، وآتيت الزكاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء".
(1) أخرجه أصحاب الكتب الستة، ومالك، وأحمد، والدارمي، والفريابي في "كتاب الصوم" وعبد الغني المقدسي في "فضائل رمضان".
(2)
زيادة عند مسلم وأبي داود، والترمذى.
(3)
"التعليق على صحيح الترغيب والترهيب"(1/415) .
(4)
صحيح: رواه البزار، وابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحيهما" واللفظ لابن حبان، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" رقم (993) ، و"التعليق على ابن خزيمة"(2212) .
وما زاد الصحابي الجليل على أركان الإسلام الخمسة إلا قيام رمضان واستحق بهذه الزيادة اسم الصديقين والشهداء.
كان عمر بن الخطاب إذا دخل أول ليلة من رمضان يصلي المغرب ثم يقول:
"أما بعد، فإن هذا الشهر كُتب عليكم صيامه، ولم يُكتب عليكم قيامه، فمن استطاع منكم أن يقوم فليقم، فإنها نوافل الخير التي قال الله"(1) .
* وقال أحدهم: ما على أحدكم أن يقول: الليلة ليلة القدر، فإذا جاءت أخرى قال: الليلة ليلة القدر".
وكان ابن عون إذا جاء شهر رمضان جاء برمل فألقاه في المسجد، ثم يقول لبنيه:"ما تبتغون بعد شهر رمضان وكان لا ينام"(2) .
(3)
من قام مع إمامه كتب له قنوت ليلة:
جاء في حديث أبي ذر قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة"(3) .
قال الألباني: [والشاهد من هذا الحديث قوله: "من قام مع الإمام
…
" فإنه ظاهر الدلالة على فضيلة قيام رمضان مع الإمام] .
قال صاحب عون المعبود: "حصل له ثواب قيام ليلة تامة".
وعن أبي إسحاق الهمداني: خرج علي بن أبي طالب في أول ليلة من رمضان، والقناديل تزهر في المسجد، وكتاب الله يتلى فجعل ينادي: نوّر الله لك يا ابن الخطاب في قبرك كما نوّرت مساجد الله بالقرآن" (4) .
(1)"المصنف" لعبد الرزاق.
(2)
"مختصر قيام الليل"(ص 92) .
(3)
سنده صحيح: رواه أبو داود، واللفظ له، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن ماجة، وابن أبي شيبة، وقال الألباني: سنده صحيح "صلاة التراويح"(ص 15) .
(4)
"مختصر قيام الليل"(ص 94) .
فاتق الله في عمرك، وأقبل على صلاة التراويح يقبل الله عليك وانظر إلى سلفك من الصحابة.
عن السائب بن يزيد أنه قال: "أمر عمر بن الخطاب أبيّ بن كعب وتميماً الداري أن يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعة. قال: وقد كان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنّا نعتمد على العصيّ من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر"(1) خشية أن يفوتنا الفلاح: السحور (2) .
والله ما صلاح الأجساد إلا بانتصابها في القيام والتراويح وهو شفاء من أمراض الأجساد والقلوب ورفعة للدرجات عند علَاّم الغيوب وهذا طريق الصالحين من قبلنا.
قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد"(3) .
في بحث أعدته الدكتورة "سلوى محمد رشدي" جامعة حلوان كلية التربية الرياضية وموضوعه "صلاة التراويح وأثرها على مرونة العمود الفقري والكفاءة الوظيفية للقلب بعد الستين".
تقول الدكتورة سلوى: "إن هذه الدراسة تهدف إلى التعرف على أهمية صلاة التراويح للمسلم، وأثر ذلك على الكفاءة الوظيفية للقلب، ودرجة المرونة في العمود الفقري
…
وقد أجريت هذه الدراسة على عينة مكونة من ستين رجلاً وامرأة مقسمين إلى ثلاثين ممن قاموا بتأدية التراويح في شهر رمضان عام 1405هـ،
(1) سنده صحيح: أخرجه مالك في باب "ما جاء في قيام رمضان" وعنه البيهقي في "سننه الكبرى" وقال السيوطي في المصابيح "سنده في غاية الصحة" وصححه الألباني.
(2)
صلاة التراويح وما يتعلق بها من أحكام، وأحكام قيام الليل عامة مبسوط في جمعي "رهبان الليل".
(3)
صحيح: رواه الترمذي والبيهقي والحاكم في "المستدرك" عن بلال، والترمذي، والحاكم، والبيهقي في "السنن" عن أبي أمامة، وابن عساكر في "التاريخ" عن أبي الدرداء، والطبراني في "الكبير" عن سلمان، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3958 ج3/50) .
وثلاثين من المصلين الذين لم يقوموا بتأديتها، وقد طبعت عليهم اختبارات لمعرفة مرونة العمود الفقري من الأوضاع المختلفة، وكذلك اختبار الكفاءة الوظيفية باستخدام العملية الأرجومترية.. وقد أظهرت هذه الدراسة أن هناك فروقاً كبيرة بين المصلين التراويح وغير المصلين، في درجة مرونة العمود الفقري، وكذلك في الكفاءة الوظيفية للقلب، وقالت الدكتورة سلوى رشدي: لقد أوصيت في هذه الدراسة بتشجيع المسلم على تأدية الصلاة عموماً، وعلى صلاة التراويح على وجه الخصوص لما لها من فائدة على الجهاز الدوري والتنفسي، ومرونة مفاصل الجسم وخاصة العمود الفقري، حيث أن كبار السن في حاجة إلى القيام بتأدية التمرينات التي تحافظ على اللياقة البدنية، واللياقة الوظيفية للقلب" (1) .
وقد كان صحابة رسول الله يربطون الحبال بين السواري ثم يتعلقون بها من طول القيام في التراويح.
قال ابن رجب: "إن جمع ثلاثة قرآء فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ بالناس ثلاثين، وأوسطهم بخمس وعشرين، وأبطأهم بعشرين ثم كان في زمن التابعين يقرؤون بالبقرة في قيام رمضان في ثمان ركعات، فإن قرأ بها في اثنتي عشرة ركعة رأوا أنه خفف".
قال ابن منصور: سئل إسحاق بن راهويه: كم يقرأ في شهر رمضان؟ فلم يرخص في دون عشر آيات، فقيل له: إنهم لا يرضون، فقال: لا رضوا، فلا تؤمنَّهم إذا لم يرضوا بعشر آيات من (البقرة) ، يعني في كل ركعة، وكذلك كره مالك أن يقرأ دون عشر آيات.
وقال الإمام أحمد: إنما الأمر على ما يحتمله الناس.
وقال أحمد لبعض أصحابه وكان يصلي بهم في رمضان: هؤلاء قوم ضعفاء، اقرأ خمساً، ستاً، سبعاً: فقرأت فختمت ليلة سبع وعشرين.
(1) انظر مجلة الاعتصام العددان الرابع والخامس محرم وصفر سنة 1406هـ نوفمبر وديسمبر سنة 1985م ص (20، 21) .
وكلام الإمام أحمد يدل على أنه يراعي في القراءة حال المأمومين، فلا يشق عليهم، وقاله أيضاً غيره من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة وغيرهم (1) .
قال صلى الله عليه وسلم: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين"(2) .
قوله: "من المقنطرين" أي: ممن كتب له قنطار من الأجر.
وقال الحافظ ابن حجر: "من سورة (تبارك الذي بيده الملك) إلى آخر القرآن ألف آية والله أعلم".
قال ابن رجب: "وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث، وبعضهم في كل سبع، منهم قتادة، وبعضهم في كل عشرة، منهم أبو رجاء العطاردي" فرحم الله رجلاً قدم لآخرته، وأحيا ليله، وأيقظ أهله، وقدم مهره فإنما مهر الحور الحسان طول التهجد بالقرآن، ولا تكن مِمّن يعظم الخطة ويسيء المهر".
بادر يا أخي فإنه مبادر بك.
كان أبو الدرداء يقول: صلوا في ظلمة الليل ركعتين لظلمة القبور، صوموا يوماً شديداً حره لحر يوم النشور، تصدقوا بصدقة لشر يوم عسير" (3) .
وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعة
…
فعند اللقا ذا الكد يصبح زائلاً
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي
…
ويصبح ذا الأحزان فرحان جاذلا
* * *
(1)"بغية الإنسان في وظائف رمضان" لابن رجب الحنبلي (ص 35) دار القادسية.
(2)
صحيح: رواه أبو داود، وابن خزيمة، وحسنه الألباني فى "صحيح الترغيب"رقم (635) ، وصححه في "صحيح الجامع" رقم (6315) .
(3)
"بغية الإنسان في وظائف رمضان"(ص 29) .