المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌بقلم فضيلة الشيخ أبو بكر جابر الجزائري

- ‌بقلم فضيلة الشيخ: محمد صفوت نور الدين

- ‌بقلم فضيلة الشيخ الدكتور/ محمد بن عبد المقصود العفيفي

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولمن معاني الصوم

- ‌أ- الإخلاص عنوان الصوم

- ‌(ب) التقوى حكمة الصوم العليا

- ‌(جـ) ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون

- ‌(د) الصوم وإعداد الأمة

- ‌(هـ) الصوم رياضة للنفس على ترك الشهوات

- ‌(و) الصوم والمراقبة

- ‌الباب الثانيفضائل الصوم

- ‌الفضيلة الأولى: الصائمون هم السائحون

- ‌الفضيلة الثانية: الصوم لا مثل له

- ‌الفضيلة الثالثةإضافته لله تعالى تشريفاً لقدره وتعريفاً بعظيم فخره

- ‌الفضيلة الرابعة: رفعة الدرجات

- ‌الفضيلة الخامسة: الصيام مناسب لصفة من صفات الحق

- ‌الفضيلة السادسةجميع العبادات توفى منها مظالم العباد إلا الصيام

- ‌الفضيلة السابعةالصوم كفارة للخطيئات

- ‌الفضيلة الثامنةتشريف الله والملائكة له بالصلاة عليه

- ‌الفضيلة التاسعةالصيام جنة من النار

- ‌الفضيلة العاشرةالصوم في الصيف يورث السقيا يوم العطش

- ‌الفضيلة الحادية عشرالصوم في الشتاء الغنيمة الباردة

- ‌الفضيلة الثانية عشرنداء الريان لعاشر الصوام

- ‌الفضيلة الثالثة عشرالصوم سبيل إلى الجنات

- ‌الفضيلة الرابعة عشرشفاعة الصيام يوم القيامة لصاحبه

- ‌الفضيلة الخامسة عشردعوة الصائم لا ترد

- ‌الفضيلة السادسة عشرالصيام شعار الأبرار

- ‌الفضيلة السابعة عشرللصائم فرحتان

- ‌الفضيلة الثامنة عشرخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك

- ‌الفضيلة التاسعة عشرالصوم جُنَّة

- ‌الفضيلة العشرونقطع أسباب التعبد لغير الله

- ‌الفضيلة الواحد والعشرونالصوم شكر للمنعم عالم الخفيات

- ‌الفضيلة الثانية والعشرونتوفير الطاعات وتحريض على المثوبات

- ‌الفضيلة الثالثة والعشرونتكثير الصدقات، والإحسان إلى ذوي الحاجات

- ‌الفضيلة الرابعة والعشرونرقة القلب وصيانة الجوارح

- ‌الفضيلة الخامسة والعشرونالصيام فدية لبعض الأعمال

- ‌ثمرات الصيام

- ‌الباب الثالثصوم الجاهليةموضوع تحت قدمي

- ‌إياكم وبنيات الطريق

- ‌1- الجناحية من الرافضة وصومها:

- ‌2- الخطابية:

- ‌3- الكيسانية:

- ‌4- العجلية:

- ‌5- الحزمية:

- ‌6- الإسماعيلية (الباطنية) :

- ‌7- صوم القرامطة:

- ‌8- الصليحيون "الإسماعيلية الطيبية باليمن

- ‌9- صوم البهرة:

- ‌10- الإسماعيلية النزارية:

- ‌أ- الحشاشون:

- ‌11- صوم الإسماعيلية الأغاخانية:

- ‌12- النصيريون وصومهم:

- ‌13- صوم الدروز:

- ‌فلاسفة الصومية وغلاتها:

- ‌14- صوم ابن عربي:

- ‌15- صوم الحلاج:

- ‌16- صوم ابن الفارض: وسَنن النصارى:

- ‌17- صوم الرفاعية:

- ‌19- أبو العلاء المعري والصوم عن الحيوان "زهاد المبتدعة

- ‌صوم المارقين المرتدين:- البهائية -القاديانية

- ‌20- صوم البهائية:

- ‌21- صوم القاديانية:

- ‌22، 23- صوم النصارى واليهود:

- ‌الباب الرابعفصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب

- ‌الباب الخامسسادات الصائمين

- ‌(1) صوم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌(2) صوم ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌(3) صوم أبي طلحة الأنصاري

- ‌(4) صوم عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) صوم أم المؤمنين حفصة بنت عمر

- ‌(6) صوم أبي الدرداء حكيم الأمة وسيد القراء

- ‌(7) صوم عبد الله بن عمرو بن العاص

- ‌(8) صوم عبد الله بن عمر

- ‌(9) صوم أبي أمامة الباهلي

- ‌(10) صوم عبد الله بن الزبير

- ‌(11) صوم عبد الله بن رواحة

- ‌(12) صوم الصحابي الجليل حمزة بن عمرو الأسلمي

- ‌(13) صوم أبي مسلم الخولاني

- ‌(14) صوم عامر بن عبد قيس

- ‌(15) صوم الأسود بن يزيد النخعي

- ‌(16) صوم مسروق بن عبد الرحمن

- ‌(17) صوم العلاء بن زياد

- ‌(18) صوم سعيد بن المسيب سيد التابعين

- ‌(19) صوم أبي بكر بن عبد الرحمن راهب قريش

- ‌(20) صوم عروة بن الزبير

- ‌(21) صوم سليمان بن يسار

- ‌(22) صوم عطاء بن يسار

- ‌(23) صوم إبراهيم النخعي

- ‌(24) صوم الحسن البصري

- ‌(25) صوم ابن سيرين

- ‌(26) صوم عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي

- ‌(27) صوم عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي الكومي

- ‌(28) صوم عراك بن مالك الغفاري

- ‌(29) صوم منصور بن المعتمر

- ‌(30) صيام سليمان بن طرخان

- ‌(31) صوم الزهري

- ‌(32) صوم ابن جريج

- ‌(33) صوم عبد الله بن عون

- ‌(34) صوم داود بن أبي هند

- ‌(35) صوم ابن أبي ذئب

- ‌(36) صوم شعبة الخير أبي بسطام

- ‌(37) صوم غندر

- ‌(38) صوم معروف الكرخي

- ‌(39) صوم أحمد بن حرب

- ‌(40) صوم أحمد بن حنبل إمام أهل السنة

- ‌(41) صوم إبراهيم بن هانئ النيسابوري

- ‌(42) صوم أحمد بن سليمان أبو بكر النجاد

- ‌(43) صوم بقي بن مخلد

- ‌(44) صوم المنبجي

- ‌(45) صوم ابن زياد النيسابوري

- ‌(46) صوم القطان

- ‌(47) صوم ابن بطة

- ‌(48) صوم ابن جميع

- ‌(49) صوم السكن ابن جميع

- ‌(50) صوم الصوري

- ‌(51) صوم الدوني

- ‌(52) صوم العماد المقدسي

- ‌(53) صوم ثابت البناني

- ‌(55) صوم وكيع بن الجراح

- ‌(56) صوم أبي بكر بن عيّاش

- ‌(57) صوم جعفر بن الحسن الدرزيجاني

- ‌(58) صوم رحلة العابدة

- ‌(59) صوم ميمونة بنت الأقرع

- ‌(60) صوم أبي حنيفة

- ‌(61) صوم محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة

- ‌(62) صوم الملك العادل نور الدين محمود زنكي

- ‌(63) صوم الشيخ الورع علي العياش:

- ‌(64) صوم السيدة المكرمة الصالحة نفيسة ابنة الحسن بن زيد

- ‌الباب السادسبين يدي رمضان

- ‌إذا العشرون من شعبان ولت

- ‌التهنئة بقدوم رمضان

- ‌الباب السابعفضائل رمضان

- ‌رمضان شهر نزول القرآنوالكتب السماوية

- ‌سجع

- ‌رمضان شهر التراويح والتهجد

- ‌رمضان شهر تكفير الذنوب

- ‌التائبون العابدون "سجع

- ‌رمضان شهر الجود والإحسان

- ‌رمضان شهر فتح أبواب الجنان

- ‌رمضان شهر غلق أبواب النيران

- ‌رمضان شهر الصبر والتربية

- ‌رمضان شهر الشكر

- ‌رمضان شهر الدعاء المستجاب

- ‌رمضان شهر مضاعفة الأجر

- ‌رمضان شهر تصفيد الشياطين

- ‌رمضان غنم للمؤمن ونقمة للفاجر

- ‌رمضان شهر تربية المجتمع

- ‌رمضان شهر ليلة القدر

- ‌الباب الثامنرمضان شهر الجهاد والفتوحات

- ‌ السنة الثالثة من الهجرة:

- ‌ هدم الأصنام:

- ‌فتح النوبة ومعاهدة القبط

- ‌سنة 67 هـ زالت دولة المختار الثقفي:

- ‌وقفة على أبواب مدريد

- ‌فتوح المسلمين في فرنسا

- ‌سنة 222 هـ فتح البذ مدينة "بابك الخرمي

- ‌سنة 223 هـ فتح عمورية على يد المعتصم:

- ‌سنة 559 هـ وقعة حارم:

- ‌فتح أنطاكية

- ‌فتح أرمينيا الصغرى

- ‌فتح جزيرة قبرص

- ‌فتح البوسنة والهرسك

- ‌جهاد المسلمين في الحبشة

- ‌الباب التاسعحدث في رمضان

- ‌5 هـ حديث الإفك:

- ‌9 هـ قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب العاشرأسرار الصوم وشروطه الباطنة

- ‌الباب الحادي عشرالموضوع والضعيف في الصوم

- ‌الباب الثاني عشرالصوم على أربعين وجهًا

- ‌الباب الثالث عشرالصوم المندوب والمنهي عنه

- ‌ الصوم المندوب

- ‌صيام شهر الله المحرم

- ‌صوم شعبان

- ‌حكم التطوع بالصيام بعد انتصاف شعبان:

- ‌ليلة النصف من شعبان:

- ‌صيام ستة أيام من شوال

- ‌صوم الأشهر الحرم

- ‌صوم رجب

- ‌النوع الثانى: صوم الأيام

- ‌1- صوم عشر ذي الحجة

- ‌2- صوم يوم عرفة

- ‌3- صوم يوم عاشوراء

- ‌4- صوم أيام البيض

- ‌5- صيام الاثنين والخميس

- ‌7- صيام يوم السبت والأحد مخالفة للمشركين

- ‌الصوم المبهم المقيد بزمن

- ‌(1) صوم يوم وإفطار يوم

- ‌(2) صوم يوم وإفطار يومين

- ‌(3) صوم عشرة أيام من الشهر

- ‌(4-7) صوم إحدى عشرة أو تسعا أو سبعا أو خمسة أيام من الشهر

- ‌(8) صيام أربعة أيام من الشهر

- ‌(9) صوم ثلاثة أيام من الشهر كيفية ذلك

- ‌(10) صوم يومين من الشهر

- ‌(11) صوم يوم من الشهر

- ‌الأيام المنهي عن صيامها

- ‌(1 و2) يوم الفطر، والأضحى

- ‌(ب) الأيام المنهي عن صيامها والمختلف فيها

- ‌1- أيام التشريق

- ‌سرّ حسن:

- ‌2- صوم يوم الجمعة

- ‌3- بعد النصف من شعبان

- ‌4- صوم السبت

- ‌5- يوم الشك

- ‌النهي عن صوم المرأة تطوعاً إلا بإذن زوجها وهو حاضر:

- ‌إفراد يوم النيروز بصوم

- ‌صيام الدهر

- ‌الوصال في الصوم

- ‌هديه صلى الله عليه وسلم في صيام التطوع

الفصل: ‌5- يوم الشك

بالصوم، فإن صام معه غيره لم يكره، لحديث أبي هريرة وجويرية، وإن وافق صوماً لإنسان لم يكره. قال أبو عبد الله: أما صيام يوم السبت يفترد (1) به فقد جاء فيه حديث الصماء، وكان يحيى بن سعيد يتقيه أي أن يحدثني به وسمعته من أبي عاصم".

قال ابن مفلح في "الفروع"(3/124) : "قال الأثرم: وحجة أبي عبد الله في الرخصة في صوم يوم السبت أن الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبد الله بن بسر، منها حديث أم سلمة يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم السبت والأحد ويقول: "هما عيدان للمشركين فأحب أن أخالفهما" رواه أحمد والنسائي وصححه جماعة، وإسناده جيد، واختار شيخنا (2) أنه لا يكره، وأنه قول أكثر العلماء، وأنه الذي فهمه الأثرم من روايته، وأنه لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى، فالحديث شاذ أو منسوخ، وأن هذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه، كالأثرم وأبي داود، وأن أكثر أصحابنا فهم من كلام أحمد الأخذ بالحديث، ولم يذكر الآجري غير صوم يوم الجمعة، فظاهره لا يكره مع غيره".

‌5- يوم الشك

* عن صلة قال: كنا عند عمار فأتى بشاة مصلية، فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم، قال: إني صائم، فقال عمار:"من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم "(3) .

وفي رواية ابن خزيمة وغيره: "من صام اليوم الذي يشك فيه".

* قال ابن حجر (4/144) : "قال الطيبي: إنما أتى بالموصول ولم يقل: يوم الشك مبالغة في أن صوم يوم فيه أدنى شك سبب لعصيان صاحب الشرع فكيف بمن صام يوماً الشك فيه قائم ثابت، ونحوه قوله تعالى:(ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) أي الذين أونس

(1) أي يصومه منفرداً.

(2)

أي ابن تيمية.

(3)

صحيح: أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي والدارمي والطحاوي وابن حبان والدارقطني والحاكم والبيهقي وابن خزيمة وصححه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الدارقطني: إسناده حسن صحيح ورواته كلهم ثقات، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وعلقه البخاري بصيغة الجزم ووصله أبو داود والترمذي والحاكم وغيره. واقتصر الحافظ على تحسينه، ورواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن عكرمة من قوله.

ص: 534

منهم أدنى ظلم، فكيف بالظلم المستمر عليه؟ قلت: وقد علمت أنه وقع في كثير من الطرق بلفظ: "يوم الشك".

وقوله: "أبا القاسم" قيل: فائدة تخصيص ذكر هذه الكنية: الإشارة إلى أنه هو الذي يقسم بين عباد الله أحكامه زماناً ومكاناً وغير ذلك".

* قال النووي في "المجموع"(6/454) : "يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا وقع في ألسنة الناس أنه رؤي ولم يقل عدل: أنه رآه، أو قاله وقلنا: لا تقبل شهادة الواحد، أو قاله عدد من النساء والصبيان أو العبيد أو الفساق.

قالوا: فأما إذا لم يتحدث برؤيته أحد فليس بيوم شك، سواء كانت السماء مصحية أو أطبق غيم، هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور".

وقال إمام الحرمين: "إن كان ببلد يستقل أهله بطلب الهلال فليس بشك، وإن كانوا في سفر ولم تبعد رؤية أهل القرى فيحتمل جعله يوم شك".

وقال الخطيب البغدادي: "أجمع علماء السلف على أن صوم يوم الشك ليس بواجب وهو إذا كانت السماء متغيمة في آخر اليوم التاسع والعشرين من شعبان، ولم يشهد عدل برؤية الهلال، ليوم الثلاثين يوم الشك، فكره جمهور العلماء صيامه إلا أن يكون له عادة بصوم يصومه فيصومه من عادته، أو كان يسرد الصوم فيأتي ذلك في صيامه فيصومه".

* قال النووي في "المجموع"(6/455-458) :

"فرع. في مذاهب العلماء في صوم يوم الشك:

لا يصح صومه بنية رمضان عندنا -أي الشافعية-، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وعلي وابن عباس وابن مسعود وعمار وحذيفة وأنس وأبي هريرة وأبي وائل وعكرمة وابن المسيب والشعبي والنخعي وابن جريج والأوزاعي. قال: وقال مالك: سمعت أهل العلم ينهون عنه. هذا كلام ابن المنذر، وممن قال به أيضاً: عثمان بن عفان وداود الظاهري، قال ابن المنذر. وبه أقول.

ص: 535

وقالت عائشة وأختها أسماء: نصومه من رمضان، وكانت عائشة تقول:"لأن أصوم يوماً من شعبان أحبّ إلي من أن أفطر يوماً من رمضان" وروي هذا عن علي أيضاً.

قال العبدري: ولا يصح عنه، وقال الحسن وابن سيرين: إن صام الإمام صاموا، وإن أفطر أفطروا، وقال ابن عمر وأحمد بن حنبل: إن كانت السماء مصحية لم يجز صومه، وإن كانت مغيمة وجب صومه عن رمضان.

* وعن أحمد روايتان كمذهبنا ومذهب الجمهور، وعنه رواية ثالثة كمذهب الحسن هذا بيان مذاهبهم في صوم يوم الشك عن رمضان".

قال ابن حجر (6/146) : "المشهور عن أحمد أنه خص يوم الشك بما إذا تقاعد الناس عن رؤية الهلال، أو شهد برؤيته من لا يقبل الحاكم شهادته، فأما إذا حال دون منظره شيء فلا يسمى شكّاً. واختار كثير من المحققين من أصحابه الثاني. قال ابن عبد الهادي في تنقيحه: الذي دلت عليه الأحاديث -وهو مقتضى القواعد- أنه أي شهر غم أكمل ثلاثين يوماً سواء في ذلك شعبان ورمضان وغيرهما".

* وقال الخطيب البغدادي: "فممن منع صوم يوم الشك عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وعمار وحذيفة بن اليمان وابن عمر وابن عباس وأنس وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعائشة، وتابعهم من التابعين: سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وأبو وائل وعبد الله بن عكيم الجهني وعكرمة والشعبي والحسن وابن سيرين والمسيب بن رافع وعمر بن عبد العزيز ومسلم بن يسار وأبو السوار العدوي وقتادة والضحاك بن قيس وإبراهيم النخعي، وتابعهم من الخالفين والفقهاء المجتهدين ابن جريج والأوزاعي والليث ابن سعد والشافعي وإسحاق بن راهويه.

وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز عن رمضان ويجوز تطوعاً".

* قال الخطيب: "أما حديث ابن عمر فاختلفت الروايات عنه اختلافاً يؤول إلى أن يكون حجة لنا، فإن بعض الرواة قال في حديثه عنه: "فإن غمّ عليكم فعدوا ثلاثين يوماً" ثم روى عنه: "فأكملوا العدة ثلاثين"، وفي رواية عنه: "فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين"، ثم قال: "لقد ثبت برواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما فسّر المجمل، وأوضح

ص: 536

المشكل، وأبطل شبهة المخالف، لأن قوله صلى الله عليه وسلم:"فاقدروا له" مجمل مفسر برواية: "فعدوا له ثلاثين يوماً" و"فأكملوا العدة ثلاثين" و"فاقدروا له ثلاثين" مع موافقة أبي هريرة بن عمر على روايته مثل هذه الألفاظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما تعلق المخالف بما روي عن ابن عمر أنه كان يصوم إذا غم الهلال (1) ، فقد روي أنه كان يفعل ويفتي بخلاف ذلك، وفتياه أصح من فعله يعني لتطرق التأويل إلى فعله، ثم روى الخطيب بإسناده عن عبد العزيز بن حكيم قال:"سألوا ابن عمر فقالوا: نسبق قبل رمضان حتى لا يفوتنا منه شيء، فقال ابن عمر: أف أف صوموا مع الجماعة، وأفطروا مع الجماعة" إسناده صحيح إلا عبد العزيز بن حكيم (2)، فقال يحيى بن معين: هو ثقة، وقال أبو حاتم: ليس بقوي يكتب حديثه، وعن ابن عمر:"لا أتقدم الإمام ولا أصله بصيام".

وعن عبد العزيز بن حكيم قال: "ذكر عند ابن عمر يوم الشك فقال: لو صمت السنة كلها لأفطرته" قال الخطيب: وهذا هو الأشبه بابن عمر لأنه لا يجوز الظن به أنه خالف النبي صلى الله عليه وسلم وترك قوله الذي رواه هو وغيره من العمل بالرؤية أو إكمال العدة فيجب أن يحمل ما روي عن ابن عمر من صوم يوم الشك على أنه كان يصبح ممسكاً حتى يتبين بعد ارتفاع النهار هل تقوم بينة بالرؤية فظن الراوي أنه كان صائماً.

وكيف يظن بابن عمر مخالفة السنة، وهو المجتهد في اقتفاء آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بأفعاله وطريقة ابن عمر في ذلك مشهورة محفوظة".

* قال النووي في "المجموع"(6/455-456) : "فلو صامه -أي يوم الشك- تطوعاً بلا عادة ولا وصله فمذهبنا أنه لا يجوز، وبه قال الجمهور، وحكاه العبدري عن عثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وحذيفة وعمار وابن عباس وأنس والأوزاعي ومحمد ابن سلمة المالكي وداود، وقال أبو حنيفة: لا يكره صومه تطوعاً ويحرم صومه عن رمضان".

(1) عند أحمد عن نافع: "كان ابن عمر إذا كان ليلة تسع وعشرين، وكان في السماء سحاب أو قتر أصبح صائماً"، وإسناده صحيح على شرطهما. وعند أبي داود والدارقطني والبيهقي وأحمد عن نافع:"كان ابن عمر إذا حال دون مطلعه غيم أو قتر أصبح صائماً" صحيح. فمن قال: العبرة برأي الراوي لا بروايته لزم الأخذ به كالحنفية.

(2)

وثقه أبو داود.

ص: 537

* قال ابن رشد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"(2/195-196) : "وأما يوم الشك فإن جمهور العلماء على النهي عن صيام يوم الشك على أنه من رمضان لظواهر الأحاديث التي يوجب مفهومها تعلق الصوم بالرؤية أو بإكمال العدد، واختلفوا في تحرّي صيامه تطوعاً فمنهم من كرهه على ظاهر حديث عمار، ومن أجازه، وكان الليث بن سعد يقول: إنه إن صامه على أنه من رمضان، ثم جاء الثبت أنه من رمضان أجزأه، وهذا دليل على أن النية تقع بعد الفجر في التحول من نية التطوع إلى نيّة الفرض".

* وقال ابن عبد البر في "التمهيد"(14/342-346) : "جملة قول مالك وأصحابه أن يوم الشك لا يُصام على الاحتياط، خوفاً أن يكون من رمضان، ويجوز صومه تطوعاً؛ ومن صامه تطوعاً أو احتياطاً ثم ثبت أنه من رمضان لم يجزه، وكان عليه قضاؤه، وإن أصبح فيه ينوي الفطر ولم يأكل أو أكل ثم صح أنه من رمضان كف عن الأكل في بقية يومه وقضاه".

* ذكر عبد الرزاق عن داود بن قيس قال: سألتُ القاسم بن محمد عن صيام اليوم الذي يشك فيه من رمضان، فقال: إذا كان مغيماً يتحرّى أنه من رمضان فلا يصمه.

* وقال الوليد بن مزيد: قلت للأوزاعي: إن صام رجل آخر يوم من شعبان تطوعاً -أو خوفاً- أن يكون من رمضان، ثم صح أنه من رمضان أيجزئه؟ قال: نعم. وقد وفق لصومه.

* وقال ابن علية: لا ينبغي لأحد أن يتقدم رمضان بصوم، فإن فعل ثم صح أنه من رمضان أجزأ عنه. وممن قال بقول الأوزاعي عمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة والثوري وابن علية وعطاء وحجتهم أن رمضان لا يحتاج إلى نية ولا يكون صومه تطوعاً أبداً.

* قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: لو أن رجلاً أصبح صائماً في أول يوم من شهر رمضان، ولا ينوي أنه من شهر رمضان وينوي بصيامه التطوع ثم علم أن يومه ذلك من رمضان، فإنه يجزي عنه صيامه وليس عليه قضاء ذلك اليوم.

* وقال ربيعة بن عبد الرحمن وحماد بن أبي سليمان وابن أبي ليلى: من صام يوم الشك على أنه من رمضان لم يجزه وعليه الإعادة.

ص: 538

قال الشافعي: لو أصبح ينوي صومه متطوعاً لم يجزه من رمضان، ولا أرى رمضان يجزئه إلا بإرادته والله أعلم. قال: ولا فرق عندي بين الصوم والصلاة، وقال أبو ثور: لو أن رجلاً نوى بصوم ذلك اليوم التطوع وهو لا يعلم أنه من رمضان لم يجزه أيضاً وكان عليه قضاؤه.

قال ابن عبد البر: قد صح أن التطوع غير الفرض فمحال أن ينوي التطوع ويجزئه عن الفرض.

والقول (1) أصح وأحوط من جهة الأثر والنظر إن شاء الله، والله الموفق للصواب.

قال ابن سيرين: لأن أفطر يوماً من رمضان لا أتعمده أحبّ إلي من أن أصوم اليوم الذي يشك فيه من شعبان. وقال: خرجت في اليوم الذي يشك فيه، فلم أدخل على أحد يؤخذ عنه العلم إلا وجدته يأكل، إلا رجلاً كان يحسب ويأخذ بالحساب، ولو لم يعلم ذلك كان خيراً له.

فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين:

* عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال: "لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له"(2) .

* وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"(3) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم أو قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غُبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"(4) رواه البخاري.

* وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين يوماً"(5) .

(1) أنه لا يجزئه عن صوم رمضان وعليه القضاء.

(2)

رواه البخاري ومسلم والنسائي.

(3)

رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود. واللفظ للبخاري.

(4)

رواه البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة، والنسائي عن ابن عباس، والطبراني في "الكبير" عن البراء.

(5)

رواه أحمد والبخاري ومسلم عن جابر، وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة، والنسائي عن ابن عباس، وأحمد عن طلق بن علي.

ص: 539

* وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين"(1) .

* وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أمده لرؤيته؛ فإن أُغمى (2) عليكم فأكملوا العدة"(3) .

* وقال صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا عدة شعبان، ولا تستقبلوا الشهر استقبالاً، ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان"(4) .

* وقال صلى الله عليه وسلم: "الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"(5) .

* وقال صلى الله عليه وسلم: "الشهر يكون تسعة وعشرين، ويكون ثلاثين، فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة"(6) .

قال ابن حجر (4/144) : "ذكر البخاري في الباب أحاديث تدل على نفي صوم يوم الشك رتبها ترتيباً حسناً فصدّرها بحديث عمار المصرح بعصيان من صامه، ثم بحديث ابن عمر من وجهين: أحدهما: بلفظ: "فاقدروا له" والآخر بلفظ: "فأكملوا العدة ثلاثين" وقصد بذلك بيان المراد من قوله: "فاقدروا له".

قال ابن حجر (4/145-146) : "قوله: "فإن غم عليكم فاقدروا له" احتمل أن يكون المراد التفرقة بين حكم الصحو والغيم، فيكون التعليق على الرؤية متعلقاً بالصحو، وأما الغيم فله حكم آخر، ويحتمل أن لا تفرقة ويكون الثاني مؤكداً للأول، وإلى الأول ذهب أكثر الحنابلة، وإلى الثاني ذهب الجمهور فقالوا: المراد بقوله: "فاقدروا له" أي انظروا

(1) صحيح.

(2)

فإن غُم: أي حال بينكم وبينه غيم. وأغمى وغم وغمي بتشديد الميم وتخفيفها فهو مغموم، الكل بمعنى، وأما غَبي بفتح الغين وتخفيف الموحدة فمأخوذ من الغباوة وهي عدم الفطنة وهي استعارة لخفاء الهلال. ونقل ابن العربي أنه روى:"عمى" بالعين المهملة من العمى لأنه ذهاب البصر عن المشاهدات.

(3)

رواه أحمد ومسلم عن ابن عباس.

(4)

صحيح: رواه أحمد والنسائي والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3809) .

(5)

رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود.

(6)

صحيح: رواه النسائي عن أبي هريرة وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3744) .

ص: 540